< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

قوله قدس سره: إنفسخ نكاح البواقي

كما ذكره الأصحاب[1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] من دون تقييد بكونهن حربيات.

أما عدم جواز استدامة نكاح الجميع فلما سبق فيما يحرم باستيفاء العدد الظاهر في عدم الفرق بين الابتداء والاستدامة.

ومنه يظهر العموم لما إذا أسلم الحر عن أكثر من أمتين أو العبد عن أكثر من حرتين وغير ذلك مما تقدم تفصيله.

وأما الترجيح باختياره، فظاهرهم المفروغية عنه من دون أن يشيروا إلى دليله.

ولم أعثر في نصوصنا على ما يدل عليه إلا على معتبر عقبة بن خالد عن أبي عبدالله عليه السلام: " في مجوسي أسلم وله سبع نسوة وأسلمن معه كيف يصنع؟ قال: يمسك أربعاً ويطلق ثلاثاً " [17]

ومعتبر الجعفريات عن علي عليه السلام: " في الرجل يكون له أكثر من أربع نسوة في الشرك، فيسلم ويسلمن، أو يكون له أختان ويسلم فتسلمان. قال: يختار منهن أربعاً الأولى فالأولى، وأما الأختان فالأولى منهما امرأته " [18] ونحوه مرسل الدعائم [19] [20]

وقوله عليه السلام في معتبر عقبة: " ويطلق " كما يمكن أن يكون بالتشديد من الطلاق يمكن أن يكون بالتخفيف من الإطلاق، إلا أن الظاهر الثاني بقرينة معتبر الجعفريات مؤيداً بما في الحديثين المتقدمين في تزويج الأختين في عقدة واحدة. مضافاً إلى ظهور مفروغية الأصحاب عنه.

ولا أقل من كونه مقتضى القاعدة، لأن الطلاق فرع تمامية النكاح، ولا مجال له في المقام بعد فرض تجاوز العدد المشروع المقتضي لبطلان الجميع، وصحته حال الكفر لأن لكل قوم نكاح لا تقتضي صحته حال الإسلام، بل مقتضى القاعدة البطلان في الكل من دون فرق بين المتقدم والمتأخر بعد اشتراكهما في الصحة حال الكفر.

وغاية ما دلت عليه الأدلة الخاصة هو صحته التأهلية مع توقف استقراره في كل منها على اختيارها، فمع اختيار العدد المشروع منهن، يتعين فعلية البطلان في الباقي من دون حاجة للطلاق في الباقي لتجاوز العدد المذكور به.

هذا ومقتضى إطلاق معتبر عقبة جواز اختيار أيتهن شاء. وصريح معتبر الجعفريات ومرسل الدعائم الترجيح بالسبق الزماني. وهو يرجع إلى حمل الإختيار فيه على الإختيار العملي، لا الإنشائي النفسي، وهو كالصريح من مرسل الدعائم. ومقتضى القاعدة العمل على ذلك جمعاً بين المطلق والمقيد.

لكن يظهر من كلماتهم في المسألة وفروعها عدم البناء على ذلك، والإعراض عن مفاد الحديثين المسقط للأول منهما عن الحجية.

نعم قد يقال: الإعراض عن مضمون الحديث إنما يسقطه عن الحجية مع اطلاعهم على الحديث وتداوله بينهم، حيث يكشف إهمالهم له عن الإطلاع على خلل فيه خفي علينا، ولا أقل من كونه موجباً للريب فيه. وكذا مع شيوع الإبتلاء بالمسألة، حيث يمتنع عادة خطؤهم فيها. ولا مجال لدعوى الأول لعدم تداول أخبار الجعفريات بينهم.

كما أن من الظاهر عدم شيوع الإبتلاء بالمسألة. ليطمأن بعدم مخالفة رأي المشهور للواقع بنحو يوجب الريب في الحديث ويسقطه عن الحجية. لكنه يشكل بأنه يصعب جداً حمل الإختيار في معتبر الجعفريات على الإختيار العملي بالمعنى المتقدم. ولا سيما مع قوله عليه السلام " وأما الأختان فالأولى منهما امرأته " فإنه كالصريح في الفرق بين الأختين وما زاد على الأربع. ومن هنا كان حمل اختيار الأولى فالأولى على الإستحباب أقرب عرفاً من حمله على الإختيار بالمعنى المذكور. فلا مخرج عن معتبر عقبة. فلاحظ. والله سبحانه وتعالى العالم.

قوله قدس سره: ثبت عقده عليهن

لعدم الموجب للبطلان بعد عدم تجاوز العدد المشروع وما سبق منا من جواز نكاح الكتابيات. ولو أسلمن معه فالأمر أظهر.

قوله قدس سره: وبطل نكاح البواقي

لما سبق منهم وسبق الكلام فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

قال الماتن قدس سره: ولو أسلم الزوج على أكثر من أربع حربيات وأسلمن فاختار أربعاً إنفسخ نكاح البواقي

كما ذكره الأصحاب من دون تقييد بكونهن حربيات، وإن كان السيد رحمه الله عبر بالحربيات ولَكن نحن لا يوجد عندنا قضية حربيات وإنما عندنا قضية إذا إسلم وكلام الجماعة فيما إذا أسلم عن أكثر من أربع.

وأما عدم استدامة نكاح الجميع فلما سبق فيما يحرم باستيفاء العدد الظاهر في عدم الفرق بين الإبتداء والإستدامة، فإن جميع المحرمات كلها مبنية على عدم الفرق بين الإبتداء والإستدامة، فكما البنت يحرم أن يعقد عليها إبتداء يحرم إذا صارت بنته من الرضاع فكونها زوجة لا يصح، فإذا يقول لا يجوز الجمع بأكثر من أربعة فأيضاً نفس الكلام سواء قبل العقد أم بعد العقد، فإذا صار عنده خمس زوجات بعد العقد فمقتضى القاعدة التحريم، وهذا الكافر بمقتضى موازينه صح نكاحه لأن لكل قوم نكاح، ولكن عندما أسلم يتعين عدم الزيادة ولم يعد يوجد محل لكل قوم نكاح وعليه فيتعين عدم جواز الزيادة فإنه لا فرق بين الإبتداء والإستدامة، ومنه يظهر العموم لنا إذا أسلم الحر عن أكثر من أمتين أو العبد عن أكثر من حرتين وغير ذلك مما تقدم تفصيله، فأدلة التحريم الذاتي مثل الأمومة أو العرضي مثل المصاهرة أو الجمعي مثل ما نحن فيه، فإن الأدلة تقتضي التحريم إبتداء واستدامة.

وأما الترجيح باختياره، فإن القاعدة في المقام تقتضي البطلان، باعتبار أن لكل قوم نكاح ففي حال الكفر كان يسمح له بأن يتزوج خمسة نساء، ولكن بعد أن صار مسلماً نكاحه أربعة وهو عنده خمسة ترجيح بلا مرجح ومقتضى القاعدة البطلان ولا موجب للصحة، لأنه بعد أن كان النكاح السابق محكوماً بالصحة لأنه كافر وتترتب أثار الزوجية كلها بما في ذلك الميراث، وبعد أن صار مسلماً فالآن لا يصح النكاح، فكلهم لا يصح وبعضهم ترجيح بلا مرجح فالقاعدة الأولية تقتضي البطلان كمن تزوج أمه وهو ممن يرى جواز زواج الأم أو البنت، فهنا الجمع بين الخمس لا يمكن يكون مثل مِن عقد على خمس فهذا العقد باطل وتصحيحه بالبعض يحتاج إلى دليل لأنه ترجيح بلا مرجح.

ولكن الجماعة يبدو منهم المفروغية أنه لا يبطل من دون أن يشيروا لدليل، ولم يتيسر لنا في نصوصنا ما يدل عليه إلا معتبر عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام: " في مجوسي أسلم وله سبع نسوة وأسلمن معه كيف يصنع؟ قال: يمسك أربعاً ويطلق ثلاثاً. [21] [22] [23]

ومعتبر الجعفريات عن علي عليهم السلام: " في الرجل يكون له أكثر من أربع نسوة في الشرك ويسلم ويسلمن، أو يكون عنده أختان ويسلم فتسلمان، قال: " يختار منهن أربعاً الأولى فالأولى، وأما الأختان فالأولى منهما امرأته[24] ".

ونحوه مرسل الدعائم. عن علي عليه السلام: "أنه قال في المشرك يسلم وعنده أختان حرتان، أو أكثر من أربع نسوة حرائر، قال: " يترك له التي نكح أولا من الأختين، والأربع الحرائر الأولى، وتنزع منه الأخت الثانية، وما زاد على أربع حرائر. [25] [26]

وغير هذه الروايات لم يتيسر لنا الإطلاع، والجماعة يظهر منهم المفروغية عن الحكم، مضافاً إلى أنهم لا يذكرون معتبر الجعفريات وكتب الحديث المشهورة تتعرّض لمعتبر عقبة، أما معتبر الجعفريات فغير معروف بينهم التداول به.

أما قوله عليه السلام في معتبر عقبة يُطلِق أو يُطلّق، فعندما يتردد الأمر بين الأمرين فإن القاعدة تقتضي أن الطلاق لا يصح، لأن الطلاق فرع النكاح والمفروض أن زوجيتهن غير فعلية وعلى تقدير زوجيتهن فإن كل ما عندنا هو أن لكل قوم نكاح إقتضت صحتها حالةالكفر، وأما حالة الإسلام فلا دليل ومقتضى القاعدة البطلان، وعليه يبقى عندنا صحة تأهلية وليس صحة فعلية حتى يمكن الطلاق، فإن الطلاق فرع النكاح ولا بد من وجود زوجة، فهنا يوجد صحة تأهلية بمعنى هي أهل لأن تقبل، أما أنه فعلاً صحيح فهذا لا يوجد، فالقاعدة تقتضي عدم صحة الطلاق لأن الطلاق فرع النكاح بحيث لا بد أن تكون زوجة وفعلاً هُن لسنا زوجات، وعليه فالطلاق عبارة عن فصل الزوجية والزوجية غير موجودة حتى تنفصل فإنه لا يصح أن تكون الخمسة زوجاته فالقاعدة تقتضي البطلان .

أما معتبر الجعفريات فإنه يقول " يختار منهن أربعاً " وعليه يكون مفسراً لمعتبر عقبة والقاعدة تقتضي ذلك، فإن الطلاق غير واضح مشروعيته لأن الطلاق فرع النكاح فلا بد أن تكون زوجة حتى تطلق وما دام هو مسلم فلا يصح أن يكون عنده خمس زوجات، نعم عندنا زوجية تأهلية بمعنى أنه يوجد حالة من حالات الإقتضاء بمعنى يوكد قابلية لأن تصبح فعلياً زوجة وعندما تصبح زوجة يطلقها وإلى الآن لم تصبح زوجة فيتعين بطلان النكاح، وَمن قوله " يختار أربعاً " نفهم أن هذا هو الأقرب، ومعتبر عقبة صريح بأنه هو الذي يختار وَلا يوجد يطلّق، مؤيداً بما في الحديثين المتقدمين في تزويج الأختين والكلام كان يقع لو عقد على الأختين في عقدة واحدة والمراد أنه نظير. فمقتضى القاعدة عدم مشروعية الطلاق ومعتبر الجعفريات لا يعبّر بالطلاق وانما يعبر بالإختيار.

وعندنا مشكلة أخرى وهي أن معتبر الجعفريات يقول " يختار الأولى فالأولى "ومقتضى إطلاق معتبر عقبة " جواز اختيار أيتهن شاء "، وبناءً على هذا لا يكون الإختيار في معتبر الجعفريات إختياراً إنشائياً وإنما إختياراً خارجياً، فإنه يوجد عندنا إختيار نفسي مثل إمضاء العقد الفضولي بمعنى أن العقد باختيارك يكون صحيحاً، بينما إذا أجرينا عقدان عقد فضولي وعقد أصيل فنقول بأنه يختار عقد الوكيل وليس عقد الفضولي، فالإختيار ليس له أثر وإنما هي زوجته والترتيب ترتيب زماني واقعي بمعنى أن الأربعة الأول هُن الزوجات والأخريات لسن زوجات، وعليه فيكون معنى الإختيار أن يأخذهم ويختلي بهن، مثل ما إذا أسلم المجوسي عن أخت وابنة عم، فيختار ابنة العم ويترك الأخت، ولَكن ترك الأخت ليست بمعنى أنه يختار زوجيتها وإنما بمعنى أن تلك زوجة وهذه لَيست زوجة فالإختيار خارجي، بينما معتبر عقبة يظهر منه الإختيار الفعلي وليس الأول فالأول، وعليه فمعتبر الجعفريات أخص، فيكون مقيداً لمعتبر عقبة.

لكن يظهر من كلماتهم في المسألة وفروعها عدم البناء على ذلك، والإعراض عن مفاد الحديثين المسقط للأول منهما عن الحجية. وعليه فمقتضى القاعدة التخصيص لولا إعراض الأصحاب عن معتبر الجعفريات، فإن حديث الطلاق غير وارد في كلمات الجماعة وإنما يعبرون بالإختيار أي يختار أربعاً، ولا يوجد في كلماتهم الأولى فالأولى وإنما يعبرون بأنه يختار من يشاء منهن.

قد يدعى بأن حديث الجعفريات الإعراض عنه لا يسقطه عن الحجية، لإن الإعراض إنما يسقط عن الحجية إذا كان الخبر متداولاً عند الأصحاب ومنظوراً لهم وموجوداً في كتبهم فإعراضهم عنه يوجب الريب فيه ويكشف عن مشكلة في المسألة بحيث يوجد عند الأصحاب شيء يكشف عن خلل خفي علينا بحيث إذا لم يوجب القطع ببطلانه فلا أقل من إيجاب الريب المسقط له عن الحجية، هذا فيما إذا كان إعراض الأصحاب عن اطلاع على الخبر، أو تكون المسألة شائعة الإبتلاء بحيث يكون خطأ الأصحاب في المسألة الشائعة الإبتلاء جداً صعب وممتنع عادة، وذكرناه في موارد كثيرة من قبيل بلوغ البنت بتسع سنين وغير ذلك من الأحكام التي تعرضنا لها فإنها كلها مبنية على كونه شائعاً ومحلاً للإبتلاء، وهذه المسألة فإن خبر الجعفريات بنفسه لم يطلعوا عليه وليسوا في مقام الإستدلال به حتى يكون إعراضهم عنه موهن له، والمسألة ليست شائعة الإبتلاء بحيث نفرض عندنا كافر وعنده أكثر من أربعة وأسلم فإن هذه المسألة ليست شائعة حتى يكون خطأ الأصحاب فيها وإنما هو اجتهاد عملاً بمعتبر عقبة فإذا كان خبر عقبة مقيّد نعمل بالتقييد، فإعراض الأصحاب عن خبر الجعفريات لا مجال للبناء عليه لأن الإعراض إنما يوجب وهن الخبر إذا كان الجماعة اطلعوا على الخبر وكانوا في مقام الإستدلال به، وعليه فالمسألة ترجع للقواعد والقواعد تقتضي تقديم خبر عقبة.

لكن يوجد شيء وهو أن التعبير في معتبر الجعفريات بالإختيار من أصعب الأشياء حمله على أنها تكون زوجة ولا سيما مع قوله بعد هذا " وأما الأختان فالأولى منهما امرأته " ففي الأختين عبر الأولى امرأته ولا يوجد اختيار وفي بداية الرواية قال يختار الأولى فالأولى، فاختلاف التعبير وحمل الإختيار على الأربع الأول هُن زوجاته، ومن هنا فمن القريب أن نحمل الإختيار في معتبر الجعفريات على الإستحباب ويبقى إطلاق معتبر عقبة هو المعول عليه.

فالقاعدة تقتضي البطلان، ومفروغية الجماعة عن عدم البطلان، والنصوص تقتضي الإختيار، يبقى الإختيار بأي معنى، وفي الحقيقة هو لَيس اختيار وإنما قهراً الأوليات هُن الزوجات والباقي باطل، أو أن الأسبق صحيحات، أو أنه يختار من يشاء ويستحب له أن يختار الأسبق فالأسبق، ولَكن الجماعة لا يوجد عندهم شك في المسألة، والمسآلة لها نظير كما تقدم في صحيح جميل أنه لو تزوج الأختين في عقدة واحدة يختار أيتهما شاء، فالإختيار لَيس شيئاً غير مألوف وإنما هو شيء موجود في الروايات، فحينئذٍ يمكن أن يكون صحة تأهلية، أما إذا بنينا على معتبر الجعفريات فلا يكون عندنا صحة تأهلية وانما الأربعة الأوليات هُن الصحيحات، كما لو اسلم عن ابنة عمه وأخته فابنة عمه صحيحة وأخته باطلة ولا يوجد اختيار، وعليه فالحمل على الإستحباب بملاحظة معتبر الجعفريات جداً قريب، والمسألة ليست محل ابتلاء.


[24] الجعفريات ج١ ص٢٧٨ باب٦٥ ح٦٨١.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo