< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

35/12/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع- الإجارة- الأدلة على أن الأمر موجب للضمان

والجواب: إنه سبق معنا أن حرمة مال المسلم تارةً يُراد بها حرمته بما هو مال في قبال ما لا مالية له، أو فقل: ما يكون مهدور المالية، كما يُقال: خمر محترمة وخمر مهدورة، أو كلاب محترمة وكلاب مهدورة،وأخرى يُراد بها حرمته بما هو مضاف للمسلم لا يجوز التصرف فيه من دون رضاه، في قبال المال المهدورة حرمته وهو الذي يجوز التصرف فيه من دون إذن صاحبه، فالحرمة تعني شرطية رضاه في التصرف بماله ومن دونه فإن التصرف محكوم بالحرمة تكليفاً وبالضمان وضعاً.
وعلى الأول: فغاية ما يفيد ثبوت المالية لعمل المسلم وأنه ليس مهدوراً، ولا ربط لهذا بالضمان إلا إذا تحقق ما يوجبه.
والكلام فيما يوجبه في موارد الأمر، والحاصل: إن حرمة عمل المسلم بوصفه مالاً مضافاً إليه لا يعني أكثر من عدم هدر مالية عمله إذا ما تحقق ما يوجب ضمانه، كالإتلاف ونحوه وحرمة عمل المسلم بوصفه مالاً له لا يفيد أن الأمر نحو إتلاف له، فحرمة مال المسلم بمعنى عدم جواز مزاحمته فيه بالأخذ منه بالقهر والغلبة، وهذه المزاحمة المقتضية للحرمة على تقدير وجود العين لا تعني إلا خصوص الحرمة التكليفية، وإن كانت على تقدير تلف العين فالمزاحمة بمعنى عدم تداركه بعد تلفه، وإنما ترتفع بتدارك ذلك؛ وهو معنى الضمان والمزاحمة للمال مع وجوده سواء في الخارج أو في الذمة، وعلى كلا التقديرين تحرم المزاحمة.
وبتعبير آخر: إن المال المضاف إلى المسلم يجب أن يحترم من حيثية ماليته بأن لا يجعله مهدوراً عليه بأن يتعامل معه معاملة ما لا مالية له.
وعلى الثاني: فإنه لا يثبت الضمان إلا في صورة استناد التصرف إلى الآمر من دون أن يُعين نوع التصرف الموجب له، إلا في صورة الإكراه على العمل بحيثيصدق على الآمر أنه هو المباشر للتصرف وما العامل المأمور إلا بمثابة الآلة، إلا أن مجرد الأمر لا يوجب ذلك كما عرفت.
السابع: إن يكون المورد من قبيل الإباحة على وجه الضمان وحفظ المالية، لا التمليك على وجه الضمان كي يُدعى أنه عقد بحاجة إلى إيجاب وقبول وأنه لا يتحقق بمجرد الأمر.
وفيه : إن فرض المورد من الإباحة على وجه الضمان فرع تحقق موجب الضمان، فإنه في موارد الإباحة قد رفع المالك يده عن الحيثية الشخصية والمثلية للمال مع الإبقاء على حيثية القيمة، حيث أذن للغير بالتصرف في ماله مع الإبقاء على ماليته، والموجب للضمان هو التصرف في ماله وإتلافه، والمفروض عدم انطباق عنوان الإتلاف بالنسبة للآمر بالعمل.
الثامن: إن الضمان في موارد الأمر بالعمل بملاك قاعدة " على اليد " حيث يصدق الأخذ على العمل فيما لو استوفى العمل بالأمر، حيث يكون هذا الإستيفاء نتيجة الأمر محققاً لعنوان الأخذ في باب الأعمال، بعد فرض أن موضوع الضمان ليس وضع اليد وإنما الأخذ لمال الغير، وهذا العنوان في باب الأعمال يكون من خلال إصدار الأمر واستناده إليه، ومع عدم قصد المجانية يكون الآخذ– الآمر– ضامناً له. والحاصل: إن العامل- المأمور– نظير العين، فإنه مع استيفاء منفعة عمله يكون قد استعمل العامل واستوفى منفعته فيضمن مالية العمل ما لم يقصد العامل المجانية، حيث لا يُراد باليد المتعارفة ليختص المأخوذ بالأعيان الخارجية القابلة للقبض، وإنما المراد بها الإستيلاء، ولذا صدق وضع اليد على الأرض بالإستيلاء عليها. وعليه فيكفي كون العمل تحت اليد برجوع فائدته إليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo