< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ الرضاع/ محرماته

نص ما كتبه سيّدنا الأستاذ دام ظله

قوله قدس سره: الأم من الرضاع

يعني: أم الزوج الرضاعية.

قوله قدس سره: حرمت

يعني: الزوجة، لأنها تصير أخته من الرضاع مع اتحاد الفحل.

أما مع تعدد الفحل – بأن أرضعته من لبن فحل كان لها، ثم أرضعت زوجته من لبن فحل آخر صار لها – لم تحرم، لما سبق من اشتراط وحدة الفحل في تحقق الأخوة بين الرضيعين.

قوله قدس سره: أم أم الولد من الرضاع

أراد قدس سره الأم الرضاعية لأم الولد الرضاعية، كما هو مقتضى فرضه الكلام عدم اتحاد الفحل. أما الأم الرضاعية للأم من النسب والأم النسبية للأم من الرضاع فلا إشكال في حرمتها، لعموم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ولا موضوع معه لاتحاد الفحل وعدمه.

قوله قدس سره: لأنها قد حرمت من النسب

لأنها أمه العليا فيشملها عموم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

قوله قدس سره: لعدم اتحاد الفحل

لأن فحل أم المرضعة غير فحل المرضعة.

قوله قدس سره: قولان

فالمعروف التحريم. وفي القواعد [1] وبعض شروحه [2] عدم التحريم، على ما تقدم في ذيل الكلام في اعتبار اتحاد الفحل.

قوله قدس سره: أقواهما الأول

كما يظهر مما تقدم منا في الأمر الأول في ذيل الكلام في اعتبار اتحاد الفحل في تعقيب كلام القواعد في المقام ونظائره. فراجع.

قوله قدس سره ( المسلمة ).

كما ذكره غير واحد [3] . ولم أعثر عاجلاً على نص عليه.

نعم قد يستفاد من موثق غياث بن إبراهيم أو صحيحه عن أبي عبدالله عليه السلام: " قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انظروا من يرضع أولادكم، فإن الولد يشب عليه " [4] .

ومن مثل صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنا " [5] .

وخبر الفضيل بن يسار قال: " قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام: رضاع اليهودية والنصرانية خير من رضاع الناصبية " [6] .

فإنهما حيث كانا واردين للتنفير من لبن الزانية والناصبية لا لمدح لبن الكتابية كانا ظاهرين في مرجوحية لبن الكتابية وإن كان أهون من لبن الزانية والناصبية، وذلك راجع إلى ترجيح لبن المسلمة غير الزانية والناصبية على لبن غيرها.

قوله قدس سره { الوضيئة }.

ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليهما السلام: قال: عليكم بالوضاءة من الظؤرة، فإن اللبن يعدي " [7] . وقريب منه غيره.

وروى الصدوق بأسانيده عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه: " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء، فإن اللبن يعدي " [8] .

قوله قدس سره: العفيفة

كما يستفاد من حديث غياث المتقدم وموثق الحسين بن علوان الآتي. ويدل عليه في الجملة النصوص الكثيرة الناهية عن الإسترضاع بلبن الزنا المتقدم بعضها.

قوله قدس سره: العاقلة

كما يستفاد من حديث غياث المتقدم ومن موثق الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه: " أن علياً عليه السلام كان يقول: تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح، فإن الرضاع يغير الطباع " [9] . وهو صريح صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام: " قال: لا تسترضعوا الحمقاء، فإن اللبن يعدي، وإن الغلام ينزع إلى اللبن يعني إلى الظئر في الرعونة والحمق " [10] .

هذا والنصوص المذكورة تدل على استحباب الأمور المذكورة بالمعنى الأعم من كراهة مخالفتها، لا خصوص الاستحباب المصطلح، كما هو مقتضى الجمود على عبارة سيدنا المصنف قدس سره.

نعم روى الصدوق بأسانيده عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه: " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس للصبي خير من لبن أمه " [11] .

ومقتضى إطلاقه العموم لما إذا كانت الأم واجدة لبعض الصفات المذمومة.

ولا يبعد انصراف نصوص الصفات المذمومة عن الأم واختصاصها بالأجنبية التي تختار للإرضاع، إلا أن التعليل فيها يقتضي العموم لها.

وحينئذٍ لا يبعد عرفاً عدم التعارض بينها وبين الحديث المتقدم بالعموم من وجه بنحو يقتضي التكاذب بين إطلاقي الطرفين المستلزم للتساقط بعد عدم المرجح الدلالي، بل التزاحم بين الجهتين، فيحسن لبن الأم بلحاظ جهة العاطفة والتلاؤم المزاجي، ويرجح تجنبه بلحاظ الجهة المذمومة التي تضمنتها النصوص. فلاحظ. والله سبحانه وتعالى العالم العاصم.

قوله قدس سره: جاز له أن يتزوج بالمرضعة

لأنها ليست أمه لتحرم عليه بالرضاع تبعاً لحرمتها بالنسب، بل أم أخيه، وهي ليست من المحرمات النسبية لتحرم بالرضاع، وإنما بالنسب إذا كانت أماً له، وبالمصاهرة إذا كانت زوجة أبيه، وليس أحدهما مفروضاً في المقام.

قوله قدس سره: أو إحدى بناتها

لأنهن أخوات أخيه، وهن لا يحرمن بالنسب، ليحرمن بالرضاع تبعاً له.

نعم تقدم من جماعة حرمة أولاد أبي المرتضع على أولاد الفحل النسبيين والرضاعيين وأولاد المرضعة النسبيين، وهو يقتضي تحريمهن على أخ المرتضع في المقام. وتقدم الاستدلال له ودفعه. وكأن هذا تكرار لما سبق لمجرد التوضيح.

قوله قدس سره: بصاحب اللبن

لأنها ليست بنتاً له، بل هي أخت لابنه ولا منشأ لحرمتها، نظير ما تقدم في إخوة المرتضع مع المرضعة.

قوله قدس سره: أو أحد أولاده

لنظير ما سبق في تزويج أخ المرتضع ببنات المرضعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المهذبة

السيد قدس سره بعد أن انتهى من الكلام في رضاع إحدى الزوجتين للأخرى تعرض إلى بعض الفروع، ونحن نتعرض لها كل على حدة.

قال الماتن قدس سره: ولو أرضعت الأم من الرضاع الزوجة مع اتحاد الفحل حرمت

لأنها تصير أخته من الرضاع، فإن المرضعة واحدة والفحل واحد فحينئذٍ تحرم، أما مع عدم اتحاد الفحل فلا تحرم لما سبق عندنا من اعتبار اتحاد الفحل في التحريم بين الأخوين، وأن الأخوة الرضاعية من الأم وحدها لا تكفي.

قال الماتن قدس سره: وفي حرمة أم أم الولد من الرضاع على الولد لأنها قد حرمت من النسب أو عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان أقواهما الأول[12]

وظاهر مقصوده من أم أم الولد من الرضاع، بمعنى الأم الرضاعية لأم الولد من الرضاع، بمعنى ترضعه واحدة وهي أيضاً ترضعها واحدة، فبالنسبة له مرضعة الأم ما هو حكمها، وكان ينبغي على السيد قدس سره أن يقول ولو أرضعت أم المرضعة من الرضاع، بينما هو قال الأم، فالظاهر أن مقصوده هو أن العلقة بينهما رضاعية، كما هو المناسب لذكر اتحاد الفحل وعدم اتحاد الفحل.

أما إذا كانت أماً رضاعية للأم من النسب أو أماً نسبية للأم من الرضاع فلا إشكال في حرمتها، لعموم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، ولا موضوع معه لاتحاد الفحل وعدمه. فعمومات ما يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب تتحكم فتكون جدته فتحرم عليه،

وإنما الإشكال فيما إذا كانت كلتا العلاقتين رضاعية يعني أم رضاعية وأمها رضاعية، وهذا يشير إلى ما ذكره العلامة قدس سره في ذيل الكلام في اتحاد الفحل ، ونحن ذكرناه هناك ربما غفلة عن كلام الماتن هنا أو لأن الكلام يناسب ربطه باتحاد الفحل فذكرناه هناك، كيف كان تقدم كلام العلامة في أن متعلقات الأم من الرضاع لا تحرم كخالتها من الرضاع أو أختها من الرضاع كلهم لا يحرمن لأنه لا يوجد اتحاد الفحل، ونحن ذكرنا أن اتحاد الفحل إنما ورد في الأخوين، أما في غير الأخوين فلم يرد عندنا شرطية اتحاد الفحل، وتقدم الكلام فيه مطولاً وذكرنا حديث الحلبي ومتعلقاتها، وهذا كله ذكرناه في تتمة الكلام في اتحاد الفحل، والسيد قدس سره فَصل المطلب بفاصل طويل، فالسيد قدس سره يشير هنا إلى ذاك الحديث، فالعلامة بنى على ذلك وكذا جامع المقاصد، وكشف اللثام تبعه على احتمال، والآخرين منعوا من هذا لأن العمومات تقتضي التحريم واتحاد الفحل إنما يعتبر بين الأختين وما عدا الأخوين فاتحاد الفحل غير معتبر وهذا تقدم تفصيل الكلام فيه.

ثم السيد قدس سره تعرض لبعض ما يتعلق بالولد، وتعرضه لها هنا لا يخلو من غرابة لأنه يأتي في باب أحكام الأولاد مما يتعلق بالولد، ولَكن أقحمها هنا.

قال الماتن قدس سره: ويستحب اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع

أما قوله قدس سره المسلمة .

فهو قد ذكره غير واحد. ولم أعثر عاجلاً على نص عليه. نعم قد يستفاد من موثق غياث بن إبراهيم أو صحيحه – السيد الخوئي قدس سره عنده كلام في أن غياث بن إبراهيم البتري هو هذا المشهور أو شخص آخر فإنه يوجد كلام طويل ولكنه ليس بمهم عندنا - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انظروا من يرضع أولادكم فان الولد يشب عليه[13] .

وهذه قضية عامة وهي أن تكون المرضعة صالحة لأن الولد يتأثر بها.

وقد يستفاد من مثل – وهي مجموعة نصوص تحمل مثل هذا اللسان - صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلي من ولد الزنا[14] .

وخبر الفضيل بن يسار قال: قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام: رضاع اليهودية، والنصرانية خير من رضاع الناصبية[15] .

فهذا التعبير ليس فيه أنه يكره رضاع اليهودية والنصرانية، وإنما فيه أنه هو خير من رضاع الناصبية أو رضاع بنت الزنا، لكنه وارد في مقام ذم بنت الزنا والناصبية، فعندما يقول هذا خير من ذاك يعني يريد أن ينفّر من ذاك وهذا يستلزم ضمناً مرجوحية الرضاع من النصرانية واليهودية، فعندما يفاضل بيت اثنين تارة يريد أن يمدح اليهودية والنصرانية فيكون مستحباً، وتارة يريد أن يذم الناصبية وولد الزنا فعندما يريد أن يذمهما ويقول أن اليهودية خير منها معناه أن اليهودية ليست جيدة فيستفاد تبعاً من هذه النصوص، فإنه يوجد عندنا مجموعة نصوص تتضمن هذا المضمون بالنسبة للناصبية ولولد الزنا. فإنها حيث كانت واردة للتنفير من لبن الزانية والناصبية لا لمدح لبن الكتابية كانت ظاهرة في مرجوحية لبن الكتابية وإن كان هو أهون من لبن الزانية والناصبية، وذلك راجع إلى ترجيح لبن المسلمة غير الزانية والناصبية على لبن غيرها.

قوله قدس سره: الوضيئة

ففي صحيح زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: عليكم بالوضاء من الظؤرة[16] فان اللبن يعدي[17] . وقريب منه غيره.

فهذا تأكيد على الوضاءة.

وروى الصدوق بأسانيده عن الإمام الرضا عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء فان اللبن يعدي[18] .

فمعنى ذلك أن الصفات المرجوحة في المرضعة ينفّر عنها، لأن اللبن يعدي بمقتضى التعليل، ومعنى ذلك أن الوضاءة تكون إحداهن.

قوله قدس سره: والعفيفة

أيضاً يستفاد من حديث غياث المتقدم - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انظروا من يرضع أولادكم فان الولد يشب عليه – أي الأخلاق تؤخذ منها فإذا لم تكن عفيفة فمعنى ذلك أن الطفل ينشأ ولا يوجد عنده عفة.

وأيضاً يدل عليه في الجملة النصوص الكثيرة الناهية عن الإسترضاع بلبن الزنا المتقدم بعضها، فإن فيها تنفير من الزنا لأن اللبن يعدي، والزنا أحد الأمور المنافية للعفة، فكذا يكون في غيره مما يشترك معه في ذلك .

قال الماتن قدس سره: العاقلة

كما يستفاد من حديث غياث المتقدم - فإن الولد يشب عليه -. فكلما تكون الأم لها عقل راجح سوف يكون الطفل كذلك .

ويستفاد من موثق الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه أن علياً عليه السلام كان يقول: تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح، فان الرضاع يغير الطباع[19] .

وهو صريح محمّد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تسترضعوا الحمقاء[20] فان اللبن يعدي وإن الغلام ينزع إلى اللبن يعني إلى الظئر في الرعونة والحمق[21] .

والسيد قدس سره عبر يستحب، ومراد السيد من الإستحباب لَيس المقابل للكراهة وانما ما يعم ترك المكروه، لأن هذه الصفات قسم منها مكروهة، فعندنا مستحب مثل النافلة فإن النافلة مستحبة مقابل المكروه من قبيل دخول المسجد على حدث فهذا مكروه مقابل مستحب، ويوجد مستحب يعني ما يعم ترك المكروه، فإن قسم من الأمور المذكورة هي مكروهة وليس تركها مستحب، فمقصود السيد من الإستحباب ما يعم ترك المكروه وليس الإستحباب بمعنى الأفضل، فيكون المراد الأفضل بالمعنى الأعم والذي هو أعم من أعلى التساوي ومن الأسفل. فالماتن لم يدقق في التعبير .

نعم روى الصدوق بأسانيده عن الإمام الرضا عليه السلام عن آباءه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليس للصبي خير من لبن أمه[22] .

ومقتضى إطلاقه العموم لما إذا كانت الأم يهودية أو نصرانية أو بنت زنا أو حمقاء وما يشبه ذلك، فيوجد عندنا جهة استحباب وهي أن يرضع الطفل من لبن أمه.

ولا يبعد أن منصرف النصوص السابقة هو اختيار المرضعة يعني الأجنبية، أما الأم فلا يسمونها اختيار لأنه من طبيعتها أن ترضعه، والإختيار بحسب المفهوم إنما يكون بأن تكون المرضعة أجنبية حينئذٍ يتخير مرضعة للولد وهذا لا يأتي في الأم، فالنصوص تنصرف عن الأم.

ولكن يوجد شيء وهو أن التعليل بها وهو أن اللبن يعدي وأن الطفل يشب عليه وأمثال ذلك يقتضي العموم لهذا فيشمل الأم، فيكون عندنا تعارض جهتان ، فالأمومة تقتضي أن تكون هي أولى، وهذه الصفات تقتضي أن تكون الأم غير راجحة، فكيف نجمع بين النصوص فهل يكون هذا من سنخ العام والخاص يعني عامين من وجه فيكون عندنا أشبه بالتخصيص، فنبني على كراهة هذه الصفات الممقوتة وإن كانت أمه، أو يستحب الأم وإن كانت واجدة للصفات، فتكون القضية على قواعد العامين من وجه، وبعبارة أخرى يكون عندنا تعارض. فهذا احتمال.

ولكن الظاهر أن المقام ليس من باب التعارض، فإن هذا عرفاً ليس تعارض، وإنما هذا من باب تعدد جهة، فعندنا جهتان، جهة الأمومة من حيث كونها أكثر ملاءمة للبدن فتقتضي رجحان الأم، وجهة الصفات من حيث كونها تؤثر على الأخلاق أو على السلوك فتكون مرجوحة، فيكون مِن باب تزاحم الجهتين وليس من باب التعارض، فإنه يوجد فرق بين التعارض والتزاحم، فإذا قلنا أكرم العلماء، ولا تكرم الفساق، فالعالم الفاسق ما هو حكمه، فإما ندخله تحت العام الأول فنقول يكرم على كل حال، أو ندخله تحت العام الثاني فنقول يكره أو يحرم إكرامه على كل حال فنخصص الأول،هذا في باب التعارض.

وفي باب التزاحم يكون عندنا اجتماع جهتين وفيما يبدو من النصوص أن الجهات الإرتكازية المناسبة تقضي أن يكون في الأم جهة تقتضي رجحانها وهي كونها ملائمة للولد من حيث العاطفة ومن جهة المزاج بحيث ينشأ على دمها فالرضاع حينئذٍ يكون مِن تتمة المزاج، والصفات هذه أيضاً جهات ثانوية، فيكون عندنا أشبه بالتزاحم فالأم الواجدة للصفات فيها جهتان، جهة رجحان وجهة مرجوحة، وليس تكاذب فإننا في العامين من وجه نبني على التكاذب، ولكن هنا يبدو أن جهات الحث والردع ليست تعبدية وإنما بلحاظ جهة التأثير، فتأثير الأم من حيث كونه ملائماً للمزاج حسب المفهوم العرفي، وتأثير الصفات من حيث كونها معدية، فحينئذٍ يكون عندنا تزاحم جهتين، فالأم من حيث كونها أم تكون راجحة، ومن حيث كونها عندها صفات ذميمة تكون مرجوحة، فالمقام من صغريات التزاحم وليس من صغريات التعارض، والتصرف والترجيح يكون بحسب درجة الصفات الذميمة الخ.

ونحن ذكرنا في باب اجتماع الأمر والنهي أنه عندنا تزاحم وعندنا تعارض، والتعارض هو أن يكون عندنا تكاذب بين العامين كما هو المتعارف أكرم العلماء ولا تكرم الفساق، فالعالم الفاسق لا نعلم ما هو حكمنا فيه، ولا بد من تقديم أحد العامين، وحينئذٍ يخرج أفراد ذاك العام عن العام الثاني، وهنا عندنا أن هذه الجهة تقتضي الرجحان، والجهة الأخرى تقتضي المرجوحية، فتجتمع الجهتان، جهة تقتضي الرجحان وجهة تقتضي المرجوحية، من قبيل صِلة رحم وردع عن الأخلاق الرديئة، فعندما يكون رحماً وأخلاقه رديئة فما هو الموقف، فهنا جهتان من جهة عندنا صِلة رحم، ومن جهة عندنا ردع، فيكون هذا تزاحم وليس تعارض.

وفي مقامنا الظاهر أنه تزاحم وليس تعارض، فتكون الأم الواجدة للصفات المذمومة فيها جهة رجحان وجهة مرجوحية، وعليه ينبغي ملاحظة قوة الجهة المذمومة، فإذا كانت قوية فيرجح ترك الأم، وإذا لم تكن بهذا الحد وإنما كانت ضعيفة فترجح الأم، وهذا تابع للتشخيص.

قيل للأستاذ مد ظله الترجيح بباب التزاحم يكون بالأهم عند المولى لا عند العبد والشارع يركز ويهتم بالصفات الحسنة ولا يهتم بمزاج الطفل فأجاب بأنه لا قاعدة كذلك .

قال الماتن : مسألة ٣: إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه‌ جاز له ان يتزوج بالمرضعة

لأنها ليست أمه لتحرم عليه وإنما هي أم أخيه، ونحن لا يوجد عندنا أن أم الأخ تحرم، فإن أم الأخ تحرم إما بالنسب إذا كانت أماً له أو بالمصاهرة إذا كانت زوجة لأبيه ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم ، فإذا هي ليست أماً له وليست زوجة لأبيه وإنما هي مرضعة للأخ فلا موجب لحرمتها فتحل .

قال الماتن قدس سره: أو إحدى بناتها

لأنهن أخوات أخيه، ولا يوجد عندنا أن أخت الأخ تحرم، فهن أخوات أخيه، وهن لا يحرمن بالنسب، ليحرمن بالرضاع تبعاً له.

نعم تقدم من جماعة حرمة أولاد أبي المرتضع على أولاد الفحل النسبيين والرضاعيين وأولاد المرضعة النسبيين، وهو يقتضي تحريمهن على أخ المرتضع في المقام. وتقدم الإستدلال ودفعه.


[1] ج3 ص25.
[2] جامع المقاصد ج12 ص243.
[3] المختصر ص175، شرائع الإسلام ج2 ص260، إرشاد الأذهان ج2 ص21، تبصرة المتعلمين ص177، تذكرة الفقهاء ج2 ص627، اللمعة ص164، الروضة ج3 ص190، مسالك الأفهام ج7 ص242، نهاية المرام ج1 ص118، كفاية الأحكام ج2 ص127، الحدائق ج23 ص333، جواهر الكلام ج29 ص306.
[4] الكافي ج6 ص44 ح10، الوسائل ج15 ص187 باب78 من أبواب أحكام الأولاد ح1.
[5] الكافي ج6 ص43 ح5، الوسائل ج15 ص184 باب75 من أبواب أحكام الأولاد ح2.
[6] وسائل الشيعة ج15 ص187 باب77 من أبواب أحكام الأولاد ح1.
[7] الكافي ج6 ص44 ح13، الوسائل ج15 ص189 باب79 من أبواب أحكام الأولاد ح2.
[8] عيون أخبار الرضا ج1 ص37 ح67، الوسائل ج15 ص188 باب78 من أبواب أحكام الأولاد ح4.
[9] قرب الاسناد ص93 ح312، الوسائل ج15 ص188 باب78 من أبواب أحكام الأولاد ح6.
[10] الكافي ج6 ص43 ح8، الوسائل ج15 ص188 باب78 من أبواب أحكام الأولاد ح2.
[11] عيون أخبار الرضا ج1 ص38 ح69، الوسائل ج15 ص188 باب78 من أبواب أحكام الأولاد ح5.
[12] لأنها تحرم نسباً فعمومات يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب تجري في المقام . منه دام ظله.
[13] الكافي جزء ٦ صفحة ٤٤ حديث ١٠، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٧ باب٧٨ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٦.
[14] الكافي جزء ٦ صفحة ٤٣ حديث ٥، من لا يحضره الفقيه جزء ٣ صفحة ٣٠٨ حديث ٢١، تهذيب الأحكام جزء ٨ صفحة ١٠٩ حديث ٢٠، الإستبصار جزء ٣ صفحة ٣٢٢ حديث ٥، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٤ باب٧٥ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ٢، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٢.
[15] وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٧ باب٧٧ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٦.
[16] والظئر يعني المرضعة . منه دام ظله.
[17] الكافي جزء ٦ صفحة ٤ حديث ١٣، من لا يحضره الفقيه جزء ٣ صفحة ٣٠٧ حديث ١٧، تهذيب الأحكام جزء ٨ صفحة ١١٠ حديث ٢٦، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٩ باب٧٩ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ٢، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٨.
[18] عيون أخبار الرضا عليه السلام جزء ١ صفحة ٣٧ حديث ٦٧، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٨ باب٧٨ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ٤، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٧.
[19] قرب الإسناد صفحة ٩٣ حديث ٣١٢، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٨ باب٧٨ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ٦، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٨.
[20] الحمق أي الخرق وعدم التعقل . منه دام ظله.
[21] الكافي جزء ٦ صفحة ٤٣ حديث ٨، من لا يحضره الفقيه جزء ٣ صفحة ٣٠٧ حديث ١٩، تهذيب الأحكام جزء ٨ صفحة ١١٠ حديث ٢٤، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨ باب٧٨ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ٢، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٧.
[22] عيون أخبار الرض عليه السلام جزء ١ صفحة ٣٨ حديث ٦٩، وسائل الشيعة جزء ١٥ صفحة ١٨٨ باب٧٨ مِن أبواب أحكام الأولاد حديث ٥، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢١ صفحة ٤٦٨.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo