< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ الرضا ع

قوله قدس سره: لفحل واحد

كما هو المعروف بين الأصحاب المدعى عليه الإجماع في ظاهر المبسوط ([1] ) وصريح السرائر ([2] ) والتذكرة ([3] ) وجامع المقاصد ([4] ) وغيرها، وفي الجواهر ([5] ): " بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه ".

ويقتضيه قوله عليه السلام في موثق زياد بن سوقة المتقدم: " لا يحرم من الرضاع أقل من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها " ([6] ). ويستفاد منه العموم لشد العظم ونبات اللحم بالوجه الآتي في اعتبار وحدة المرأة.

مضافاً للنصوص الكثيرة المتضمنة أن اللبن للفحل لظهوره في أن الرضاع المحرم لا بد أن يقتضي نسبة المرتضع للفحل، وهو لا يكون إلا بكون الرضاع المحرم لفحل واحد.

ولا سيما بضميمة صحيح عبدالله بن سنان: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن لبن الفحل قال: هو ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ولد امرأة أخرى فهو حرام ( [7] ). وقد فرعوا على ذلك – كما يأتينا من سيدنا المصنف قرس سره – أنه لو أرضعت امرأة من لبن فحل صبياً بعض العدد، وأكملته من لبن فحل آخر من دون أن يتخلله رضاع من غيرها، بل استغنى الصبي بالطعام ونحوه لم يكن هذا الرضاع محرماً وهو فرض نادر يبتني على ما سبق منهم من عدم قادحية تخلل الطعام في العدد، وقد سبق منا الإشكال فيه.

قوله قدس سره: من امرأة واحدة

لم أعثر عاجلاً على من صرح بذلك، مع أنه أولى بالذكر، لظهور أثره – كما يأتي من سيدنا المصنف قدس سره – في تعاقب امرأتين لفحل واحد على إرضاع صبي واحد، وهو فرض سهل الحصول.

ومقتضى الجمود على ما تضمن أن اللبن للفحل حصول التحريم به ولو بالإضافة إلى الفحل ومن يتعلق به.

لكن يظهر من أمثلتهم وكلماتهم المتفرقة المفروغية عنه.

ولا ينبغي الإشكال فيه في الخمس عشرة رضعة، لانحصار دليلها بموثق زياد بن سوقة المتضمن لاشتراط ذلك. بل قد يفهم منه ذلك في اليوم والليلة أيضاً.

بل قد يستفاد منه العموم للكل بلحاظ ما سبق من أن مقتضى الجمع بين نصوص العدد والزمان ونصوص إنبات اللحم والدم وشد العظم أن الأصل هو الثاني، وأن الأولين متفرعان عليه ولو لتحققه بهما تعبداً. فلولا المفروغية عن اعتبار وحدة المرأة تعبداً في المحرمية بإنبات اللحم والدم وشدّ العظم لم يشترط ذلك في العدد، لما هو المعلوم من عدم دخل وحدة المرأة في ترتب الأثر المذكور على العدد.

هذا مضافاً إلى صحيح عبد الله بن سنان المتقدم الظاهر في اعتبار وحدة المرأة في لبن الفحل المحرم. ومن هنا لا ينبغي التوقف في ذلك.

قوله قدس سره: ولا ينشر الحرمة بين المرتضعين إلا مع اتحاد الفحل

الكلام هنا في فرض تمامية الشروط المتقدمة للرضاع المحرم وترتب الحرمة عليه بعموم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".

إلا أن الحرمة بين المرتضعين مشروطة باتحاد الفحل، كما هو المعروف بين الأصحاب، ونفى الخلاف فيه في جامع المقاصد ([8] ) بل ادعى الإجماع عليه فيه وفي ظاهر المبسوط ([9] ) وصريح السرائر ([10] ) والتذكرة ([11] ) والإيضاح ([12] ).

للنصوص الكثيرة المتضمنة أن اللبن للفحل والمفسرة له بذلك، كصحيح بريد العجلي قال في حديث: " قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فسر لي ذلك فقال: كل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية أو غلام فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وكل امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية أو غلام فان ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وإنما هو من نسب ناحية الصهر رضاع ولا يحرم شيئا وليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرم ( [13] ).

وكأن المراد نسب ناحية الصهر أنه بعد أن اختلف الفحل فلا علقة بين المرتضعين بالرضاع، بل بالصهر وهو زواج أمها بأبويهما.

وصحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرضع من امرأة وهو غلام أيحل له أن يتزوج أختها لأمها من الرضاعة؟ فقال: إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحل فإن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس بذلك ( [14] ).

وموثق عمار، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: سألته عن غلام رضع من امرأة أيحل له ان يتزوج أختها لأبيها من الرضاع؟ فقال: لا فقد رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة واحدة قال: فيتزوج أختها لامها من الرضاعة؟ قال: فقال: لا بأس بذلك إن أختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس ( [15] ).

وغيرها مما هو ظاهر أو صريح في أن المعيار في الحرمة بين الرضيعين على اتحاد الفحل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

((المهذبة))

قال الماتن قدس سره: وأن يكون اللبن لفحل واحد

وهو المعروف بين الأصحاب المدعى عليه الإجماع في ظاهر المبسوط([16] ) وصريح السرائر([17] ) والتذكرة([18] ) وجامع المقاصد([19] ) وغيرها، وفي الجواهر([20] ) : " بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه " .

ويقتضيه قوله عليه السلام في موثق زياد بن سوقة المتقدم " لا يحرم من الرضاع أقل من يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة مِن لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها " والقدر المتيقن منه هو ما كان في العدد، وقد يستفاد منه أيضاً حتى لو كان رضاع يوماً وليلة، لأن في حال تعاقب الجملتين اختصاصه بالأخير يحتاج إلى تنبيه فلا يبعد أن نفهم منه العموم لما إذا كان يوماً وليلة، بل يأتينا في باب اعتبار اتحاد المرأة إستفادة العموم منه حتى لشد العظم واللحم، فلو كان شد العظم واللحم من امرأتين لا ينفع أو من فحلين فأيضاً لا ينفع . فهذا نتعرض له هناك بتفصيل ولا نحتاج له هنا لوجود أدلة أخرى عليه هنا .

هذا مضافاً للنصوص الكثيرة المتضمنة أن اللبن للفحل، فهذه العبارة بإطلاقها تقضي بلابدية أن يكون اللبن منسوباً للفحل، والمراد من اللبن هو لبن الرضاع المحرم وهو الشامل للأمور الثلاثة فإن كل لبن لا بد أن يكون للفحل فإنه لا يوجد عندنا لبن بلا فحل، فاعتبار أن يكون اللبن للفحل يعني مقدار الرضاع المحرم لا بد أن يكون منسوباً للفحل ونسبته للفحل لا تتحقق إلا إذا كان اللبن كله منسوباً له، أما اذا كان بعضه منسوباً له فلا أثر له، فإنه لا يوجد عندنا لبن لا لفحل إلا قضية ما لو درّت المرأة من دون فحل، وإلا فإن الشيء المتعارف هو أن يكون اللبن دائماً للفحل فقوله " اللبن للفحل " يعني لابد أن يكون اللبن الواجد للشرائط الذي يحقق الحرمة للفحل بمعنى أن يكون بتمامه واجداً لشرائطه بالفحل، وهذا بلحاظ الإطلاق الأولي فإنه يفهم منه هذا المعنى .

مضافاً لتوضيح ذلك في صحيح عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لبن الفحل قال: هو ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ولد امرأة أخرى فهو حرام([21] ).

فالمراد أن يكون منسوباً له ولا تتم النسبة إلا أن يكون بتمامه كذلك بحيث هو يحقق الرضاع الكامل منك، فلا بد أن يكون اللبن منسوباً له، وأثر هذا يظهر – كما ذكره السيد قدس سره في المنهاج - فيما لو أرضعت امرأة واحدة مِن لبن فحلين تمام العدد أو بقية الأمور ، ولكن قد تسأل كيف يتحقق هذا الفرض خارجاً والمرأة لا يتعدد فحلها نقول لابد أن تعدد الفحل يكون بسبب الطلاق أو الإنفصال بأي وجه كان أو الموت ثم تتزوج فتخرج من عدتها ثم تتزوج والطفل في هذه المدة يأكل بناءً على أن تخلل الطعام لا يؤثر فإذا رضع عشر رضعات من هذه المرأة ثم انفصل عنها زوجها بموت أو غيره واعتدت وتزوجت وولدت وحصل عندها اللبن حينئذ ارضعته خمس رضعات بحيث أكملت الخمس عشرة رضعة فهذا الرضاع لا يحرم وهذا فرد جداً نادر ومبني على عدم تأثير تخلل الطعام، وهذا الفرد أندر من النادر فإن المرأة لا تصبح ذات فحلين بل حتى في الزنا لا بد على الأقل أن تنقضي مدة الحمل، وقبل ذلك لا ينسب اللبن له ، فإذا يحصل الرضاع بالعدد المذكور ويفصل بينهما طعام كثير كسنة أو أكثر حتى تطلق وتعتد وتتزوج وتكمل وتلد ذاك الوقت يحصل عندها لبن منسوب للثاني ولابد أن ترضع بحيث تكمل رضاع الولد به قبل أن يتجاوز السنتين وهذا فرد أندر من النادر والسيد قدس سره ذكره كما ذكره غيره وأثره يظهر بهذه الحالة، وذكر الجماعة له من باب استيعاب الفروع وإلا فهو فرع غير عملي .

قال الماتن قدس سره: من امرأة واحدة

وهذه المسألة لم يتعرّضوا لها صريحاً مع أنها أولى بالتعرض لأن هذا جداً سهل حصوله كما لو كان عنده امرأتان قد ولدتا بحيث تتناوبان على رضيع واحد بحيث يرضعنه خمسة عشر رضعة أو يوم وليلة مِن لبن فحل واحد، فإذا اعتبرنا وحدة المرأة فهذا لا يحرم وإذا اكتفينا بوحدة الفحل فيحرم وهذا جداً سهل حصوله ومع ذلك لم يذكروه نصاً، لكن يستفاد من مجموع كلماتهم المفروغية عن هذا الشرط، والسيد قدس سره ذكره صريحاً والبقية اهتموا بالفحل ولم يهتموا بالمرأة مع أن فرض تعدد المرأة مع وحدة الفحل أكثر من فرض تعدد الفحل مع وحدة المرأة، وعلى كل حال فهذا ليس بمهم فإن المستفاد من مجموع كلماتهم أن هذا شيء مفروغ منه وإن لم ينصوا عليه صريحاً .

أما الأدلة عليه : ففي الخمسة عشر رضعة فجداً واضح لانحصار دليلها بموثق زياد بن سوقة المتقدم لاشتراط ذلك " من امرأة واحدة " فإن هذا صريح الرواية، والقدر المتيقن من الرواية هو في الخمسة عشر رضعة وفي اليوم والليلة فإنه جداً قريب أن يكون القيد للإثنين .

أما إذا كان شد اللحم والعظم من امرأتين، يعني رجل عنده امرأتان تتناوبان على إرضاع طفل وفي الأثناء شد عظمه ونما لحمه منهما، فهذا قد يستفاد من هذه الرواية بناءً على سبق عندنا، فإننا قربنا في أن يكون الجمع بين النصوص من أن العدد والزمن متفرعان على شد العظم واللحم فاذا كانا متفرعين على شد العظم واللحم فمعنى ذلك أنه لولا أن شد العظم واللحم يعتبر فيهما وحدة المرأة لما اعتبر وحدة المرأة في العدد والزمن، فالمهم هو شدّ اللحم فإذا شد اللحم يحصل بامرأتين فما هو المانع من تعدد الرضعات فإنه لا يوجد عندنا مانع من تعدد الرضعات لأن الأساس هو شد العظم واللحم ولو تعبداً وهذه محققات له سواء كانت محققات تعبداً أو حقيقة على الكلام السابق، وعليه فإذا لا يعتبر في شد العظم واللحم وحدة المرأة فلماذا يعتبر في الخمسة عشر أو في اليوم والليلة، فلا بد من أنه يوجد مفروغية من أن يكون الرضاع من امرأة واحدة حتى يكون شد اللحم منها وهذا شد اللحم إما يعرف كما يقول في الغنية أو يتعبد به، فمن هذا نستطيع أن نستفيد العموم من خلال النكتة السابقة وهي أن هذه ليست حدود ثلاثة منفصلات عن بعضهن البعض بل حد واحد وتحققه إما عرفاً يتحقق أو تعبداً ، فلولا أنه يعتبر في شد اللحم والعظم وحدة المرأة لما اعتبر فيما يحققه وهو العدد أو الأمد .

مضافاً إلى ما سبق عندنا في صحيح عبدالله بن سنان المتقدم " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لبن الفحل قال: هو ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ولد امرأة أخرى فهو حرام" .

فـ(امرأتك) يعني هي لوحدها ترضع بالشروط المذكورة ولم يقل (امرأتاك)، وعليه فهذا ظاهر منه اعتبار ذلك ولا يفهم من قوله (امرأتك ) الجنس بل هذه الإضافة يفهم منها الفرد ولا يفهم منها أي زوجة لك فاحتمال إرادة الجنس ليس عرفياً يفهم من الكلام ، وهذه المسألة مسلمة ويظهر من الجماعة المفروغية عنها كما ذكرنا .

قال الماتن قدس سره: ولا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلا مع اتحاد الفحل وإن تعددت المرضعة

وهذا مطلب آخر وقع الكلام فيه ويحتاج إلى نوع من التأمل والتروي ، ونحن لو بقينا مع عموم " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فان هذا يحقق علاقة فإنهما مرتضعان أخوان من الرضاعة، فامرأة تزوجت من رجل وأرضعت ولداً ثم تزوجت آخر وأرضعت ولداً آخر فحينئذ هذا الولد بمقتضى العموم الولد الأول إبنها والولد الثاني أيضاً إبنها فهما أخوان من الرضاعة، " ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فلا فرق بين أخوان من الولادة كما لو كانا أخ وأخت فهما أخوان من النسب أو واحدٍ من النسب والآخر من الرضاعة أو كلاهما من الرضاعة فإنه بمقتضى الإطلاق كله يحرم، إلا أن المعروف والمشهور بين علمائنا أن يكون بين المرتضعين ليحرما وحدة فحل وإلا لا يحرم وإن كانت المرأة واحدة، وإن كان هذا على خلاف القاعدة .

وهذا المعنى الجماعة صرّحوا به وتقريباً متفق عليه ، فهو المعروف بين الأصحاب ونفى الخلاف فيه في جامع المقاصد([22] ) بل ادعى الإجماع عليه فيه وفي ظاهر المبسوط([23] ) وصريح السرائر([24] ) والتذكرة([25] ) والإيضاح([26] ) ، والكلام هو بين المرتضعين لا بين المرتضع وأولادها النسبيين فلا تغفل .

وهذا الشرط يشهد به النصوص الكثيرة المتضمنة أن اللبن للفحل والمفسرة له بذلك .كصحيح بريد العجلي في حديث قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فسر لي ذلك فقال: كل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية أو غلام فذلك الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وكل امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية أو غلام فان ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وإنما هو من نسب ناحية الصهر رضاع ولا يحرّم شيئا وليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرم([27] ).

فهذه الرواية صريحة في الموضوع، فإن المرأة ذات فحلين أرضعت واحداً بعد واحد، أرضعت ولداً فأصبح ابنها وابن فحلها ثم أرضعت بنتاً من فحل آخر فأصبحت هذه بنتها وبنت الفحل الثاني، فحينئذ هذان يشتركان في أم واحدة ولا يشتركان في فحل واحد فلا حرمة بينهما، وإنما عبّر عبارة بأن هذه من جهة الصهر وهذه الصهر ما هو معناه، فإنه ما دام المعيار وحدة الفحل فلا تكون الأخوة إلا مع اتحاد الفحل، فقد يراد بالصهر هنا لأنها تزوجت الثاني فهو يسحب فالزواج يسحب وليس اللبن، فما دام الفحل اختلف فهذا حصل بسبب الصهر يعني بسبب أنها تزوجت رجلاً أخر لأنّ الفحل غير واحد، فمن لبن فحل واحد يكون المقصود هو أنهما يشتركان في فحل واحد حتى يكونا أخوين منه، أما هنا فإنهما ليسا أخوين منه وانما أخوين بسبب تزويجها من الثاني، والرواية صريحة وواضحة الدلالة في الحكم الذي هو محل كلامنا وهو أن المرأة إذا أرضعت مِن لبن فحل ثم أرضعت مِن لبن فحل آخر فلا حرمة بين المرتضعين، وهذا أيضاً خلاف القاعدة بلا إشكال لكن الجماعة متفقون عليه تبعاً للنصوص، وهذا أحد النصوص .

والنص الثاني صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرضع من امرأة وهو غلام أيحل له ان يتزوج أختها لامها([28] ) من الرضاعة؟ فقال: ان كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحل فان كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس بذلك([29] ).

لأنه لا يوجد اتحاد في الفحل، فإن الأب الرضاعي ليس واحداً .

وموثق عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غلام رضع من امرأة أيحل له ان يتزوج أختها لأبيها من الرضاع؟ فقال: لا فقد رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة واحدة قال: فيتزوج أختها لامها من الرضاعة؟ قال: فقال: لا بأس بذلك إن أختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس([30] ).

فمعنى ذلك أن الأخوة الرضاعية تكون من الأب لا من الأم بينما الأخوة النسبية لا فرق سواء كانت من أبيه أو من أمه، وهذا مستثنى من عموم قاعدة " يحرم من الرضاع ما يحرم بالنسب " لكن الجماعة تبعاً للنصوص الكثيرة ذهبوا إلى أن الأخوة الرضاعية من الأم لا تثبت بينما النسبية وإن كانت من الأم فإنها تثبت، فقوله تعالى " أخواتكم من الرضاعة " يعني يرضعن من فحل واحد، وهذا الذي تقدم يتعمم حتى على مورد الآية، والعمدة العموم وهو " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " مخصص فيما إذا كانت الأخوة الرضاعية من الأم وليست من الأب، وهذا الذي عليه النصوص والعمل .

ولكن مع هذا يوجد تتمة للمطلب . والحمد لله رب العالمين .

 


[1] )) ج4 ص333.
[2] )) ج2 ص553.
[3] )) ج2 ص621.
[4] )) ج12 ص223.
[5] )) ج29 ص301.
[6] )) التهذيب ج7 ص315 ح12، الوسائل ج14 ص282 باب2 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح1.
[7] ( ) الكافي ج5 ص440 ح1، الوسائل ج14 ص294 باب6 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح4.
[8] )) ج12 ص223.
[9] )) ج4 ص333.
[10] )) ج2 ص519.
[11] )) ج2 ص621.
[12] )) ج3 ص50.
[13] ( ) الكافي ج5 ص442 ح9، الوسائل ج14 ص293 باب6 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح1.
[14] ( ) الكافي ج5 ص443 ح11، الوسائل ج14 ص294 باب6 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح3.
[15] ( ) الكافي ج5 ص442 ح10، الوسائل ج14 ص294 باب6 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح2.
[16] ()جزء ٤ صفحة ٣٣٣ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
[17] ()جزء ٢ صفحة ٥٥٣، وجزء ١١ صفحة ٢٦١ مِن الموسوعة.
[18] ()جزء ٢ صفحة ٦٢١، وجزء ٢٤ صفحة ٧٦ طبعة ال البيت مسألة ٢٨٢ : يشترط في الرضاع المحرم ان يكون اللبن لفحل واحد عند علمائنا أجمع.
[19] ()جزء ١٢ صفحة ٢٢٣ قال : لا خلاف بين أصحابنا في أن الرضاع المثمر للتحريم بين رضعتين فصاعدا، المقدر بأحد الأمور المذكورة يشترط أن يكون جميعه من لبن فحل واحد وهو الشرط الثالث.
[20] ()جزء ٢٩ صفحة ٣٠١، ؤجزء ٣٠ صفحة ٥٤٩ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
[21] ()الكافي جزء ٥ صفحة ٤٤٠ حديث ١، تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٣١٩ حديث ٢٤، الإستبصار جزء ٣ صفحة ١٩٩ حديث ١، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٢٩٤ باب٦ مِن أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ٤، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٣٨٩.
[22] ()جزء ١٢ صفحة ٢٢٣.
[23] () جزء 4 صفحة 333 طبعة مؤسسة النشر الإسلامي .
[24] () جزء 2 صفحة 519، جزء 11 صفحة 214 من الموسوعة قال : إلا أن الراضع من لبن المرأة يحرم عليه كل من ينتسب إلى بعلها بالولادة والرضاع، ولا يحرم عليه من ينتسب إلى المرأة إلاّ بالولادة دون الرضاع . وفي جزء 2 صفحة 553، وجزء 11 صفحة 261 من الموسوعة قال : ومتى حصل الرضاع على الصفة التي ذكرناها فإنه بمنزلة النسب، يحرم منه ما يحرم من النسب، إلا أن النسب منه يراعى من جهة الأب خاصة، دون الأم، ومعنى ذلك، أن المرأة إذا أرضعت صبيا بلبن بعل لها، وكان لزوجها عدة أولاد من أمهات شتى، فإنهم يحرمون كلهم على الصبي المرتضع، ولادة كانوا أو رضاعا، فأما إخوته المنتسبون إلى أمه المرضعة، فإنما يحرم عليه منهم من كان منها ولادة، دون الرضاع، لاختلاف لبن الفحلين . مثاله أنه لو أرضعت امرأة صبيا من غيرها، بلبن بعل لها، وكان للمرأة بنت برضاع من غير ذلك البعل، لحل التناكح بين الابن والبنت، ولم يحرم ذلك الرضاع، لاختلاف لبن الفحلين، فإن كان رضاعها لابن القوم بلبن من أبي بنتها التي هي منسوبة إليها بالرضاع، دون الولادة، حرم ذلك التناكح بينهما على ما بيناه، لأن اللبن هاهنا لبن فحل واحد.
[25] () جزء 2 صفحة 621، وجزء 24 صفحة 76 طبعة ال البيت مسألة 282 .
[26] () جزء 3 صفحة 50 .
[27] ()الكافي جزء ٥ صفحة ٤٤٢ حديث ٩، من لا يحضره الفقيه جزء ٣ صفحة ٣٠٥ حديث ٥، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٢٩٣ باب٦ مِن أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ١، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٣٨٨.
[28] ()ولم يقل لأبيها . منه دام ظله.
[29] ()الكافي جزء ٧ صفحة ٤٤٣ حديث ١١، تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٣٢١ حديث ٣١، الإستبصار جزء ٣ صفحة ٢٠١ حديث ٨، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٢٩٤ باب٦ مِن أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ٣، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٣٨٩.
[30] ()الكافي جزء ٥ صفحة ٤٤٢ حديث ١٠، تهذيب الأحكام جزء ٧ صفحة ٣٢٠ حديث ٢٩، الإستبصار جزء ٣ صفحة ٢٠٠ حديث ٦، وسائل الشيعة جزء ١٤ صفحة ٢٩٤ باب٦ مِن أبواب ما يحرم بالرضاع حديث ٢، وسائل الشيعة طبعة ال البيت جزء ٢٠ صفحة ٣٨٨ حديث ٢.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo