< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا منع ظالم المستأجر عن الانتفاع بالعين
 ويمكن الكلام فيما لو منعه ظالم عن استيفاء المنفعة وقلنا في المسألة صور وكان الكلام في الصورة الأولى وهي فيما لو منعه قبل القبض وقلنا في المسألة أقوال أربعة،وذكرنا عدم تمامية القول الأول اعني البطلان وهو ما عليه السيد صادق الروحاني وكنا بصدد الاستدلال على القول الثاني وذكرنا الدليل الأول وهو قاعدة لا ضرر وكنا بصدد الجواب على ما أشكل به من أن الضرر على كل حال لحق بالمستأجر لأنه سواء فسخ أو أبقى على المعاملة فانه لن يحقق غرضه من الإجارة.
  والحاصل: انه قد يدعى في المقام بالنسبة لخصوص القاعدة انه حتى لو أثبتت الخيار فانه لا يتدارك بها الضرر الناشئ من تعلق غرض المستأجر بالمنفعة إذ لو التزم بالقاعدة سوف يلزم الظالم باجرة مثل ما فات من المنفعة والحال إن غرضه متعلق بالمنفعة لا ببدلها، وان فسخ فقد فاتت عليه المنفعة ويكون قد استرجع الأجرة المسماة بالعقد فلا يتدارك ذلك بالخيار.
 والجواب عليه: إن ثبوت الخيار يكون جابرا للضرر بمعنى انه لا يكون ملزما بهكذا معاملة، وبالتالي يكون اثر الفسخ استرجاع الأجرة المسماة لا أن استرجاعها هو الجابر للضرر.
 وبعبارة أخرى: إن قاعدة لا ضرر تحمي المكلف من الضرر اللاحق به من جهة الإلزام الشرعي وهذا قد تحقق.
 وأما الشرط ألارتكازي فبمقدار ما يرتبط بالمؤجر من تسليم العين وهذا لا تخلف له في الفرض وإنما المفروض منع الظالم المستأجر من استيفاء المنفعة، وهذا ما لا يشمله الشرط ألارتكازي ولا يوجب تخلف الشرط ألارتكازي حتى يثبت له الخيار.
 والحاصل أن عمدة دليل هذا القول قاعدة لا ضرر ضمن القيد الذي ذكره الشيخ عبد الكريم الحائري من صدق التفويت حيث قال في تعليقته على المتن:( فيما إذا صدق التفويت) [1] حيث لا يصدق التفويت فيما لو كان المستأجر معرضا عن العين على كل حال.
 أما دليل القول الثالث: وهو الذي قواه الماتن وتابعه على ذلك الفيروزآبادي، من لزوم الاجارة وعدم ثبوت الخيار وهو الصحيح، وذلك لأن المهم في الدليل على ثبوت الخيار إما قاعدة لا ضرر أو الشرط ألارتكازي الضمني.
 أما الأول: إما لا يستفاد منه الخيار، كما هو مسلك السيد الخوئي بالنسبة لقاعدة لا ضرر كما ظهر في خيار الغبن فلاحظ، أو انه لو بنينا على ثبوته بها إلا انه لا مسرح لها هنا، وذلك لأن القاعدة إنما تنفي الضرر فيما لو كان منشأه الحكم الشرعي مثل لزوم العقد، وأما إذا لم يكن الحكم الشرعي منشأ الضرر، وإنما أمر خارج عن العقد مرتبط بأحد المتعاقدين أو بأجنبي عن العقد فلا معنى لأن نجري قاعدة لا ضرر لحماية المكلف من ناحية الضرر المتوجه إليه من جهة الأمر الخارج عن العقد، وبالتالي تنفي الحكم الشرعي الذي لا ربط له بالضرر إذ لا نكون قد عالجنا الضرر بإجرائها وبالتالي تغلبنا عليه .
 وأما الشرط ألارتكازي فقد ظهر مما تقدم، أن التسليم قد اخذ بمثابة الشرط الضمني ألارتكازي، وانه لا تخلف له في الفرض إذ لا تعذر لتسليم المؤجر العين للمستأجر، إذ الظالم لم يمنع المؤجر من تسليم العين، وإنما منع المستأجر من استيفاء المنفعة.
 وبناء عليه فالإجارة لازمة ولا خيار للمستأجر غايته انه يثبت له حق الرجوع على الظالم باجرة مثل ما فوت عليه من المنافع وتثبت الأجرة المسماة للمؤجر.
 وأما دليل القول الرابع:وهو ما ذهب إليه السيد الخوئي من التفصيل بين كون منع الظالم للمستأجر عن استيفاء المنفعة، وبين كون منعه عن تسليم المؤجر للعين، فعلى التقدير الأول يثبت الخيار ويتم كلام الماتن ، بخلافه على التقدير الثاني ، وذلك لتخلف الشرط ألارتكازي وبالتالي رفع اليد عن عموم أوفوا بالعقود، وبذلك يتضح ما في تعليقة المستمسك على المتن فالمؤجر لم يمنع المستأجر من العين وإنما الظالم منع المستأجر من استيفاء المنفعة.
  فما أفاده السيد الخوئي متين إلا أن حق التعليقة أن تكون في فرض ما لو كان منع الظالم بعد التسليم فلاحظ، لأنه هو فرض الماتن، وصريح عبارته. نعم ربما يتم دعوى ثبوت الخيار فيما اذا منع الظالم انتفاع اي شخص بالعين بما في ذلك المستأجر الا ان الفرض ما لو توجه المنع لخصوص المستأجر.
 ثم انه ينسب إلى المحقق الثاني احتمال جواز رجوع المستأجر في الفرض إلى المؤجر باجرة المثل رغم أن الذي فوت عليه المنفعة هو الظالم.
 وفيه: إن هذا نحو خلط ما بين ضمان المعاوضة والغرامة، مع أن المسبب عن كل منهما مختلف عن الآخر، فان الأول يوجب ضمان الأجرة المسماة، والثاني ضمان أجرة المثل، والأول ثابت بقاعدة الإقدام، وأما الثاني فبقاعدة على اليد، وليعلم أن مقصودنا من ضمان المؤجر ضمان المعاوضة أي الأجرة المسماة بمعنى الرجوع إلى الأجرة المسماة بعد الفسخ لا إلى أجرة المثل لأنه ضمان يد.
 نعم إذا كان الظالم قد غصب العين قبل قبض المستأجر لها ثبت له الخيار بضرس قاطع كما ظهر.
 والحاصل أن الصحيح هو القول الثالث وهو ما جعله الماتن احتمالا قويا والله العالم.
 وأما صورة المنع بعد قبض العين فسوف يأتي بحثها والحمد لله رب العالمين


[1] العروة الوثقى ج5 ص 48

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo