< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله بقي أمران:

الأول: أن مقتضى صحيحي زرارة وأبي بصير المتقدمين وغيرهما مما تضمن أن أهل الذمة مماليك للإمام عليه السلام جريان حكم الإماء عليهم. ولذا لا يجوز للحر أن يتزوج على اليهودية والنصرانية أمة، لأنه لا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أمتين كما تضمنه صحيح أبي بصير. ومقتضاه عدم جواز الجمع للحر بين أكثر من اثنتين منهن، وأنه يجوز للعبد أن يتزوج أربعاً منهن. والثاني وإن لم يتعرضوا له، إلا أنه يكفي فيه إطلاق التنزيل المذكور.

الثاني: قد تضمنت جملة من النصوص على عدم جواز تزوج اليهودية والنصرانية على المسلمة، كمعتبر عبد الرحمن بن أبي عبدالله المتقدم وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: " قال: لا تتزوج اليهودية والنصرانية على المسلمة " [1] . ومعتبر أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام: " قال: لا تتزوجوا اليهودية والنصرانية على حرة متعة وغير متعة " [2] . وغيرها.

ومقتضى إطلاقها امتناعه ذاتاً وإن رضيت المسلمة.

لكن لا بد من رفع اليد عنه بصحيح هشام بن سالم المتقدم الوارد في اليهودية وخبر منصور بن حازم الوارد في الذمية المشار إليه آنفاً المتضمنين عدم التفريق بينهما لو تزوج باليهودية والذمية على المسلمة إذا رضيت المسلمة بعد ذلك. حيث يدل على أن المنع لمنافاته لحق المسلمة ولذا لو رضيت به بعد ذلك نفذ، كما في عقد كل فضولي، فيدل على جواز التزويج بها برضا المسلمة من أول الأمر، لعدم منافاته لحقها حينئذٍ.

وبذلك يجمع بين معتبر أبي بصير المتقدم الصريح في عدم جواز التمتع بها على المسلمة ومعتبر زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام: " سمعته يقول: لا بأس أن يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة [3] . وصحيح الحسن بن علي بن فضال عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام: " قال: لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرة " [4] . لظهور أن المراد بالمرأة والحرة المسلمتان، لأنهما الفرد الشائع، ولعدم المنشأ لتوهم المنع في غيرهما، فيحمل إطلاق معتبر أبي بصير على صورة عدم استئذانها وإطلاق الحديثين الأخيرين على صورة استئذانها بقرينة صحيح هشام بن سالم وخبر منصور.

ودعوى [5] : أن منصرف الصحيح والخبر المذكورين الزواج الدائم. فيتعين الجمع بين معتبر أبي بصير وحديثي زرارة والحسن بالحمل على كراهة زواج الكتابية على المسلمة، كما هو الحال في سائر موارد الجمع بين دليلي الترخيص والمنع.

مدفوعة: بأنه لو تم انصراف الصحيح والخبر للزواج الدائم أمكن استفادة عموم حكمهما للمتعة تبعاً بلحاظ أن الكراهة في معتبر أبي بصير إن كانت بلحاظ كراهة زواج الكتابية فهو لا يناسب ظهور الحديثين في المفروغية عن جواز الزواج بالكتابية، وأن النهي إنما هو عن إدخالها على المسلمة، فموضوع النهي هو الإدخال لا أصل الزواج. وإن كانت بلحاظ مرجوحية نفس الإدخال فالمرجوحية إن كانت ذاتية فهو لا يناسب سياق زواج المتعة مع الزواج الدائم في مساق واحد، بعد صراحة حديثي هشام والحسن في أن مرجوحية الإدخال في الدائم بلحاظ حق المسلمة. وإن كانت بلحاظ منافاته لحق المسلمة وإن لم يكن إلزامياً، بل أدبياً. فهو أيضاً مناف لسياقهما في الحديثين المذكورين في مساق واحد، ولا سيما أن زواج المتعة أسبق ذكراً في معتبر أبي بصير، بل جعل عموم المعتبر قرينة على عموم حال التزويج الذي تضمنه صحيح هشام وخبر الحسن للمتعة أهون كثيراً من التفكيك بينهما. ولا سيما بلحاظ ما تضمن لزوم استئذان الحرة في التمتع بالأمة، وهو صحيح محمد بن إسماعيل: " سألت أبا الحسن عليه السلام هل للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرة؟ قال: نعم إذا [ كان بإذن أهلها إذا. يب [6] ] رضيت الحرة . . . " [7] . حيث يصلح بنفسه للاستدلال في المقام بضميمة ما سبق من كون أهل الكتاب مماليك للإمام عليه السلام. كما يصلح أن يكون مؤيداً لما ذكرنا مع قطع النظر عن التنزيل المذكور.

قوله قدس سره: إشكال

فقد نفى في الخلاف [8] والمبسوط [9] الخلاف في حرمة نكاحها، وادعى في التبيان [10] الإجماع عليه.

وهو المتعين بناء على حرمة التزويج باليهودية والنصرانية، لعموم النهي عن نكاح الكوافر.

وكذا بناء على كون الدليل عليه النصوص، لأن فيها ما تضمن النهي عن نكاح أهل الكتاب، كما سبق، بناء على كونهم منهم، أما لو لم يكونوا منهم فالأمر أظهر، لعدم المخرج عن عموم حرمة نكاح الكوافر.

وأما بناء على جواز التزوج باليهودية والنصرانية، فإن كان الدليل عليه النصوص فهي مختصة بهما. وإن كان الدليل عليه قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [11] وما بلسانها من النصوص، فمن القريب عمومه لهم، لكثرة النصوص المتضمنة أن لهم كتاباً والآمرة بأن يسن بهم سنة أهل الكتاب وفيه المعتبر سنداً [12] .

نعم في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: " سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال: لا. ولكن إذا كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها، ويعزل عنها ولا يطلب ولدها " [13] . وتقدم في صحيح إسماعيل بن سعد [14] النهي عن التمتع بالمجوسية.

لكن في معتبر محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام: " سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال: لا بأس. قلت: فمجوسية؟ قال: لا بأس به. يعني متعة " [15] . والتفسير وإن كان من الراوي على الظاهر إلا أنه يصعب معه البناء على العموم لأنه الأعرف بقرائن المقام. ونحوه في جواز التمتع بالمجوسية خبر منصور الصيقل أو معتبره ومرسل حماد بن عيسى [16] .

ومن هنا يتعين حمل النهي عن التمتع بها في صحيح إسماعيل على الكراهة، وحمل إطلاق النهي عن الزواج بها في صحيح محمد بن مسلم على الدائم.

وحيث لا قرينة على حمله على الكراهة فلا مجال للخروج عن ظهوره في حرمة الدائم لمجرد كونها تشارك اليهودية في كونها كتابية أو هي بحكمها. وإن كان ذلك مظنوناً.

وبذلك يظهر الحال في بقية الأديان كالصابئة وغيرهم، حيث لا مجال للبناء على جواز الزواج منهم وإن ادعوا أن لهم كتاباً بعد أن لم يكن ذلك معلوماً لدينا ولا ثابتاً من طرقنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

بعد أن انتهى الكلام إلى أن الظاهر جواز التزويج باليهودية والنصرانية للآية وللنصوص المتقدمة.

يقع الكلام في أمرين:

الأمر الأول: أنه ورد في صحيحي زرارة وأبي بصير المتقدمين أنهما بمنزلة الإماء لأنهن مماليك للإمام عليه السلام، فإنه يرتّب أثراً على هذا وهو أنه لا يجوز أن يتزوج عليهما أمة لأنه لا يجوز الجمع بين ثلاث إماء، والنصوص الدالة على أن أهل الكتاب مماليك للإمام عليه السلام كثيرة ومتعددة في موارد مختلفة، ورواية أبي بصير تعرضت إلى أنه لا يصح أن يتزوج عليهن أمة لأنه لا يجوز للحر الجمع بين ثلاث إماء، ومقتضى هذا أن للعبد أن يتزوج أربعة إماء، ولكن الجماعة لم يتعرّضوا لهذه التفاصيل، فإن متتقضى التنزيل هو ما ذكرناه وهو ترتيب الأثر وأحد الأثرين ترتب فإن النصوص صرحت به وهو أنه لا يجوز أن يتزوج عليهما أمة، ولكن مقتضى القاعدة أنه يجوز الجمع بين ثلاثة ويجوز للعبد أن يتزوج أربعة إماء كما هو مقتضى إطلاق الآية الكريمة ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾فمقتضى هذا أن العبد له أربعة إماء وحتى الحر كذلك لولا ما ورد من أن الحر ليس له أكثر من أمتين والعبد لَيس له أكثر من حرتين، لكن المهم مقتضى التنزيل المذكور هو ترتب أحكام الأمة في باب الزواج فليس للحر أن يجمع بين أكثر من أمتين والعبد له أن يجمع بين أربعة إماء، والثاني مطابق للقاعدة العامة، ولكن يبقى عندنا هذا لم يتعرّضوا وهو أن يجمع بين ثلاثة، وعليه فالبناء على ذلك ليس غريباً.

وخلاصة القول، أن تزويج العبد أربعة إماء هو مقتضى الإطلاق، وعدم تزويج الحر أمة مع يهودية ونصرانية منصوص، يبقى عندنا أن التنزيل يفيدنا أن الحر ليس له أن يجمع بين ثلاث من أهل الكتاب وهذا مقتضى التنزيل وترتيب الأثر.

الأمر الثاني: أنه تضمنت جملة من النصوص عدم جواز تزويج اليهودية والنصرانية على المسلمة، وله أن يتزوج المسلمة على اليهودية والنصرانية ولها قسمة وللمسلمة ثلثان وهذا تقدم عندنا في معتبر عبد الرحمن بن أبي عبدالله، وهذا فيه نصوص متعددة، كصحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: قال: لا تتزوج اليهودية والنصرانية على المسلمة. [17] ، ومعتبر أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام: لا تتزوجوا اليهودية ولا النصرانية على حرة متعة وغير متعة " [18] . وغيرها. ومقتضى الإطلاق أن هذا الحكم حرام ذاتاً سواء رضيت المسلمة أم لم ترضى، فإنه عندما يقول لا تزوج اليهودية على الحرة مثل لا تتزوج الأخت على أختها مطلقاً.

ولكن عندنا صحيح هشام بن سالم [19] يقول أنه لو تزوج عليها من دون إذنها يضرب الحد ويفرق بينهما إلا أن ترضى الحرة فلا يفرق بينهما، وكذلك خبر منصور بن حازم [20] ، لكن الإشكال هو اختلافهما في الحد وخبر هشام بن سالم في اليهودية وخبر منصور بن حازم في الذمية، وإن كان الشيخ رحمه الله يرويه بالأمة [21] ، لكن بمقتضى المقابلة مِن أنه لا تزوج الأمة على المسلمة يقتضي أن لا تكون العبارة بالأمة وإنما يقتضي الذمية كما رواه الكليني [22] وما ذكره الشيخ خلاف المقابلة فالظاهر أن الخطأ في رواية الشيخ والصحيح رواية الكليني، وعلى كل حال صحيح هشام بن سالم وخبر منصور بن حازم يتضمنان هذا المعنى والإختلاف في أنه يضرب الحد أو لا يضرب الحد، لكن المهم أنه لا يفرق بينهما ومقتضى ذلك أن التحريم ليس ذاتياً وإنما التحريم حقي بمعنى أنه من حقوق المسلمة فيكون مثل قضية العمة والخالة، فإذا صاحب الحق رضي نفذ كما هو الحال في كل عقد فضولي، فإن العقد الفضولي هو عبارة عن منافاة العقد لحق الأخرين وإلا العقد ذاتاً صحيح وليس فيه خلل وإنما خلله لأنه منافٍ لسلطنة الغير فإذا صاحب السلطنة أجاز جاز ومعنى ذلك أن صاحب السلطنة له أن ينفّذ، وعليه فبمقتضى رواية هشام بن سالم ورواية منصور بن حازم أنه إذا رضيت النكاح صحيح وعليه نفهم من هذا بأنه إنما يكون النكاح صحيح لأنّ صاحب الحق أعمل حقه، فإذا إبتداءً رضيت لا يكون عندنا منافاة لصاحب الحق، فحينئذٍ يكون هذا شاهد على التقييد وأنه إذا كان بإذن المسلمة نفذ الزواج لعدم منافاته للحق – فإن المانع هو منافاته للحق – وعليه فبعد أن كان عندنا طائفتان من النصوص، طائفة تمنع وطائفة تصحح بعد الرضا، ومعنى ذلك أن العقد لا مانع ذاتي مِنْه وإنما المانع عرضي لمنافاته للحق، سواء كان في الدوام أم في المنقطع فإنه اذا كان في الدائم الذي هو أشد من المتعة المانع منه عرضي ففي المتعة أولى، مضافاً إلى أنه قد يكون مقتضى إطلاق صحيح هشام بن سالم – يفرق بينهما – سواء لأنه لَيس المفروض بالتفريق الطلاق وإنما العقد باطل وعليه فإذا كانت المدة باقية يفرق بينهما وإذا رضيت يبقى العقد، فالروايتان الشريفتان تضمنا هذا المعنى أنه إذا لم ترضى فرق بينهما والمراد بالتفريق لَيس الطلاق وإنما يجبر على التفريق لأنّ العقد غير نافذ فإذا رضيت المسلمة نفذ العقد وإذا نفذ لا يفرق بينهما.

إلى هنا سوف يكون عندنا شيء أخر، وهو أن مقتضى معتبر أبي بصير " لا تزوج اليهودية والنصرانية على حرة متعة وغير متعة " والمراد بالمرأة في صحيح هشام والحرة في معتبر أبي بصير هي المسلمة لأنه هو الشائع أولاً، وثانياً لأنه إذا لم تكن مسلمة فلا منشأ للمنع حتى الشارع يرخّص، وإنما الإشكال في أن هذه المسلمة لها حرمتها فهل يجوز أو لا يجوز، فإن رواية هشام بن سالم لا تزوج اليهودية والنصرانية على المرأة ورواية أبي بصير لا تزوج اليهودية على الحرة فإذا كانت المرأة الأولى يهودية فلا منشأ للمنع، وعليه فلا بد أن يكون المراد فيما لو كانت مسلمة، وعليه فرواية أبي بصير تصرّح أنه لا فرق بين المتعة والدوام في أنه لا يجوز إدخالها على المسلمة، ومعنى ذلك أنه في كليهما لا يجوز.

بينما عندنا روايتان معتبر زرارة قال: سمعته يقول: لا بأس أن يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة.[23]

وصحيح الحسن بن علي بن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية والنصرانية وعنده حرة. [24] .

وعليه سيكون عندنا تعارض، فهناك لا تزوج اليهودية والنصرانية على المسلمة أو على المرأة متعة وغير متعة ومعنى ذلك أنه في المتعة لا يجوز، بينما معتبر زرارة وصحيح الحسن بن فضال يقولان يجوز في المتعة، فيكون عندنا إطلاقان متنافيان، إطلاق المنع وإطلاق الجواز، فحينئذٍ تكون رواية هشام شاهد جمع، وهو أنه إذا كان بإذنها جاز واذا لم يكن بإذنها فلا يجوز، فهو جائز في ذاته لكنه موقوف على إذنها، ففي الدوام عندنا طائفة واحدة وهي المانعة لكن رواية هشام نبهت إلى أن المنع ليس ذاتياً وإنما المانع عرضي لأنه مناف للحق، وعليه فإذا صاحب الحق أعمل حقه نفذ، بينما في المتعة عندنا طائفتان متعارضتان، فيكون عندنا إطلاقان متنافيان ويكون صحيح هشام شاهد جمع بينهما، ويرجع إلى أن النهي لَيس ذاتياً وإنما نهي عرضي بلحاظ كونه مناف للحق.

وبعبارة أخرى أن مقتضى إطلاق الأول أنه يجوز ذاتاً، ومقتضى إطلاق الثاني أنه لا يجوز ذاتاً، فيكون تنافي بين الإطلاقين فتأتي رواية هشام بن سالم تنبه إلى أن القضية قضية حق، وعليه فالدليل المانع في فرض عدم الإستئذان لمنافاته للحق، والدليل المجوز في فرض الإستئذان لعدم منافاته للحق، وإذا وقع فلها أن تمضِ كما هو الحال في سائر موارد منافاة الحقوق كما تتضمنه رواية هشام بن سالم، فتكون رواية هشام بن سالم شاهد جمع بين الإطلاقين، ففي المتعة عندنا نصوص ناهية ونصوص مجوزة وفي الدوام لا يوجد عندنا هكذا شيء فإنه عندنا فقط نهي، لكن رواية هشام شاهد على أن النهي لَيس ذاتياً وإنما عرضي باعتبار منافاته للحق فإذا صاحب الحق أعمل حقه فلا مانع فإنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا أجاز جاز - وهو إطلاق رواية زرارة الوارد في تزويج العبد-.

والخلاصة أن رواية هشام بن سالم تدل أن القضية قضية حق للسابقة فإذا هي أعملت حقها – سواء قبل العقد قبلت أو بعد العقد أجازت – نفذ العقد، وعليه تكون النتيجة أنه يجب الإستئذان في الدائم والمنقطع وبلا إذن لا يصح لمنافاته لحقها، وعليه فيجوز الزواج ذاتاً إلا أن ينافي حق السابقة فإذا كان منافياً لحق السابقة فلا يجوز فإذا أجازت السابقة أو أذنت جاز.

قال الماتن قدس سره: وفي عموم الحكم للمجوسية وإن كانت كتابية إشكال

فقد نفى في الخلاف [25] والمبسوط [26] الخلاف في حرمة تزويجها، وادعى في التبيان [27] الإجماع عليه.

وهو المتعين بناء على حرمة التزويج باليهودية والنصرانية لعموم النهي عن نكاح الكوافر.

وكذا بناء على كون الدليل هي النصوص الخاصة المانعة في اليهودية والنصرانية، فإنها وأن كانت مانعة في اليهودية والنصرانية وغير متعرضة للمجوسية إلا أن مقتضى عموم النهي عن زواج الكافرة أيضاً يقتضي المنع عن الزواج بالمجوسية.

وأما بناء على جواز التزويج باليهودية والنصرانية، فإذا كان الدليل النصوص، فالنصوص مختصة باليهودية والنصرانية ولا تعم المجوسية، وإن كان الدليل الآية الكريمة ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَ لا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ فمقتضى﴾ القاعدة صحة الزواج بالمجوسية لأنه ورد عندنا نصوص – وإن كانت ضعيفة - أنهم بحكم أهل الكتاب وهو متسالم عليه، سواء كانوا هم أهل كتاب كما تضمنته النصوص أو أجري عليهم حكم أهل الكتاب فيتعين حينئذ جواز نكاحهم. وعليه فإذا كان الدليل النصوص فالنصوص مختصة باليهودية والنصرانية، وإذا كان الدليل الآية فالآية تعمهم ولو بضميمة التنزيل.

نعم في صحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال: لا، ولكن إذا كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ولا يطلب ولدها.[28]

وتقدم في صحيح إسماعيل بن سعد النهي عن التمتع بالمجوسية، صحيح إسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألته عن الرجل يتمتع من اليهودية والنصرانية قال: لا أري بذلك بأسا، قال: قلت: فالمجوسية؟ قال: أما المجوسية فلا. فهذه تكون مؤيدة للموضوع.

لكن في معتبر محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: لا بأس، فقلت: فمجوسية؟ فقال: لا بأس به يعني متعة.[29]

وهذه يعني متعة على الظاهر من محمّد بن سنان، وتفسير الراوي نقبل به فإنه مطلع على قرائن الأحوال، نعم تارة يأتي غير الرواي ويفسر فنقول له بأن تفسيرك إجتهاد، أما عندما نفس السائل - العارف بالقرائن الحالية والمقالية المحيطة بالكلام حين صدوره - يفسّر يصعب البناء على التعميم بحيث نلغي هذا التفسير، فمقتضى الجمع بينه وبين ما سبق أنه لا يجوز الزواج بها دائماً ويجوز الزواج بها منقطعاً، وعليه يتعيّن حمل النهي عن التزوج بها متعة على الكراهة.

 


[1] النوادر ص116، الكافي ج5 ص357 ح4، الوسائل ج14 ص418 باب7 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح1.
[2] الفقيه ج3 ص293 ح6، الوسائل ج14 ص419 باب7 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح5.
[3] التهذيب ج7 ص256 ح29، الوسائل ج14 ص415 باب4 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح2.
[4] التهذيب ج7 ص256 ح28، الوسائل ج14 ص415 باب4 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح1.
[5] مختلف الشيعة ج7 ص241.
[6] التهذيب ج7 ص257 ح37.
[7] الكافي ج5 ص463 ح3، الوسائل ج14 ص464 باب16 من أبواب المتعة ح1.
[8] ج4 ص313 م 85.
[9] ج3 ص451.
[10] ج2 ص218.
[11] سورة المائدة، آية 5.
[12] التهذيب ج10 ص186، 188 ح28، 36، الوسائل ج19 باب13 ص161، 162 من أبواب ديات النفس ح7، 11. التهذيب ج10 ص187 ح43، الوسائل ج19 باب14 ص163 من أبواب ديات النفس ح4.
[13] النوادر ص120، الفقيه ج3 ص258 ح8، الوسائل ج14 ص418 باب6 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح1.
[14] التهذيب ج7 ص256 ح30، الوسائل ج14 ص461 باب13 من أبواب المتعة ح1.
[15] التهذيب ج7 ص256 ح31، الوسائل ج14 ص462 باب13 من أبواب المتعة ح4.
[16] التهذيب ج7 ص256 ح32، 33، الوسائل ج14 ص462 باب13 من أبواب المتعة ح5 وذيله.
[17] النوادر ص١١٦، الكافي ج٥ صفحة ٣٥٧ حديث ٤، وسائل الشيعة ج١٤ ص٤١٨ باب٧ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح١، وجزء ٢٠ ص٥٤٤ طبعة ال البيت.
[18] الفقيه ج٣ ص٢٩٣ ح٦، وسائل الشيعة ج١٤ ص٤١٩ باب٧ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح٥، وجزء ٢٠ ص٥٤٥ طبعة ال البيت.
[19] عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تزوج ذمية على مسلمة قال: يفرق بينهما ويضرب ثمن حد الزاني اثني عشر سوطا ونصفا، فان رضيت المسلمة ضرب ثمن الحد ولم يفرق بينهما، قلت: كيف يضرب النصف؟ قال: يؤخذ السوط بالنصف فيضرب به.
[20] عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج ذمية على مسلمة ولم يستأمرها قال: ويفرق بينهما، قال: فقلت: فعليه أدب؟ قال: نعم، اثنى عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر، قلت: فإن رضيت المرأة الحرة المسلمة بفعله بعد ما كان فعل؟ قال: لا يضرب ولا يفرق بينهما يبقيان على النكاح الأول.
[21] التهذيب ج١٠ ص١٤٤ ح٣.
[22] الكافي لا تزوج الذمية على المسلمة – الكافي ج٧ ص٢٤١ ح٨.
[23] التهذيب ج٧ ص٢٥٦ ح٢٩، وسائل الشيعة ج١٤ ص٤١٥ باب٤ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح٢، وج٢٠ ص٥٤٠ طبعة ال البيت.
[24] التهذيب ج٧ ص٢٥٦ ح٢٨، وسائل الشيعة ج١٤ ص٤١٥ باب٤ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ح١، و ج٢٠ ص٥٣٩ طبعة ال البيت.
[25] ج4 ص313 م 85: لا تجوز مناكحة المجوس بلا خلاف.
[26] ج3 ص451 قال: لضرب الثالث من له شبهة كتاب وهم المجوس، قال قوم هم أهل الكتاب كان لهم كتاب ثم نسخ ورفع من بين أظهرهم، وقال آخرون: ما كان لهم كتاب أصلا وغلب التحريم، فقيل على القولين: بحقن دمائهم ببذل الجزية، وتحريم مناكحتهم وذبايحهم بلا خلاف، إلا أبا ثور فإنه قال يحل مناكحتهم، وقد أجاز أصحابنا كلهم التمتع بالكتابية، ووطيها بملك اليمين، ورووا رخصة في التمتع بالمجوسية .
[27] ج2 ص218 قال: فأما المجوسية، فلا يجوز نكاحها إجماعاً.
[28] النوادر ص١٢٠ ح٣٠٥، الفقيه ج٣ ص٢٥٨ ح٨، الوسائل ج٤١٨ باب٦ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح١، وج٢٠ ص٥٤٣ طبعة ال البيت.
[29] التهذيب ج٧ ص٢٥٦ ح٣١، الوسائل ج١٤ ص٤٦٢ باب١٣ مِن أبواب المتعة ح٤، و ج٢١ ص٣٨.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo