< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/02/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ الملكة بنفس العقد
 قال الماتن: الفصل الثالث
 ( يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان ، والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد من غير توقف على شئ كما هو مقتضى سببية العقود ، كما أن المؤجر يملك الأجرة ملكية متزلزلة به كذلك ولكن لا يستحق المؤجر مطالبة الأجرة إلا بتسليم العين أو العمل ، كما لا يستحق المستأجر مطالبتهما إلا بتسليم الأجرة كما هو مقتضى المعاوضة وتستقر ملكية الأجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه ، فأصل الملكية للطرفين موقوف على تمامية العقد ، وجواز المطالبة موقوف على التسليم ، واستقرار ملكية الأجرة موقوف على استيفاء المنفعة أو إتمام العمل أو ما بحكمهما فلو حصل مانع عن الاستيفاء أو عن العمل تنفسخ الإجارة كما سيأتي تفصيله ) [1] .
 استعرض الماتن في بداية هذا الفصل أمورا ثلاثة :
 الأمر الأول: أن ملكية كل من المنفعة والأجرة تكون بالإجارة نفسها، بمقتضى سببية العقد وعدم اشتراطه بشئ آخر كحصول التقابض في المجلس كما في البيع الصرف ، والحاصل أن مقتضى صحة المعاوضة موجب لانتقال كل من العوضين إلى الآخر ، مع فرض عدم اشتراطه بشئ آخر
 وهذا المقدار من البيان أشكل عليه الأستاذ من أن مفاد أدلة الصحة ليس أزيد من إمضاء مضمون المعاملة ،ولا تعين ماهيتها ولا تحدد هذا المضمون سواء كان مفاد المعاملة التمليك المنجز أو المعلق ، فان مفاد أدلة الصحة إمضاء هذا المضمون المعاملي بمعزل عن مفاده وانه التمليك المنجز أو المعلق وليس مقتضى أدلة صحة المعاوضة التمليك المنجز كما انه ليس مقتضاها التمليك المعلق على شرط .
 ثم أضاف: انه لابد من ضم ضميمة هي أن مفاد الإجارة التمليك المنجز لا المعلق على القبض أو أي شئ آخر ، وعليه فلا موجب لتوقف حصول التمليك على شئ آخر .
 أقول: إن ما ذكره السيد الأستاذ يرجع بحسب الروح لما أفاده الماتن ، فانه من جهة متين، ومن جهة أخرى لا يقصد الماتن بل لم يتعرض في طيات كلماته إلى الاستدلال بعموم الوفاء بالعقد لإثبات أن الإجارة من العقود المفيدة للتمليك المنجز .
 والحاصل انه لا بد في المرتبة السابقة على التمسك باطلاقات أدلة الصحة ولزوم الوفاء تشخيص مدلول الإجارة وان مفادها التمليك المنجز ثم يتمسك باطلاقات أدلة الصحة .
 نعم ما أفاده السيد الأستاذ ربما يرد على ما ذكره السيد الخوئي حيث ذكر : أن العقد بنفسه سبب -أي موضوع- للملكية بمقتضى قوله تعالى (أوفوا بالعقود )، بل حتى كلام السيد الخوئي يحتمل ان يكون مقصوده سببية العقد للملكية بمعزل عن أنها ملكية تنجزية أو تعليقية فلا بد من تحديد ذلك بغير اطلاقات أدلة الصحة.
 الأمر الثاني: بعد أن عرفت أن سببية الإجارة للملكية فصارت الأجرة بموجبها ملكا للمؤجر والمنفعة للمستأجر لذا لا بد لكل منهما تسليم ما بيده للطرف الأخر وذلك ليس من جهة اقتضاء العقد لذلك وإنما من باب أن الأجرة التي هي بيد المستأجر لما صارت ملكا للمؤجر فيجب تسليمها إليه بمقتضى ملكيته لها ، كل ذلك عملا بعموم حديث السلطنة ،فان مقتضى سلطنة المؤجر مثلا على المؤجر جواز المطالبة بها وليس للمستأجر الامتناع عن ذلك، لأنه خلف قانون السلطنة ، فلا سلطان للمستأجر على الامتناع عن بذل الأجرة مع مطالبة المؤجر المالك وذلك لمنافاته لسلطنة المالك المؤجر عليه ، هذا ما أفاده المحقق الاصفهاني .
 ولازم ذلك أنه لو امتنع المستأجر عن بذل وتسليم الأجرة للمؤجر كان له الامتناع عن تسليم المنفعة له،
 وقد أجاب عن ذلك المحقق الاصفهاني: انه ليس له الامتناع عن بذل المنفعة مع امتناع المستأجر عن بذل الأجرة لان ظلم احدهما بمنعه حقه لا يسوغ ظلم الأخر له بمنعه حقه، وعليه فجواز مطالبة كل منهما بما له عند الأخر موقوف على تسليم ما عليه حيث يحق لكل منهما الامتناع عن التسليم فيما لو امتنع الأخر، بل يستحق كل واحد منهما التسليم في مقابل تسليم الأخر، ومقارنا له.
 والحمد لله رب العالمين


[1] العروة الوثقى ج 5 ص 38

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo