< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله قوله قدس سره: فينفسخ في الحال

كما ذكره جمهور الأصحاب [1] ، وفي الجواهر [2] : " بلا خلاف بل الإجماع بقسميه عليه " ويقتضيه – بعد عموم مانعية الكفر من النكاح – غير واحد من النصوص.

كصحيح محمد بن مسلم: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد. فقال: من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله بعد إسلامه فلا توبة له، وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده " [3]

وموثق عمار الساباطي: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمداً صلى الله عليه وآله نبوته وكذبه فإن دمه مباح لمن سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد، ويقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه " [4]

وهو ظاهر في المرتد الفطري وعليه يحمل إطلاق الأول وغيره، للنصوص الدالة على استتابة الملي، كصحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام: " سألته عم مسلم تنصر. قال: يقتل ولا يستتاب. قلت: فنصراني أسلم ثم ارتد قال: يستتاب، فإن رجع، وإلا قتل [5]

قوله قدس سره: عدة الوفاة

كما صرح به جمهور الأصحاب [6] ، وفي الجواهر [7] دعوى الإجماع بقسميه عليه. ويشهد به موثق عمار السابق.

قوله قدس سره: الطلاق

كما هو ظاهر معقد الإجماع السابق، لانصراف العدة لذلك واحتياج عدة الوفاة للتنبيه كما نبهوا له في المرتد الفطري.

هذا ولو قتل أو مات في أثناء العدة فقد يدعى أنها تعتد عدة الوفاة، كالمتوفى عنها زوجها في العدة الرجعية، لأنها عندهم ترجع إلى زوجها لو رجع إلى الإسلام في أثناء العدة.

لكن هذا – لو تم – لا يجعلها عدة رجعية، إذ لا إشكال في عدم جواز الرجوع بها فيها ولا غيره من أحكام العدة الرجعية، بل هو حكم تعبدي مستفاد من الإجماع لو تم، والمجمعون لم يذكروا ذلك، وإنما اقتصروا في عدة الوفاة – تبعاً للنص – على المرتد الفطري، مع أن المرتد الملي معرض للقتل.

نعم في صحيح أبي بكر الحضرمي عن أبي عبدالله عليه السلام: على ما في الفقيه والتهذيب " قال: إن ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثاً، وتعتد منه كما تعتد المطلقة ثلاثاً، فإن رجع إلى الإسلام وتاب قبل أن تتزوج فهو خاطب، ولا عدة عليها منه له، وإنما عليها العدة لغيره، فإن مات أو قتل قبل انقضاء العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها وهي ترثه في العدة ولا يرثها إن مات وهو مرتد عن الإسلام " [8]

وهو صريح في اعتدادها عدة الوفاة لو مات في أثناء العدة. كما تضمن أن عدتها منه بائنة، وأنه لو عاد في أثنائها فهو خاطب كما سبق منا على خلاف ما ذكروه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

قال الماتن قدس سره: ويقف بعده – أي بعد الدخول – على انقضاء العدة

تقدم عندنا موثق السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام: المرتد تعزل عنه امرأته ولا تؤكل ذبيحته ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل يوم الرابع، إذا كان صحيح العقل [9] ونحوه خبر مسمع.

وهذا محمول على المرتد الملي باعتبار أن التوبة تقبل منه، بينما المرتد الفطري لا تقبل منه التوبة، فلا بد أن يكون المرتد ملياً وليس فطرياً، واستفدنا منه أن زوجته لا تبين منه لأن تعبير الرواية هو تعزل زوجته وليس تبين منه، وهذا التعبير يشعر بالبقاء بينما الجماعة حملوه على أنها ما دامت في العدة يبقى ولَكن النص لا يساعد هذا فإن النص يذكر فقط ثلاثة أيام، فرجوعه إليها في العدة بعد الثلاثة لا يخلو عن إشكال، فإن الرواية أعطت مهلة ثلاثة أيام ولم تعط مهلة للعدة، ونحن استفدنا من العزل ثلاثة أيام أنها لم تبن في هذه الثلاثة أيام، ولَكن إلى ما بعد الثلاثة أيام ما هو الحكم، فإنه لا يوجد عندنا في القواعد العامة أنه يجوز نكاح المسلمة للكتابي أو للكافر فحينئذ يكون محرم عليها ولا يجوز لها أن تتزوجه، فإذا رجع بعد الثلاثة بحيث لم يقتل لقضية إما لمانع أو لأنه رفع أمره للحاكم متأخراً أو لأن الحاكم لا يستطيع أن يفعل شيئاً كما في زماننا فيقبل إسلامه ولكن لا يرجع إلى زوجته لأن الرواية أعطت مدة ثلاثة أيام فقط، والقاعدة تقتضي التحريم باعتبار أنه يحرم نكاح المسلمة للكافر وهو بعد الثلاثة أيام كافر والإبقاء للعدة من أين استفدناه، وإن كان الجماعة أصروا على أنه إذا تاب في العدة يرجع إليها بلا حاجة إلى تحديد عقد، ولَكن الرواية فقط دلّت على الرجوع في الثلاثة أيام.

ولكن عندنا رواية معارضة وهي معتبر أو صحيح أبي بكر الحضرمي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن ارتد الرجل المسلم عن الاسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثاً، وتعتد منه كما تعتد المطلقة، فإن رجع إلى الإسلام وتاب قبل أن تتزوج فهو خاطب ولا عدة عليها منه له، وإنما عليها العدة لغيره، فإن قتل أو مات قبل انقضاء العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها وهي ترثه في العدة ولا يرثها إن مات وهو مرتد عن الاسلام[10]

فهذه الرواية تدل على البينونة وأنه يمكن تفسير العزل أيضاً بالبينونة، فإن العزل وَإِنْ لم يكن صريحاً في البينونة بل قد يظهر منه عدم البينونة لأنه عين التوقف، ولكن عندما هذا الصحيح صرح بالبينونة يكون المتعين البينونة لأن البينونة ظهرها أقوى وصريح فتعتد عدة المطلقة ثلاثاً، فهي بينونة وعليه مقتضى القاعدة أنها تبين منه غايته قد يستتاب ويرجع للإسلام ويرجع لها غايته يرجع لها خاطباً وليس زوجاً، نعم رواية السكوني مشعرة من قوله " تعزل " أنها لا ترجع ولَكن هذه الرواية تقول بأنها تبين كالمطلقة ثلاثاً، وعليه فهو خاطب من الخطاب والرواية محمولة على المرتد الملي لأنها تتضمن أحكام المرتد الملي وهي أن عدتها ليست عدة وفاة وإنما عدة طلاق ولا يُقسم ميراثه، بينما المرتد الفطري بالإرتداد يُقسم ميراثه، والجماعة ذكروا بأنها لا تبين منه ورواية السكوني تناسبهم ولكن هذه الرواية أظهر دلالة في أنها تبين منه وأنه خاطب، ومقتضى إطلاقها أنه حتى في الثلاثة، وهذه يمكن تنزيل موثق السكوني عليها، وإن كان الجماعة مجمعون على أنها تعود وأنها لا تحتاج إلى زواج وإنما تبقى زوجته في فترة العدة، والفرق بينهما أنها في موثق السكوني لا تبين وفِي صحيح الحضرمي تبين، ولَكن عندهم هناك أن العدة عدة وفاة وهنا العدة عدة طلاق، ورواية الحضرمي تناسب الثاني يعني عدة الطلاق يعني ملياً وليس فطرياً.

ومن هنا فالمسألة نصوصاً غير موضحة، فإن فتواهم على خلاف صحيح أبي بكر الحضرمي، ويأتينا في قضية أخرى التعرّض لذلك.

وعلى كل حال بعد الثلاثة احتياطاً يعاد الزواج وقبل الثلاثة على الكلام في موثق السكوني وصحيح أبي بكر الحضرمي، ولا نستطيع أن نقول بأن الصحيح مهجور وإن كان الجماعة جزموا على أنها تعود بلا زواج ما دامت في العدة، بينما صحيح الحضرمي صريح في أنه حتى لو عاد يكون خاطباً غايته لا عدة لها منه فيستطيع أن يتزوجها بزواج جديد قبل انتهاء العدة لأن المرأة لا تعتد ممن له العدة وإنما تعتد من غيره وهذه قاعدة عامة، وعليه فالمسألة لا تخلو من إشكال فإعادة العقد هو الأنسب والأحوط.

والجماعة حملوا المقام على ما إذا أسلم أحد الزوجين، فإنه عندهم في إسلام أحد الزوجين أنه ما دام في العدة يستمر الزواج، ولكن رواية أبي بكر الحضرمي واردة في المرتد فالحمل على ذاك على أي أساس فإن كل مطلب مختلف عن الآخر والنصوص مختلفة ولا يصح أن نسير على خلاف مفاد النصوص، فعدم بينونتها منه إلى تمام العدة - مع صحيح أبي بكر الحضرمي الصريح في أنها تبين - يصعب البناء عليه، ومن هنا فالتوقف يكون متعيناً في الثلاثة فضلاً عما بعد الثلاثة، فإن موثق السكوني المتيقن منه الثلاثة وصحيح الحضرمي يقول حتى في الثلاثة وهذا مقتضى كونها بائن وهو خاطب مِن الخطاب، ولو بقينا مع الأدلة فلا بد أن نبني على البينونة لأن صحيح الحضرمي نص بينما موثق السكوني مشعر أو ظاهر في أن العزل كأنه شيء مؤقت ولكن ليس بنحو لا يمكن حمل العزل على البينونة فإنه يمكن حمل العزل على البينونة.

هذا كله في ارتداد الرجل.

أما ارتداد المرأة فإن كان لليهودية والنصرانية فنحن تقدم عندنا أن أصل النكاح لا يبطل، والجماعة بنوا على أن الإرتداد يبطل النكاح على ما تقدم الكلام فيه، وأن مقتضى القاعدة هو أن ارتداد الزوجة إلى اليهودية والنصرانية بعد أن كان يجوز نكاح اليهودية والنصرانية فلا موجب للإنفصال فتبقى زوجته غايته يحاول أن يقنعها ويضيق عليها في أوقات الصلاة على القواعد المذكورة في أحكام الإرتداد.

وإن كان لغيرهما فمقتضى القاعدة بطلان النكاح، أما إلحاقه بارتداد الرجل في انتظار الثلاثة أيام أو انقضاء العدة لو قلنا به فلا يخلو عن إشكال، فإنه ما هو الدليل عليه بعد أن كان سبب الحرمة تحقق لأن المرأة ليس لها أن تتزوج كافراً من دون فرق بين اليهودي والنصراني وغيرهما كما تقدم عندنا، وحينئذٍ فمقتضى القاعدة أن سبب التحريم تحقق فتبين منه، وعلى تقديره إذا عادت لأنه تقبل منها توبتها ولا تقتل يجدد العقد عليها، أما إذا انقضت العدة فأي شبهة لا يوجد، والجماعة كأنهم قاسوا المقام على إسلام أحد الزوجين وفهموا من ذلك أن العلقة تبقى في غير المرتد الفطري، وهذا أشبه بالقياس فإنه ليس بهذا الوضوح من الأدلة بحيث نبني عليه، وعليه فإذا كانت المرأة كافرة غير يهودية وغير نصرانية وغير مجوسية وإنما أصبحت ملحدة فإن مقتضى القاعدة إنفصالها عنه، نعم إذا عادت يُقبل إسلامها، والمسألة تحتاج إلى تأمل وتروي.

ثم السيد استثنى من هذا.

قال الماتن قدس سره: إلا إذا ارتد الزوج عن فطرة فينفسخ في الحال

كما ذكره جمهور الأصحاب، وفي الجواهر " بلا خلاف بل الإجماع بقسميه عليه " ويقتضيه بعد عموم مانعية الكفر من النكاح النصوص الكثيرة.

كصحيح محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد فقال: من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله بعد إسلامه فلا توبة له وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده [11]

وموثق عمار الساباطي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين – مشعر بأن والده ووالده مسلمين كأنه انعقدت نطفته من الإسلام - ارتد عن الإسلام وجحد محمداً صلى الله عليه وآله نبوته وكذبه فإن دمه مباح لمن سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد، ويقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه[12]

وهو ظاهر في المرتد الفطري، وكذلك بقية النصوص الآمرة بالقتل والجمع بينهما بالتفصيل بين ما إذا كان ملياً أم فطرياً، فإذا كان ملياً تقبل توبته على الكلام المتقدم والفطري لا تقبل توبته، وعليه يحمل إطلاق الأول وغيره للنصوص الدالة على استتابة الملي، كصحيح علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن مسلم تنصر، قال: يقتل ولا يستتاب، قلت: فنصراني أسلم ثم ارتد، قال: يستتاب فإن رجع، وإلا قتل[13]

فهنا يفرق بين النصراني الذي أسلم ثم ارتد وبين المسلم الذي ارتد، وهو يناسب التعبير الوارد في موثق عمار " بين مسلمين " فالنصوص واردة في باب الميراث بتفصيل، وأن النصوص ثلاثة طوائف، طائفة ظاهرة في أنه يستتاب، وطائفة ظاهرة في أنه لا يستتاب ويقسم ميراثه، وعندنا نص مفصل مثل رواية علي بن جعفر بين النصراني إذا أسلم ثم ارتد والمسلم إذا ارتد، ونفهم من المقابلة بينهما أنه مسلم بالذات، فالتفصيل يكون بالإستتابة بين الملي والفطري، وبالنسبة للبينونة على الكلام المتقدم في الزوجة لا بينونة إذا كان الإرتداد للأديان التي يجوز الزواج بها، وبالنسبة لبقية الأديان تبين منه كما يبين منها مطلقاً لأن المسلمة لا تتزوج كافراً بناء على رواية أبي بكر الحضرمي.

 


[1] المبسوط ج3 ص485، الجامع للشرائع ص434، إرشاد الأذهان ج2 ص24، جامع المقاصد ج12 ص411، نهاية المرام ج1 ص194.
[2] ج30 ص30، ج31 ص86.
[3] الكافي ج6 ص174 ح2، الوسائل ج18 ص544 باب1 من أبواب حد المرتد ح2.
[4] الكافي ج6 ص174 ح1، الوسائل ج18 ص545 باب1 من أبواب حد المرتد ح3.
[5] مسائل علي بن جعفر ص292 ح743، الكافي ج7 ص57 ح10، الوسائل ج18 ص545 باب1 من أبواب حد المرتد ذيل ح5.
[6] الكافي للحلبي ص311، المختصر النافع ص256، شرائع الإسلام ج4 ص12، الجامع للشرائع ص240، كشف الرموز ج2 ص424، تحرير الأحكام ج4 ص183، مسالك الأفهام ج15 ص24.
[7] ج39 ص33، و ج40 ص48.
[8] الفقيه ج4 ص242 ح2، التهذيب ج9 ص373 ح1، الوسائل ج17 ص387 باب6 من أبواب موانع الإرث ذيل ح5.
[9] )الكافي ج٧ ص٢٥٨ ح١٧، الفقيه ج٣ ص٨٩ ح٢، الوسائل ج١٨ ص٥٤٨ باب٣ مِن أبواب حد المرتد ح٥، الوسائل طبعة ال البيت ج٢٨ ص٣٢8.
[10] )الكافي ج٧ ص١٥٣ ح٣، الفقيه ج٤ ص٢٤٢ ح٢، التهذيب ج٩ ص٣٧٣ ح١، الوسائل ج١٧ ص٣٨٧ باب٦ مِن أبواب موانع الإرث ذيل ح٥، الوسائل طبعة ال البيت ج٢٧ – ٢٨.
[11] )الكافي ج٦ ص١٧٤ ح٢، الوسائل ج١٨ ص٥٤٤ باب١ مِن أبواب حد المرتد ح٢، الوسائل طبعة ال البيت ج٢٨ ص٣٢٣.
[12] )الكافي ج٦ ص١٧٤ ح١، الوسائل ج١٨ ص٥٤٥ باب١ مِن أبواب حد المرتد ح٣، الوسائل طبعة ال البيت ج٢٨ ص٣٢٤.
[13] )مسائل علي بن جعفر ص٢٩٢ ح٧٤٣، الكافي ج٧ ص٢٥٧ ح١٠، الوسائل ج١٨ ص٥٤٥ باب١ مِن أبواب حد المرتد ح٥، الوسائل طبعة ال البيت ج٢٨ ص٣٢٥.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo