< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا بطلت الإجارة يرجع كل من الأجرة والمنفعة إلى وضعهما الأول
 كان الكلام في الفرضيات الأربعة ووصل الكلام إلى الفرضية التي وقع فيها الخلاف بين الماتن والمشهور حيث حكم المشهور أن المنافع غير المستوفاة تكون مضمونة في صورة علم كل من المؤجر والمستأجر أو علم المؤجر وجهل المستأجر وهي الفرضية الثانية والثالثة حيث انه في فرضية علم الدافع المؤجر- مع علم المستأجر ويتأكد في صورة جهله قد أشكل الماتن في الحكم بضمان المستأجر.
 والوجه فيه يرجع إلى مجموع نكتتين:
 الأولى: ما ذكره الماتن في المتن من انه بدفع العين إليه والحال انه عالم بالفساد قد اسقط حرمة ماله لاسيما في صورة ما لو كان بطلان الإجارة من جهة جعل ما لا مالية له عرفا ولا شرعا أجرة في إجارة الأعيان.
 الثانية: انه في صورة جهل المستأجر والفرض أن المؤجر عالم بالفساد، مع هذا قد بذل العين له، فانه يصدق على المستأجر انه مغرور والمغرور يرجع على من غره إلا انك عرفت عدم تمامية الوجهين:
 أما الثاني: فقد عرفت ما فيه كفاية، وان الجهل إنما هو جهل بالفساد وليس جهلا بالضمان وانه قد بذله له المؤجر مجانا لفرض علمه انه قد دفعه إليه على وجه الضمان.
 وأما الأول: فقد رده في المتن بان إذن المؤجر في استيفاء المنفعة من العين، إنما كان بعنوان الإجارة بحيث لو لم يكن في البين إجارة فلا إذن، فانه مقيد من رأس بالإجارة، والمفروض عدم تحققها أو فقل إذنه مصب بقالب الإجارة، وهي باطلة حسب الفرض فلا إذن، فلا بد من الحكم بالضمان.
 وأجاب عنه: بأنه لو كان المقصود كون الإذن مقيدا بالقصد إلى تحقق الإجارة شرعا، فهذا ممنوع لأنه مع فرض العلم بفساد الإجارة شرعا لا يتأتى منه القصد إلى تحققها كذلك، إلا على نحو التشريع الباطل، وان كان المقصود تقيد الإذن بالقصد إلى تحققها إنشاءا وعلى مستوى السبب الشخصي، فهذا حاصل حسب الفرض.
 إلا أن هذا الكلام واضح الجواب وذلك: لأنه يمكن اختيار الشق الأول بان يقصد التسبب إلى تحقق الملكية بتحقق موضوعها، ولا يلزم منه التشريع المحرم تكليفا، لأن التشريع المحرم إنما يكون بالإخبار عن تحقق الملكية شرعا أو بإنشائها شرعا، ومجرد القصد إلى المسبب الشخصي فليس بمحرم، إذ ليس بصدد إنشاء الجعل ولا الإخبار عن المجعول الفعلى حتى يكون ذلك هو التشريع المحرم، وأما القصد إلى إيجاد المسبب الشخصي سواء كان ممضى أو لا فلا ربط له بالتشريع المحرم.
 كما انه يمكن اختيار الشق الثاني ولا يكون إذنه إذنا بالتصرف في ماله حتى يسقط موجب الضمان بحيث يكون إذنا في إتلاف ماله بقرينة العلم بفساد المعاملة شرعا، إذ لا يعني العلم هذا الإذن في اخذ الغير وتصرفه في ماله مجانا وذلك لكفاية وجود العوض ولو في الإجارة الإنشائية بحيث كان مقابلا للمعوض فان معنى ذلك انه لا يرضى بتصرف المستأجر في ماله على وجه المجانية.
  والحاصل: أن إذن المؤجر مشروط بتحقق الإجارة بحيث لو لم يتحقق لا يكون راضيا بتصرف الآخر، ومجرد علمه بعدم تحقق الإجارة خارجا لا يكون موجبا لأن يكون إذنه مطلقا.
 وقد تلخص: انه قد يدعى مع العلم بالفساد لم يقصد في باب الإجارة الا العارية.
  ويدفعه: أن المفروض التسبب إلى الإجارة وقد كان قاصدا للتسبب إلى اعتبار الملكية شرعا فالتشريع على مستوى السبب.
 مضافا إلى انه مع اعتقاد الفساد شرعا وعدم تأثير لتشريعه في السبب وعدم اثر شرعا للمعاملة العرفيه فلا محالة يكون تسليطه للغير على ماله عن رضاه، حيث لا إكراه من المستأجر ولا إلزام من الشارع لفرض فساد المعاملة.
 وفيه: ما قد ظهر من انه بعد إمكان القصد إلى التسبيب الشخصي فالجري على وفقه تسليط منه للغير على ذلك المال، ثم انه ربما يقيد الضمان بان لا يكون فساد الإجارة من ناحية اشتراط عدم الأجرة، هذا ما ذكره الشهيد .
 وفي جامع المقاصد: فقد صحح ذلك في إجارة العمل أما مثل إجارة الدار التي يستوفيها المستأجر بنفسه فان اشتراط عدم العوض إنما كان في مثل العقد الفاسد الذي لا اثر لما تضمنه من التراضي، فحقه وجوب أجرة المثل.
  والشهيد الثاني: قد وجه عدم الضمان في المسالك برجوعه إلى العارية رغم التعبير عنها بلفظة الإجارة، لان التصريح بعدم الأجرة أقوى من الظهور المستفاد من لفظ الإجارة، والنص مقدم على الظاهر، فيحكم بأنه عارية لعدم توقيفيتها ، بل كفاية كل ما يدل على التبرع بالمنفعة.
 وقد استدل في الجواهر على عدم الضمان: بقاعدة ما لا يضمن بناء على إرادة أشخاص العقود منها لا أصنافها، إذ لا ريب في عدم الضمان في المقام لو فرض صحة العقد المذكور فكذا لا يضمن به على الفساد للقاعدة نفسها.
 وملخص الكلام: إن العاقد إن كان ملتفتا إلى حقيقة الإجارة فلا يعقل منه التسبيب الجدي إلى إيجاد الإجارة بلا أجرة، فان إيجاد الشئ بدون مقومه ممتنع، فلا يتوجه إليه القصد الجدي من الملتفت.
  وأما إذا قصد حقيقة الإجارة بقوله آجرت، ثم بعد إنشائه بدا له أن يعقبه بإلغاء مقومه، فان كان مع بقائه على قصد التسبيب إلى حقيقة الإجارة فهذا القصد الطارئ لا يتأتى منه، وان كان قصده إلغاء الخصوصية ليكون عارية فهو باق على التسبيب إلى التمليك لا على التمليك بالأجرة، أشبه بالإجارة حدوثا والعارية بقاءا
 ففيه: إن إنشاء التسليط على الانتفاع الذي هو مفاد العارية، فانه بمجرد إلغاء العوض لا ينفع في انعقاده عارية بقاءا.
 نعم إن كان قصده من أول الأمر هذا، معبرا عنه بلفظ الإجارة كانت صحته موقوفة على جواز عقد العارية بلفظ آجرت، وعلى فرض صحته يخرج عن البحث وهو عدم الضمان في المقبوض بعقد الإجارة الفاسدة فانه مقبوض بعقد العارية الصحيحة.
 والحاصل: انه على تقدير بطلان العقد وعدم انعقاده لا إجارة ولا عارية فلا ضمان على المستأجر لتحقق الإقدام على المجانية وهتك حرمة المال من قبل المؤجر بحسب المنشأ الشخصي.
 والحمد لله رب العالمين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo