< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/11/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة العبد ثم عتقه
 كان الكلام فيما أفاده المحقق الأصفهاني من أن تكسب العبد لأجل الإنفاق على نفسه هو تصرف بمال المستأجر ولكنه مأذون به لتوقف حفظ نفسه عليه ، ويكون ضامنا له بملاك الإتلاف، وذلك لأن حديث الرفع يرفع الحكم التكليفي ولا يرفع الحكم الوضعي ، وهذا بخلاف ما أفاده السيد الخوئي والسيد الأستاذ من أن العبد لا قدرة له على العمل للغير وبالتالي فلا يكون المؤجر مالكا لمنفعة العبد وعليه فلم تنتقل للمستأجر ، والنتيجة جواز تكسب العبد للإنفاق على نفسه من غير ضمان ، لعدم صدق الإتلاف بل هو من قبيل ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه ،
 والصحيح ما أفاده المحقق الأصفهاني ، وذلك لأن العبد قادر ذاتا على العمل للمستأجر ، وهذا كاف في ملكية السيد لمنفعته وبالتالي تقع الإجارة صحيحة ويتم نقل ملكيتها للمستأجر ، ويكون تكسب العبد تصرفا بمال المستأجر ، إلا أنه مأذون فيه لمكان الاضطرار ، ويكون ضامنا ، وانشغال العبد بالتكسب للإنفاق على نفسه لا ينفي القدرة الذاتية ، وقد تقدم منا أنه يكفي في صحة الإجارة القدرة الذاتية ، ولا يشكل بلزوم صحة تأجير عمله مرتين في نفس الوقت فيؤجره لزيد ومن ثم لعمر لوجود القدرة الذاتية ، لأنه مدفوع بأن ملاك بطلان الإجارة الثانية ليس هو عدم القدرة ذاتا بل ملاك البطلان هو عدم ملكيته لمنفعة عمله بعد أن آجره لزيد ، وبعبارة أخرى اضطرار العبد لا يخرج المنفعة عن ملكية المستأجر ، وإلا ففي كل صور الاضطرار ينبغي أن لا يحكم بالضمان ، كما لو اضطر شخص لأكل مال الغير لمخمصة ونحوها ، مع انه لم يفت أحد بعدم الضمان ، وليس ذلك إلا لأن المال باق على ملك صاحبه ، والاضطرار لا يخرجه عن ملكه ، غايته يرفع الإثم ، فما أفاده المحقق الأصفهاني تام .
 إشكال للسيد الحكيم
 هذا الإشكال من السيد الحكيم أشكل به على صاحب الجواهر ولكنه يصلح أن يكون إشكالا على المحقق الأصفهاني ، وحاصله أنه لو تم ما أفاده لعم ، وذلك لأنه لو جاز للعبد التكسب والتصرف بمنفعة عمله التي هي ملك للمستأجر فهذا يعني أنه يجوز له التصرف بمال المستأجر حتى غير منفعة نفسه ، ولا خصوصية لهذا المال أعني منفعة العبد
 والجواب: أنه في صورة انحصار إنفاق العبد على نفسه واضطراره للتكسب من باب حفظ نفسه، يتعين عليه التصرف بعمله الذي هو ملك للمستأجر ولا يحق له التصرف بسائر أموال المستأجر، ويشهد لذلك الوجدان، فإن دفع الاضطرار ابتداء يكون بما هو تحت يده وان كان ملكا للغير ،فالوجدان حاكم بأن التصرف بمنفعة نفسه التي هي ملك للغير أولى من التصرف بمال الغير بهدف الحفاظ على مال الغير ، فإنه أكل من القفا ، وهذا ما تنبه له المحقق الأصفهاني حيث قال : ( فلا معنى لاستيفاء مال من الغير لإيصال ماله الآخر إليه ) [1]
 القول الثاني :
  وهو ما عليه مشهور المتأخرين: أن النفقة في كسب العبد إن أمكن له الاكتساب في غير زمان الخدمة، وإن لم يتمكن فمن بيت المال، وإن لم يكن فعلى عامة المسلمين على نحو الكفاية ، وهنا عدة فرضيات على نحو الطولية ، وقلنا إن فرضية المندوحة للعمل خارج الخدمة غير واردة ، أما الفرضيات المتصورة فهو بما أنه مطالب بتأدية حق المستأجر فلا يكون قادرا على الاكتساب ويكون كالفقير من هذه الجهة فينفق عليه من بيت المال ، فإن لم يوجد فينفق عليه من مال عامة المسلمين، وإلا بأن لم يكن في مجتمع المسلمين مثلا فلا بد من أن يتصرف في مال الغير اعني التكسب لأجل الإنفاق على نفسه ، والفرق بين هذا الوجه وغيره ، أنهم هناك ابتدأ حكموا بجواز التكسب والتصرف بمال المستأجر ، بينما هنا لا بد من هذه التراتبية على نحو الطولية بين هذه الفرضيات ، والوجه في ذلك أن التصرف بمال الغير أعني منفعة نفسه لا يجوز إلا في صورة الاضطرار وضيق الخناق ، وطالما أن بيت المال موجود ويستطيع رفع حاجته من خلاله أو من خلال مال عامة المسلمين فلا يصدق الاضطرار المجوز للتصرف بمال الغير .
 والسيد الحكيم أشكل على هذا القول وهذه الفرضيات الثلاث أعني فرضية أن ينفق على نفسه إذا كان لديه متسع من الوقت، وفرضية الإنفاق من بيت المال، وفرضية وجوب الإنفاق عليه من مال عامة المسلمين ، فقد أشكل على الفرضية الأولى بأنها خارج الفرض كما أسلفنا ، وعلى الثانية بأنها مشروطة بالمصلحة العامة ، وعلى الثالثة بأنها لا تفيد في المقام وذلك لوجود الفرق بين الإنفاق وحفظ النفس ، ويجب على عامة المسلمين حفظ نفس العبد من التلف بأن يعطونه بمقدار ما يسد به رمقه ولا يجب عليهم أزيد من ذلك ، بينما النفقة تكون في دائرة أوسع من ذلك بكثير .
 ويناقش : بان ما ذكره بلحاظ الفرضية الأولى تام ولا إشكال عليه ، وعليه فالاحتمال الثاني يكون عين الاحتمال الخامس ،ولكن ما ذكره بلحاظ الفرضية الثانية فيه نقاش يأتي إنشاء الله .


[1] كتاب الإجارة للمحقق الأصفهاني 295

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo