< قائمة الدروس

الأستاذ السید حیدر الموسوي

بحث الفقة

32/11/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة العبد ثم عتقه

 تقدم أن الإجارة صحيحة وأن الأجرة للسيد ، وقلنا إنه بالنسبة لنفقة العبد يوجد وجوه وأقوال وأن الماتن حكم أن نفقة العبد على سيده وقلنا بأنه يوجد عدة أدلة منها ما ذكره الماتن من أن أجرة المنفعة له فنفقة العبد عليه ، وقلنا يمكن توجيه كلامه بإرجاع المسألة إلى كبرى الخراج بالضمان ، والصحيح عدم تمامية هذا الوجه وذلك لنكات :

النكتة الأولى : لعدم الملازمة بين مجانية المنافع والضمان ، صحيح أن الملازمة قائمة بين الضمان وبين كون المنافع له بالمجانية ، وذلك لعدم إمكان اجتماع ضمانين احدهما للعين والآخر للمنفعة ، ولكن العكس غير صحيح فلا ملازمة بين كون المنفعة مجانية والضمان ،كما في العارية فإن منافعها مجانية ولا ضمان في البين

النكتة الثانية: أن الضمان العقدي الذي عليه المشهور وهو الصحيح ، لا ينطبق على المقام وذلك لأنه لا ربط بين الضمان الذي يكون بمقتضى العقد والمعاوضة وما نحن فيه ، حيث إن ثبوت وجوب النفقة عليه لكون ريع عمله له، ولا ربط له بالعقود والمعاوضات هذا لو سلمنا إطلاق الضمان عليه .

النكتة الثالثة:أن المنافع لم تكن على وجه المجانية ،بل هي ثابتة له بمقتضى عقد الإجارة ، فلا وجه للقول بان الضمان ثابت بإزاء مجانية المنافع .

 وعليه فالدليل الأول غير تام

الدليل الثاني: الاستصحاب الحكمي ، وذلك لأنه قبل تحرير العبد كان واجب النفقة على سيده وبعد تحرره نشك فنستصحب وجوب النفقة .

وفيه : إنه يتم لو كانت النفقة ثابتة على عنوان كونه زيدا ، ولكن حيث إنها ثابتة على السيد بعنوان كونه عبدا ، فالعبودية حيثية تقيدية بمعنى أنها تمام الموضوع لوجوب النفقة ، وبعد التحرير لا بقاء للموضوع حتى نستصحب .

الدليل الثالث : الروايات :

 الرواية الأولى :عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) وسألته عن الرجل يعتق غلاما صغيرا أو شيخا كبيرا أو من به زمانه و لا حيلة له ، فقال : (من أعتق مملوكا لا حيلة له فإن عليه أن يعوله حتى يستغني عنه ، وكذلك كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يفعل إذا أعتق الصغار ومن لا حيلة له .)[1]

 وهذه الرواية من حيث السند تامة ولا إشكال فيها ، وإنما الكلام في الدلالة ، وحاصل وجه الاستدلال فيها أن الإمام (عليه السلام) حكم على السيد الذي أعتق عبدا لا حيلة له بوجوب النفقة حتى يستغني ، فالاستدلال تارة بقوله عليه السلام (لا حيلة له ) وأخرى بقوله( حتى يستغني)

 وقد أشكل على هذا الاستدلال : إن قوله (لا حيلة له ) محمولة على من لا حيلة له ذاتا أي العاجز كالصغير والشيخ الكبير ومن به مرض مزمن ، فهؤلاء لا يمكنهم التكسب ، لذا على المعتق أن ينفق عليهم ، وبالتالي فالرواية غير شاملة للمورد ، لأن العبد غير عاجز بحسب الذات ، وإنما عجزه بالعرض وبسبب عقد الإجارة الذي يجب عليه الوفاء به للمستأجر .

 ويمكن أن يجاب:

اولا: إن إطلاق قوله عليه السلام (لا حيلة له ) مطلق وغير مقيد بصورة العجز الذاتي ، فلذا هو شامل للمورد .

ثانيا: المورد لا يخصص الوارد ، فإنه وإن كان مورد السؤال من لا حيلة له من صغير وشيخ كبير ومن به زمانة ، وهؤلاء لا حيلة لهم ذاتا ، إلا أن المورد لا يخصص الوارد ، فيبقى كلام الإمام على إطلاقه.

 ثالثا: يمكن أن يقال إن قوله (لا حيلة له ) ليس عطفا تفسيريا ، حتى يحمل المورد على العجز ،وإنما هو عطف على المغاير الذي يقتضي المغايرة ، وإن أبيت ففي ما تقدم كفاية .

 وعليه فمن لا حيلة له أعم من العاجز ذاتا وعرضا ، والذي يؤكد ذلك قوله عليه السلام (حتى يستغني ) التي تجعل المدار على الاستغناء وعدمه وليس المدار على الحيلة وعدمها ، لأنه من كان له حيلة ولكنه غير مستغن عن سيده فنفقته عليه بمقتضى قوله (حتى يستغني) ولكن حيث إن قوله حتى يستغني غاية لقوله (لا حيلة له)

 فالظاهر أن وجوب النفقة على السيد بخصوص من لا حيلة له حتى يستغني وموردنا منه .

 الرواية الثانية : قبل أن نورد الرواية التي أستدل بها على المطلوب ، لا بد من إيراد الرواية التي أوردها صاحب الوسائل قبلها لارتباطهما وهي التي رواها عن محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله عن السندي بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن أبي العباس عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل قال : غلامي حر وعليه عمالة كذا وكذا سنة ؟ قال :( هو حر وعليه العمالة )[2] . ثم أورد الرواية المطلوبة عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبان مثله(يعني مثل رواية أبي العباس ولذلك اضطررنا لإيرادها ) وزاد : قلت : ان ابن أبي ليلى يزعم أنه حر وليس عليه شئ ، قال : (كذب ، إن عليا ( عليه السلام ) أعتق أبا نيزر وعياضا ورباحا ، وعليهم عمالة كذا وكذا سنة ، ولهم رزقهم وكسوتهم بالمعروف في تلك السنين )[3] .

 والبحث تارة في السند وأخرى في الدلالة

 أما السند فقد رويت بسندين ، الأول عن الشيخ وهو ضعيف بمحمد بن أحمد بن يحي حيث لم يوثق ، والثاني هو إسناد الصدوق عن أبان وهو هكذا :الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبد الله الأشعري عن يعقوب بن يزيد وصفوان بن يحي عن أبي أيوب الخزاز عن أبي علي صاحب الكلل عن أبان بن تغلب ، السيد الأستاذ استظهر أنه أبان بن عثمان وسنده إليه معتبر[4] ويحتمل أن يكون أبان بن تغليب وقد استقرب السيد الأستاذ أن سنده إليه معتبر أيضا ، ونذكر أمرين :

الاول : أن أبا علي صاحب الكلل مجهول ،

الثاني : احتمال كونه أبان بن تغلب ضعيف جدا ، وذلك لكونه من أصحاب الإمامين الباقر والصادق،وقد قال بحقه الإمام الصادق كما في كتب الرجال عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبان بن عثمان أن أبا عبد الله ( عليه السلام ) قال له :( إن أبان بن تغلب روى عني رواية كثيرة ، فما رواه لك عني فاروه عني )[5] .وفي بعض الروايات إن موت أبان آلمني ، فمن المستبعد أن يروي عن الإمام الصادق بواسطة أبي العباس البقباق ، فالأصح أنه أبان بن عثمان ، وسند الصدوق إلى أبان بن عثمان تام، لأنه هكذا : عن محمد بن الحسن (يعني ابن الوليد بقرينة روايته عن الصفار) عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد وأيوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ومحمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير وصفوان بن يحي عن أبان بن عثمان الأحمر، وهذا السند معتبر لأن أبان بن عثمان ثقة رغم انه ناووسي وفاسد العقيدة ،لأنه من أصحاب الإجماع ، وعليه فالرواية معتبرة .وأما دلالة الروية فالشاهد في قوله (ولهم رزقهم وكسوتهم بالمعروف في تلك السنين ) سوف يأتي الكلام والحمد لله رب العالمين

[1] وسائل الشيعة (آل البيت) ج21 ص 528

[2] وسائل الشيعة (آل البيت) ج23 ص26

[3] وسائل الشيعة (آل البيت) ج23 ص26

[4] كتاب الإجارة ج1 ص247

[5] وسائل الشيعة (آل البيت) ج27 ص91

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo