< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 ( المسألة العاشرة ):
 [إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه ، وإن لم يمكن إجباره للمستأجر فسخ الإجارة والرجوع بالأجرة ، وله الإبقاء ومطالبة عوض المنفعة الفائتة ، وكذا إن أخذها منه بعد التسليم بلا فصل ، أو في أثناء المدة ومع الفسخ في الأثناء يرجع بما يقابل المتخلف من الأجرة ، ويحتمل قويا رجوع تمام الأجرة ودفع أجرة المثل لما مضى ، كما مر نظيره سابقا ، لأن مقتضى فسخ العقد عود تمام كل من العوضين إلى مالكهما الأول ، لكن هذا الاحتمال خلاف فتوى المشهور.]
 تعرض الماتن في هذه المسألة إلى ما لو امتنع المؤجر عن تسليم العين للمستأجر وبالتالي منعه من استيفاء المنفعة وفي المسألة أقوال:
  1. ما عن الشيخ والعلامة في التذكرة، من انفساخ العقد وبطلانه، فتسقط الأجرة ويرجع كل من العوضين إلى أصله
  2. ما قواه في الجواهر من بقاء العقد، وعليه فيثبت للمؤجر الأجرة المسماة بمقتضى بقاء العقد، ويثبت للمستأجر أجرة المثل لمكان فوات المنفعة وهي في ملكه بفعل المؤجر.
  3. ما في الشرائع، وعليه الماتن من التخيير بين سقوط الأجرة المسماة وعدم دفعها إلى المؤجر، وهذا مبني على فسخ العقد، وبين دفع الأجرة المسماة وحق المطالبة باجرة مثل ما فات من المنفعة عليه على المستأجر نتيجة تمنع المؤجر عن دفع العين إليه وتمكنه منها.
 واستدل للقول الأول: بإطلاق رواية عقبة بن خالد، وهي عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ( في رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه ، قال : آتيك غدا إن شاء الله فسرق المتاع من مال من يكون ؟ قال : (من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه ) [1] .
 ووجه الاستدلال:بأنه لما كان التلف قبل القبض موجبا لانفساخ الإجارة كما عرفت- فان التلف شامل بإطلاقه للقهري والاختياري، والثاني مطلق شامل لما إذا استند إلى المؤجر.
 والحاصل: فمستند العموم لكل من التلف القهري والاختياري هذه الرواية حيث إن موردها التلف التنزيلي بسرقة المتاع وهي اختيارية.
 وفيه:
 أولا: عدم تماميتها سندا بعقبة بن خالد نفسه وبغيره.
 ثانيا: انه بعد العموم للإجارة ولو بإلقاء الخصوصية، فان الانفساخ باعتبار التلف من المؤجر قهرا بالسرقة، لا باعتبار الإتلاف من الأجنبي اختيارا، إذ لا إتلاف من الأجنبي بمجرد السرقة بالاختيار حتى يدعى عدم الفرق ما بين التلف والإتلاف والمؤجر والأجنبي.
 وأما القول الثاني: فقد استدل له بعموم قاعدة الإتلاف، الشاملة لما قبل القبض، وعدم الدليل على عموم التلف للاختياري المساوق للإتلاف، بل مع الشك يحكم ببقاء العقد وعدم الانفساخ.
 وفيه: انه لا يدل على تعين ذلك حتى ينافي ما دل على القول الثالث.
 وأما القول الثالث: فمستنده تارة: أن مطلق التلف سبب لضمان المعاوضة ومطلق الإتلاف سبب لضمان الغرامة ولا يصح إعمال السببين للتضاد بينهما بالنسبة للأثر وحيث لا معين لأحدهما فيلزم بالتخيير فان اعمل سبب ضمان المعاوضة كان له المطالبة بالمسمى وإلا بان اعمل سبب ضمان الغرامة كان له المطالبة باجرة المثل
 وأخرى: وجود سبب الخيار وهو تعذر التسليم ووجود سبب ضمان الغرامة، وهو الإتلاف فله إعمال الخيار واسترجاع الأجرة المسماة، كما له إبقاء العقد ومطالبة بدل ما أتلفه، وكونه ذا خيار لا يكون رافعا لموضوع قاعدة الإتلاف، لأن ثبوت الخيار فرع بقاء العقد وبقاء العوضين على ملك مالكه الفعلي لا القبلي، وهذا هو مختار الماتن (قده) وقد عرفت مما سبق من أن التسليم شرط ضمني ارتكازي بنيت عليه المعاملة، بل هو الغرض الأصلي من المعاملة، فالامتناع عن تسليم اختيارا يوجب ثبوت الخيار للمستأجر.
 يبقى أنه لا بد من تعميم الإتلاف ليشمل التفويت فيأخذ حكم الإتلاف وقد التزم به الماتن فيما سبق، وهو أمر عرفي، وعلى طبق القاعدة، ولكن ليس مطلقا بل في خصوص الأمور التي تتصرم أو تفسد بمرور الزمن كلوح الثلج ونحوه، فالصحيح ما ذهب إليه الماتن
  نعم وقع الكلام في أن الخيار في طول عدم إمكان إجبار المؤجر على التسليم أو يكفي في ثبوته امتناع المؤجر عن التسليم سواء أمكن إجباره أو لم يمكن؟
 كما سوف يأتي والحمد لله رب العالمين .


[1] - الوسائل باب 11 من أبواب ثبوت الخيار ح 10

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo