< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/11/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ الإجارة من العقود اللازمة \ خيار العيب
 كان الكلام فيما أشكل به السيد الخوئي (قده) على قاعدة لا ضرر التي استدل بها على ثبوت خيار العيب في عقد الإجارة .
 وحاصل

ما أفاده أن قاعدة لا ضرر حاكمة على أدلة الأحكام الأولية التي تكون بنفسها منشأ للضرر أو بإطلاقها ، كما في الوضوء الضرري ، فإن إطلاق آية الوضوء محكوم بقاعدة لا ضرر ، وذلك نفس الإلزام بالوضوء هو منشأ للضرر ، أما لو كان منشأ الضر أمرا آخرا كما في موردنا حيث إن الضرر كان نتيجة إقدام المكلف باختياره على استئجار عين معيبة بأزيد من ثمنها ، وليس منشؤه الجعل الشرعي ، وبعبارة أخرى لم يكن الإلزام بالإجارة بمقتضى أوفوا بالعقود هو منشأ الضرر ، بل منشؤه إقدام المكلف باختياره على الإجارة وفرق واضح بين الصورتين ، ثم أضاف السيد الخوئي أن الضرر نتيجة إطلاقات أدلة الصحة وليس إطلاقات أوفوا بالعقود ، فإمضاء الشارع وتصحيحه للمعاملة هو الذي أدى لحصول الضرر ، ومجرد صدور العقد من المتعاقدين من دون هذا الإمضاء لا يترتب عليه أي ضرر كما هو واضح ، فلو آجره عينا بعشرة دراهم وتبين أنها معيبة وتسوى درهما واحدا ، فإنه ما لم يتم الإمضاء من قبل الشارع ، لا يترتب أي ضرر لأنه سوف يبقى كل من العوض والمعوض على ملك صاحبه ، ولكن حيث إن الشارع قد أمضى هذه المعاملة فإن الضرر أعني النقص سوف يترتب على المستأجر ، وإذا كان الأمر كذلك لا نستطيع التمسك بقاعدة لا ضرر لإثبات الخيار .
 مناقشة السيد الخوئي
 هذا الإشكال قابل للنقاش ، وذلك لأنه ليس المراد من الضرر مجرد النقص المالي بل المراد النقص الذي يوجب الضيق والحرج والمشقة النفسية ، ففي الموارد التي يكون النقص فيها يسيرا فالعرف لا يعتني به بل يشترطون التفاوت الفاحش والنقص المعتد به الذي يوجب ضيقا ومشقة نفسية للحكم بالضرر وهذا هو الذي يحقق موضوع القاعدة ، وهذان القيدان اعني النقص والمشقة النفسية ، لا يحصلان معا بمجرد إقدام المتعاقدين على المعاملة حتى لو صححها الشارع بل لا بد من الإلزام ، فما لم يلزم المولى بهذه المعاملة ويؤدي ذلك إلى ضيق الخناق لا موضوع للقاعدة ، فالمحقق لموضوع القاعدة هو إلزام الشارع بالمعاملة ، وبعبارة أخرى إن مجرد النقص المالي لا يصدق عليه الضرر إلا مع الضيق والشدة النفسية وهي لا تحصل إلا مع اللزوم ولذا حكومة لا ضرر تكون على الأدلة الأولية اللزومية وليس مطلقا فإنه في الموارد التي يكون فيها للمكلف الخيار أو كانت أحكاما ترخيصية لا مجال لحكومة قاعدة لا ضرر
 وأما ما أفاده من أن منشأ الضرر هو اطلاقات أدلة الصحة فيرد عليه أن غاية ما تفيد هذه الاطلاقات أن المعاملة صحيحة ولكن لا تفيد اللزوم وإذا كانت المعاملة غير لازمة فهذا يعني أن الضرر غير مستقر عليه بل له أن يتخلص من هذا الضرر من خلال فسخ المعاملة ، لولا إطلاقات أدلة اللزوم ، ومن جهة أخرى لو كانت قاعدة لا ضرر شاملة لأدلة الصحة فيلزم الحكم بالبطلان وعدم صحة المعاملة لأن مفاد القاعدة رفع الحكم الذي يكون منشأ للضرر ، وعليه لا موضوع للخيار لأنه فرع صحة المعاملة
 بقي إشكال وحاصله أنه يلزم أن تكون قاعدة لا ضرر مفادها إثبات جواز المعاملة وثبوت الخيار مع أنه قلنا أن مفادها نفي الحكم الضرري كما تقدم .
 والجواب : لا شك أن مفاد قاعدة لا ضرر نفي الحكم الضرري ، وهي لا تثبت حكما ، ونحن لم نخرج عن ذلك في موردنا ، ونكتة ذلك أن الملكية اللازمة هي عنوان مركب من ضم الملكية المستفادة من أدلة نفوذ المعاملة إلى اللزوم المستفاد من أوفوا بالعقود ،ونتيجة الحكومة نفي اللزوم والذي يترتب عليه ملكية جائزة ، وبعبارة أخرى إنما حصلنا على عنوان الملكية اللازمة من ضم الملكية إلى عدم جواز الفسخ وقاعدة لا ضرر ليست حاكمة على أدلة الملكية بل على أدلة اللزوم وهي أوفوا بالعقود لأنها منشأ الضرر وعليه فالملكية باقية واللزوم منتف فينتج ملكية جائزة وليست لازمة
 ثم إن هذا الجواز هل هو جواز حقي أو جواز حكمي ؟
 وتظهر الثمرة في الإرث والإسقاط والصحيح أنه حقي وليس حكميا ، وذلك لما تقدم من أن اللزوم هو حقي ، وإذا كانت قاعدة لا ضرر حاكمة ورافعة لهذا اللزوم فالجواز الثابت ينبغي أن يكون من سنخه أي الجواز الحقي على تفصيل يأتي في محله
 والحاصل أن الضرر منشؤه اللزوم المستفاد من أوفوا بالعقود وليس منشؤه إطلاقات أدلة الصحة ولا إقدام المتعاقدين باختيارهما على ما فيه ضرر ، وحكومة القاعدة على أوفوا بالعقود ،وإن كانت لا تثبت ملكية جائزة لأن لسانها النفي وليس الإثبات ، إلا أن الملكية اللازمة حيث إنها مركبة من ضم الملكية المستفادة من أدلة نفوذ المعاملة إلى اللزوم المستفاد من أوفوا بالعقود ،فنتيجة الحكومة نفي اللزوم والذي يترتب عليه ملكية جائزة ، وبالتالي ثبوت الخيار .
 الدليل الرابع : وهو الشرط ألارتكازي وحاصله: أن بناء المستأجر عادة على أن يقدم على استئجار العين على أن تكون سالمة من العيب والنقص بل إن كلا من المتعاقدين إنما أقداما على الإجارة على أن تكون المنفعة تامة وليست ناقصة وعلى أن تكون الأجرة تاما وغير ناقص ، فإذا تبين عدم توفر هذا الشرط تكون المعاملة صحيحة ولكن لا تكون لازمة بل له الخيار في أن يفسخ ، فثبوت الخيار بنكتة تخلف الشرط أو الوصف .
 هذا وسوف يأتي تتمة الكلام والحمد لله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo