< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة
 الكلام فيما لو استرجع المؤجر العين بعد القبض مباشرة أو بعد مدة قلنا بأنه بالخيار بين الفسخ والإبقاء، وذكرنا الدليل الأول من أن مقتضى الشرط الضمني ألارتكازي ليس خصوص التسليم للعين ولو حدوثا بل بقاؤها تحت يد المستأجر إلى تمام المدة المضروبة للإجارة، لأجل استيفاء تمام المنفعة وعليه يكون أخذه للعين موجبا لتخلف الشرط الضمني الموجب لثبوت الخيار.
 الدليل الثاني:حيث إن المنافع تدريجية لا يصدق انه سلمه العين حدوثا بالنسبة للمنافع المستقبلية.
 وبعد ذلك يصل الكلام إلى فرع آخر وهو في الأثر المترتب في صورة الفسخ، وفيه قولان:
 الأول: ما ذهب إليه المشهور من انه في صورة الفسخ فيما لو استرجع المؤجر العين في إثناء المدة فانه أعني المستأجر يسترجع من الأجرة المسماة بمقدار ما بقي، وتصح الإجارة فيما مضى أي يسترجع من الأجرة المسماة بما يقابل المتخلف من المنفعة بعد استرجاع المؤجر العين في الأثناء على غير وجه حق،
 ووجهه: انه مبني على كون القرار المعاملي متعددا
 وفيه: ما سيأتي من كون العقد قرارا وحدانيا لا تعدد فيه.
 الثاني:ما عليه الماتن فقد قوى أن العقد ينفسخ من أصله فيسترجع المستأجر تمام الأجرة المسماة بالعقد ويدفع أجرة مثل ما مضى من المنافع.
 والوجه في ذلك: ما أفاده (قده) من أن هذا هو مقتضى فسخ العقد اعني رجوع كل من العوضين إلى مالكه الأصلي، وذلك لما عرفت من أن الناقل لتمام المنفعة من كيس المؤجر إلى جيب المستأجر هو هذا العقد، ولما كان أمرا وحدانيا فلا تعدد في هذا القرار المعاملي والالتزام العقدي بتعدد وتكثر المنافع نتيجة تكثر الآنات، وكان حسب الفرض مشروطا بتسليم العين في تمام المدة المضروبة، ومع عدم التسليم فلا التزام مملك للطرف المقابل، وهذا يعني أن له السلطنة على الفسخ، ولما كان أمرا وحدانيا لا تكثر فيه، فان إبطاله يقتضي عود كل من العوضين إلى مالكه الأصلي كأن لم يكن بينها عقد، لكن بما أن المستأجر قد تصرف واستفاد من العين ولم يمكن إرجاع ما استوفاه من المنافع، وبما أن مال المسلم لا يذهب عليه هدرا فانه ملزم بضمانها باجرة المثل.
 ثم إن السيد الأستاذ: نفى الضعف عن مبنى المشهور من أن عدم التسليم لبعض الوقت لا يوجب أكثر من السلطنة على الفسخ بمقدار ما لم يسلمه لا الكل، إلا من ناحية تبعض الصفقة والتي لا يقول بها السيد الأستاذ في المنافع المستوفاة،نعم بناء على القول بها إذا فسخ بالنسبة لهذا البعض سوف تتبعض الصفقة بالنسبة للبعض الآخر ، ولو ثبت الخيار كان له فسخ البعض ومن ثم فسخ الباقي بعد ذلك لا أن له ذلك ابتداء، ولذا صار السيد الأستاذ إلى تقوية ما ذهب إليه المشهور وانه لا ضعف فيه بناءا على عدم ثبوت خيار تبعض الصفقة في المورد لكون المنافع التي يراد إثبات خيار تبعض الصفقة بالنسبة لها مستوفاة .
 وفيه: أولا: ما عرفت من أن ثبوت الخيار لا يفرق فيه بين المنافع المستوفاة وغير المستوفاة.
 وثانيا: هب انه لا تبعض في الصفقة بلحاظ المنافع المستوفاة، لكونه مخصصا بخصوص الملك الموجود، ولكن هنا المنفعة قد تصرمت مع استيفائها، وقد عرفت أن الضابطة التي ذكرها السيد الأستاذ تقتضي عدم ثبوت خيار تبعض الصفقة بلحاظ ما تصرم من المنافع سواء استوفاها المستأجر أو لم يستوفها، لا أن الميزان ما ذكره السيد الأستاذ إلا أن ثبوت خيار التبعض في الغرض المعاملي وهو الانتفاع بالمجموع وقد فوت المؤجر عليه هذا الغرض حيث لم ينتفع المستأجر بالمجموع مع تعلق الغرض المعاملي به، لأن الانتفاع بالبعض مع تعلق غرضه بالمجموع نحو ضرر عليه لا ينجبر إلا بثبوت الخيار له، لكن بملاك التبعض بلحاظ الغرض لا الملك .
 وثالثا: قد عرفت أن القرار المعاملي لما كان واحدا وهذا الخيار الناشئ من عدم تسليم العين لغرض استيفاء المنفعة يوجب إبطال هذا الأمر الوحداني فلا يعقل التبعض فيه.
 وعلى الأول يثبت الخيار للمستأجر سواء كان منشأه قاعدة لا ضرر حيث إن إلزامه بهكذا إجارة نحو ضرر عليه منفي بالقاعدة فيثبت له الخيار ،وإما الشرط ألارتكازي وهو متخلف في الفرض ، صحيح انه لم يمتنع عن تسليم العين إلا انه فعل ما نتيجته ذلك، اعني منعه من استيفائها قبل الاقباض والذي هو بقوة عدم تسليم العين فقد انخرم الشرط ألارتكازي فيكون بالخيار بين الإمساك والمطالبة باجرة مثل ما فوت عليه المنافع وبين إبطال الإجارة والرجوع بالأجرة المسماة في العقد.
 وعلى الثاني: وهكذا الثالث فانه بعد تسليطه على العين لا تخلف للشرط ألارتكازي فلا ثبوت للخيار لو كانت نكتته تخلف الشرط، والوجه في ذلك أن الشرط الضمني هو تسليم العين لا أزيد من ذلك وقد حققه المؤجر ولم يكن من الشرط الضمني أن لا يمنعه من استيفاء المنفعة بعد تسليم العين فلا تخلف للشرط الضمني.
  وأما بالنسبة للقاعدة صحيح انه قد تضرر ولو نتيجة تعلق غرضه بالمنفعة بحيث لو ضمن أجرة مثل المنفعة سوف لا يجير ضرره الغرض نعم يجبر الضرر المالي إلا أن هذا الضرر لم ينشأ من الإلزام وعموم أوفوا بالعقود، إنما نشأ من منع المستأجر من استيفاء المنفعة، والقاعدة إنما تنفي الضرر الذي يكون ناشئا من الحكم الشرعي لا الضرر الذي ينشأ من أمر خارج عن العقد والحكم الشرعي، وعليه فالإجارة لازمة وبالتالي على المستـأجر بدل الأجرة المسماة للمؤجر غايته أن ذمة المؤجر تشتغل بأجرة مثل ما فوت من المنافع على المستأجر نتيجة منعه من استيفاء المنفعة مع بذله للعين له وإقباضه إياها.
 والحاصل إن الماتن حكم برجوع كل من العوضين على ما كانت عليه قبل العقد غايته أن المستأجر يضمن للمؤجر المنافع المستوفاة بأجرة المثل.
 والحمد لله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo