الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا حمّل الدابة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار المتعارف

 الكلام فيما أفاده الماتن وذكرنا ما أشكل به السيد الخوئي على الشق الأول وما يناقش به.

 أما الشق الثاني مما ذكره الماتن فمستنده كما تقدم: من أنه لم يكن اشتراط المقدار المخصوص بنحو القيد في متعلق الإجارة ومصبها، وإن كان بمثابة الداعي لغرض حفظ الدابة وعدم إرهاقها بالحمل الزائد، ولا ريب على هذا التقدير ثبوت الأجرة المسمّاة بالمقدار المأذون به بعد فرض صحة الإجارة، واستحقاق أجرة المثل بالنسبة للقدر الزائد لأنه نحو منفعة في الدابة ليست متعلقاً للإجارة وقد استوفاها المستأجر فيضمنها بأجرة المثل، أي تجتمع عليه الأجرتان المسماة والمثل للمقدار المأذون به وللمقدار الزائد، فيضمن قيمته الواقعية لكونه تصرفاً في مال الغير بلا إذنه فيضمنه، ولا يذهب عليه هدراً.

 أقول قد يستشكل: بمحذور الجمع في الملكية بين المنافع المتضادة التي لا يمكن اجتماعها في الملك إذ ليس للدابة منفعتان إحداهما مملوكة بالإجارة والأخرى المنفعة المشتملة على الزيادة حتى تكون الأولى مورداً للإجارة والثانية باقية على ملك المستأجر حتى تُضمن بأجرة المثل.

 والجواب: إن المملك بموجب عقد الإجارة ما هو من شؤون العين الموجود فيها بالقوة، ولا تضاد فيما بين الموجودات في القوة، حتى يمنع من ملكيتها جميعاً وفي عرض واحد، وإنما التضاد فيما بين الموجودات بالفعل، وهذه غير مملكة بعقد الإجارة لفرض تصرمها بعد أن كانت تدريجية التحقق، وليست من الأمور القارة، كما أنه لا معنى لأن يكون المملك بعقد الإجارة فعل المستأجر أعني نفس الجلوس على الكرسي فيما لو استأجرها لذلك، وإنما المملك -كما مرّ- بعقد الإجارة القابلية.

 والحاصل: إن التضاد في مرحلة استيفاء هذه المنافع وإخراجها إلى الفعل على يد المستأجر وهذا ربما له ربط بعدم إمكان تمليكها جميعاً لا عدم ملكيتها كذلك، والفرق واضح بين المقامين، وموضوع الضمان على المستأجر ليس تمليك المنفعة وإنما ملكيتها وليس المملك المنافع بوصفها أعراضاً للعين حتى يدعى أن المملك بالإجارة الجامع ما بين تلك المنافع لأنه هو المملوك لصاحب العين، وكأنه إذا عيَّن ملكه في نوع خاص كان ذلك سلباً لملكه وسلطانه عن الجامع بلحاظ سائر الأعراض، فلا ملك له لها بعد الاستيفاء وتمحض الجامع ضمن المنفعة الخاصة الكذائية وبرغم هذا قالوا بضمان الحمل الزائد

 والحمد لله رب العالمين