< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته

 

قوله قدس سره: كان أملك بها

كما ذكره من سبق وتضمنه معقد الإجماع المتقدم من الخلاف. أما بينونتها منه مع عدم إسلامه حتى تخرج عن العدة فهو مقتضى عموم ما تضمن حرمة نكاح الكافر للمسلمة.

مضافاً إلى صحيح عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام: " إذا أسلمت امرأة وزوجها على غير الإسلام فرّق بينهما " [1] [2]

وصحيح البزنطي: " سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن تقيم معه؟ قال: إذا أسلمت لم تحل له، قلت: فإن الزوج أسلم بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال: يتزوج بتزويج جديد " [3] [4]

وقد يستفاد من غيرهما. نعم مقتضى ترك الإستفصال فيهما العموم لما إذا كان إسلامها قبل الدخول أو بعده وما إذا أسلم الزوج مع الدخول قبل العدة أو بعدها وما إذا لم يسلم.

إلا أنه لا بد من رفع اليد عن الإطلاق المذكور فيما إذا كان إسلامها بعد الدخول وأسلم الزوج قبل خروج العدة، كما ذكره الأصحاب، لمعتبري منصور بن حازم وحديثي يونس ومحمد بن مسلم المتقدمة في الذمي والمجوسي والمشرك وموثق السكوني عن جعفر عن أبيه عليهم السلام: " أن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها فقال علي عليه السلام: لا يفرق بينهما. ثم قال: إن أسلمتَ قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، وإن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمتَ فأنت خاطب من الخطاب " [5] [6] وقريب منه معتبر الجعفريات [7] . [8]

فإن بقاء الزواج مع إسلام الزوج في العدة في المجوسي والمشرك يقتضي بقاءه في اليهودي والنصراني بفهم عدم الخصوصية أو بالأولوية العرفية.

نعم في موثق عبد الرحمن البصري: " قال أبوعبدالله عليه السلام: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في نصراني اختارت زوجته الاسلام ودار الهجرة : أنها في دار الاسلام لا تخرج منها وأن بضعها في يد زوجها النصراني وأنها لا ترثه ولا يرثها "[9] [10] . وقريب منه عبد الملك بن عمير القبطي . [11] [12]

وظاهرهما بقاء الزوجية حتى بعد انقضاء العدة، لتعرضهما للميراث. لكن مضمونهما لا يخلو عن غرابة، لأنه يقتضي تعطيلها. مضافاً إلى أنهما تضمنا نفي ميراثها منه مع فرض إسلامها، كما عليه العامة، وقد ذكر في التهذيبين [13] [14] أنهما موافقان للعامة على ما يروونه عن أمير المؤمنين عليه السلام مع موافقة النصوص الأول لعموم الكتاب المجيد المتضمن حرمة الكافر على المسلمة.

 

هذا وفي معتبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام: " سألته عن امرأة أسلمت، ثم أسلم زوجها هل تحل له؟ قال: هو أحق بها ما لم تتزوج ولكنها تخير فلها ما اختارت " [15] [16] [17]

ولا بد من حمل أحقيته بها على الأولوية العرفية بلحاظ سبق زوجيتها منه، دون الشرعية لمنافاتها للحكم بأن الخيار لها.

ويتعين حينئذٍ حمله بقرينة النصوص السابقة على ما إذا لم يكن إسلامه في العدة.

ثم إنه في المبسوط [18] بعد أن ذكر ما سبق: " وقد بينا فيما مضى أن من أصحابنا من قال: لا ينفسخ نكاحه بإسلامها بحال، لكن لا تمكن من الخلوّ بها ". وهو الذي صرح به في النهاية [19] [20] في الجملة. قال: " فإن أسلمت المرأة، ولم يسلم الرجل، وكان الرجل على شرائط الذمة، فإنه يملك عقدها، غير أنه لا يمكن من الدخول إليها ليلاً، ولا من الخلو بها، ولا من إخراجها من دار الهجرة إلى دار الحرب. وإن لم يكن بشرائط الذمة، انتظر به عدتها . . . ". وقريب منه في التهذيب. [21]

وقد استدل بخبر جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام " أنه قال: في اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أسلمت امرأته ولم يسلم قال: هما على نكاحهما ولا يفرق بينهما ولا يترك ان يخرج بها من دار الاسلام إلى دار الكفر " [22] [23] . وحديثي يونس ومحمد بن مسلم المتقدمين.

لكنها لم تتضمن منعه من الخلوة بها ولا من وطئها، ولا سيما مع التصريح في معتبر محمد بن مسلم بأن له أن يأتيها نهاراً.

ولعله لذا اقتصر على ذكرهما في الاستبصار [24] وأفتى بمضمونهما في المقنع [25]

لكنها – مع الغض عن سندها – معارضة بالنصوص السابقة.

وأما حمل تلك النصوص على من أخل بشرائط الذمة والأخبار المذكورة على من قام بشرائطها لقوله عليه السلام في الثاني: " جميع من له ذمة إذا أسلم . . . ".

فلا مجال له، لأن أهل الذمة هم الأفراد الشائعة الابتلاء في عصر صدور النصوص لخصوص السابقة، فلا مجال لحملها على غيرهم.

ودعوى [26] خروجهم عن الذمة وبطلان ذمتهم لصحيح زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربوا، ولا يأكلوا لحم الخنزير، ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ ولا بنات الأخت، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله قال وسلم: وليست لهم اليوم ذمة " [27] . [28]

بأنه تقدم في كتاب الغصب [29] عند الكلام في ضمان الخمر والخنزير للذمي أنه لا بد من حمله وغيره مما تضمن أنه لا ذمة لأهل الذمة لإخلالهم بشروطها على أنه لا ذمة لهم بمقتضى أصل التشريع، وإن جرت عليهم أحكام الذمة إمضاء لعقدها من قبل خلفاء الجور ما دامت الهدنة بينهم وبين أهل الحق، وإلا لم يبق مورد للنصوص الكثيرة الواردة في أحكام الذمة – وعليها العمل – ومنها أحاديث يونس ومحمد بن مسلم وجميل المتقدمة.

ومثله ما احتمله في الاستبصار [30] من حمل تلك النصوص على من كان في دار الحرب بقرينة موثق السكوني ومعتبر منصور بن حازم المتقدمين والواردين في إسلام المجوسية دون زوجها.

إذ لا يتضح وجه الإستشهاد بهما لذلك.

ومن هنا يتعين استحكام التعارض بين النصوص السابقة وأحاديث جميل ومحمد بن مسلم ويونس.

ولا ينبغي الإشكال في تقديم تلك النصوص، لأنها أصح سنداً وموافقة لعموم مانعية الكفر الذي تضمنه الكتاب المجيد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

 

تقدم أنه إذا أسلم الزوج وزوجته كتابية بقت على كفرها فهما على نكاحهما، يبقى الإشكال في المجوسية على الكلام الذي تقدم في ذلك، والشيخ قدس سره في النهاية [31] [32] عمّم نتيجة أنها كتابية، بينما النصوص تمنع وتقدم الكلام في ذلك.

أما إذا أسلمت الزوجة دون الزوج فالسيد قدس سره قال إذا كان قبل الدخول انفسخ العقد وانقطعت عصمتها منه، وإذا كان بعد الدخول ينتظر الى انقضاء العدة، وهذا التفصيل الجماعة تقريباً شبه فارغين منه وتعرضوا له مكرراً، كما في المبسوط[33] [34] والخلاف[35] [36] والمهذّب[37] والسرائر[38] [39] وجملة من كتب المحقق [40] [41] [42] [43] والعلامة [44] [45] [46] [47] [48] [49] وشروحها [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] وفي الخلاف [59] دعوى الإجماع عليه .

والآن ما هو دليلنا على ذلك، فعندنا شقان، الشق الأول قبل الدخول تنقطع العصمة، والشق الثاني الإنتظار.

أما الروايات:

صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في نصراني تزوج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها، قال: قد انقطعت عصمتها منه ولا مهر لها ولا عدة عليها منه [60] [61]

وهذا واضح في الشق الأول، وهو أنه قبل الدخول تنقطع عصمتها.

ومعتبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن امرأة أسلمت قبل زوجها وتزوجت غيره ما حالها؟ قال: هي للذي تزوجت ولا ترد على الأول [62] [63] [64]

يعني لا بد لو أسلم، وهذا يحتمل وجهين، يحتمل أن تكون أسلمت قبل الدخول أو أسلمت بعد الدخول وبعد انقضاء العدة تزوجت لأنه في الرواية يوجد " تزوجت " ففرض الزواج يعني ليس عليها عدة، وعدم العدة عليها هل لأنه قبل الدخول أو لأنه بعد الدخول لكن انقضت العدة، وعليه فهذا الشق الأول واضح.

وصحيح عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام: قال: إذا أسلمت امرأة وزوجها على غير الاسلام فرق بينهما [65] [66] [67]

وأيضاً وصحيح محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن تقيم معه؟ قال: إذا أسلمت لم تحل له، قلت: فإن الزوج أسلم بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال: لا يتزوج بتزويج جديد [68] [69] [70] [71]

فهذا بمقتضى إطلاقه وترك الإستفصال أنه لا فرق بين وجود الدخول أو عدمه أو أسلم في العدة أو بعد العدة أو لم يسلم، هذا بمقتضى رواية البزنطي.

وأما صحيح عبدالله بن سنان فإنه يقول فرق بينهما، على إطلاقه.

وعلى كل حال فهاتان الروايتان مطلقتان، ومقتضاهما أنه لا فرق بين وجود الدخول وعدمه، وأنه أسلم الزوج في أثناء العدة أو بعد العدة أو لم يسلم أصلاً، فإنهما تقولان فرق بينهما.

ولكن تقدم عندنا روايتي منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مجوسي كانت تحته امرأة على دينه فأسلم أو أسلمت قال: ينتظر بذلك انقضاء عدتها – يعني إذا هي أسلمت فلا بد أن تنقضي العدة وإلا له أن يرجع بها - فإن هو أسلم أو أسلمت قبيل أن تنقضي عدتها فهما على نكاحهما الأول، وإن هي لم تسلم حتى تنقضي العدة فقد بانت منه [72] [73] [74]

وكذلك خبره الآخر " عن رجل مجوسي أو مشرك من غير أهل الكتاب كانت تحته امرأة فأسلم أو أسلمت قال: ينتظر بذلك انقضاء عدتها إن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضي عدتها فهما على نكاحهما الأول وإن هو لم يسلم حتى تنقضي العدة فقد بانت منه [75] [76] [77]

فحينئذ عندما ورد في المجوسية أن الإسلام قبل العدة مسوّغ للرجوع أو في مشركي العرب لأن خبر منصور بن حازم الثاني يقول " عن رجل مجوسي أو مشرك من غير أهل الكتاب ".

وكذلك موثق السكوني عن جعفر عن أبيه، عن علي عليه السلام أن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها، فقال علي عليه السلام: لا يفرق بينهما، ثم قال: إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، وإن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت خاطب من الخطاب [78] [79] [80]

ومعنى ذلك أنه في المجوسية قدر متيقن، وفي مشركي العرب بناء على رواية منصور بن حازم الثانية، وفي كلاهما المعيار انقضاء العدة، وعليه لا بد أن يكون في اليهودية والنصرانية نفس الأمر، فإنه لا يوجد احتمال أن يكون اليهودي والنصراني أشد من المجوسي والمشرك، فيستفاد من فهم عدم الخصوصية أي من باب كل كافر، أو يستفاد بالأولوية لأن اليهودي والنصراني أولى بالرجوع من المجوسي والمشرك، فتكون تلك النصوص ورواية السكوني الواردة في المجوسي شاهد على تقييد الإطلاق الذي استفدناه من صحيح عبدالله بن سنان وصحيح البزنطي على ما إذا أسلم بعد العدة أو لم يدخل بها فإنه إذا لم يدخل بها يطابق صحيح عبد الرحمن بن الحجاج وإذا دخل بها فيكون يسلّم بعد انقضاء العدة، فقوله " فرق بينهما " يعني إذا بقي على كفره إلى أن انقضت العدة أو إذا لم يدخل، فصحيح عبد الرحمن قبل الدخول صريح في الإنفصال، وهذه مطلقات " إذا لم يسلم أو أسلم قبل انقضاء العدة أو بعدها يوجد دخول أو لا يوجد دخول يفرق بينهما وهو خاطب من الخطاب" فحينئذ لا يوجد احتمال أن يكون اليهودي والنصراني أشد حالاً على المسلمة من المجوسي أو المشرك، فحينئذٍ نستفيد من نصوص المجوسي ما ذكره الأصحاب من هذا التفصيل.

فنحن في هكذا حالة إذا بقينا مع النصوص الأربعة، فإنها بين ما هو صريح فيما إذا أسلم بلا دخول، وبين ما هو مطلق يشمل الإسلام مع الدخول وبدونه قبل العدة أو بعدها، فمقتضى الإطلاق أن تحرم، لكن تلك النصوص عندنا وردت في المجوسي إذا أسلم قبل العدة أو المشرك إن اسلم قبّل العدة معنى ذلك أن اليهودي والنصراني أيضاً هكذاً فتخرج صورة الإسلام قبل العدة عن إطلاق الصحيحين فيتم كلام الأصحاب.

وعليه ففي اليهودي والنصراني لا يوجد عندنا هكذا تفصيل، وإنما عندنا صحيح عبد الرحمن بن الحجاج الوارد فيما إذا لا يوجد دخول، أما إذا يوجد دخول وعدة فلا يوجد عندنا نص في اليهودي والنصراني ولَكن ورود نصوص في المشرك والمجوسي يصلح أن يكون الحكم عام يشمل اليهودي والنصراني، لأننا نفهم من ذلك أن العدة هي المعيار في الكافر المشرك والمجوسي فضلاً عن اليهودي والنصراني، فيكون التفصيل مستفاد من ذلك، والعمدة الأول وهو أنه إذا كان قبل الدخول انفصلت وهو صريح عبد الرحمن بن الحجاج وإطلاق بقية النصوص الثلاثة فإنها تقتضي انقطاع العصمة إذا لا يوجد دخول لأنه لا يوجد عدة، بقي إذا يوجد دخول وعدة فإن هذا هو محط الكلام، فإن مقتضى إطلاق صحيح عبدالله بن سنان والبزنطي أنها تحرم، لكن نصوص المجوسية صالحات فتترتب القضية، وعليه تكون القضية واضحة وليس فيها أي إشكال.

يبقى عندنا بعض النصوص لا بد من ملاحظتها.

ففي معتبرعلي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن امرأة أسلمت ثم أسلم زوجها هل تحل له؟ قال: هو أحق بها ما لم تتزوج ولكنها تخير فلها ما اختارت [81]

فجعل المعيار زواجها وليس انقضاء العدة، ولَكن فيها شيء وهو أنه ما المراد من قوله " لكنها تخير فلها ما اختارت " فإن معنى ذلك أن السلطنة لها، ومعنى ذلك أن الأولوية المذكورة أولوية عرفية وليست أولوية شرعية، لأنه إذا كان المراد أولوية شرعية فإنه معنى ذلك أن الإختيار ليس لها، وعليه فلا بد أن تكون الأولوية عرفية يعني ما دامت غير متزوجة فالأولى أن تختار زوجها الأول، فلولا قوله عليه السلام " ولكنها تخير " لكان الظاهر أن المعيار الزواج وليس المعيار انقضاء العدة ولكن بقوله " لكنها تخير " يعني أن الأمر بيدها فتستطيع أن تتزوج غيره، وعليه فما دام أنها بعد لم تتزوج فلها أن تختار زوجها الأول ولكنها بالخيار، فإلى هنا هذا لا يفيدنا في إثبات حقه بنحو مُلزم لها وأنها زوجته وله أن يأخذها ما دامت لم تتزوج، وإنما نرجع للنصوص الأولى أنه اذا انقضت العدة فليس له الرجوع، وعليه فيمون التفصيل في هذه الرواية على هذا النحو، أنها تتخير إذا انقضت العدة، أما اذا لم تنقض فالمرجع النصوص السابقة، فبقرينة التخيير نحمل الأولوية على الأولوية العرفية لأنه زوجها الأول ورجع ويمكن الزواج بِه من جديد، فتجده الزواج كما تضمنه موثق السكوني، وعليه فلا ينافي النصوص السابقة، نعم يحمل على تخييرها بعد انقضاء العدة أما قبل انقضاء العدة فالمرجع النصوص التي تقول أن له الحق في الرجوع فإنها زوجته.

يبقى عندنا شيء تعرض له الشيخ قدس سره في المبسوط[82] ، بعد أن ذكر ما سبق قال: " وقد بينا فيما مضى أن من أصحابنا من قال: لا ينفسخ نكاحها بإسلامها بحال، لكن لا تمكّن من الخلو بها ".

وهذا مطلب آخر يخرج عن هذا المطلب، فإنه كما تقدم عندنا في إسلام الزوج وزوجته كتابية في أنها تبقى زوجته ولا ينفصل النكاح، فهنا نفس الشيء ذكره لكن لا يدخلها نهاراً، وهذا الشيخ رحمه الله لم يذكره عن نفسه وإنما ذكره عن بعض أصحابنا، وهو الذي صرح به في النهاية [83] [84] في الجملة قال: " فإن أسلمت المرأة، ولم يسلم الرجل، وكان الرجل على شرائط الذمة فإنه يملك عقدها، غير أنه لا يُمَكّن من الدخول إليها ليلاً، ولا من الخلو بها، ولا من إخراجها من دار الهجرة إلى دار الحرب. وإن لم يكن بشرائط الذمة انتظر بها عدتها " فكأنه جعل تفصيلاً آخر، وهو أنه إذا كان خارجاً ولا يوجد عنده شرائط الذمة فعلى التفصيل السابق، وإذا يوجد شرائط ذمة تبقى زوجته، لكنه لا يمكن من الدخول اليها ليلاً، ولا من الخلو بها، ولا من إخراجها من دار الهجرة الى دار الحرب. فحمل كل النصوص السابقة على ما إذا لم يكن بشرائط الذمة، وهذا على خلاف ما ذكره في المبسوط والخلاف وجماعة من الأصحاب كما سبق عندنا، وادعى الإجماع عليه في الخلاف، ولكن هذا الإجماع كيف يتحقق مع أنه هو قدس سره مخالف.

وقد استدل عليه بخبر جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال في اليهودي والنصراني والمجوسي إذا أسلمت امرأته ولم يسلم قال: هما على نكاحهما ولا يفرق بينهما، ولا يترك أن يخرج بها من دار الاسلام إلى الهجرة [85] [86] [87]

فلا يوجد عدة ولا أي شيء آخر، وإنما يمنع من إخراجها إلى دار الكفر.

وحديث محمد بن مسلم السابق الذي تقدم، وهو إما عن ابن أبي عُمير إو لَيس عن ابن أبي عُمير عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على نكاحهما وليس له أن يخرجها من دار الاسلام إلى غيرها ولا يبيت معها ولكنه يأتيها بالنهار فأما المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدة فإن أسلمت المرأة ثم أسلم الرجل قبل انقضاء عدتها فهي امرأته وإن لم يسلم إلا بعد انقضاء العدة فقد بانت منه ولا سبيل له عليها وكذلك جميع من لا ذمة لا ولا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة [88] [89] [90] [91]

وفي الحقيقة فإنه يوجد احتمال الإرسال في الثاني، فإنه إما عن ابن أبي عُمير فمرسله معتبر وأما إذا لم يكن عن ابن أبي عُمير فيكون مرسل إبراهيم بن هاشم ولا يوجد عندنا دليل على اعتباره، والأول هو خبر لجميل وليس صحيح عن بعض أصحابه أيضاً فيه إرسال، فإنه ليس صحيح جميل عن بعض أصحابه حتى نقول بأن إرسال جميل ليس مهماً.

وبغض النظر عن السند فإنه ما هو الموقف، وهذا الخبران عندما نلاحظهما فإن الشيخ قدس سره ادعى أنه يمنع من الخلو بها، مع أن الخبران لا يتضمنان ذلك، وأما خبر جميل فإن ليس فيه أي تفصيل سوى أن لا يخرج بها الى دار الكفر، وصحيح محمّد بن مسلم فإنه يقول " ولَكن يأتيها بالنهار " وهذا ليس فيه المنع من الخلوة بها، فإنه عندما يأتيها بالنهار ولا يوجد عندها أحد يكون قد اختلى بها، فهذه عدم الخلوة من أين جاء بها الشيخ رحمه الله، وإذا كان دليله شيء أخر غير الروايتين فما هو، فإن الرواياتان واحدة منهما تمنع من الخروج الى دار الكفر والثانية تمنع من الخروج إلى دار الكفر أو المجيء ليلاً أما بالنهار فإنه يستطيع أن يأتي إليها، وعليه فلا بد أن ننظر لكيفية الخروج عن هاتين الروايتين بعض النظر عن سندهما.

ولعله لذا إقتصر على ذكرها في الإستبصار[92] [93] فانه لم يفت وإنما فقط ذكرهما، فلم يكن في مقام فتوى بهما كما يظهر من النهاية والتهذيب، والمقنع [94] [95] أفتى بمضمون الرواية على التعبير الموجود بالرواية ولم يضف اليها إضافة مِن عدم الخلوة وما يشبه ذلك.


[7] لجعفريات، ج1، ص277، باب64، ح679.
[27] الفقيه، ج2، ص27، باب10، الخراج والجزية، ح3.
[29] مصباح المنهاج، كتاب الغصب، ج1، ص206 – 207 - 208.
[34] إذا تزوج المشرك حرة فأسلمت الزوجة بعد الدخول بها، كان لها عليه النفقة حال عدتها، لأنه لا دليل على سقوطه، فإن أسلم قبل انقضاء العدة كانا على النكاح ولها النفقة لما مضى مِن عدتها، فإن انقضت العدة قبل إسلامه بانت … وفي ص٤٨٢ قال: فأما إذا كان قبل الدخول ففيه ثلاث مسائل: … الثانية: أسلمت الزوجة أولاً فالفسخ يقع في الحال، كتابية كانت أو غير كتابية، كتابياً كان الزوج أو غير كتابي، لأن الكافر لا يتزوج مسلمة.
[36] إذا كانا وثنيين أو مجوسيين، أو أحدهما مجوسيا والآخر وثنيا، فأيهما أسلم، فإن كان قبل الدخول بها وقع الفسخ في الحال، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدة. فإن أسلما قبل انقضائها فهما على النكاح، وإن انقضت العدة انفسخ النكاح، وهكذا إذا كانا كتابيين فأسلمت الزوجة، سواء كان في دار الحرب، أو في دار الإسلام.
[37] ص٢٥٦ قال: وإذا أسلمت الذمية قبل الدخول بها ملكت نفسها ولم يكن عليها عدة، فإن أسلم زوجها في حال إسلامها فهما على النكاح، وإن تأخر إسلامه عن إسلامها كان خاطبا من الخطاب.وإذا خرج الحربي إلى دار الإسلام فأسلم ثم لحقته زوجته فهما على النكاح وإذا خرجت امرأة من أهل الحرب إلى دار الإسلام مستأمنة ولها زوج قد تخلف في دار الحرب لم يكن له عليها سبيل، ولها أن تتزوج بعد أن تستبرئ رحمها فإن جاء زوجها بعد ذلك مستأمنا كان خاطبا من الخطاب.
[39] مِن الموسوعة قال: فقال في مسائل خلافه: مسألة إذا كانا وثنيين، أو مجوسيين، أو أحدهما مجوسيا والآخر وثنيا، فأيهما أسلم، فإن كان قبل الدخول بها، وقع الفسخ في الحال، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدة، فإن أسلما قبل انقضاءها، فهما على النكاح، وإن انقضت العدة انفسخ النكاح، وهكذا إذا كانا كتابيين، فأسلمت الزوجة، سواء كان في دار الحرب، أو في دار الإسلام، ثم قال رحمه الله: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم هذا آخر كلامه رحمه الله في مسائل خلافه في الجزء الثاني وهو الذي اخترناه، ويقوى عندنا، لأن الأدلة تعضده من الكتاب والسنة والإجماع، وليس على ما أورده من الرواية الشاذة في نهايته دليل.
[41] قال: ولو أسلمت زوجته قبل الدخول، انفسخ العقد ولا مهر. وإن كان بعد الدخول، وقف الفسخ على انقضاء العدة.
[43] قال: ولو أسلمت زوجته دونه، انفسخ في الحال، إن كان قبل الدخول ووقف على انقضاء العدة إن كان بعده.
[46] قال: ولو أسلمت دونه قبل الدخول انفسخ العقد ولا مهر، وبعده تنتظر العدة.
[48] لو أسلمت الكافرة قبل اسلام زوجها الكافر أي كفر كان سواء كان كتابيا أو غيره فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ولا مهر لها لأنه فسخ جاء من قبلها وإن كان بعده انتظرت العدة.
[95] واعلم أن النصراني إذا أسلمت امرأته فهو أملك ببضعها، وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى دار الهجرة، وإن كانت بأرض أخرى أتت دار الإسلام، ولا يبيت معها النصراني في دار الهجرة، ويأتيها بالنهار إن شاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo