الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ المدار في ضمان القيميات

 الكلام في القول الثالث وهو أن المعيار للضمان بيوم التلف وقلنا بأنه يستدل عليه بأمور وقد ذكرنا الدليل الأول وحاصله: أنه هو اليوم الذي ينتقل فيه الضمان إلى القيمة بعد أن كان مكلفا بإرجاع شخص العين، ولا معنى لملاحظة القيمة مع وجود العين، وإنما تلحظ بعد التلف من حينه لأنه هو الزمان الذي ينتقل فيه الضمان من العين إلى القيمة.

 وهذا المقدار من البيان يُلاحظ عليه أولا: ما في كلمات السيد الخوئي من أنه بالتلف إنما ينقلب الحكم التكليفي دون الوضعي إذ لا يكلف بعد التلف بأداء العين، وأما بحسب الحكم الوضعي وأن الثابت تحت مسؤولية الضامن نفس العين أو قيمتها في يوم التلف؟ أو في يوم ضمان؟ أو غير ذلك؟ فمما لا يقتضيه الحديث، نعم يوم التلف هو يوم الانتقال إلى القيمة أداءاً لمكان تلف العين، ولكن لا يعيّن ذلك الحكم الوضعي.

 وثانيا: أن غاية ما يدل الحديث على أن التلف موجب للضمان بمعنى اشتغال الذمة بالقيمة إلا أنه لا يعيّن أن تكون القيمة المضمونة في قيمة العين يوم التلف لا يوم الأداء ولا يوم الغصب.

 الثاني: الاستدلال بصحيح أبي ولاّد، بقوله (عليه السلام): (نعم قيمة بغل يوم خالفته) بناءاً على أن الظرف قيد ل(نعم) بتقدير يلزمك والمعنى: يلزمك يوم المخالفة قيمة بغل لو نفق البغل، فيكون الانتقال إلى القيمة يوم التلف، وهذا هو معنى ضمان القيمة أعني تدارك الخسارة المالية في العين نتيجة تلفها فيتعين اعتبار قيمة يوم التلف وإلا كان تداركاً بالأقل وهذا لا يكون تداركاً لخسارة مالية العين الناشئة عن تلفها.

 نعم لو جعلنا الظرف متعلقا ب(نعم) من دون أن يُعلَّق على شرط التلف فسوف يُجمل الصحيح من ناحية أن الميزان بقيمة يوم التلف ! أو الضمان! أو الأداء!

 الدليل الثالث: للقول بأن الميزان في الضمان قيمة يوم التلف، وذلك أن الضمان لا بد له من متعلق وفي مثل ضمان العهدة يكون المتعلق العين، وفي ضمان الذمة هو كلي البدل المثلي أو القيمي، وما دامت العين موجودة غير تالفة يكون متعلق الضمان هي العين وفي صورة التلف فلا معنى لانتفاء الضمان لأنه خلف أن ملاكه هو حفظ مال المالك وعدم ضياعه وذهابه عليه هدرا ولو بقدر الممكن، فالضمان باقٍ إلا أن متعلقه القيمة ولا بد أن تكون محددة ومضبوطة بقيمة يوم انتقال الضمان من العين إلى القيمة في الذمة أي قيمة يوم التلف.

 والحمد لله رب العالمين