< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح

نص الاستاذ

الثاني: صحيح سعيد بن يسار عن أبي عبدالله عليه السلام: " سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة ولم يشترط الميراث. قال: ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط"[1] [2] وهو بدواً معارض للنصوص السابقة.

إلا أن وضوح دلالتها، خصوصاً الأخيرين يناسب حمله على أن ما تضمنته جملة من النصوص من التعرض في صيغة عقد المتعة لجملة من لوازمها ومنها عدم الميراث ليس شرطاً في صحة العقد وترتب تلك اللوازم، بل يصح وتترتب تلك اللوازم وإن لم تذكر واقتصر على المهر والأجل، فالمراد باشتراط الميراث وعدمه التعرض لعدم الميراث في الصيغة وعدمه.

ولا سيما أن السؤال فيه ليس عن صورة اشتراط الميراث، كما في النصوص الأولى، بل عن صورة عدم اشتراطه. واحتمال كون منشئه احتمال ثبوته في المتعة من دون شرط، لا يناسب النصوص الكثيرة الصريحة في تميّز المتعة عن الدوام بعدم الميراث. أما احتمال ثبوته لعدم التنصيص على نفيه فهو مناسب جداً للنصوص الكثيرة المتضمنة لذكره في صيغة العقد، حيث قد يوهم كونه مقوماً له كالمهر والأجل، بحيث ينقلب بدونه دائماً ويترتب الميراث تبعاً لذلك. مضافاً إلى أن التعبير في الصحيحين عن اشتراط المرأة، وفي صحيح سعيد عن اشتراط الرجل. حيث يناسب الأول اشتراطها الميراث، لأن الرجل غالباً هو صاحب المال الذي ترغب في اشتراط ميراثه، ويناسب الثاني أن الرجل هو الذي يبدأ بالإيجاب في عقد المتعة بتفاصيله كما يظهر بملاحظة النصوص الواردة في تعليم كيفية عقد المتعة.

وأما ما ذكره غير واحد من الجمع بين النصوص الأول وصحيح سعيد بحملها على إرادة الوصية من الإرث. فهو غريب جداً يأباه ظاهر النصوص الأول عرفاً. وأشكل من ذلك ما في التنقيح، حيث حكم بجواز الشرط المذكور، ويكون بمنزلة الوصية وتجري عليه أحكامها من جواز الاقتصار على الثلث والرجوع فيه والتقديم على الميراث وغير ذلك. لوضوح أن ترتب أحكام الوصية يتوقف على قصدها لها من الشرط المذكور.

وبذلك يظهر ضعف القول ببطلان الشرط المذكور وعدم ترتب الأثر عليه، كما في الكافي لأبي الصلاح والسرائر وكشف الرموز والمختلف والقواعد والتحرير وغيرها. وكذا ما في ظاهر الغنية ونكت النهاية والشرائع والإرشاد وغيرها من التوقف، فإنهما يبتنيان على أحد الوجهين المتقدمين الذين عرفت حالهما.

 

الموضوع: كتاب النكاحنص طلبة

انتهى الكلام إلى النصوص المتضمنة أنه يثبت الميراث مع اشتراطه، وهي ثلاث، أحدها يتضمن مع اشتراطهما، والآخر يتضمن نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث، إن اشترطت كان وإن لم تشترط لم يكن ونحوه صحيح الآخر المروي في قرب الإسناد.

والثالث: رواية سعيد بن يسار عن أبي عبدالله عليه السلام: " سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة ولم يشترط الميراث. قال: ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط "[3] [4] هذه الرواية بدواً يبدو منها المعارضة للنصوص السابقة.

لكن وضوح دلالة تلك الروايات بحيث هي ليست قابلة للتشكيك، وأن النكاح قد يكون بميراث وقد يكون بغير ميراث، وذلك تابع لاشتراط الميراث، فإن اشترط تحقق الميراث وإن لم يشترط لم يكن، فإن هذا العنوان يجعلنا نحاول أن نحمل صحيح سعيد بن يسار على معنى آخر، وهو أن نصوص المتعة التي تقدمت عندنا يتضمن كثير منها ذكر عدم الميراث في نفس الصيغة مثل ذكر العدة، بحيث يريد أن يبين احكام المتعة وبشروطها من الأجل وعدم الميراث ومدة العدة، فحينئذٍ قد يوهم هذا المعنى أنه كما دلّت الأدلة على أنه إذا لم يشترط الأجل انقلب دائماً، أنه إذا لم يشترط عدم الميراث بحيث لم يتعرّض لشرط الميراث في الصيغة يثبت الميراث كما يثبت الدوام بترك شرط الأجل، فليس المنظور الشرط الزائد على العقد، وإنما المنظور الشرط في صيغة العقد لبيان صيغة العقد، فإن خصوصية العقد عندما نلاحظها نرى الكثير من النصوص تتضمن غير قضية الأجل وانما إضافة شروط، وفي الحقيقة هي ليست شروط وإنما هي لبيان حقيقة المتعة، وبيان حقيقة المتعة بطبعها أنها لا تقتضي الميراث كما أنه يقتضي أن تكون العدة كذا كما أنها لا تقتضي النفقة وغير ذلك من النصوص الواردة في الباب الثامن عشر من أبواب المتعة، فإن الصيغة ليست فقط تزوجتك إلى أجل وفقط وانما غير وارثة ولا موروثة، تعتدين كذا على التفاصيل في أصل الشرط، وعليه فإذا ذكر هذا الشرط أو لم يذكر يحمل على عدم الميراث، فعدم الميراث لا يحتاج إلى أن ينص عليه في صيغة العقد، فإنه ليس مثل الأجل، فإن الأجل يتوقف عليه المتعة فإذا لم يشترط الاجل أو نسيه ينقلب إلى دائم، بينما الميراث إذا لم يذكره في العقد فلا ميراث فإن المتعة بطبعها ليس فيها ميراث، ومعنى اشترط أو لم يشترط يعني في الصيغة وليس اشترط شرطاً زائداً على العقد، فالرواية الأولى والثانية صريحتان في أن الشرط الزائد على العقد يقتضي الميراث، وإذا لم يشترط لم يثبت الميراث، وصحيح سعيد فيه إذا اشتد أو لم يشترط، فيُحمل على عدم ذكره في متن العقد وأن هذا ليس شرطاً، بينما النصوص الأول صريحات في انه إذا اشترط الميراث زائداً على العقد يثبت وإلا فلا يثبت، وهذا المعنى هو المناسب للجمع بين هذه الروايات الصريحة وصحيح سعيد بن يسار، وقوله لم يشترط الميراث يعني في الصيغة وليس اشترط الميراث داخل العقد يعني زائداً على العقد، وإنما في اصل صيغة النكاح إذا لم يشترطه فلا يثبت، والميراث ليس مقوّماً له نعم الأجل والمهر هما المقومان للعقد.

ويؤيد ذلك، أن السؤال في هذا الصحيح هو ، سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة ولم يشترط الميراث. فالسائل يسأل عن صورة عدم اشتراط الميراث، فسؤاله لاحتمال أن المتعة فيها ميراث إلا مع عدم الاشتراط، وهذا غير محتمل لأن المتعة نصوصها متوافرة ومتظافرة على أن المتعة ليس فيها ميراث فإنها بطبعها ليس فيها ميراث، بينما لما كان عقد المتعة في نفسه في كثير من النصوص يتضمن هذا الشرط، فإن عدم ذكره قد يوهم أنه إذا لم يذكر سيكون يوجد ميراث، فيقول له لا ميراث، فهنا السائل عندما يقول " لم يشترط " ما هو المقصود بذلك ولماذا سأل هذا السؤال؟ فتارة لاحتمال ان المتعة بذاتها تقتضي الميراث الا أن يشترط عدم الميراث، وهذا جداً بعيد فانه من المعلوم أن المتعة غير مبنية على الميراث، بينما احتمال ان يكون ذكر عدم الميراث في صيغة المتعة شرط في عدم الميراث، لأن الإمام عليه السلام عندما يعلّم على الصيغة بهذه الصورة قد يوهم أن هذه الصورة لا بد منها وهو أنه يوجد ميراث لولا النفي، فيقول له نفى أن لم ينف فلا ميراث، فهناك اشترطت الميراث، وهنا لم يشترط هو، وهذا لم يشترط احتمال ان يكون عدة الشرط موجباً للميراث جداً بعيد عن النصوص الكثيرة الواردة فيه المتعة وان الفرق بينه وبين الدائم أن الدائم فيه ميراثاً والمتعة ليس فيها ميراث، بينما عندما ورد عندنا في باب الأجل أن الأجل إذا لم يذكر ينقلب دائماً، فهنا أيضاً قد يُفهم أنه اذا لم يذكر عدم الميراث في الصيغة حينئذٍ يثبت الميراث لان طبيعة النكاح فيها ميراث، فهل يجب ذكره او لا يجب فيقول له لا يجب ذكره. فعندنا شرط زائد على العقد وعندنا شرط في صيغة العقد، فالشرط في صيغة العقد ليس دخيلاً وليس له أثر، بينما الشرط الزائد كما تضمنته النصوص الأول إذا اشترطت يثبت الميراث وإذا لم تشترط لم يثبت الميراث، ويكون الجمع بين النصوص بهذا الطريق، وسؤال السائل ليس إذا اشترط الميراث وعدم سؤاله إذا لم تشترط الميراث هو المناسب لبيان أن صيغة المتعة خالية عن شرط عدم الميراث، لأن النصوص التي تتضمن المتعة تذكر عدم الميراث كأنه مقوّم للمتعة وعليه فلا بد من ذكره في المتعة.

فعندما نلاحظ عبارة الرواية، نرى أنه لم يتعرض لشرط الميراث في الزواج، قال أنه لا يوجد ميراث، سواء ذكرها في العقد أو لم يذكره، بينما النصوص الأول ظاهرة في وجود شرط زائد، فإذا بلا شرط فلا ميراث وإذا يوجد شرط فيوجد ميراث. هذا أولاً.

الثاني: ولعله أوضح من الأول، وهو أنه هناك عبر تشترط، يعني المرأة، وطبيعة المرأة هي التي تطلب الميراث لأن الرجل غالباَ هو صاحب المال، وعليه فيرغب في ميراثه فهي تشترط الميراث، وهنا نسب الشرط لنفس الرجل لم يشترط، وإذا نرى صيغ النكاح كلها بيد الزوج، يعني نكاح المتعة ليس مثل الزواج المتعارف عندنا من أن الإيجاب من المرأة والقبول من الزوج، وإنما النصوص تتضمن أن يقول لها أتزوجك بكذا على كذا فإن هذه وظيفة الزوج، بحيث يكون الغالب هُو أن الزوج من يوقع العقد، فجعل الشرط للزوج بينما هناك جعل الشرط للزوجة لأنّ المال بطبيعته عن الرجل فالذي يشترط غالباً هو الزوجة، فهذه مقربات لأنّ نحمل صحيح سعيد بن يسار، على أن المراد بالشرط شرط في الصيغة وليس شرطآً زائداً على العقد، وهذا يناسبه أن السؤال في صحيح سعيد هُن عدم اشتراطه والسؤال في الصحيحين عن اشتراطها، فإذا هي اشترطت كما هو طبيعة المرأة أن تشترط لأنّ المال غالباً عند الزوج، بينما هنا قالت إذا لم يشترط وغالباً في نصوص المتعة بيان الصيغة للزوج وليس من الزوجة، فهذا المعنى يناسب الأمرين. فنسبة الشرط لها واشتراط الميراث ونسبة عدم الشرط له واشتراط عدم الميراث وطبيعة النكاح أن الصيغة من الزوج كما يظهر من النصوص وطبيعة اشتراط الميراث من الزوجة لأنه غالباً الزوج هو صاحب المال، لا بد من حمل صحيح سعيد بن يسار على أن اشتراط أن الميراث لا يثبت وان لم يُصرّح بعدم ثبوته في الصيغة، وإذا هي اشترطت الميراث خارج الصيغة يعني زائداً على الصيغة يثبت الميراث.

وبذلك يظهر أنه لا مجال لما ذكره جماعة، من أن هذا الشرط غير نافذ، لأنه مخالف للكتاب أو لصحيح سعيد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo