< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ مسائل متفرقة

 

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

أولهما: صرحوا في موارد جواز التعريض بالخطبة بحرمة التصريح بها. واستثنى بعضهم الزوج من ذلك.

واستدل على الحرمة في المبسوط [1] بالآية الشريفة.

ولم يتضح وجه دلالتها. ومجرد الإقتصار فيها على التعريض لا يدل على حرمة التصريح، لأنه مسوق في مقابل الإخفاء الذي أشير إليه في قوله عز وجل: ﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [2] وربما يكون ذكر التعريض لأنه الوضع الأدبي المتعارف، خصوصاً للثكلى بزوجها.

بل في الجواهر [3] : " قد يقال: إن استعمال التعريض في المعنى المخصوص الذي ذكروه شيء حادث، لا أن ذلك معناه لغة " إذ قد يكون أصله من عرض الشيء بمعنى إظهاره. وإن كان صريح اللغويين [4] [5] [6] [7] [8] أنه في مقابل التصريح. فالعمدة ما سبق.

بل قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ [9] كالصريح في جواز الاتفاق بينهما على تزويجه لها بعد انتهاء العدة.

نعم في مرسل الطبرسي في مجمع البيان عن الإمام الصادق عليه السلام: " في قوله تعالى: وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ إلى قوله تعالى وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا قال: لا تصرحوا لهن النكاح والتزويج. قال: ومن السر أن يقول لها موعدك بيت فلان " [10]

وربما يستدل به للمنع من التصريح، بل استدل به الفقيه الكاظمي قدس سره بدعوى: انجباره بفتوى المشهور أو الكل وبما في تفسير القمي.

وفيه: أنه لا إجماع في المقام بعد عدم تعرض بعضهم للمسألة. والشهرة لو تمت لا تجبره حيث يكاد يقطع بعدم اعتماد المشهور عليه، لعدم إشارتهم له. وما في تفسير القمي [11] لا يزيد عن كونه اجتهاداً منه نظير ما سبق من المبسوط.

مع أن ذيله شاهد بأن النهي عن التصريح بالتزويج فيه ليس تفسيراً للمواعدة سراً، بل للقول المعروف.

لكن في صحيح عبدالله بن سنان: " سألت أبا عبدالله عليه السلام . . . قلت: فقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا قال: هو طلب الحلال من غير أن يعزم عقدة النكاح . . . " [12] [13]

وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عنه عليه السلام قال في تفسير ذلك: " تقول لها قولا جميلا ترغبها في نفسك ولا تقول: إني أصنع كذا وأصنع كذا القبيح من الامر في البضع وكل أمر قبيح " [14] [15]

فإن أمكن الجمع بينهما وبين مرسل الطبرسي بحمل التصريح بالنكاح والتزويج في المرسل على التصريح بلازمهما من الأمر القبيح، وإلا كان التعارض بينهما وبينه مستحكماً، ويتعين ترجيحهما، لأنهما الأنسب بظاهر الآية الشريفة والأبعد عن قول العامة لو كان مرسل الطبرسي صالحاً للإستدلال في نفسه. فلاحظ.

ثانيهما: صرحوا بأنه لو عصى فعرّض بالخطبة في فرض تحريمه، ثم تزوجها بعد خروجها من العدة فالنكاح صحيح. وفي الجواهر [16] : " قطعاً وإجماعاً بقسميه ". وهو مقتضى عموم الحل. وفي المبسوط [17] : " وقال قوم متى صرّح ثم عقد فسخت العقد. والأول أصح ".

وكأن القول المذكور لبعض العامة.

بل لعل إطالة الكلام في المقام وفي فروعه الكثيرة ناشئ منهم وتبع لهم.

بقي في تتمة الكلام في موجبات التحريم فروع أهملها سيّدنا المصنف قدس سره قد يحسن التعرض لها.

الأول: ذكر في المبسوط [18] أنه إذا خطبت المرأة فتمت الإجابة، ولم يبق إلا إجراء العقد، حرم للغير خطبتها، وظاهر الشرائع [19] التوقف. واستدل في المبسوط بالنبوي: " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه " [20] .

لكنه غير مروي من طرقنا. مع أنه مقتضاه المنع ما لم يتم الرد، لكنه قدس سره إلتزم بالجواز مع عدم الإجابة وإن لم يحصل الرد. فالمتعين الجواز.

إلا أن يطرأ عنوان ثانوي يقتضي التحريم أو الكراهة ولا ضابط لذلك، وإن أطلق الكراهة في النافع.[21]

هذا ولو خالف وخطب فأجيب صح الزواج، ولم ينسب قدس سره الخلاف في ذلك إلا لداود من العامة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

بعد أن تعرضنا إلى حكم التعريض، وذكرنا أنه إذا كان يوجد احتمال أن يوجب انشقاق الزوجين وهدم البيت فإنه من المستنكرات الشرعية، أما في غير ذلك فإنه لا يوجد عندنا شيء نستطيع أن نعوّل عليه في المنع، وربما يكون في كثير من الحالات المرتكزات لا تمنع منه.

بقي عندنا أشياء:

الأول: الجماعة في موارد جواز التعريض بالخطبة صرحوا بحرمة التصريح بها، ففي العدة البائنة لا يجوز التصريح بخطبتها، وبعضهم قال إلا الزوج من قبيل المختلعة أما الأجنبي يصرح بالخطبة فهذا لا يصح، الشيخ رحمه الله في المبسوط [22] استدل بقوله تعالى ﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [23] فهذا دليل على أنه لا يجوز التصريح وإنما الذي يجوز خصوص التعريض، فإنه وارد مورد الحصر وليس مورد الترخيص فقط، فليس المراد أن يجوز التعريض وإن جاز التصريح وإنما الذي يجوز هو التعريض لا غير .

ولكن هذا خلاف مساق الآية، فإن الآية ليس فيها ظهور في الحصر، ولعل ذكر التعريض لأنه هو الوضع الأدبي المتعارف خصوصاً في الثكلى بحيث يأتي شخص وصرح لها فإن هذا خلاف المتعارف، في مقابل الأجنبي يعني لهم أن يتعرّضوا في مقابل عدم صحة التصريح، تارة التعريض جائز وإنما ذكر التعريض لأنه بحسب الوضع المتعارف لا يصرّحون في خصوص الثكلى، فاستفادة الحصر منها غير واضح، فلا يوجد عندنا دليلاً يدل على الجواز إلا الآية وهي واردة في عدة الوفاة، وعليه فالحصر من أين استفدناه في عدة الوفاة فضلاً عن غيره.

بل قال في الجواهر[24] [25] " بل قد يقال: إن استعمال التعريض في المعنى المخصوص الذي ذكروه شيء حادث، لا أن ذلك معناه لغة " إذ قد يكون أصله من عرض الشيء بمعنى إظهاره فيكون التعريض أعم، ولكن الموجود في كلمات اللغويين هو التعريض في مقابل التصريح، ولكن العمدة هو ما ذكرناه وهو عدم سوقه مساق الحصر وإنما هو مسوق مساق الترخيص، وانما يكون قد ذكر لان الوضع المتعارف لا لأنه الأمر اللازم الذي لا يجوز التجاوز عنه.

بل قوله تعالى ﴿وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ يظهر مِنْهَا جواز الاتفاق على الزواج غايته العقد لا يُجرى إلا بعد انتهاء العدة، فإن معنى الآية هو حصول الاتفاق السابق على الزواج بحيث عندما يبلغ الكتاب اجله يوقعون العقد والعقد يكون بعد الاتفاق الكامل، وتعبير الآية الشريفة يعني وجود حالة اتفاق مبطن على الزواج وهذا أكثر من التعريض والتصريح، فهذه الآية الكريمة معناها أنه يجوز الاتفاق على الزواج غايته العقد لا يتقدم على انتهاء العدة، فعندما يقول له لا تتزوج والقمر في العقرب يعني يوجد اتفاق على الزواج، فكلام الجماعة غير واضح، وكيف بنوا عليه وما هو المانع منه بعد أن كان يجوز التعريض فلماذا لا يجوز التصريح، فإن تتمة الآية ظاهرة في الاتفاق والذي هو بعد التصريح، وعلى كل حال لا يوجد عندنا شيء يدل على حرمة التصريح فإن الموجب للحرمة ما هو فإن العقد جائز والزواج جائز، غايته لا يصح إيقاع العقد في نفس العدة ولكن هذه قضية أخرى خاصة، من قبيل لو كان عنده أربع زوجات ويخطب الخامسة لكن لا يعقد عليها إلا بعد طلاق إحدى زوجاته فما هو المانع من هذا.

الثاني: صرّحوا بأنه لو عصى وعرض بالخطبة - في فرض تحريم التعريض – وخطب وأوقع العقد بعد تحقق الشروط ولو بعد خراب بيتها وطلاقها من زوجها، فالنكاح صحيح وفي الجواهر[26] [27] " قطعاً وإجماعاً بقسميه ". وهو مقتضى عموم الحل، فإن المانع وهو الزوج ذهب بغض النظر عن كيفية ذهابه، فحتى لو قتله فإن القتل قطعاً حرام لكن بالنتيجة يستطيع أن يتزوجها ولا مانع من زواجها فضلاً عما اذا كان عرض أو صرح.

الشيخ في المبسوط يحكي عن البعض بأن العقد باطل قال: " وقال قوم متى صرح ثم عقد فسخت العقد. والأول أصح "، وكأن القول المذكور للعامة والتفريعات مأخوذة منه.

وعليه فلا يوجد عندنا إلا المرتكزات والتي تقتضي أن تهديم بيت الزوجية لا يصح، فإنه شيء خلاف الإنصاف وخلاف الوجدان وخلاف المرتكزات المتشرعية، حتى لو انعكست القضية بحيث لو كان الرجل مرتبطاً بزوجته وتأتي امرأة وتعرض نفسها عليه، فتارة يتزوجها وتحصل المشاكل فالزوجة لَيس من حقها أن تفتعل مشكلة، وتارة يطلّق زوجته ويتزوجها بحيث هي تعلم بأنه غير مستعد لأن يجمع بين زوجتين فأيضاً محل إشكال فإن هذا تهديم لبيت الزوجية، والمرتكزات تأبى عن ذلك وهو أمر مستنكر وعليه ففي هكذا حالة لا يجوز، والمسألة ليس عليها أي دليل لفظي وإنما مرجعها للمرتكزات وهي لا تقتضي أكثر مما ذكرناه.

السيد قدس سره أنهى مسائل التحريم بما ذكرناه، وبقي عندنا بعض المسائل السيد قدس سره أهملها:

الأولى: ذكر في المبسوط [28] أنه إذا خطبت المرأة فتمت الإجابة ولم يبقى إلا إجراء العقد حرم للغير خطبتها، ولكن ما هو الدليل على ذلك فإنها ما زالت خلية وليست مزوجة كما هو متعارف عندنا بحيث يأتي أجنبي ويخطب الفتاة وابن عمها موجود ثم التفت لذلك وقال بأنه يريدها فأهل البنت رأوْا بأن إبن العم أولى فإنهم يعرفونه فيقبلون،

واستدل بالنبوي: " لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه " وهذا مروي من طرق العامة[29] وهذا إذا أردنا أن نأخذ بإطلاقه معناه حتى إذا لا يوجد إجابة لأن الرواية تقول لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، وهذا خاطب وإن لم يجيبوا، والشيخ قدس سره يُصرّح بأنهم إذا لم يجيبوا له أن يتزوجها، والرواية إذا نعمل بها فلا بد ان نبني أنه حتى إذا لم يجيبوا ما دام لا يوجد رد فليس للآخر أن يخطبها، فالرواية مطلقة وليس لها مخصص، وغير الرواية لا يوجد عندنا دليل، إلا أن نحمل الرواية على الكراهة والمرتكزات تناسب الكراهة ولا تناسب أكثر من هذا فيكون لَيس أكثر من الكراهة، ومن هنا فالظاهر أنه لا مانع من ذلك إذا لم يحصل العقد.

إلا أن يطرأ عنوان ثانوي يقتضي التحريم أو الكراهة ولا ضابط لذلك فإن العناوين الثانوية ليس لها قاعدة، وإن أطلق الكراهة في النافع [30]

هذا ولو خالف وخطب فأجيب صح الزواج، ولم ينسب قدس سره الخلاف في ذلك إلا لداود من العامة، أنه إذا خطب على خطبة غيره فالخطبة حرام بناء على الإلتزام بالحرمة، فلو فعل الحرام وتزوج فالزواج أيضاً باطل وهذا قول داوود فقط وإلا حتى العامة بنوا على الصحة.

 


[20] سنن البيهقي، ج7، ص179، و 208.
[24] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص213، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
[26] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج31، ص215، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
[29] سنن البيهقي، ج٧، ص١٧٩، و ٢٠٨.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo