< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
  الكلام في الدليل الثاني على ما أفاده ابن الجنيد:
 وحاصله: أن مضمون الإجارة وهو تمليك المنفعة أو التسليط على العين لأجل الانتفاع والمستلزم ذلك لثبوت حقٍّ له في العين، وهو الانتفاع بها المستوجِب لثبوت إذنٍ له، لكن في الإنتفاع مع عدم التفريط في حفظها للمالك، فلا إذن في التفريط في حفظها، ولازم ذلك عدم جواز دفعها للغير لا على وجه المجَّانية ولا العِوَضية فيما إذا كان ذلك الغير غير أمينٍ ولا موثوقٍ به، لأنه نحو جعلٍ لها في معرض التلَف فيكون تفريطاً في الحفظ غير مأذونٍ به من قِبَل المالك، ومما لا يقتضيه ثبوت حقِّ الإنتفاع له بالعين، فيكون غير جائزٍ وضامناً له لو تلفت العين بيد غير المأمون فضلاً عن صورة إتلافها.
 وبعبارةٍ أخرى: الإجارة الأولى جمعت أمرين:
 الأول:استيمان المالك المستأجر الأول على العين.
 الثاني: عدم اشتراط المباشرة، ومعنى هذا أن للمستأجر الأول استيمان الغير عليها، وهذا لا يكون إلا في فرض كون ذلك الغير أميناً ثقةً وإلا لا يجوز الإستيمان.
 وجوابه واضحٌ: لأن الإستيمان الذي هو في باب الإجارة عقديٌّ، وكونه أميناً الوارد فيما نسب إلى ابن الجنيد شخصيٌّ، ولا ينبغي خلط أحدهما بالآخر، وإن شئت قلت: حيث إن الإجارة تمليكٌ للمنفعة لغرض استيفائها، واستيفاؤها يتوقَّف أولاً على التمكين من العين، وثانياً على الاستيلاء عليها خارجاً، وثالثاً على أن يكون هذا الإستيمان على وجه المجانية لا الضمان، ومن ثَمَّ كانت الإجارة من عقود الإستيمان بالمعنى الأعم سواءً كان المستأجر أميناً في نفسه أم لم يكن، ولا ربط لها بالأمانة التي شرطها ابن الجنيد في المستأجر الثاني.
 
 وبعبارة أخرى: أن ما ذكر يتِمُّ لو كان مفاد الإجارة تمليك المنفعة من دون أن تتضمَّن الإذن للمستأجر بالإستيلاء تكويناً على العين بحيث كان بحاجةٍ إلى إذنٍ مستقلٍّ لا يتضمَّنه عقد الإجارة، أو كان مدلولاً إلتزامياً لمفاد عقد الإجارة يُقتصر فيه على القدَر المتيقَّن لهذه الملازمة، وهو الإذن بوضع خصوص الثقة المأمون يده على العين.
 وأما لو كان مفاد الإجارة تمليك المنفعة المقتضي لثبوت الحقِّ للمستأجر بوضع اليد تكويناً على العين لغرض استيفاء المنفعة، وحيث أنه لم يشترط عليه حسب الفرض المباشرة في الإستيفاء فيكون للمستأجر المالك للمنفعة بموجب عقد الإجارة تمليك المنفعة التي ملكها بالإجارة الأولى للغير، وبالتالي يكون له الحقُّ في دفع العين إلى ذلك الغير لغرض استيفاء المنفعة إذا ما توقَّف استيفاؤها على ذلك، وهذا لا يُفرَّق فيه بين أن يكون ذلك الغير أميناً أو لا، ولا ضمان عليه في صورة التلف حتى إذا لم يكن أميناً موثوقاً به، لأن ذلك مقتضى الحق الثابت له في العين بسبب الإجارة إلا أن يكون دفعها إلى الغير تصييراً لها في معرض التلف فإنه يضمن للتفريط في الحفظ، هذا كله في غير صورة الإتلاف، وفيها فالضمان ثابتٌ على كل حالٍ سواءً كان فعل المستأجر أو الغير، وسواءً كان أميناً ذلك الغير أم لم يكن بلا فرقٍ بين أن يكون كل ذلك بإذن المالك أم لم يكن، إلا أن يكون ثمة شرطٌ ارتكازيٌّ بعدم الدفع لغير المأمون فيضمن بقاعدة على اليد لتجاوز شرط الإجارة.
 والحاصل: إن مقتضى سلطنته على المنفعة المملوكة له مع ما يتضمن ذلك من حق الإستيلاء تكويناً على العين لاستيفاء المنفعة، وحيث لم يشترط عليه المباشرة في مقام الإستيفاء كان له الإستيفاء مباشرةً أو من خلال الدفع إلى الغير عاريةً أو أجرةً سواءً كان ذلك الغير أميناً أم لم يكن، وليس للمالك بعد عدم اشتراط المباشرة في مقام الإستيفاء منعه من ذلك لمنافاته مع سلطنته على المنفعة المملوكة له المقتضية لثبوت حق وضع اليد على العين للحصول على ملكه لأجل استيفائه.
 هذا كله إذا كانت الإجارة الأولى مطلقة ولم يَشترط فيها المباشرة وأما لو اشترط المباشرة فيأتي والحمد لله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo