< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \صاحب الحمام يضمن إذا أودع وفرط أو تعدى والكلام في الصور الثلاثة وقلنا بأن البحث:
  تارة: في الضمان،
 وأخرى: في استحقاق الأجرة المسماة،
 وثالثة: في صحة اشتراط الضمان
 وقد وصل بنا الكلام إلى الجهة الثالثة من الصورة الثالثة أعني في صحة اشتراط الضمان.
  وتوضيح ذلك:أنه قد يدعى عدم صحة الاشتراط لوجوه:
  الأول:ما ذكره الماتن ولا اقل في شرط النتيجة من شمول آية نفي السبيل عنه بوصفه محسناً وبالتالي لا يضمن حتى مع اشتراط الضمان. والحاصل: إن الشرط منافٍ لمقتضى عقد الوديعة والأمانة المحضة، وربما يستفاد من كلمات السيد الخوئي
 أقول:إن ما ذكره السيد الخوئي لا يخلو:
 إما النظر فيه: إلى أن تضمين الودعي نحو سبيل عليه منفي بإطلاق نفي السبيل عنه بوصفه محسناً.
 وفيه:إن اشتراط الضمان عليه بنحو شرط النتيجة لا يكون من السبيل المنفي عنه وإنما المنفي بها ما لو حملناه على الضمان ابتداءاً بعد ان كان محسناً لا سيما أنه رضي بالشرط لما فيه من مزيد الإستيمان والمبالغة والحفظ وإن شئت قلت: الآية تنفي السبيل عن المحسن ولا تنفي ما أقدم عليه باختياره ورضي به بملئ إرادته.
 وإما النظر فيه إلى منافاة شرط مع الوديعة بوصفه أميناً بمعناه الضيق،
 فجوابه: أن المنافاة تتم لو كان الضمان بملاك قاعدة على اليد التي تسلب وصف الأمين عن صاحب الحمام الودعي- والفرض ليس كذلك لنظر الشرط إلى التضمين في المورد الذي تضمين فيه بحسب القاعدة أي مع فرض أنه أمين فلا منافاة.
 وإن شئت قلت: إن المنافاة تحصل لو كان ثبوت الضمان بالعنوان الأولي لا بالعنوان الثانوي وبملاك وجوب الوفاء بالشرط.
 الثاني: ما ذكره السيد الأستاذ أن الوديعة لما كانت من العقود الجائزة فالشرط ضمنها غير لازم فلا يُتعقل فيه شرط الضمان بنحو شرط النتيجة.
 أقول: ما ذكره حفظه الله يُناقش فيه مبنى وبناءاً
 أما الأول: فإن الشرط ضمن العقود الجائزة لازم، لأنه عبارة عن الالتزام التابع وليس مخصوصاً بخصوص الالتزام في التزام ومما يرشد لذلك صحيحة مالك بن عطية، وهي عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجل كان له أب مملوك وكانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد : هل لك أن أعينك في مكاتبتك حتى تؤدى ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار على أبي إذا أنت ملكت نفسك ؟ قالت : نعم ، فأعطاها في مكاتبتها على أن لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك ، قال : لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم) [1] حيث دلت الصحيحة على تمسك الإمام بعموم (المسلمون عند شروطهم) للشرط التابع لما يهبه الولد لزوجة أبيه من مال به كمال عتقها، ومقامنا من هذا القبيل فإن الشرط تابع للوديعة الجائزة فيكون مشمولاً لعموم (المسلمون عند شروطهم).
 وأما الثاني: إن غاية ما أفيد عدم لزوم الشرط إلا أنه صحيح في نفسه لكنه لا يكون مشمولاً لعموم المؤمنون عند شروطهم فلا يجب الوفاء به لا أنه يكون باطلاً وكلامنا في الثاني لا الأول
 الثالث: الروايات:
 منها: ما عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه السلام: (إن أمير المؤمنين عليه السلام أتي بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه ، وقال : إنما هو أمين) [2] .
 ومنها: ما عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول : (لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب ، لأنه إنما أخذ الجعل على الحمام ، ولم يأخذ على الثياب) [3] لو كان المستفاد منها ورودها مورد إيداع الثياب لدى صاحب الحمام الذي وضعت عنده الثياب ولم يضمنه أمير المؤمنين عليه السلام وعلَّله صلوات الله وسلامه عليه بأنه أمين، وظاهر وضع الثياب عنده أمانة بالمعنى الضيق أي وديعة.
 والحاصل: إن وجه الاستدلال برواية إسحاق بن عمار وكذلك صحيحة الحلبي هو التمسك بإطلاق نفي الضمان عنه بوصفه أميناً حتى مع اشتراط الضمان وهذا نفس مفهوم التعليل.
 والجواب: إن الإطلاق فرع البيان والنظر والصحيح أن لا إطلاق في الصحيحة ولا مفهوم التعليل لنفي الضمان بعنوان وجوب الوفاء بالشرط وإنما كل النظر فيها إلى العنوان الأولي أي أنها بما هي في نفسها وبمعزل عن أي عنوان طارئ لا ضمان لأنه أمين، وهذا لا ينافي أن يضمن ببركة الشرط لو شرط عليه ذلك قد رضي به، فلا إطلاق من هذه الناحية وزان ما دل على أن المتبايعين بالخيار ما لم يفترقا مع اسقاط خيار المجلس في متن العقد حيث لا نظر في الرواية من هذه الناحية، فتأمل.
 فالصحيح: أن اشتراط الضمان بنحو شرط الفعل وتدارك الخسارة التي حصلت في كيس صاحب الثياب لا إشكال فيه، وأما شرط الضمان بنحو شرط النتيجة فالأظهر صحة ذلك لو لم يخالف الإجماع.
  والحمد لله رب العالمين
 


[1] - الوسائل (الإسلامية ) ج 16 ص 95 ح 1
[2] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 270
[3] - الوسائل (الإسلامية) ج 13 ص 271

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo