الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ ما يتحقق به التسليم

 الكلام في الثمرة الثانية: وهي في صورة التلف مع الضمان كما لو ثبت ذلك بموجب شرط، وهكذا في صورة الإتلاف فقد ذكر الماتن انه على القول الأول استقر في ذمة الأجير قيمة العين مع وصف المخيطية لا قيمتها مجردة عن صفة المخيطية كما إن له الأجرة المسماة بعد أن أنجز تمام العمل، وقد فرضنا انه لا يشترط علاوة على انجازه التسليم.

 وأما على القول الآخر فانه لا يستحق الأجرة المسماة، وذلك لعدم تسليم العين، كما انه يضمن قيمة العين المجردة عن صفة المخيطية، ثم ذكر (قده) احتمال انه يضمن قيمة العين مع وصف المخيطية في وجه.

 ونكتة المطلب:

 أما بناء على القول الأول فلان وصف المخيطية وان لم يقسط جزءا من الثمن بإزائه، وإنما له الدخالة في زيادة قيمة العين، والتالف في ملك المستأجر هي العين المتصفة بوصف المخيطية، فتكون مضمونة مع الوصف، لكونها على ملك المستأجر بهذا الوصف، فتكون مضمونة ،كما أن للأجير حق المطالبة بالأجرة المسماة بعد أن أنجز العمل حسب الفرض والأجرة قد وقعت بإزاء العمل وقد أنجزه ولا يشترط أزيد من ذلك بان يسلمه.

 وأما على القول الآخر فقد حاول السيد الخوئي [1] إبراز نفس النكتة المتقدمة والتي على أساسها حكم من جهة بضمان قيمة العين مع وصف المخيطية لا مجردا عنه، كما انه يستحق الأجير المطالبة باجرة المسمى من دون توقف ذلك على تسليم العين بوصف المخيطية،

 والوجه في عدم استحقاق الأجير الأجرة المسماة انه لم يسلم ما وقعت الأجرة في قباله، لذا لم يستحق الأجرة وبالتالي ليس له حق المطالبة بها.

 وأما الوجه في انه تثبت في ذمة الأجير قيمة العين بلا وصف المخيطية فهو مبني على أن التلف قبل القبض موجب لبطلان الإجارة ولرجوع العمل بما في ذلك أثره اعني وصف المخيطية ملكا للأجير، وعليه لا موجب لضمان الأجير للعين مع الوصف، طالما انه تابع لعمل الخياطة في الملكية، فمع بطلان الإجارة يرجع إليه فيضمن العين مجردة عن الوصف.

  نعم يشكل الأمر بان الإتلاف قبل القبض لا يوجب بطلان الإجارة كما مر معنا، وعليه فان العين بوصف المخيطية على ملك المستأجر فتكون مضمونة بفعل الإتلاف أو التلف المضمون، غايته انه لا يكون له حق المطالبة بالاجرة المسماة على عمله قبل تسليمه قيمة العين مع وصف المخيطية، بحيث إذا أعطى الأجير قيمة العين مع وصف المخيطية كان له المطالبة بالأجرة بعد أن سلم بدل عمله إلى المستأجر إذا ما صدق على الضمان -بمعنى تدارك الخسارة التسليم، ولو بتسليم البدل الواقعي، اللهم إلا أن يكون الشرط ألارتكازي تسليم العين بوصف المخيطية لا قيمته.

  ومن مطاوي ما تقدم يظهر الوجه في عدم استحقاق الأجير الأجرة المسماة، وذلك لأنه لم يتم تسليم العمل- متعلق الاجارة- بتسليم أثره رغم انه صب منفعة عمله في مال المستأجر، وقد شرطنا تسليم العمل حتى يكون له حق المطالبة بالأجرة المسماة.

  وأما الوجه في ضمان قيمة العين مع وصف المخيطية فلأنه بالإتلاف لا تبطل الإجارة فيثبت في ذمة الأجير قيمة العين مع الوصف، لأن هذا المقدار هو الذي أتلفه الأجير على المستأجر، وهذا ما أشار إليه السيد الحكيم من أن الوجه عدم بطلان الإجارة بالتلف المضمون، غاية الأمر انه لا يستحق الأجير المطالبة بالأجرة ولا يجب على المستأجر تسليمها، إذ على هذا تكون الصفة ملكا للمستأجر فيضمنها الأجير للمستأجر ولا تجوز له المطالبة بالأجرة .

 أما الثمرة الثالثة: وحاصلها: انه على ما سلكه الماتن فانه ليس للأجير حبس العين بعد انجاز العمل حتى يستوفي الأجرة وذلك لأن العين لم تقابل بالأجرة، ولا وصف المخيطية موردا للمعاوضة، وعليه لو منعها عن المستأجر يكون ضامنا لها لو تلفت والحال هذه تحت يده.

  وهذا بخلافه على القول الآخر حيث يكون له حبس العين حتى ينفذ المستأجر له الأجرة المسماة رغم انه لا العين ولا وصف المخيطية موردا للمعاوضة، وإنما عمل الخياطة وقد أتمه الأجير حسب الفرض إلا أن مقتضى الشرط الضمني ألارتكازي انه لا ينفذ إليه ما له حتى يسلمه الأجرة.

 وأشكل السيد الأستاذ [2] : بغرابة أن يجب على الأجير تسليم العين مع الوصف للمستأجر وان كان الأجير غير مستعد لتسليم الأجرة إليه وهذا خلاف المرتكز.

 ودفعه: بأنه خلاف المرتكز عرفا بل لا اقل من دعوى وجود شرط ارتكازي على أن الأجير ما لم يستلم الأجرة له حق عدم تسليم الثوب فلا يكون ضامنا بلا فرق بين القولين. والحمد لله رب العالمين