< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/11/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة
 وأما الطائفة الثالثة: الدالة على نفي الضمان عن الأمين والذي يكون المستأجر احد مصاديقه، وهي جملة روايات:
  الرواية الأولى: محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه السلام: (أن أمير المؤمنين عليه السلام أتي بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه ، وقال : إنما هو أمين) [1] .
 وهي غير تامة السند لأحمد بن محمد حيث لم يرد فيه توثيق إلا انه ابن محمد بن يحي العطار وهذا لا يكفي في توثيقه وقد يعوض برواية الشيخ عن المفيد عن الغضائري عن محمد بن يحي العطار بشرط أن تكون مرويات محمد بن يحي العطار، وهذا هو التعويض بشكله الأول نقبل به إذا تمت شروطه.
 ثم إن هذه الرواية وغيرها مما سوف نستعرضه يستفاد منها أن الأمين لا يضمن إلا أن البعض استشكل في صدق الأمين حقيقة على غير صاحب الوديعة، قال في الجواهر: (إن صاحب العارية بحكم المؤتمن من حيث عدم الضمان لا انه مؤتمن حقيقة من قبل المالك ولذا لا مصداق عرفا للأمانة إلا الوديعة) [2]
 وفيه: إن الجمع بينهما في عنوان الائتمان كاشف عن أن كليهما تأمين مالكي حقيقة.
 نعم قد يحكم بعدم التغريم فيما إذا كان عدلا مسلما فالحكم بعدم التغريم من حيث التفريط والتعدي.
 ومما يؤيده ما ورد في حكاية الإمام الصادق كما في الوسائل عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز قال : ( كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله عليه السلام دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن ، فقال إسماعيل : يا أبه ان فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينار ، أفترى أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : يا بني أما بلغك أنه يشرب الخمر فقال إسماعيل : هكذا يقول الناس ، فقال : يا بني لا تفعل ، فعصى إسماعيل أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأته بشئ منها ، فخرج إسماعيل ، وقضى أن أبا عبد الله عليه السلام حج وحج إسماعيل تلك السنة ، فجعل يطوف بالبيت ويقول : " اللهم أجرني واخلف علي " فلحقه أبو عبد الله عليه السلام فهمزه بيده من خلفه وقال له : يا بني فلا والله مالك على الله هذا ولا لك أن يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته فقال إسماعيل : يا أبه اني لم أره يشرب الخمر إنما سمعت الناس يقولون فقال يا بني ان الله عز وجل يقول في كتابه : " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " يقول : يصدق " 1 " الله ويصدق للمؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ، ولا تأتمن شارب الخمر إن الله عز وجل يقول في كتابه : " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " فأي سفيه أسفه من شارب الخمر ؟ ان شارب الخمر لا يزوج إذا خطب ولا يشفع إذا شفع ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله أن يأجره ولا يحلف عليه) [3] .وقد ورد ( لم يخنك الأمين وإنما ائتمنت الخائن) [4] وهو خير مؤيد على أن يد التاجر والمضارب هي يد استيمان رغم انه لم يكن أمينا في نفسه وإنما كان خائنا.
 الرواية الثانية: محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان) [5]
 ووجه الدلالة: أن صاحب البضاعة أمين حقيقة لا انه بحكم المؤتمن.
  الرواية الثالثة: عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ( عن رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرقه،
 قال : هو مؤتمن) [6] .
 الرواية الرابعة: محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) - في حديث - قال :(إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه إلا أن يكون اشترط عليه) [7] .وإنما لم يضمنه لكون يده مستأمنه من قبل المعير على العين.
 الرواية الخامسة: الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن العارية فقال : (لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت إذا كان مأمونا) [8] .نعم هذه الرواية قيدت عدم الضمان بكون المستعير مأمونا أي في نفسه لا أن الاستعارة اقتضت الاستيمان على العين إذ فرق واضح بين التعبير بلفظة بعد أن يكون أمينا وبين قوله إذا كان مأمونا، فان الأول ظاهر في اقتضاء الاستعارة ذلك بخلاف التعبير الثاني، إذ قد يكون المستعير مأمونا فلا يضمن، وقد يكون غير مأمونا فيضمن، رغم انه مستعير ومأذون من المالك بوضع اليد على العارية
 الرواية السادسة: وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان . وقال : ليس على مستعير عارية ضمان وصاحب العارية والوديعة مؤتمن) [9] وهذه الرواية تامة السند والدلالة حيث فرض صاحب العارية في مصاف الودعي من حيث أنهما مؤتمنان من قبل المالك لا العين لا أنهما مؤتمنان في نفسيهما.
  الرواية السابعة: وعنه ، عن فضالة ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان ؟ فقال : ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا) [10] .وهذه الرواية تامة السند والدلالة والتعبير بقوله(عليه السلام): بعد أن يكون الرجل أمينا فيه إشارة إلى ما ذكرناه سابقا فلاحظ .
 الرواية الثامنة: الكليني عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار قال : ( قلت لأبي إبراهيم ( عليه السلام ) : الرجل يرهن الغلام والدار فتصيبه الآفة على من يكون ؟ قال : على مولاه ، ثم قال : أرأيت لو قتل قتيلا على من يكون ؟ قلت : هو في عنق العبد ، قال : ألا ترى فلم يذهب مال هذا ؟ ثم قال : أرأيت لو كان ثمنه مائة دينار فزاد وبلغ مائتي دينار لمن كان يكون ؟ قلت : لمولاه قال : كذلك يكون عليه ما يكون له) [11] وهي تامة السند، وأما من حيث الدلالة فقد نفت ضمانه، وما نكتة ذلك إلا أن يده مستأمنة على العين لغرض الاستيثاق.
 الرواية التاسعة: عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (كان أمير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار والصائغ احتياطا للناس ، وكان أبي يتطول عليه إذا كان مأمونا) [12] وهذه الرواية لا دلالة فيها على نفي الضمان إلا إذا كان الرجل مأمونا في نفسه، وإلا فانه يضمنه رغم انه قصار قد وضع يده على الثياب بإذن صاحبها.
 فالمستفاد من هذه الروايات وغيرها أن كل من وضع يده على مال الغير بإذن ذلك الغير تكون يده يد أمانة لا انه بحكم المؤتمن سواء كان في باب الوديعة أو العارية أو المضاربة أو الرهن ... ونحو ذلك
 والحمد لله رب العالمين.
 


[1] - الوسائل (آل البيت) ج 19 ص 139
[2] - جواهر الكلام ج 27 ص 216
[3] الوسائل (آل البيت) ج 19 ص 82
[4] - ن . م ص 80
[5] - ن.م
[6] - ن.م
[7] - الوسائل (ال البيت) ج 19 ص 92
[8] - الوسائل (ال البيت) ج 19 ص 93
[9] - الوسائل (ال البيت) ج 19 ص 93
[10] - الوسائل (آل البيت) ج 19 ص 21
[11] - الوسائل (ال البيت) ج 18 ص 387
[12] - ن . م ص 142

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo