< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/06/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 وأما الوجه الثاني والذي ورد في كلمات صاحب الجواهر قدس سرُّه فالجواب عنه:
  أن التمانع إنما بين وجوب الوفاء بالشرط وجواز الإجارة الثانية تكليفاً لا وضعاً، وبعبارةٍ أخرى: إن وجوب الوفاء بالشرط والعمل بمقتضاه لا يوجب الإخلال في أركان الإجارة ولا شرائط صحتها، فيُحكم بصحتها إذ لا يصلح دليل الشرط للمنع عن صحة الإجارة رغم كونه مأثوماً.
 إن قلت: أن دليل وجوب الوفاء بالشرط يشمل مورد الإجارة الثانية حتى بعد حصولها ممّا يكشف عن عدم نفوذها وإلا لم يكن معنىً محصَّلٌ لوجوب الوفاء بالشرط.
 وأجيب: بأن شمول إطلاق دليل الشرط فرع بطلان الإجارة، إذ مع صحتها لا يبقى محلٌ للعمل به، والحال أن صحتها مستكشفةٌ من إطلاق الأدلة.
 والصحيح: أنه لا يتوقَّف إطلاق دليل الشرط على بطلانها، وما ذُكر من لازمٍ وهو أنه لا يبقى محلٌ للعمل به وذلك لأن إطلاق دليل الشرط يشملها حتى لو كانت صحيحةً.
 ودعوى: أنه لا يبقى مجالٌ للعمل به في صورة صحة الإجارة.
  مدفوعةٌ: بأن المجال محفوظٌ وهو الأثر التكليفي، وهذا لا بأس به إذ ليس تضييقاً لواسعٍ لأن المقدار المُفاد بدليل الشرط ليس إلا الأثر التكليفي دون الحكم بالبطلان، ولا يلزم منه اللغوية ونفي المجال عنه، بل يشمل حتى الأثر الوضعي على تقدير صحة الإجارة وهو ثبوت خيار تخلُّف الشرط، فلا ملازمة بين شمول دليل الشرط للإجارة وبين الحكم ببطلانها حتى يكون لدليل الشرط معنىً محصَّل، وليس بلغوٍ.
 وأما الوجه الذي أشرنا إليه في مستهَّل هذه الصورة: من أن الفعل المشروط يصبح ملكاً للمشروط له فلا يكون تصرُّف المشروط عليه نافذاً، فمبنيٌّ على تلك الكبرى الموكولة إلى محلِّها.
 ثم إنه مع البناء على صحَّة الإجارة الثانية، فلو فسخ المالك الإجارة الأولى فقد يدَّعى بطلان الثانية حينئذٍ لكونها في طول الأولى، فمع الفسخ ينكشف عدم ملكيَّة المستأجر الأول للمنفعة فتبطل الإجارة الثانية بلحاظ زمان ما بعد فسخ الأولى.
 وفيه: إن منفعة العين مدَّة الإجارة الأولى كانت ملكاً للمستأجر الأول، وكان بوسعه وضعاً تمليكها للمستأجر الثاني رغم مخالفته للشرط لكون المملَّك بالإجارة الأولى مطلقة المنفعة لا حصةً خاصةً منها، وإن اشترط عليه عدم تمليكها للغير بإجارةٍ ثانيةٍ، وعليه فلو فسخ المالك لمكان تخلُّف الشرط الذي شرطه على المستأجر الأول فإنه لا موضوع لرجوع المنفعة إلى ملكه بعد أن انتقلت بالإجارة الثانية المحكومة بالصحة وضعاً رغم الإثم تكليفاً لمكان مخالفة الشرط إلى المستأجر الثاني ولم تبقَ على ملك المستأجر الأول حتى يرجع بالمنفعة بفسخ الإجارة الأولى،
 والحاصل: أن فسخ المالك الإجارة الأولى لا يوجب انفساخ الإجارة الثانية، لكون الإجارة الثانية في طول الأولى حدوثاً لا بقاءً.
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo