< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

قوله قدس سره: أن تنكح غير المسلم

كما في الوسيلة[1] ، ويستفاد مما ذكروه من جعل الإيمان معياراً في الكفاءة المعتبرة في النكاح، وما يأتي في مسألة ارتداد أو إسلام الزوجين وغير ذلك مما يظهر منه مفروغيتهم عن أن مقتضى القاعدة مانعية الكفر من النكاح، وأن الجواز في بعض الموارد يحتاج إلى دليل وتنبيه.

وكيف كان فيقتضيه قوله تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ . . .﴾[2] وقوله عزوجل ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾[3] . ولو فرض الشك في عموم الأولى للكتابي فلا مجال له في الثانية. ومجرد شيوع الإبتلاء في عصر نزول الآية بمشركي العرب دون أهل الكتاب منهم لا يمنع من العموم. كما أن تعليل النهي عن إرجاعهن للكفار بعد الحل ظاهر في أن التحريم ذاتي كتحريم المحارم، لا عرضي لكونهم محاربين، وإلا لم يصلح التعليل، بل يكون تكراراً محضاً. هذا مضافاً إلى ما سبق في أول الكلام في مانعية الكفر من ظهور نصوص شرح الإسلام [4] في كونه معيار جواز النكاح بين الطرفين. وإلى أن عدم التعرض في النصوص لذلك وعدم السؤال عنه كما ورد في تزويج الكتابية ظاهر في المفروغية عن حكمه، وليس هو إلا الحرمة التي عليها العمل بالفعل. فلاحظ.

قوله قدس سره: إنفسخ في الحال

كما صرح بذلك غير واحد ، وادعي الإجماع عليه من غير واحد أيضاً ، وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه "[5] .

أما مع ارتداد الزوج فيقتضيه ما سبق من حرمة نكاح الكافر المسلمة وأنها تحرم عليه ذاتاً كسائر المحرمات.

ويتضح وجهه بناء على ما سبق منهم من عدم صحة تزويج المرتد المسلمة ولا الكافرة وعدم تزويج المرتدة المسلم ولا الكافر، للوجه السابق منهم في ذلك.

لكن سبق منّا الإشكال فيه، وأن مقتضى القاعدة جواز تزوج المرتدة لليهودية والنصرانية والمجوسية في الجملة من المسلم، وذلك يقتضي عدم بطلان النكاح بالارتداد المذكور من الزوجة، كما نبه له في المسالك في بحث المرتد[6] ، وإن كان ذلك لا يناسب ما ذكره في كتاب النكاح[7] . ويتعين الاقتصار في البطلان على ارتداد الزوجة لغير الدينين المذكورين أو الثلاثة.

قوله قدس سره: على انقضاء العدة

كما صرحوا بذلك[8] ، بنحو يظهر منهم المفروغية عنه.

ويناسبه موثق السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام: " أن المرتد عن الإسلام تعزل عنه امرأته، ولا تؤكل ذبيحته، ويستتاب ثلاثاً، فإن رجع وإلا قتل يوم الرابع إذا كان صحيح العقل "[9] ونحوه خبر مسمع[10] . بعد حملهما على الارتداد الملي بقرينة النصوص الآتية في الإرتداد الفطري، فإن التعبير بالعزل ظاهر في عدم البينونة بانتظار التوبة.

والتحديد بمضي العدة يستفاد مما ورد في إسلام أحد الزوجين.

لكن في صحيح أبي بكر الحضرمي عن أبي عبدالله عليه السلام: " قال: إذا ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة، وإن قتل أو مات قبل انقضاء العدة فهي ترثه في العدة، ولا يرثها إن ماتت، وهو مرتد عن الإسلام " كذا رواه في الكافي[11] ويأتي روايته بتمامه في الفقيه [12] والتهذيب [13] .

وهو صريح في بينونتها منه فيتعين تنزيل الإعتزال في موثق السكوني على ذلك. وأما تنزيل المقام على ما ورد في إسلام أحد الزوجين فهو بالقياس أشبه. ولا سيما أن ظاهر البينونة في الصحيح انقطاع العصمة. بل هو صريح ما يأتي في رواية الفقيه والتهذيب من أنها تبين كالمطلقة ثلاثاً وأنه إن أسلم وأراد الرجوع إليها فهو خاطب، ولا عدة عليها منه، الظاهر في فرض تزويجها منه في العدة. نعم هذه النصوص مختصة بارتداد الرجل.

أما ارتداد المرأة فإن كان لليهودية والنصرانية فقد سبق عدم بطلان النكاح معه. وإن كان لغيرهما فمقتضى القاعدة بطلان النكاح به، فيحتاج لتجديد النكاح حتى قبل انقضاء العدة. أما بناء على ما سبق في الرجل فظاهر. وأما بناء على انتظار ثلاثة أيام فيه لموثق السكوني أو إلى انقضاء العدة كما ذكروه، فإلحاق ارتدادها فيه بارتداده لا يخلو عن إشكال، لاختلافها عنه بأنها لا تقتل حتى لو كان ارتدادها فطرياً، بل يضيق عليها مهما طالت المدة.

وقد ظهر من جميع ما سبق أنه يلزم تجديد العقد لو رجعا للإسلام وأرادا الرجوع من دون فرق بين إسلام أي منهما، وكذا بين الرجوع منهما قبل انقضاء العدة وبعدها. بل يظهر منهم الإتفاق على تجديد العقد في الثاني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

قال الماتن قدس سره: ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم

بالنسبة للمسلم تقدم التفصيل بين اليهودية والنصرانية والمجوسية في الجملة وبقية الأديان الأخرى، أما تزويج المرأة من الكافر بأقسامه السيد قدس سره منع منه مطلقاً كما يظهر من الجماعة من دون فرق بين الكتابي وغير الكتابي، وهذه العبارة نفسها صرح بها في الوسيلة[14] ، ويستفاد مما ذكروه من جعل الإيمان معياراً في الكفاءة المعتبرة في النكاح، فإن الجماعة يتعرضون في أن الكفاءة المعتبرة في النكاح أن يكون الرجل مؤمناً، وما يأتي في مسألة ارتداد أو إسلام أحد الزوجين مما يظهر مفروغيتهم عنه فإنه في باب الارتداد إذا ارتد أحد الزوجين ما هو الحكم يبطل أو لا يبطل فهناك فرغوا عنه، فالمسألة فيما يبدو مفروغ عنها.

والآن نأتي لأدلتها، قوله تعالى ﴿وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ … ﴾

وقوله عزوجل ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾[15]

وتقدم الكلام في الآيتين، وذكرنا أنه إذا كنا نشكك في شمول المشرك للذمي فلا إشكال في شمول الكافر الكتابي لأنه كافر، والغائب كان في عصر وظرف نزول الآية هو غير الكتابي إلا أن إطلاق الكافر - وفي الأثناء يوجد من كفار الجزيرة العربية غير مشركين كما كان الشرك هو الشائع ولكن ليس معنى ذلك أنه لا يوجد كتابيين – فبمقتضى الإطلاق لا ترجعهن للكفار، وقوله تعالى ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ يكشف عن أن عدم الإرجاع ليس لانهم محاربين وإنما لأنهم كفرة، فهذا التعليل تارة لأنهم محاربون فحينئذٍ لا ترجعونهم، وتارة لأنه لا يحل فالآية عللت والتعليل ظاهر في أن المانع هو الكفر يعني لا يحل وليس المانع المحاربة باعتبار أن المحارب يغنم منه ولا يرجع المرأة له وإنما من باب لا يحل له ، فيكون مثل سائر المحرمات أي من باب الحرمة الذاتية كما الأم والأخت وأم الزوجة محرمات أيضاً الكافر محرم على المرأة، فهذا التعليل يكشف أن المنشأ هو عدم الحلية وإلا يكون تكراراً وما هي الفائدة من ذكر التعليل، فالعلة في عدم الإرجاع هو الكفر والكفر لا يحلل ولأنه لا حلية مع الكفر، فالأولى قد يقال بأنها لا تشمل اليهودي والنصراني ولكن الآية الثانية تشمل اليهودي والنصراني ومجرد شيوع الإبتلاء بالمشركين غير اليهود والنصارى وكونهم أكثر في جزيرة العرب لا يعني أن الآية تقتصر عليهم لأن الآية موضوعها الكفار وليس موضوعها المشركين.

ويوجد شيء أغفلناه، وهو أننا عندما تعرضنا إلى أن الكفر من موانع النكاح استدلينا بالآية وبرواية حفص فقط في قضية الأسير يتزوج في دار الكفر من الروم، ولكن عندنا روايات يذكرهم في الكافي[16] في باب معيار الإسلام ومعنى الإسلام وحدوده في باب الفرق بين الإيمان والإسلام، فبعد أن يشرح الإسلام يقول وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث والمناكح، فالأصل الأولي في حل النكاح هو الإسلام بمقتضى هذه النصوص الثلاثة المعتبرة والتي تضمن هذا المضمون وهو أن عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء، وهذا يعطينا قاعدة عامة وهي أن غير المسلم لا يتناكح مع المسلم رجلاً أو امرأة إلا ما أخرجه الدليل الخاص في قضية الكتابية على الكلام في الكتابية الذي تم التعرّض له، فهذه قاعدة وهي أن النكاح معياره بين الطرفين هو الإسلام مثل الميراث، وعليه فهذه الروايات تعطي قاعدة عامة وهي حصر المناكح بالإسلام ومعنى ذلك أنه بدونه لا نكاح بين الطرفين كما لا توارث ولا قصاص ولا حقن دم الا بعهد أو بجزية ولا يوجد عندنا حقن ذاتي إلا بالإسلام، فهذا بمقتضى عمومه يدل أن المؤمنة لا تتزوج كافر، وأما المؤمن بالكافرة فتقدم الكلام في ذلك ، فيكون من باب الترخيص ولا يوجد هكذا ترخيص في المقام.

ويعضده ويؤيده عدم السؤال عن هذه المسألة أبداً مع أن العكس وهو زواج المسلم من اليهودية والنصرانية والمجوسية يوجد سؤال عنها، وهذا يعني وجود مفروغية عن عدم الحل، فعدم السؤال بهذا الإطلاق يكشف عن المفروغية، ولا يوجد احتمال أن تكون المفروغية للحلية لأن الجماعة تسالموا على الحرمة والفتوى على هذا وهذا يكشف لنا أن المسألة واضحة وليست مورداً للسؤال والجواب، فالأدلة في المقام الإجماع والآية الثانية جداً والصحة والنصوص معيار على عموم عموم عدم التناكح وخرج منها زواج المسلم من اليهودية والنصرانية والمجوسية، وهو شيء مفروغ منه ومن عدم السؤال نفهم المفروغية، يبقى الكلام في الفروع وهي ما إذا ارتدا معاً وإذا أسلما معاً وهذه قضية ثانية.

قال الماتن قدس سره: ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول إنفسخ النكاح في الحال

فإذا حصل الإرتداد قبل الدخول ينفسخ العقد ولا يوجد احتمال للصحة وهذا لم يفرقوا به بين اليهودي واليهودية والنصراني والنصرانية والملحدين فالمراد مطلق الإرتداد، كما صرح بذلك غير واحد وادعي الإجماع عليه من غير واحد وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه " .

أما مع ارتداد الزوج فيقتضيه ما سبق من عموم عدم جواز المسلمة للكافر، فمعيار الزواج وهو الإسلام فقده فكما حلّ زواجه وهو مسلم بارتداده خرج عن حل الزواج وتحرم عليه ذاتاً كسائر المحرمات.

ويتضح وجهه بناء على ما سبق منهم من أن المرتد لا ينكح أحد الطرفين، ولكن هذا أمضيناه فيما لو ارتد الزوج، فإنه إذا ارتد الزوج فإنه لا يجوز الكافر للمسلمة.

أما إذا ارتدت الزوجة فالجماعة عندهم لا يصح، ونحن ذكرنا أنها إذا ارتدت لليهودية أو النصرانية فيصح لأنها صاحبة دين وعموم إطلاقات زواج اليهودية والنصرانية شامل له فيتعين البقاء على زوجيتها، فإن زواجها إبتداء جائز فضلاً عما إذا ارتدت بعد الزواج كما نبه لذلك في المسالك في بحث المرتد وإن كان ذلك لا يناسب ما ذكره في كتاب النكاح، وعليه يتعين الإقتصار في البطلان على ارتداد الزوجة لغير الدينين المذكورين، وأما المجوسية فعلى الكلام السابق.

وأما بعد الدخول، أيضاً يتوقف على انقضاء العدة كما صرحوا بذلك بنحو يظهر منهم المفروغية عن ذلك.

ويناسبه موثق السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام: المرتد تعزل عنه امرأته ولا تؤكل ذبيحته ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل يوم الرابع، إذا كان صحيح العقل [17] .

وهذه الرواية لا يوجد فيها تحديد العدة وإنما فيها تعبير يناسب عدم الحرمة بمجرد الإرتداد لأنها قالت تعزل عنه زوجته ولم تقل تبين عنه زوجته، فالرواية لم تعبّر تبين منه زوجته وإنما عبرت تعزل عنه زوجته ومعنى ذلك أنه يوجد حالة انتظار ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل بالرابع، ومعنى العزل أنه لا يوجد بينونة، فإذا لم يقتل لقضية ترجع، والجماعة حددوا بانقضاء العدة.

ونحوه خبر مسمع أيضاً نفس المضمون والعبارة ونفس الترتيب، وهذا يُحمل على غير المرتد الفطري وإنما يحمل على المرتد الملي وإلا فإن المرتد الفطري يأتينا حكمه فإنه يوجد عندنا أدلة خاصة وأنها تبين منه زوجته ويقسم ميراثه.

 


[1] ص290.
[4] الكافي ج2 ص25 باب أن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان ح1، 3، 5.
[5] ج30 ص47، و ج31 ص82.
[6] ج15 ص35.
[7] ج7 ص363.
[8] المبسوط ج3 ص485، تحرير الأحكام ج3 ص499، التذكرة ج2 ص647 و ص24 ص302 م 423، جامع المقاصد ج12 ص411، مسالك الأفهام ج7 ص364، نهاية المرام ج1 ص193.
[9] الفقيه ج3 ص89 ح2، الوسائل ج18 ص548 باب3 من أبواب حد المرتد ح5 وذيله.
[10] التهذيب ج0 ص138 ح7، الوسائل ج18 ص548 باب3 من أبواب حد المرتد ح5.
[11] الكافي ج7 ص153 ح3.
[12] الفقيه ج4 ص242 ح2.
[13] التهذيب ج9 ص373 ح1، الوسائل ج17 ص387 باب6 من أبواب موانع الإرث ح5.
[14] ص٢٩٠.
[16] ج٢ ص٢٥ باب أن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان ح١، ٣، ٥.
[17] الكافي ج٧ ص٢٥٨ ح١٧، الفقيه ج٣ ص٨٩ ح٢، الوسائل ج١٨ ص٥٤٨ باب٣ مِن أبواب حد المرتد ح٥، الوسائل طبعة ال البيت ج٢٨ ص٣٢٨.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo