< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ مسائل متفرقة

 

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

 

قوله قدس سره: ولا لذات العدة الرجعية

قال في المبسوط [1] " لأنها زوجة عندنا، وعندهم في معنى الزوجات ".

لكن الاستدلال بالوجه المذكور إنما يتجه إذا كان دليل حرمة التعريض بالخطبة لفظياً قد أخذ فيه عنوان الزوجة. أما حيث كان هو الإجماع فالمعيار على عمومه للمطلقة الرجعية وعدمه من دون نظر لكونها زوجة أو بمنزلتها وعدمه. على أنه قد سبق منا في المسألة الثامنة في ذيل الكلام في التحريم بالسبب المنع من الأمرين معاً.

فالعمدة في المقام أنه يظهر من قوله تعالى: ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [2] تعليلاً لعدم إخراج المطلقات من بيوت الأزواج إهتمام الشارع الأقدس باحتمال الرجوع والتصافي بين الزوجين. وذلك يناسب المنع مما ينافي ذلك، ومنه المقام إذا لم يكن الخلاف مستحكماً والرجوع ميؤوساً منه.

وقد أطال الأصحاب في المقام في فروع المسألة بما لا يسعنا متابعتهم فيه بعد ما سبق.

قوله قدس سره: ويجوز للمعتدة البائنة

كما صرحوا بذلك من دون ظهور خلاف منهم.

ويقتضيه - بعد الأصل – قوله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ [3] وإن لم يبعد اختصاصه بعدة الوفاة. والأمر سهل.

قوله قدس سره: وكذا من الزوج

كما صرحوا بذلك أيضاً. لعدم المنشأ للتحريم في حقه في فرض جواز تزويجه بها.

قوله قدس سره: إلا أن تكون محرمة عليه أبداً

إذ هي حينئذٍ كسائر المحرمات الأبدية، ومع حرمة تزويجها يكون التعريض بالخطبة محرماً عقلاً، لكونه تجرياً وإقداماً على مقدمة الحرام، بل لا يبعد حرمته شرعاً حتى لو علم بعدم حصول الإجابة، لكونه استهواناً بالتحريم الشرعي.

قوله قدس سره: أو تحتاج إلى محلل

إن كان المراد حرمة خطبتها أو التعريض بها مقدمة للزواج بها من دون محلل فلا إشكال في حرمته بملاك حرمة التعريض لمن يحرم نكاحها.

لكنه لا يناسب جعلها في سياق التعريض لذات الزوج والمعتدة الرجعية، لظهور أن المراد من خطبتها تزويجها بعد خروجها عن عصمة الزوج، لا في حال عصمته، ولذا سبق تعليل التحريم بأنه قد يوجب إفساد المرأة على زوجها، لا بحرمة وطء أو نكاح ذات الزوج والمعتدة الرجعية، وكذا تجويزهم التعريض في العدة البائنة، كما هو ظاهر.

وإن كان المراد حرمة خطبتها أو التعريض بها لحملها على الزواج المحلل فلا يتضح الوجه فيه، بل لعل السيرة على خلافه لاهتمامهم باختيار المحلل الذي يطلق بعد التحليل، ولا يمسكها بنحو يمتنع رجوعها للزوج الأول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

 

قال الماتن قدس سره: ولا لذات العدة الرجعية

الشيخ في المبسوط باعتباره مقارن بيننا وبين العامة قال : " لأنها زوجة عندنا، وعندهم في معنى الزوجات ".

وفي الواقع هذا النوع من الإستدلال وهذه الطريقة، إنما تتجه لو كان عندنا دليل لفظي عنوانه الزوجة، فحينئذ يقع الكلام في أن إلحاق المعتدة رجعياً واستفادته من هذا الدليل بأي توسط، لأنها زوجة فهي من الأفراد الحقيقية، أو لأنها بمنزلة الزوجة لأنه يوجد عندنا تنزيل، يقع الكلام في هذا.

ولكن حيث كان الدليل هو الإجماع والذي هو دليل لبي فلا بد أن ينظر في أنه يشملها أو لا يشملها، وعليه فلا معنى للقول بأنها زوجة أو ليست بزوجة، فإذا كانت زوجة وغير مشمولة فلا يفيد، وإذا ليست زوجة والإجماع يشملها فأيضاً يكفينا، فهذا اللون من الإستدلال إنما يتم في الأدلة اللفظية أو ما يشبهها مما يؤخذ فيه عنوان، وحينئذٍ يأتينا في أن إلحاقها ببعض الأفراد هل لأنها من أفراد العنوان حقيقة أو لأنها من أفراد العنوان تنزيلاً أو لأنه غير ثابت كلا الأمرين وهذه قضية أخرى.

ونحن في المقام دليلنا الإجماع فقط، والإجماع هنا إرتكازي، وحتى الشيخ قدس سره المفروض أن يقول للإجماع لأن الإجماع يشملها وَلا يقول لأنها زوجة عندنا، وعليه فبعد أن لم يكن الدليل لفظياً أي لَيس عنواني وإنما الدليل الإجماع، فيكون يقع الكلام في عموم الإجماع وعدمه،

على أنه تقدم عندنا في المسألة الثامنة في ذيل الكلام في التحريم بالسبب المنع من كلا التقريبين، أحدهما كونها زوجة، وذكرنا بأن هذا لا يصح لأن الطلاق ينافي الزوجية، والآخر أنها بمنزلة الزوجة، فهذا ليس بثابت عندنا كعنوان، وإنما ثبتت عندنا بعض الأحكام ولم تثبت عندنا تمام الأحكام، وحينئذ واقع المسألة لا يستفاد من هذا،

وإنما يستفاد من قوله تعالى في سورة الطلاق ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا 1 ﴾[4] فهذا مما يدل على أن الشارع الأقدس مهتم بإرجاع التصافي بين الزوجين وإرجاع العلقة بينهما، فإن التعليل في الآية ﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ يعني احتمال أن ترجع العلاقة كما كانت بينهما وهذا هو الذي أوجب عدم إخراجها من البيت، وحينئذٍ إذا ثبت هذا فإذا كان التعريض موجباً لفساد الحال ولمنع رجوع العلاقة على ما كانت عليه وتحقيق مشكلة فيشكل جوازه ، وعليه فالآية الكريمة تصلح أن تكون دليلاً على عدم الجواز، فالشارع مهتم بإرجاع التصافي بين الزوجين وجعله كتعليل لوجوب الإسكان ، وحينئذٍ إذا كان التعريض بالخطبة مفسد للحال فهذا الشارع لا يرضى به بمقتضى الآية الكريمة، وبلا حاجة إلى عموم الإجماع أو عدم عمومه أو الإلحاق أو بلا إلحاق.

ولكن هذا يأتينا إذا كان يوجد احتمال للرجوع، أما إذا كان الخلاف مستحكماً ولذا هي لها الحق في الخروج وخرجت وهي في مقام شقاق ، فمعنى ذلك أنه لا موضوع للكلام المتقدم ، فالآية الكريمة كافية في الجملة فيما إذا كان يوجد احتمال أن العلاقة تتأثر بحيث يمتنع عودها بسبب التعريض بحيث يكون التعريض مانعاً من الرجوع مع احتمال الرجوع، أما إذا الخلاف مستحكماً بحيث لا يحتمل الرجوع وهي خرجت فلا يوجد عندنا مانع يمنع من التعريض، نعم لو كان عندنا دليل لفظي فحينئذٍ تعبداً نقول لا يصح التعريض، ولكن الدليل لبي وهل يشمل أو لا يشمل لا نعلم، والدليل الواقعي الحقيقي هو هذه الآية، وهذه الآية تأتينا فيما إذا كان التعريض بالخطبة موجباً لتعقيد العلاقة بحيث هذا ينافي اهتمام الشارع باحتمال عود العلاقة، وعليه فالإستدلال ينبغي أن يكون بِما ذكرناه، وليس بالطريق الذي يذكره الجماعة، على أن طريقهم ليس بتام في نفسه كما ذكرنا.

قال الماتن قدس سره: ويجوز للمعتدة البائنة

وهذا واضح، لأنها ليست زوجة وهي أجنبية عنه، فلا موجب للمنع، كما صرّحوا بذلك من دون وجود خلاف منهم، ويقتضيه - بعد الأصل - قوله تعالى في سورة البقرة ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 234 وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ 235 ﴾[5]

وإن كان هذا لا يبعد أنه وارد في عدة الوفاة ،لأنه جاء بعد الكلام عن المعتدة عدة وفاة لكن إن تم هذا فهو ورد في أحد أفراد المعتدة بائناً.وغيره يلحق به بنفس الملاك لأن الأصل الجواز والمانع هو الزوجية أو شبه الزوجية وهذا غير موجود في البائنة فلا يوجد احتمال أنها بحكم الزوجة، والآية الكريمة دلّت على جواز التعريض بالخطبة، وعليه فلا منشأ للتحريم.

قال الماتن قدس سره: وكذا من الزوج لها

وهذا أوضح، فإن الزوج نفسه في العدة البائنة يعرض بها، كما لو طلّقها بائناً كالمختلعة فهو على الأقل كسائر الناس يستطيع أن يخطبها ولا عدة لها منه فله أن يخطبها، كما صرّحوا بذلك لعدم المنشأ للتحريم في حقه في فرض جواز تزويجه بها.

قال الماتن قدس سره: إلا أن تكون محرمة أبداً عليه

وهذا من قبيل المطلقة تسعاً فإنها تحرم عليه أبداً، والتعريض حرام لَيس لأنه تعريض بذات الزوج بل لأنه تعريض بتزويج المحارم، ومعنى ذلك أنه يكون عندنا تجري وحرام عقلاً لأنه محاولة إقدام على الحرام كما لو تعرض للمحارم،

إذ هي حينئذٍ كسائر المحرمات الأبدية، ومع حرمة تزويجها يكون التعريض بالخطبة محرماً عقلاً، لكونه تجرياً وإقداماً على مقدمة الحرام، فهو في مقام الإقدام على مقدمة الحرام، والتعريض في الحقيقة مقدمة للتزويج فحينئذ يكون محرماً بهذا الملاك،

بل قد يقال بأنه محرم شرعاً وليس فقط عقلاً وهذا فيما لو كان ملتفتاً لأنه حينئذ إستخفاف بالحكم الشرعي وإهمال له واستهوان به ، وهذا غير قضية الإقدام على المعصية، وهذا الحال هو بنفسه ممقوت للشارع لأن معنى ذلك أنه يوجد حالة استهوان بأحكامه. فالحرمة العقلية لأنها إقدام على المعصية، والحرمة الشرعية للإستهوان بالحكم الشرعي.

قال الماتن قدس سره: أو تحتاج إلى محلل

وهذا كالمطلقة ثلاثاً، وما هو مقصود السيد قدس سره من ذلك، فتارة حرمة التعريض بها على أن يتزوجها بلا تحليل، وهذا يكون مثل التعريض بالمحرمة مؤبداً، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يتزوجها وهو يريد أن يتزوجها ويتجاهل التحريم فنفس الكلام السابق يأتي.

ولكن هذا لا يناسب سياق كلام السيد قدس سره، وإنما يناسب أن يكون بلحاظ قضية التعريض بالخطبة للرجال لأنه عندما كان يقول التعريض بالخطبة لذات الزوج وللمعتدة رجعياً يعني لَيس وهي ذات زوج يتزوجها وإنما بعد أن يطلقها زوجها يتزوجها ولذا كان المحذور هو تخريب علاقتها مع زوجها، وإلا فلا يجوز ويكون فيه انتهاك واضح لحق الزوج ،

وعليه فإذا كان هذا هو المقصود فما هو منشأ تحريمه، فإنه يقول لها بأنه يريد ان يتزوجها على أن يهيئوا مقدمات التحليل، فحتى تحل له يزوجها من شخص آخر فهذا ما هو المانع منه، ولعله السيرة على ذلك، فإنه غالبًا المرأة التي تحتاج إلى محلل يكون تزويجها مبنيأً على حالة تفاهم بين الزوج وبينها على أن تختار زوجاً ليس من شأنه أن يتمسك بها وإنما فقط لمجرد أن يرفع المانع وعليه فما هو المحذور.

وعليه فإذا كان مقصود السيد قدس سره التزويج بها قبل التحليل فقطعاً هذا لا يجوز ويكون مثل التعريض بالمحارم،

وإذا كان مقصوده أنه ليس لها أن يُعرض لها بالخطبة لتسعى بالتزويج الثاني المحلل فهذا لم ندرك المحذور فيه.

وعلى كل حال الحكم واضح، فإذا كان المقصود الزواج بلا محلل فهذا قطعاً حرام بالتعريض، ولكن هو إما حرام عقلاً فقط أو حرام عقلاً وشرعاً لأنه إستهوان بالحكم الشرعي، وإذا كان المقصود السعي للتحليل فهذا لا مجال للمنع منه لأن السيرة لا تناسبه وليس للمنع منشأ مقبول.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo