< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/11/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة العبد ثم عتقه
 ذكرنا فيما سبق أن الأجارة هي من العقود التمليكية ، وتمليك المؤجر للمستأجر منفعة العبد الذي أعتق فرع أن يكون مالكا لمنفعته ، وكونها مالكا فرع الواجدية والقدرة ومع المزاحمة بين وجوب تأدية حق المستأجر ووجوب حفظ النفس لا يكون المؤجر مالكا لها ، وقلنا إن الاضطرار لا يخرجه عن ملكه غايته يضمن ، كما في موارد الاضطرار لأكل مال الغير لمخمصة
 إن قلت : إن قياس المقام على الاضطرار لمخمصة مع الفارق ، وذلك لأنه لو بنينا على أن الملكية تدور مدار القدرة ، ففي تلك الموارد القدرة محفوظة والاضطرار لا يوجب سلب ملكية المالك لماله بينما في موردنا الاضطرار مساوق لسلب القدرة ،
 قلت : إن الاضطرار في موردنا وإن كان مساوقا لسلب القدرة الشرعية إلا أنه ليس مساوقا لسلب القدرة التكونية وذلك لأنه قبل العتق كان قادرا على تأدية حق المستأجر بسبب إنفاق سيده عليه ولكن بعد العتق وبسبب انشغاله بوجوب حفظ نفسه أصبح غير قادر على ذلك ، فالقدرة الذاتية محفوظة ، وقد مر أن الشرط في صحة الإجارة القدرة ذاتا ،
 إن قلت : إنه في مسألة استئجار الحائض لكنس المسجد لا قدرة لها على كنسه لأنه مستلزم للمكث فيه وهو محرم ، وبتعبير آخر أن المنهي عنه شرعا يكون بمثابة الممتنع عقلا وبالتالي ترجع شرطية القدرة الشرعية إلى التكونية، ولا تكون مالكة لهذه المنفعة ، ولذا فقد حكموا ببطلان الاجارة .
 قلت : أولا : إن رجوع العجز الشرعي إلى العجز العقلي والتكويني هو مذهب الميرزا ،وقد قلنا سابقا أن الأساس في تحقق الملكية هي القدرة الذاتية ، وأن العجز الشرعي لا يضر في تحققها .
 ثانيا : إن هذا الكلام مبتن على أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص ، وذلك لأنه مأمور بالإنفاق على نفسه وحفظها ، ويكون منهيا عن ضده الخاص وهو تأدية عمله للمستأجر والنهي يقتضي الفساد
 والصحيح أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص ولو اقتضى ذلك ، فالنهي لا يقتضي الفساد ، ولو سلمنا أنه يقتضي الفساد فيمكن تصحيح الإجارة بالأمر الترتبي كما مر في إجارة الحائض لكنس المسجد بأن يقال الواجب الأهم عليه حفظ نفسه ولكن إن عصى ولم ينفق على نفسه فيجب عليه التشاغل بالمهم وهو وجوب تأدية حق المستأجر
 إن قلت : إن الترتب لا يصح في المقام وذلك لأنه في موردنا لو عصى العبد ولم ينفق على نفسه فسوف يهلك ولا يبقى المكلف أصلا ، والترتب هو فرع أن يبقى مكلف حتى يأتي بالمهم ولا يؤدي عصيانه للأهم لترك المهم والأهم معا ،
 قلت : تقدم منا نقل كلام السيد الحكيم الذي اعتبر فيه أن المسلمين يجب عليهم كفاية حفظ نفس العبد ويكفي فيه سد الرمق ، وهذا غير وجوب الإنفاق وبينهما بون شاسع ، وكلامنا هو في عصيان الأهم الذي هو الأنفاق على نفسه وليس في سد الرمق الذي يؤدي عصيانه لهلاك النفس ، فلو عصى ولم ينفق على نفسه فإنه باق ويخاطب بالمهم وهو تأدية حق المستأجر .
 وهذا هو الصحيح في الرد على السيد الخوئي عندما حكم بالبطلان بناء على أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص .
 وقد أجاب السيد الأستاذ أن وجه البطلان هو عدم ملكية المؤجر لمنافع العبد بسبب ضيق الخناق على العبد وعليه ليس له أن يملك ما لا يملكه ولم تنتقل منافع العبد للمستأجر ، وأجاب على ذلك بالفرق بين وظيفة المؤجر وأنه يجب عليه تهيئة كل ما يؤدي إلى حفظ العبد وفاء لعقد الإجارة ولذا أوجب النفقة على المؤجر ، ووظيفة الأجير وانه مخاطب بوجوب تأدية حق المستأجر وهو مناط بالقدرة وهي غير متوفرة بسبب أنه مخاطب بوجوب الانفاق على نفسه ، أما المؤجر فهو مخاطب بالإنفاق على العبد من باب التهيئة بمقتضى أوفوا بالعقود وهو قادر على ذلك بخلاف العبد، والعجيب من السيد الأستاذ انه بعد أن صحح الإجارة بهذا البيان أفاد بما يتناقض مع ذلك عندما اعتبر أن ضيق الخناق على العبد يجعل المؤجر غير مالك لمنافعه وليس له تمليك ما لا يملك فلم يتم نقل ملكية المنفعة للمستأجر .
 إلى هنا انتهينا إلى أن الإجارة صحيحة وان نفقة العبد على سيده ، ولو عصى السيد فللعبد أن يتكسب ويتصرف بمال الغير وهو منفعة عمله ويكون المستأجر بالخيار بين الإمساك والمطالبة بأجرة المثل وبين الفسخ ويأخذ أجرة المسمى

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo