< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا منع ظالم المستأجر عن الانتفاع بالعين
 الكلام فيما لو منع الظالم المستأجر عن استيفاء المنفعة وقلنا في المسألة صور ووصل الكلام إلى:
  الصورة الثانية: وهي فيما لو منعه الظالم من استيفاء المنفعة أو غصب العين بعد القبض سواء مباشرة وبلا فاصل أو في الأثناء، والأقوال ثلاثة:
 الأول: ما عليه الماتن من أن الإجارة لازمة ولا خيار للمستأجر.
 الثاني: ما عليه السيد عبد الهادي الشيرازي من ثبوت الخيار حيث قال في تعليقته على كلام الماتن بأنه يتعين اللزوم : (فيه إشكال بل الأظهر أن له الخيار) [1] ،
 الثالث:ما عليه الشيخ عبد الكريم الحائري من التفصيل بين صورة منع الظالم المستأجر من الانتفاع بالعين و صورة الغصب [2] .
 أما ما ذهب إليه السيد عبد الهادي الشيرازي:
  فدليله: إما قاعدة لا ضرر لأن إلزام المستأجر بهكذا معاملة نحو ضرر منفي بالقاعدة.
 وإما تخلف الشرط ألارتكازي لأن هناك شرط على أن يكون المستأجر مسلطا على الاستفادة من تلك العين.
 والحاصل: انه لا فرق بين المنع قبل القبض وبعده في ثبوت الخيار لأنه بلحاظ المنافع المستقبلية حيث إنها تدريجية الحصول يصدق انه منعه قبل الاقباض.
 وفيه: تقدم منا أن قاعدة لا ضرر والشرط ألارتكازي غير تامين، بل بعد القبض من باب أولى، وسوف يتضح بطلانه فيما يأتي.
 دليل القول الأول اعني ما عليه الماتن
 الصحيح ما ذكره الماتن من انه لا ثبوت للخيار بل تكون الإجارة لازمة فيبذل المستأجر الأجرة المسماة للمؤجر عملا بعموم أوفوا بالعقود ويرجع على الظالم باجرة مثل ما فوت عليه من المنفعة نتيجة غصب العين أو منعه من استيفاء المنفعة.
 وذلك لان الموجب لثبوت الخيار لا يخلو إما قاعدة لا ضرر أو تخلف الشرط ألارتكازي كما قلنا.
 أما قاعدة لا ضرر فقد ظهر أنها تحمي المستأجر من الضرر لو كان منشأه أوفوا بالعقود، وأما إذا كان منشأه أمر خارج عن العقد كغصب الظالم، ومنعه المستأجر من استيفاء المنفعة، فلا تشمل القاعدة مثل هذا الضرر أي لا تحميه من ناحيته.
 أما الثاني: فلا تخلف له فان الشرط عبارة عن تسليم المؤجر العين وقد فعل وأما منعه الظالم من غصب العين أو من منع المستـأجر من استيفاء المنفعة فليس مما يقتضيه الشرط ألارتكازي ولا يكون ملحوظا للمتعاقدين في الفرض.
 وان شئت قلت: إن الشرط ألارتكازي هو ترجمة عملية للغرض الأصلي للمتعاقدين من الإجارة وليس هو بأزيد من بذل العين للمستأجر وتسليطه عليها، وهذا لا تخلف فيه، وإنما بأمر زائد على ما يقتضه هذا الشرط ألارتكازي .
 ودعوى: أن منع الظالم قبل القبض كان قادحا في صدق التسليم الموجب لثبوت الخيار فليكن قادحا فيه بعد القبض ، إذ لا فرق بينهما من هذه الجهة لأن المنفعة تدريجية الحصول فلا يصدق القبض بلحاظ المنافع المستقبلية فيكون منع الظالم في الإثناء بالنسبة لتلك المنافع كمنعه قبل القبض.
 مدفوعة: بان منع الظالم لما كان بعد القبض فقد وقع على مال المستأجر أو فقل على المنفعة وهي في ملكه حيث لا علاقة للمؤجر بها.
 وهذا ما لم يرتضه السيد الحكيم حيث ذكر أن الفرق لا يخلو من خفاء فلو كان المنع قادحا في حصول التسليم قبل القبض سيكون مانعا بعده بلا فرق لكونه بمنزلة قبل القبض بالنسبة للمنافع اللاحقة.
 والحاصل: إن الميزان هو في اقباض المنفعة لا العين، وهي تدريجية لا أنها دفعية فان قبض العين في كل آن هو قبض للمنفعة في ذلك الآن .
 وفيه: إن الميزان هو القبض للعين حدوثا وبقاء، ففي المسألة السابقة فبلحاظ استرجاع المؤجر للعين يكون قد منع المستأجر من العين بقاء، وبه يرتفع القبض بقاء، وأما في موردنا أعني منع الظالم المستأجر فان ما هو شرط استدامة القبض من طرف المؤجر وهو باق، لأنه لم يوجد من طرفه ما يزيله ويرفعه، وأما منع الظالم فليس المؤجر مسؤولا عن حفظ ما اقبضه للمستأجر حتى من منع الظالم، وما ذلك إلا لأن الاقباض شرط حدوثا لا بقاء، ولا يشترط إدامة استيلائه عليه، وان لا يمنعه الظالم من ذلك.
 هذا كله مضافا إلى انه قد ظهر بناءا على ما اختاره الماتن عدم الفرق بين صورتي ما قبل القبض وما بعده بلحاظ أن المنع في كلا الفرضين لا يوجب ثبوت الخيار.
 ثم إن هذا لا يفرق فيه بين أن يكون منشأ الخيار قاعدة لا ضرر أو تخلف الشرط ألارتكازي، أما الأول فواضح وأما الثاني فان المنفعة وان كانت تدريجية متكثرة بتكثر الآنات، إلا أن الشرط ألارتكازي ليس إلا تسليم العين من ناحية المؤجر أو فقل سد باب العدم من ناحيته لا من ناحية الظالم.
 نعم في صورة منع الظالم حدوثا لم يتحقق أصل التسليم أو فقل إن عدم التسليم موجب لتخلف الشرط ألارتكازي سواء كان بمنع المؤجر أو بمنع الظالم إي سواء كان اختياريا أو غير اختياري ،فان الميزان هو تسليط المستأجر على العين،فعدم التسليط سواء كان بفعله أو بفعل ثالث يوجب اختلال الشرط ألارتكازي وبالتالي ثبوت الخيار.
  وأما الشيخ عبد الكريم الحائري فقد خص ما أفاده الماتن بصورة منع الظالم المستأجر من الانتفاع بالعين دون صورة الغصب وكأنه في صورة الغصب يثبت له الخيار، وقد ظهر وجه ذلك ، والحمد لله رب العالمين.


[1] العروة الوثقى ج5 ص 49
[2] العروة الوثقى ج5 ص 49

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo