< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا آجر عبده لعمل فأفسد
 ذكرنا فيما تقدم وجوه الجمع بين الروايات
 ثم إنه من خلال الروايات ووجوه الجمع فيما بينها، مضافاً إلى ما تقتضيه القاعدة يتضح لنا وجوه الأقوال ولما كان أتم وجوه الجمع هو الوجه الثاني الذي ذكره السيد الحكيم، لذا يتعين القول بأن الضمان يكون في كسب العبد ليس إلا، إذا لم يمنع المولى وهذا موافق للصحيحة الثالثة المتقدمة عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله عليه السلام: (عن رجل مملوك استتجره مولاه فاستهلك مالا كثيرا ، قال : ليس على مولاه شئ ولكنه على العبد ، وليس لهم أن يبيعوه ، ولكنه يستسعى وإن حجر عليه مولاه فليس على مولاه شئ ولا على العبد) [1] ، ويكون المقصود من عجز العبد هو العجز التشريعي نتيجة تحجير المولى عليه ومنعه من التكسب، فيكون ما في الرواية الثالثة شارحا لمنشأ العجز في الرواية الثانية حيث جاء فيها ( ولكنه يستسعى وإن عجز عنه فليس على مولاه شئ ، ولا على العبد شئ .) [2] وحينئذ تشتغل به ذمته ويتبع به بعد إعتاقه، وما ذكره السيد الأستاذ من النقض والحل كما تقدم في بيان مقتضى القاعدة غير تام.
 إن قلت: إن مقتضى الروايتين الثانية والثالثة نفي الضمان عن العبد إذا عجز عن السعي فكيف أثبته في ذمته حتى يتبع به بعد إعتاقه.
 قلت: إن الرواية نفت الضمان عن العبد بوصفه عبداً لا ما إذا أعتق، بل هذه الحيثية مسكوت عنها في الرواية فيرجع إلى ما تقتضيه القاعدة وهي أن مال المسلم لا يذهب عليه هدراً وحيث إن له ذمة خلافاً للسيد الأستاذ فتشتغل بضمان ما أتلفه على المستأجر ويتبع به بعد الإعتاق.
 ثم إنه ينبغي إلفات النظر إلى نكتتين:
 النكتة الأولى: أنه قد ظهر من بعض وجوه الجمع أنه كان على مستوي الموضوع في الطائفتين والبعض الآخر كان على مستوى الحكم، ومن الواضح أن علاج التنافي على مستوى الموضوع مقدم على الثاني، لأنه يرفع التنافي بحسب الموضوع، فلا يبقى تنافٍ بحسب الحكم مع الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة الحكم إلى موضوعه هي نسبة العارض لمعروضه، فلو ارتفع التنافي بين الطائفتين على مستوى الموضوع فلا يبقى ما يوجبه على مستوى الحكم.
 النكتة الثانية: التي تجدر الإشارة إليها، ما ذكره الماتن في خاتمة هذه المسألة، وهي أن كل ما تقدم ذكره كان في الجناية على مال الغير وإتلافه وأما في الجناية على النفس أو الطرف فلا يخلو إما أن تكون عمدية أو على وجه الخطأ، وعلى الأول لا ولاية لولي العبد، وإنما الولاية والسلطان لولي المقتول أو للمجني عليه في جناية الطرف ففي صورة الجناية العمدية على النفس يكون للولي القصاص كما له الاسترقاق بلا حاجة إلى استئذان المولى، وأما لو كانت على الطرف كان للمجني عليه استرقاقه لو استوعبت جنايته تمام قيمته أو كانت أزيد بأن كانت القيمة أقل، ولو انعكس الأمر بأن كانت قيمته أكثر توقف الأمر على إذن المولى فإن أعطاه دية الطرف فبها ونعمت، وإلا كان شريكاً مع مولاه في العبد بمقدار دية الطرف.
 وأما إذا كانت الجناية على النفس أو الطرف على وجه الخطأ كان المولى بالخيار لا المجني عليه ولا وليه- بين فدائه بالدية أو تسليم العبد للمجني عليه أو لولي المقتول يستوفي حقه منه، وفيما لو فداه بالدية فإن ما يُلزم المولى به هو أقل الأمرين من الأرش إذ لا يُغرَّم مولاه وراء نفسه شيئاً حيث تكون جنايته في نفسه ولا يتحملها أحد فلا يُغرم أكثر من قيمته.
 والحمد لله رب العالمين


[1] - وسائل الشيعة ( الاسلامية) ج 13 ص 119
[2] - وسائل الشيعة ( الاسلامية) ج 13 ص 252

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo