< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/06/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 كان الكلام في الوجه الثاني الذي ذكره السيد الخوئي حيث قال: (فإن هذا الاشتراط إذا بنينا على رجوعه إلى التقييد كما استظهرناه سابقا حيث عرفت أن القيود العائدة إلى الأعمال أو المنافع كأن يقول آجرتك للخياطة بشرط أن تكون بالكيفية الكذائية ، أو في الزمان أو المكان الكذائي فهي في الحقيقة ترجع إلى التقييد في متعلق الإجارة وإن أبرزت بلسان الشرط فكان من الأول مورد الإيجار ومصبه هو المنفعة الخاصة والأجرة واقعة بإزاء تلك الخياطة المخصوصة مثلا وفي المقام بإزاء تلك السكنى أو الركوب الخاص . فعلى ذلك تكون هذه الصورة هي صورة التقييد المتقدمة بعينها ويجري فيها ما ذكرناه من صحة الإجارة الثانية فيما لو كان المستوفي للمنفعة والمباشر لها هو المؤجر بنفسه ، وبطلانها لو كان المتصدي للانتفاع غيره حسبما مر فلاحظ . وأما لو أنكرنا ذلك وبنينا على كونه من باب الشرط حقيقة أي الالتزام في ضمن الالتزام من غير أن يرجع إلى التقييد بوجه فكان المملوك المنفعة المطلقة بشرط استيفائها بنفسه لنفسه فهذا يلحق أيضا بالتقييد بحسب النتيجة وإن لم يكن منه حقيقة ، فإن الإجارة الثانية لا تسوغ تكليفا من جهة الاشتراط كما هو واضح ولا وضعا لمنافاته مع وجوب الوفاء بالشرط لامتناع الجمع بين وجوب الوفاء بعقد الإجارة الثانية وبين وجوب الوفاء بالشرط الواقع في ضمن الإجارة الأولى فإن مقتضى الثاني مباشرته بنفسه ، ومقتضى الأول مباشرة غيره ، وهما متضادان والحكمان غير قابلين للامتثال معا خارجا . وحيث إن المفروض صحة الشرط فلا يبقى بعدئذ مجال للوفاء بالعقد ليتصف بالصحة فلا جرم يحكم بفساده .) [1]
 وقد نظر قدس سره ذلك بمن آجر نفسه للنيابة عن الغير بالحج في عام الاستطاعة حيث لا يمكن الجمع في عامٍ واحدٍ بين الوجوبين: وجوب الحج عن نفسه، ووجوب الوفاء بالإجارة بالحج نيابةً عن الغير، ولا ينفع الترتُّب في المقام؛ بأن يُؤمر بالحج عن نفسه وعلى فرض المخالفة فبوجوب الوفاء بالإجارة لاستلزامه التعليق في العقد وهو باطلٌ. نعم نفس الحج نيابةً عن الغير يمكن الحكم بصحته بالترتب وأثره الحكم بفراغ ذمة المنوب عنه حتى مع عصيان النائب، ويستحق أجرة المثل دون المسماة لعدم صحة الإجارة حتى بنحو الترتُّب.
 ثم إنه أورد على نفسه: إن مقتضى ذلك بطلان الإجارة في الصورة الثانية أيضاً، وذلك لمكان التنافي ما بين كلٍّ من الوفاء بالشرط والوفاء بالعقد.
 وردَّه: بثبوت الفرق بين الصورتين الثانية والثالثة لأن الشرط في الثانية عدم تأخير العين من الغير، بحيث لو آجرها يكون آثماً لمكان مخالفة الشرط، ولا نظر لإطلاق الشرط إلى ما بعد المخالفة وتحقيق الإجارة الثانية، فلذا يحكم بصحة الإجارة بعد فرض حصولها. وأما فيما نحن فيه فإن الشرط هنا هو مباشرة استيفاء المنفعة فلا يمكن الحكم بوجوب مباشرة استيفاء المنفعة في عين الحكم بصحة الإجارة الثانية، وما يترتب على ذلك من وجوب الوفاء بها من مباشرة الغير وعدم مباشرته، فالمتعيِّن هو الحكم بالبطلان.
 ثم أفاد قدس سره: ضابطةً كليَّةً أنه في كل موردٍ يكون وجوب الوفاء بالعقد منافياً لواجبٍ سابقٍ ، فإن عموم "أوفوا بالعقود" لا يشمله لا بشكلٍ مطلقٍ ولا مشروطٍ؛ أما الأول فلمنافاته مع ذلك الواجب حيث لا يمكن اجتماعهما، وأما الثاني بأن يكون وجوب الوفاء به مشروطاً بعصيان ذلك الواجب؛ أي كان خطاباً ترتبيَّاً، فإنه لا يتمُّ لكونه مستلزِماً للتعليق في العقود الموجِب لبطلانها [2] .
 هذا حاصل ما أفاده السيد الخوئي والذي أشار إليه صاحب الجواهر وتجده في بعض كلمات الشيخ الأنصاري، وسوف يأتي ما فيه والحمد لله رب العالمين.


[1] - كتاب الإجارة للسيد الخوئي ج 1 ص 278
[2] - ن ، م ص 279/280

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo