< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: استكمال وجوه الجمع بين الشرطيتين ومناقشتها/ حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

وأما الوجه الخامس: وهو تقييد إطلاق المنطوق في كل من الشرطيتين المقابل للتقييد بـ أو، فوجهه أنه به يحل التعارض ما بين الشرطيتين، والذي هو طرف في المعارضة ومنشأ لها، ونفي التعارض برفع اليد عنه. نعم ربما ترفع اليد عن ظهور آخر يرفع التعارض ويعالجه، لكنه لا يكون منشأ للتعارض وليس طرفاً فيه، فإن التعارض ما بين مفهوم كل من القضيتين ومنطوق الأخرى، ولما كان منطوق كل من الشرطيتين أخص من مفهوم الأخرى، فلذا يتعين تقييده به، ولما كان التقييد هذا تصرفاً في المفهوم، وهو غير معقول، فلا بد من صبه على ملزوم المفهوم، وذلك بتقييد إطلاق المنطوق المقابل للتقييد بـ أو.

والحاصل: أن التعارض إنما يكون بين دلالة كل من الشرطيتين على ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط، وبين إطلاق الشرطية الأخرى على حصر الجزاء بالشرط الوارد في الشرطية الأخرى بلحاظ كل الأمور والحالات، فلا بد من تقييد إطلاق كل من الشرطيتين على الحصر بدلالة الشرطية الأخرى على ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط. والمحصلة: كفاية حصول أحد الشرطين لترتيب الجزاء، أي نرفع اليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بـ أو.

أما الوجه السادس: فنكتته أن رفع التعارض ما بين الشرطيتين كما يحصل برفع اليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بـ أو، كذلك يحصل برفع اليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بـ الواو، وأحد التصرفين ليس بأولى من الآخر، بعد أن كان علاج التعارض يحصل برفع اليد عن واحد من الاطلاقين، الأوي أو الواوي.

والجواب:

أولاً: قد ظهر أنه لا يكفي في نفي التعارض رفع اليد عن ظهور ينفي التعارض، وإن لم يكن طرفاً في المعارضة ومنشأ لها، ورفع اليد عن إطلاق المنطوق المقابل للتقييد بـ الواو، وإن كان يرتفع به التعارض، إلا أنه لا موجب لهذا التصرف؛ لعدم اقتضاء المعارضة رفعه بعد أن لم يكن طرفاً فيها، ومنشأ لها، فلا وجه لعلاج التعارض برفع اليد عند وإسقاطه. ولذا في مثل اكرم كل عالم، ولا تكرم فساق العلماء، فإنه يُمكن علاج التنافي ولو غير المستقر بين الدليلين: تارة بتخصيص العام الذي يجب إكرامه بغير الفاسق، وأخرى بحمل الأمر في أكرم كل عالم على الاستحباب، بل قد يُدعى تعين العلاج الثاني؛ لأنه أخف مؤونة ومخالفة للظاهر، من العلاج الأول، باعتبار أن العلاج الأول فيه رفع لليد عن الظهور الوضعي لأكرم كل عالم في العموم بخلاف العلاج الثاني الذي فيه رفع لليد عن ظهور صيغة الأمر في الوجوب، إما على أساس الاطلاق ومقدمات الحكمة، كما ذهب المحقق العراقي، أو على أساس حكم العقل بلا بدية الانبعاث ببعث المولى ما لم يرخص. مع ذلك لم يؤخذ بهذا العلاج الأخف مؤونة ومخالفة للظاهر، وأخذ بالعلاج الأول؛ لأنه منشأ للتعارض فيما بين العام والخاص. كذلك الحال في المقام فإن رفع اليد عن الاطلاق الواوي وإن كان فيه علاج للتعارض، إلا أنه بأزيد مما تقتضيه ضرورة التعارض، لأنه لم يكن منشأ للتعارض وإنما منشأه الاطلاق الأوي، أي دلالة الجملة الشرطية على الانحصار وليس على العلية التامة، الذي ليس طرفا في المعارضة.

وثانياً: إن الاطلاق الأوي الدال على الانحصار مرشح للسقوط على كل حال، طرحاً لنفي التعارض به، أو انطراحاً من باب انتفاء موضوعه، وهو الاطلاق الواوي، وذلك للطولية فيما بين الاطلاقين، وهذا واضح، وذلك لأن دلالة الجملة الشرطية على الانحصار فرع دلالتها على العلية التامة المستقلة في التأثير إذ لا محصل للانحصار ما لم يكن الشرط علة تامة مستقلة. فلو رفعنا اليد عن الاطلاق المقيد للعلية التامة، فقد رفعنا اليد عن الاطلاق المفيد للانحصار، وليس العكس صحيحاً إذ لو عالجنا التعارض ونفيناه برفع اليد عن الاطلاق المفيد للانحصار فإنه لا يستوجب رفع اليد عن الاطلاق المفيد للعلية التامة، فيكون الاطلاق الأوي مرشحاً للسقوط على كل حال، إما لنفيه التعارض وحصول العلاج بطرحه ورفع اليد عنه، أو بانطراحه ورفع اليد عن الاطلاق المفيد للعلية التامة المستلزم لسقوط الاطلاق المفيد للانحصار؛ لعدم الموضوع له.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo