< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/05/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يتزوج النصرانية على المسلمة والأمة على الحرة فقال: لا تزوج واحدة منهما على المسلمة وتزوج المسلمة على الأمة والنصرانية وللمسلمة الثلثان وللأمة الثلث " [1] .

والظاهر المراد بالثلث والثلثين في القسمة في المبيت، كما تضمنته النصوص في الأمة [2] إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

ونصوص التمتع بالكتابية، كصحيح إسماعيل بن سعد: " سألته عن الرجل يتمتع باليهودية والنصرانية. قال: لا أرى به بأساً. قلت: فالمجوسية؟ قال: أما المجوسية فلا " [3] .

ومعتبر زرارة قال: سمعته يقول: لا بأس أن يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة " [4] . وغيرهما.

هذا وقد يجمع بين الطائفتين بحمل الأولى على الدوام والثانية على المتعة بشهادة نصوص المتعة. وكأنه هو الوجه في التفصيل بينهما في المراسم [5] والكافي [6] والمهذب [7] والشرائع [8] والنافع [9] وجملة من كتب العلامة [10] واللمعة [11] .

لكن حمل نصوص الجواز الكثيرة على خصوص المتعة بعيد جداً، بعد كون أظهر أفراد الزواج هو الدائم. ولا سيما بملاحظة صحيح معاوية بن وهب، فإن هوى المرأة يقتضي تزويجها دواماً. كما أن نهيها عن شرب الخمر وأكل لحم الخنزير يناسب معاشرته لها في بيته.

بل لا مجال لذلك في صحيح أبي بصير، لظهور أن زواج المتعة لا ينحصر في عدد، ولا يدخله الطلاق، ولا في صحيح عبد الرحمن بن أبي عبدالله، لأن المتمتع بها لا يقسم لها.

ومثله حمل نصوص الجواز على صورة الضرورة وعدم وجود المسلمة، بقرينة النصوص المصرحة بالجواز حينئذٍ، كموثق حفص بن غياث المتقدم الوارد في الأسير، وما تضمن النهي عنه مع وجود المسلمة، كمعتبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: " قال: لا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة " [12] . وغيره.

إذ فيه: أنه لا مجال لحمل النصوص المذكورة مع كثرتها واختلاف مواردها على ذلك لندرته، أو قلة موارده. بل هو خلاف صريح صحيح معاوية بن وهب. وحمله – كما في الوسائل – على الهوى الغالب [13] ، ليكون من مصاديق الضرورة. غريب في نفسه لا يناسبه لسان الصحيح جداً. وكذا معتبر هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه: " في رجل تزوج ذمية على مسلمة. قال: يفرق بينهما، ويضرب ثمن حد الزاني اثنا عشر سوطاً ونصفاً. فإن رضيت المسلمة ضرب ثمن الحد ولم يفرق بينهما. . . " [14] .

وفي خبر منصور بن حازم عنه عليه السلام: "قلت: فإن رضيت المسلمة بفعله بعد ما كان فعل؟ قال: لا يضرب ولا يفرق بينهما . . . " [15]

ومعتبر محمد بن مسلم أو موثقه عن أبي جعفر عليه السلام: " سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية. فقال: لا بأس به. أما علمت أنه كانت تحت طلحة بن عبيدالله يهودية على عهد النبي صلى الله عليه وآله " [16] . وقريب منه موثق أبي مريم [17] .

وربما تحمل نصوص الجواز – كما في التهذيب – على المستضعفة [18] ، بقرينة معتبر زرارة بن أعين عن أبي عبدالله عليه السلام: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن نكاح اليهودية والنصرانية. فقال: لا يصلح للمسلم أن ينكح يهودية ولا نصرانية. إنما يحل منهن نكاح البله " [19] .

لكنه بعيد جداً لا يناسب إطلاقات نصوص الجواز الكثيرة، خصوصاً صحيح أبي بصير المتقدم تعليل الحل بأنهن مماليك الإمام، وقد أحلوا عليهم السلام ذلك لشيعتهم.

كما لا يناسب بعض نصوص المنع المتضمن استفادته من قوله تعالى: ﴿ولا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ [20] لظهور عمومه في حق غير الذميات للمستضعفة.

بل جميع التفاصيل المتقدمة لا تناسب ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

كان الكلام في تزويج الكتابية، وتقدم عندنا التعرض لنصوص المنع بما في ذلك الآيتان الكريمتان، كما تعرضنا لنصوص الجواز، ونصوص الجواز لا نستطيع أن نستوفيها وإنما نذكر منها ما قد يفيدنا في أثناء الحديث، وإلا فإن النصوص لكلا الطرفين - المانعة والمجوزة - كثيرة.

فمن النصوص كما تقدم :

موثق حفص بن غياث الوارد في الأسير قال: كتب بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله عليه السلام عن مسائل فسألته عن الأسير هل يتزوج في دار الحرب؟ فقال: أكره ذلك، فإن فعل في بلاد الروم فليس هو بحرام هو نكاح وأما في الترك والديلم والخزر فلا يحل له ذلك [21] .

وصحيح معاوية بن وهب وغيره جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية، فقال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أن عليه في دينه غضاضة[22] .

وصحيح زرارة، " عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني وطلقها هل عليها عدة مثل عدة المسلمة؟ فقال: لا لأن أهل الكتاب " الكتابين. يب " مماليك للإمام ، ألا ترى أنهم يؤدون الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى مواليه، قال: ومن أسلم منهم فهو حر تطرح عنه الجزية، قلت: فما عدتها إن أراد المسلم أن يتزوجها؟ قال: عدتها عدة الأمة حيضتان أو خمسة وأربعون يوما قبل أن تسلم …[23] .

وصحيح أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: إن أهل الكتاب مماليك للامام وذلك موسع منا عليكم [ خاصة. كافي ] فلا بأس أن يتزوج قلت: فإنه يتزوج عليهما أمة قال: لا يصلح له أن يتزوج ثلاث إماء، فان تزوج عليهما حرة مسلمة ولم تعلم أن له امرأة نصرانية ويهودية ثم دخل بها فان لها ما أخذت من المهر فان شاءت أن تقيم بعد معه أقامت، وإن شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت وإذا حاضت ثلاثة حيض أو مرت لها ثلاثة أشهر حلت للأزواج، قلت: فان طلق عليها اليهودية والنصرانية قبل أن تنقضي عدة المسلمة له عليها سبيل أن يردها إلى منزله؟ قال: نعم [24] .

فهذا أيضاً يدل على المفروغية على الجواز، غايته هن مماليك فيحتاج إلى إذن والإمام عليه السلام خَص الإذن بشيعته.

وأيضاً عندنا صحيح عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل للرجل أن يتزوج النصرانية على المسلمة، والأمة على الحرة؟ فقال: لا تزوج واحدة منهما على المسلمة، وتزوج المسلمة على الأمة والنصرانية، وللمسلمة الثلثان وللأمة والنصرانية الثلث[25] .

والظاهر أن المراد بالثلث والثلثان القسمة، كما ورد في الإماء، فإن من تزوج أمة تكون القسمة بينها وبين الحرة بالتثليث يعني الأمة ليلة والحرة ليلتان . إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة.

وأيضاً عندنا نصوص التمتع بالكتابية.

كصحيح إسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألته عن الرجل يتمتع من اليهودية والنصرانية قال: لا أري بذلك بأساً، قال: قلت: فالمجوسية؟ قال: أما المجوسية فلا [26] .

ومعتبر زرارة قال: سمعته يقول: لا بأس أن يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة [27] .

فهذه نصوص الجواز في مقابل نصوص المنع.

هذا وبعض الجماعة حاولوا أن يحملوا النصوص على التفصيل بالجواز في المتعة والمنع في الدوام، وجعلوا شاهد الجمع - بين النصوص المتقدمة - نصوص المتعة، فتكون نصوص المتعة مخصصة لنصوص المنع وتكون نصوص المنع مختصة بالدائم فتخصص نصوص الجواز، وهذا أشبه بانقلاب النسبة بحيث بعد أن يكون عندنا قسم خاص مخالف لأحد القسمين فحينئذٍ يقيده فالقسم المقيّد سوف يقصر فيقيد القسم الثاني أو يكون شاهد جمع بين النصوص، وهذا المعنى فيما يبدو جعل جماعة يذهبون إلى هذا التفصيل ،

وهذا كما في المراسم[28] والكافي لأبي الصلاح [29] والمهذّب[30] والشرائع[31] والنافع[32] وجملة من كتب العلامة[33] واللمعة[34] ، ففصّلوا بهذا التفصيل وكأن منشأ التفصيل هو الجمع بين النصوص بذلك.

لكن نقول عندما نتأمل نرى أن حمل نصوص المنع على الدوام ممكن، لأن الدوام هو الشائع فيمكن أن يكون المتعة مستثناة من العموم وهذا ليس شيئاً غريباً، ولكن العكس صعب يعني النصوص الدالة على الجواز نحملها على خصوص المتعة فجداً بعيد، لأن زواج المتعة ليس هو الزواج المعروف والمتعارف والمعهود، فعندما يكون الشيء فرد غير معهود فحمل النصوص الكثيرة التي تقدم بعضها على خصوص المتعة جداً صعب، فإن المتعة حالة إستثنائية عرفاً فبالوضع الطبيعي تحتاج النصوص لحملها على المتعة إلى تقييد، فعندما تأتي النصوص مطلقة ونحملها على خصوص المتعة فهذا من أصعب الأشياء ولا يكون هذا جمعاً عرفياً، وهذا الحمل أشبه ما يكون بالحمل على الفرد النادر المغفول عنه.

بل هو لا يناسب جملة من نصوص المقام، كصحيح معاوية بن وهب، فإن الشخص عندما يحب امرأة لا يتزوجها فقط متعة فإن هذا شيء غير طبيعي، أضف إلى ذلك قول الامام عليه السلام أن يمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، فإن هذا مما يدل على حالة المعاشرة المستمرة لا قضاء وطر في ساعات، فإن الفقيه لا بد أن يلاحظ نكات الموضوع.

أضف الى ذلك ما في صحيح أبي بصير الذي يقول إذا تزوجها لا يكون أكثر من أمتين مع أن زواج المتعة لا ينحصر بعدد، فمِن حصره بعدد معنى ذلك أن المراد الدوام ويكون نصاً في الدوام تحقيقاً.

ثم صحيح أبي بصير بعد هذا، قال: فإن تزوج عليها مسلمة وهي لا تعلم كان للمسلمة الخيار فإذا ذهبت لأهلها ومضى عليها ثلاثة أشهر تنفصل بلا حاجة إلى طلاق، قلت: فإن طلق عليها اليهودية والنصرانية قبل أن تنقضي عدة المسلمة له عليها سبيل أن يردها إلى منزله، قال: نعم.

ومعنى ذلك أنه فرض الطلاق والمتعة ليس فيها طلاق.

وكذلك نص عبد الرحمن بن أبي عبدالله الذي قال لها ليلة من ليلتين، مع أنه في المتعة ليس لها قسمة ولا تدخل في القسمة وإنما الذي يدخل في القسمة هو الدوام، فالثلث والثلثان وارد في الإماء فإنه عندنا في باب الأمة مطلقاً واليهودية والنصرانية ملحقتان بالأمة فيكون حكمهما حكم الأمة في ذلك ، ومعنى ذلك أنه يكون عندنا قسمة وهذا لا يأتي في المتعة فإن المتعة ليس فيها قسمة، فهذه النصوص إذن صريحة في الدوام، وعليه فكيف يتحقق الجمع بذلك ،

الخلاصة حمل نصوص الجواز على خصوص المتعة صعب، ولا سيما في مثل صحيح معاوية بن وهب الذي يتضمن أن له فيها هوى، وأيضاً أن يمنعها من الخمر والخنزير، وكذا النصوص المتضمنة للطلاق أو للقسمة أو العدد لا يجرون في المتعة، وعليه فكيف يمكن حمل نصوص الجواز على خصوص المتعة،

ونكرر أصل حمل المطلقات على خصوص المتعة بعيد للغاية لأنه حمل للمطلقات على الفرد الإستثنائي ، ونحن عادة عندما نطلق الزواج ونريد الدوام لا نحتاج إلى تقييد بينما إرادة خصوص المتعة منه غالباً تحتاج إلى تقييد فتقول تزوجت فلانة متعة وإلا عند الإطلاق ينصرف للدوام ولا داعي ولا حاجة لتقييده .

وأيضاً قلنا بعض النصوص المجوّزة تصرّح بالدوام تقريباً أو تحقيقاً باعتبار أن الأحكام التي تضمنتها لا تناسب المتعة، ولا موضوع لها مع كون الزواج متعة . فهذه من الشواهد على عدم صحة هذا الحمل . وإن كان الذين قالوا به من أكابر العلماء .

ومثل هذا الحمل حمل نصوص الجواز على صورة الضرورة وعدم وجود المسلمة، بقرينة النصوص المصرّحة بالجواز حينئذٍ كموثق حفص بن غياث المتقدم الوارد في الأسير فإنه بالوضع الطبيعي لا يوجد عنده مسلمة فله أن يتزوج، وما تضمن النهي عنه مع وجود المسلمة

كمعتبر محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث " قال: لا ينبغي للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة [35] . وغيره.

فيجعل هذا شاهد على هذا التفصيل فمع الضرورة يجوز وإلا فلا.

لكن هذا يرد عليه نفس الإشكال الأول، وهو أن حمل الإطلاقات على خصوص الضرورة من أصعب الأشياء، فالنصوص مطلقة ولا تنبه لحالة الضرورة بل في بعضها كصحيح أبي بصير " سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: إن أهل الكتاب مماليك للامام وذلك موسع منا عليكم [ خاصة. كافي ] فلا بأس " و الجمع بين الإثنين لا يكون فيه ضرورة، فإذا كان عنده يهودية فهي كافية، فالقضية ليست قضية ضرورة، والحمل على الضرورة من أصعب الأشياء.

أضف إلى ذلك في رواية معاوية بن وهب وغيره جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية، فقال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أن عليه في دينه غضاضة.

وهذا – أي الهوى والرغبة - لا يناسب حالة الضرورة، وما في الوسائل[36] من أن المراد بالهوى هو الهوى الغالب الذي يوجب حالة ضرورة بحيث يصبح عنده أزمة نفسية، ولكن نقول هذا ليس هوى وإنما مرض، فالمراد من الهوى هو ما يشتهيه للإنسان من باب الشهوة وأصبح عنده علقة بها لا أكثر من ذلك .

وكذا معتبر هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تزوج ذمية على مسلمة قال: يفرق بينهما ويضرب ثمن حد الزاني اثنا عشر سوطا ونصفا، فان رضيت المسلمة ضرب ثمن الحد ولم يفرّق بينهما، قلت: كيف يضرب النصف؟ قال: يؤخذ السوط بالنصف فيضرب به[37] .

ومعنى ذلك أنه يوجد مسلمة وهي عنده والقضية تابعة لرضا المسلمة وليس للضرورة، فتكون مثل قضية العمة والخالة، فالمسلمة يكون لها تميّز بحيث لها الحق أن تمنع من هذا الزواج اللاحق، وعليه فالقضية ليست قضية ضرورة، وإناطة الحكم برضا الغير بعيد عن حديث الضرورة.

بل في خبر منصور بن حازم عنه عليه السلام: " قلت: فإن رضيت المسلمة بفعله بعد ما كان فعل؟ قال: لا يضرب ولا يفرق بينهما …[38] .

فقد يكون هناك تفصيل بين الروايتين في قضية الحد بين الرضا قبل المواقعة فلا شيء عليه وبين الرضا بعده فيثبت عليه جزء من الحد لأنه أشبه بالزاني لأنه متجري ، وإن كانت رواية منصور خبر وليست معتبرة، ونحن لسنا في صدد تحقيق قضية الحد، كيف كان هذا عنده مسلمة وتزوج، فأين الضرورة، فهذا الجمع أيضاً لا مجال للبناء عليه.

ومثله معتبر محمد بن مسلم أو موثقه عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: لا بأس به أما علمت أنه كانت تحت طلحة بن عبيد الله يهودية على عهد النبي صلى الله عليه وآله[39] .

وقريب منه موثق أبي مريم[40] .

ومعنى ذلك أنه يعطي تشريع للموضوع على إطلاقه ، وليس قضية ضرورة وحاجة ملحة فإنه في أيام طلحة يوجد مسلمات، والآية تقول " ﴿ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم﴾ " ومع هذا طلحة كان متزوجاً والرواية تتعرّض الى تصحيح الموضوع عن طريق العمل خارجي في عصر النبي صلى الله عليه وآله.

إذن أولاً: حمل الإطلاقات على الضرورة هو بنفسه صعب.

وثانياً: يوجد عندنا نصوص لا تناسب ذلك كما ذكرنا بما في ذلك حديث طلحة، وهو أيضاً مما يدل على الجواز.

وكذا حال ما في التهذيب[41] من حمل نصوص الجواز على المستضعفة في مقابل اليهودية المتمسكة بدينها، وأن القرينة على ذلك معتبر زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن نكاح اليهودية والنصرانية قال: لا يصلح للمسلم نكاح اليهودية والنصرانية إنما يحل منهن نكاح البله[42] .

فالشيخ رحمه الله يريد أن يحمل النصوص المجوّزة على المستضعفة.

وهذا فيه نفس الإشكال المتقدم مِن أن حمل نصوص الجواز كلها على المستضعفة يحتاج إلى عناية ، هذا أولاً.

وثانياً: أن قسم من نصوص المنع دال على المنع بملاك يشمل حتى المستضعفة كقوله تعالى { ولا تمسكوا بعصم الكوافر }[43] وكقوله تعالى { ولا تنكحوا المشركات حتى يُؤْمِن } فالمقصود من الآية الكافرة مطلقاً وإن كانت مستضعفة - بل كذا حال التفاصيل السابقة هي لا تنسجم مع الآية - وعليه فهذا أيضاً ليس بجمعٍ عرفيٍ، وهو كما قلنا لا يناسب إطلاقات نصوص الجواز الكثيرة، وخصوصاً صحيح أبي بصير المتقدم المتضمن لتعليل الحِل بأنهن مماليك للإمام ، إذ معنى ذلك أن الإمام أجاز ذلك لخصوص الشيعة لأنه مالك يحق له أن يفعل ما يريد ولو كان هذا حكم للمستضعفة فقط لكان حكماً تعبدياً.

إلى هنا اتضح أن هذه التفاصيل المتقدمة جميعاً غير واضحة ولا يمكن البناء عليها.

هذا ومن القريب جداً حمل نصوص النهي على الكراهة، لأنه عرفت وجود تصادم بين الطائفتين وهذا يقتضي بحسب الوضع الطبيعي الحمل على الكراهة، بل بعض النصوص هي تشير للكراهة كصحيح معاوية بن وهب وغيره جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية، فقال: إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟ فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: إن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، واعلم أن عليه في دينه غضاضة.

وعليه فيمكن حمل النصوص على ذلك، وعندما يقول له لا ينبغي للمؤمن أن يتزوج اليهودية مع وجود المسلمة يعني لأن ذلك مكروه وهذا الحمل طبيعي، ويبقى عندنا هذا الحمل قد ينافي بعض النصوص الأخرى. وللكلام تتمة.

 


[1] النوادر ص118، الكافي ج5 ص359 ح5، الوسائل ج14 ص419 باب7 من أبواب ما يحرم بالكفر ح3.
[2] الوسائل ج15 ص87 باب8 من أبواب القسم والنشوز.
[3] التهذيب ج7 ص256 ح30، الوسائل ج14 ص461 باب13 من أبواب المتعة ح1.
[4] التهذيب ج7 ص256 ح29، الوسائل ج14 ص462 باب13 من أبواب المتعة ح3.
[5] ص150.
[6] ص286، و ص299.
[7] ج2 ص187، و ص241.
[8] ج2 ص179.
[9] ص179.
[10] قواعد الأحكام ج3 ص38، تحرير الأحكام ج3 ص543، تذكرة الفقهاء ج2 ص645.
[11] ص166.
[12] الكافي ج5 ص358 ح10، الوسائل ج14 ص412 باب2 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح2.
[13] ج14 ص412 ذيل ح1.
[14] الفقيه ج3 ص269 ح64، الوسائل ج14 ص419 باب7 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح4.
[15] الكافي ج6 ص241 ح8، الوسائل ج18 ص415 باب49 من أبواب الزنا ح1.
[16] التهذيب ج7 ص298 ح5، الوسائل ج14 ص417 باب5 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح4.
[17] التهذيب ج7 ص298 ح4، الوسائل ج14 ص416 باب5 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح3.
[18] ج7 ص298 ذيل ح6.
[19] الكافي ج5 ص356 ح2، الوسائل ج14 ص414 باب3 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح1.
[20] سورة الممتحنة آية 10.
[21] تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٢٩٩ حديث ٩ وصفحة ٤٥٣ حديث ٢٢، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٣ باب٢ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ٤، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٣٧.
[22] النوادر صفحة ١١٩، الكافي جزء ٥ صفحة ٣٥٦ حديث ١، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٢ باب٢ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٣٦.
[23] الكافي جزء ٦ صفحة ١٧٤ حديث ١، تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٤٧٨ حديث ١٢٦، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ٤٧٧ باب٤٥ مِن أبواب العدد حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٢ صفحة ٢٦٦.
[24] الكافي جزء ٥ صفحة ٣٥٨ حديث ١١، تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٤٤٩ حديث ٥، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤٢٠ باب٨ مِن أبواب ما يحرم بالكفر حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٤٥.
[25] النوادر صفحة ١١٨، الكافي جزء ٥ صفحة ٣٥٩ حديث ٥، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٩ باب٧ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ٣، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٤٤.
[26] تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٢٥٦ حديث ٣٠، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤٦١ باب١٣ مِن أبواب المتعة حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٣٧.
[27] تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٢٥٦ حديث ٢٩ وصفحة ٢٩٩ حديث ١٠، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤٦٢ باب١٣ مِن أبواب المتعة حديث ٣، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٣٧.
[28] صفحة ١٥٠ قال: ومنها: أن تكون المرأة مؤمنة أو مستضعفة، فإن كانت ذمية أو مجوسية أو معاندة لم يصح نكاحها غبطة، لأن الكفاءة في الدين مراعاة عندنا في صحة هذا العقد. فأما في عقود المتعة والإماء فجائز في الذميات خاصة دون المجوسية.
[29] صفحة ٢٨٦ قال: الكافرة حتى تسلم وإن اختلفت جهات كفرها وفي صفحة ٢٩٩ قال: ويجوز التمتع باليهودية والنصرانية دون من عداهما من ضروب الكفار.
[30] جزء ٢ صفحة ١٨٧ قال: ولا يجوز للمسلم العقد على مشركة، عابدة وثن كانت، أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو غير ذلك على اختلافهم في الشرك، لأن ذلك محرم عليه إلا في حال الضرورة الشديدة فإنه إذا كان ذلك جاز العقد على اليهودية والنصرانية، ولم يحز له العقد على الباقيات في حال من الأحوال، ومن عقد على يهودية أو نصرانية فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وقال في صفحة ٢٤١ : ويجوب عقد المتعة على اليهودية والنصرانية، ومن عقد على واحدة من هؤلاء فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير.
[31] جزء ٢ صفحة ٢٧٩ قال: فيشترط أن تكون الزوجة مسلمة، أو كتابية كاليهودية والنصرانية والمجوسية، على أشهر الروايتين. ويمنعها من شرب الخمر وارتكاب المحرمات.
[32] صفحة ١٧٩ قال: الكفر. ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا. وفي الكتابية قولان: أظهرهما: أنه لا يجوز غبطة. ويجوز متعة، وبالملك في اليهودية والنصرانية.
[33] قواعد الأحكام جزء ٣ صفحة ٣٨ قال: ففي تحريم نكاحهم على المسلم خلاف، أقربه تحريم المؤبّد دون المنقطع وملك اليمين، تحرير الأحكام جزء ٣ صفحة ٥٤٣ قال: الثامن: قد بينا أن الأقوى المنع من نكاح الكتابية دائما، وجوازه متعة، تذكرة الفقهاء جزء ٢ صفحة ٦٤٥، وجزء ٢٤ صفحة ٢٨١ طبعة ال البيت قال: إذا عرفت هذا، فإن أكثر علمائنا على إباحة التزويج بالكتابية بالعقد المنقطع، للأصل ولرواية زرارة.
[34] صفحة ١٦٦ قال: تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم إجماعا، والكتابية دواما لا متعة وملك يمين.
[35] الكافي جزء ٥ صفحة ٣٥٨ حديث ١٠، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٢ باب٢ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ٢، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٣٦.
[36] جزء ١٤ صفحة ٤١٢ قال: أقول: هذا مخصوص بالهوى الغالب لما تقدم ويأتي.
[37] من لا يحضره الفقيه جزء ٣ صفحة ٢٦٩ حديث ٦٤، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٩ باب٧ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ٤، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٤٤.
[38] الكافي جزء ٦ صفحة ٢٤١ حديث ٨، وسائل الشيعة جزء ١٨ صفحة ٤١٥ باب٤٩ مِن أبواب حد الزنا حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٨ صفحة ١٥١.
[39] تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٢٩٨ حديث ٥، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٦ باب٥ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ٤، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٤١.
[40] تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٢٩٨ حديث ٤، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٦ باب٥ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ٣، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٤١.
[41] جزء ٧ صفحة ٢٩٨ قال: وما جرى مجرى هذه الأخبار مما تضمن إباحة نكاح اليهوديات والنصرانيات فإنها تحتمل وجوها من التأويل منها: أن تكون هذه الأخبار خرجت مخرج التقية لان كل من خالفنا يذهب إلى إباحة ذلك فيجوز أن تكون هذه الأخبار وردت وفقا لهم كما وردت اخبار كثيرة على هذا الوجه، ومنها: أن تكون هذه الأخبار تناولت إباحة من لا تكون مستبصرة معتقدة للكفر متدينة به بل تكون مستضعفة فان نكاح من يجرى هذا المجرى جائز.
[42] الكافي جزء ٥ صفحة ٣٥٦ حديث ٢، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٤١٤ باب٣ مِن أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٥٣٨.
[43] سورة الممتحنة آية ١٠.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo