< قائمة الدروس

آیةالله السید محمدسعید الحکیم

بحث الفقه

41/03/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ محرمات النكاح/ الرضا ع

نص الأستاذ (دام ظله)

 

وأما ما سبق من السرائر من الإستدلال لمحرميته بعموم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فهو غريب جداً، لظهور أن ما تضمنه من تبعية الرضاع للنسب يراد به جريان أحكام النسب عليه لا شرطية الإلحاق به في محرمية الرضاع. على أنه سبق الإلحاق في النسب حتى مع الزنا وإن لم تترتب بعض أحكامه معه.

ومثله في الضعف ما في الجواهر ( [1] ) من أن من الشبهة ما ورد فيه أن لكل قوم نكاح، حيث لا يراد به صحة نكاحهم، إذ لا إشكال في بطلان نكاح الأم والأخت، بل جريان أحكام النكاح عليه في ترتب النسب، كما هو الحال في الشبهة، مع أنه لا إشكال في ترتب أحكام الرضاع عليه.

إذ فيه: أن المراد بالشبهة في المقام ما خرج عن النكاح في دين الطرفين بسبب اشتباههما. فالاستدلال بذلك لما نحن فيه في غير محله.

بقي في المقام أمران:

الأول: صرح جمهور الأصحاب ( [2] ) بأن خروج المرضعة عن حبالة المرضع بموته أو طلاقه لها أو نحوهما لا يمنع من محرمية الرضاع بلبنه، كما أشرنا إليه آنفاً، بل ظاهر جملة من كلماتهم المفروغية عنه، وفي الجواهر ( [3] ): " بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه ".

والعمدة فيه أن المستفاد من النصوص اعتبار استناد اللبن للفحل، وهو حاصل في المقام. وقد سبق أن ما تضمنه صحيح عبدالله بن سنان من فرض نسبة الرضاع للزوجة غير ظاهر في التقييد.

الثاني: المعروف بينهم أنه لا اعتبار بالارتضاع من الميتة، وفي المسالك ( [4] ) وغيره ( [5] ) أنه لم يعرف الخلاف فيه، وظاهر نسبته في التذكرة ( [6] ) إلى علمائنا وقصر الخلاف فيه على بعض العامة الإجماع عليه، كما يظهر ذلك من المبسوط ( [7] ) والخلاف ( [8] )، لقصر الخلاف فيهما أيضاً على بعض العامة.

والعمدة فيه: ظهور الرضاع والإرتضاع ونحوهما في حياة المرضعة، لأن الرضاع بطبعه من شؤون الحياة، ككثير من وظائف الجسد كالبول والتخلي والجماع وغيرها. ومجرد إخراج أو خروج الإفرازات بعد الموت نتيجة تجمعها في الداخل لا تصدق به العناوين المذكورة عرفاً. ولا أقل من انصراف إطلاقها عنه، فيكون المرجع عموم الحل.

وقد أطالوا في بيان وجوه الإستدلال ودفعها بما لا يسعنا إطالة الكلام فيه. ويظهر حاله لمن أراد ذلك بمراجعة كلماتهم.

قوله قدس سره: يوماً وليلة

الكلام في مقامين:

الأول: في اشتراط الكمية، وعدم الاكتفاء بمسمى الرضاع أو بالرضعة الواحدة، كما يحكى عن بعض العامة ( [9] ) أو كثير منهم. بل قد يحكى عن بعض أصحابنا ( [10] ) وإن ادعى الإجماع ( [11] ) على عدم الاكتفاء به غير واحد، وكيف كان فقد يدعى أن الاكتفاء به مقتضى الإطلاق.

لكن سبق عند الكلام في اعتبار كون الرضاع عن وطء صحيح عدم ثبوت الإطلاق في المقام. غاية الأمر أن مقتضى الإطلاق المقامي للآية الشريفة الاكتفاء بصدق الأمومة والأخوة الرضاعيتين بنظر العرف، ولم يتضح من بناء العرف في عصر نزولها على الإكتفاء بمسمى الرضاع أو بالرضعة الواحدة في حصولها، بل لعله لا يحصل إلا بالرضاع مدة طويلة، يصدق معها أن المرأة مرضعة له، وأن رضاعه عندها، وقد يزيد ذلك على الحد الشرعي الآتي للرضاع. كما يناسبه ما يأتي في بعض النصوص إن شاء الله تعالى. على أنه لو تم الإطلاق لزم الخروج عنه بالنصوص الكثيرة المعول عليها، كما يأتي إن شاء اله تعالى أيضاً.

هذا وعن ابن الجنيد ( [12] ): " وقد اختلفت الرواية من الوجهين جميعاً في قدر الرضاع المحرم . إلا أن الذي أوجبه الفقه عندي واحتياط المرء لنفسه أن كل ما وقع عليه إسم رضعة – وهو ما ملأت بطن الصبي، إما بالمص أو بالوجور - محرم النكاح ".

وهو ظاهر في مراعاته للإحتياط إما تأكيداً لمقتضى الفقه أو منشأ له، نظراً لورود بعض الروايات بذلك.

وهي موثق زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام: " قال: الرضعة الواحدة كالمئة رضعة لا تحل له أبداً "([13] ).

 

________________________________________________________

 

الموضوع: كتاب النكاح/ محرمات النكاح/ الرضا ع

 

«التقریر»

 

تقدم عندنا التعرض لكلام صاحب السرائر حيث قال " لأن نكاح الشبهة عند أصحابنا لا يفصلون بينه وبين الفاسد إلا في إلحاق الولد ورفع الحد، فحسب، … وإن قلنا في وطء الشبهة بالتحريم، كان قويا، لأن نسبه عندنا نسب صحيح شرعي، والرسول عليه السلام قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فجعله أصلا للرضاع، ولي في ذلك نظر وتأمل."

هذا الكلام الأخير وهو جعل النسب أصلاً للرضاع والذي آستفاده من قولهم صلوات الله عليهم أجمعين " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " كأنه يريد أن يقول بأنه لا يترتب الأثر على الرضاع إلا على ما يترتب عليه النكاح، فما يترتب على النكاح حينئذ يترتب على الرضاع، بمعنى أن يصبح النكاح نافذاً ذاك الوقت يكون الرضاع محرماً وحيث وطء الشبهة يترتب الأثر عليه ويحقق النسب فحينئذ يحقق حرمة رضاع، فجعل الرضاع تابعاً للنسب .

ولكن هذا الكلام منه قدس سره مبني على نوع من التغافل، فإن " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " يراد منه أن كل حكم ترتب على العلقة النسبية يترتب على العلقة الرضاعية، ولا يراد منه أنه يشترط في ترتب الأثر على العلقة الرضاعية ترتب الأثر على النسب، فتبعية الرضاع للنسب تارة المقصود منها متى ما حَرَّم النسب حَرَّم الرضاع فيوجد تلازم بين الحرمتين فالنسب أولاً يكون محرماً حتى تكون العلقة الرضاعية أيضاً محرمة، فالعلقة التي تحرم بالنسب إذا وقعت من الرضاع أيضاً تحرّم ، فالتشابه بين الرضاع والنسب في أن العلقة منهما معاً محرمة لأن الرضاع يتبع النسب في التحريم، وهو قدس سره يريد أن يسفيد بأن الرضاع لا يترتب الأثر عليه إلا بالنسب، فإنه قال : " لأن نسبه عندنا نسب صحيح شرعي والرسول عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فإذا صح النسب ترتب الأثر على الرضاع، فجعل تبعية الرضاع للنسب بمعنى أنه أولاً لا بد أن يتحقق النسب حتى يكون الرضاع محرماً، مع أنه ليس هذا هو المقصود، وإنما المقصود أنه متى ما كانت العلقة النسبية محرمة تكون العلقة الرضاعية محرمة، فالعمومة في النسب محرمة فهي في الرضاع محرمة وبنت العمومة في النسب غير محرمة وكذلك بنت العمومة في الرضاع غير محرمة، فالتبعية في ترتب أحكام النسب على الرضاع وليس النسب شرطاً لترتب حكم الرضاع، فإنه تارة النسب شرط في ترتب حكم الرضاع ففي الشبهة يوجد نسب فيترتب حكم الرضاع فكأنه يشترط في الرضاع أن يكون هناك نسب، ولكن الرواية الشريفة ليست بهذا الصدد إنما هي في صدد بيان أن العلاقات الرضاعية محرمة كالعلاقات النسبية، وليس المراد أنه يشترط في تأثير الرضاع أن يكون عندنا نسب صحيح، فهذا الكلام منه وجعله وجهاً للإلحاق لصحة وطء الشبهة غير واضح وهو غريب منه، فإن المفهوم مِن الرواية عند العامة والخاصة هو أن الرضاع بحكم النسب فكلما كانت العلقة النسبية محرمة كانت العلقة الرضاعية نظيرها محرمة، وليس المراد أن الرضاع ليس له أثر إلا إذا كان هناك نسب .

ومثله في الضعف ما في الجواهر [14] [15] من أن من الشبهة ما ورد فيه أن لكل قوم نكاح،- فهو في مقام تأييد في أن وطء الشبهة صالح للتحريم - حيث لا يراد به صحة نكاحهم، إذ لا إشكال في بطلان نكاح الأم والأخت، بل جريان أحكام النكاح عليه في ترتب النسب، كما هو الحال في الشبهة، - فالنكاح غير الشرعي في الأمم الأخرى الذي يُقبل لأن لكل قوم نكاح هو في الحقيقة نكاح شبهة - مع أنه لا إشكال في ترتب أحكام الرضاع عليه . فالرضاع عندهم كان محرماً كما هو عندنا محرم، فلو أسلم رجل وهو راضع من امرأة بنكاحهم الباطل حقيقة فلا إشكال في أن رضاعه محرم، وعليه فالرضاع يترتب الأثر عليه مع أنه وطء شبهة فيكون مما نحن فيه، فيستدل بأن الرضاع مع وطء الشبهة كافٍ في التحريم لأنه في الأمم السابقة رضاعهم كافٍ مع أن نكاحهم وطء شبهة وليس نكاحاً صحيحاً .

وهذا بلا إشكال، فإن قسم من وطء الشبهة عندهم، ولكن ليس مرادنا من وطء الشبهة هذا وإنما المراد منه هو الذي ليس فيه علقة نكاح عندنا وعندهم، وهذا خارج عن كلا الأمرين، فالدليل الذي دل على أن لكل قوم نكاح ألحق نكاح الآخرين بنكاحنا وأنه ممضي، فحينئذ عندما كان نكاحهم ممضياً وإن كان هو وطء شبهة في الحقيقة لكنه ممضي وعليه فالرضاع فيه أيضاً ممضي، ولكن هذا لا يعني أن كل وطء شبهة ممضي، فإن وطء الشبهة الذي هو محل كلامنا هو الخارج عن نكاحهم ونكاحنا، فلو شخص عندهم نكح غير زوجته فحينئذ يقع الكلام في أن وطء الشبهة هذا ما هو حكمه، فهل نقول له بأن لكل قوم نكاح فإنه لا يوجد عندنا نكاح في هذا الفرض، فالمراد بوطء الشبهة هو الوطء الذي لا يكون مشروعاً عندنا وعندهم وإنما هو النكاح الحاصل عن خطأ وليس حاصلاً عن تشريع، فإذا كان ناشئاً عن خطأ فحينئذ عندنا وعندهم الكلام فيه واحد، وعندنا عن خطأ في التشريع فهذا ليس لنا كلام فيه، فالمراد بوطء الشبهة الذي هو محل كلامنا ليس هو وطء الشبهة الناشئ عن شبهة صحة النكاح، وإنما وطء الشبهة هو الوطء الخارج عن كلا الأمرين، فالقضية قضية موضوعية وليست قضية حكمية .

وعليه فهذه الوجوه التي ذكروها غير تامة، فالعمدة ما سبق وهو أنه عندنا انتساب وعندما كان عندنا آنتساب فهذا فحل، فإن الأدلة دالة على أنه يعتبر الفحل، وأما صحيح عبدالله بن سنان من تعبيره " امرأتك " ليس وارداً مورد التقييد وإنما وارد لبيان أنها منكوحة فحل، ولذا يتعدى إلى ما إذا طلّقها وما إذا مات عنها وما إذا لم تكن زوجة كأم الولد وأمثال ذلك بحيث لا يُعتبر هذا منافياً لصحيح عبدالله بن سنان حتى نحتاج للجمع العرفي بالإجماع وأمثاله ونقيد الصحيح، وإنما هو أجنبي عن هذا فإننا نفهم بأن المراد من صحيح عبدالله بن سنان ليس هو التقييد بكونها زوجة وإنما التقييد بكونه فحلاً .

بقي أمران :

الأمر الأول : صرح جمهور الأصحاب بأن خروج المرضعة عن حبالة المرضع بموته أو طلاقه أو نحوهما لا يمنع من محرمية الرضاع بلبنه، كما أشرنا إليه آنفاً، بل ظاهر جملة من كلماتهم المفروغية عنه، وفي الجواهر [16] بلا خلاف : " بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه " .

والعمدة فيه : ما ذكرناه من أن المفهوم من مجموع الروايات خصوصاً موثق زياد بن سوقة " قلت هل للرضاع حد يؤخذ به، قال : لا يحرم الرضاع أقل من يوم وليلة أوخمسة عشر رضعة متواليات من امرأة واحدة مِن لبن فحل واحد " فهذا اللبن للفحل ومسبب عن الفحل فلو تزوجت مرة ثانية فهذا اللبن ليس للثاني وإنما للأول فالمعيار هذا المطلب، فإذا هذا حاصل ولو طلّقها أو مات عنها أو فسخ النكاح أو كانت أم ولد، ولذا قلنا ولو شبهة حتى الزنا قلنا به فإنه بمقتضى الإطلاقات تعم الزانية وقضية النسبة فإنها ملغية .

الأمر الثاني : وهذا لعله أوضح ولَكن الجماعة تعرضوا له، فإنّ المعروف بينهم أنه لا اعتبار بالإرتضاع من الميتة، - فلو رضع الطفل من امرأة حية أربعة عشر رضعة وأكمل الرضعة الأخيرة وهي ميتة فإن هذا لا ينشر الحرمة - وفي المسالك [17] [18] وغيره أنه لم يعرف الخلاف فيه، وظاهر نسبته في التذكرة [19] [20] [21] إلى علمائنا وقصر الخلاف فيه على بعض العامة أنه شيء إجماعي، كما أنه ظاهر الخلاف [22] [23] والمبسوط [24] [25] عندما تعرضوا للمسألة فإنهم لم يذكروا خلافاً إلا للعامة فهذا أيضاً يظهر منه أنه شيء مفروغ منه عندنا، والعمدة في ذلك هو أن الإنتساب مثل أرضع وجامع وبال وشرب وغيرها هذه نفهم منها الحي بحيث ينسب الفعل له، أما الجسد الخالي الخاوي وفِي الأثناء يوجد فيه ماء فلا يقال شرب الماء، فالرضاع بنفسه علقة بين المرضعة والمرتضع والمرضعة أرضعته وهو رضع منها فإن هذا هو الرضاع عرفاً لذا يقال مرضعة بحيث ينسب للرضاع للمرأة وهذا المعنى لا يتحقق في الميت فإنه عبارة عن جسد وفي الأثناء يوجد إفرازات يفرزها وهذا ليس له دخل ولا يسمونه رضاعاً ، كما لو خرج من عنده بول فلا يسمونه بال، ولا أقل من إنصراف الأدلة عنه، فهذه القضية لا ينبغي الإشكال فيها .

والآن نرجع لكلامنا السابق وهو الإشكال في قضية الزنا باعتبار عدم الإنتساب الذي يدعونه وقضية وطء الشبهة، فإنه يوجد إنتساب وَإِنْ لم يوجد زوجية إلى أخر ما سبق .

قال الماتن قدس سره: يوماً وليلة أو ما أنبت اللحم وشد العظم أو كان خمسة عشر رضعة كاملة من الثدي.

الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :

الأول : في أنه هل يشترط كمية معينة في الرضاع أو يكفي مسمى الرضاع، نحن تقدم عندنا أنه لا يوجد عندنا أصل فإن الآية الكريمة والتي هي أول دليل تشريع الحكم لم تجعل القضية متعلقة بالرضاع وإنما جعلتها متعلقة بالأمومة الناشئة من الرضاع والأخوة الناشئة من الرضاع ﴿أمهاتكم اللاتي أرضعنكم﴾ يعني التي وقعت نسبتها إليكم بالرضاع ﴿وأخواتكم من الرضاع﴾ فيوجد أمومة وأخوة رضاعية وهذا أكثر من قضية رضاع، فإن هذا يعني وجود علقة عرفية حصلت حتى صارت أماً له وأختاً له، وهذا المعنى بمجرد الرضاع غير معلوم تحققه عند السابقين ، فإنهم عندما يقولون فلان أرضعته فلانة يعني عنده مدة من الزمن يرتضع منها، وليس من المعلوم عندنا كيف كان يتحقق عندهم عنوان الأمومة وبأي حد فإنه ربما يكون بأكثر من الحد الشرعي كما يأتي ، وقد يظهر من بعض النصوص أنه بأكثر من الحد الشرعي بحيث يسمونها مرضعة وهي صاحبة رضاع ومن يقول بأن مجرد الرضاع يحقق أمومة وبقية النصوص ناظرة إلى الرضاع المشروط، كما لو ورد عندنا من باع بعيراً واستثنى رأسه فلا يوجد إحتمال أن نأخذ بإطلاق باع ولو كان البيع باطلاً بحسب الموازين المتعارفة لأن المراد الإشارة للبيع المشروع المعهود فلا يوجد عندنا إطلاق، وعندنا التعبير بأرضعته ورضع ولكن هذه إشارة إلى الرضاع المعهود، مثل البيع المعهود والإجارة المعهودة وحينئذ فلا يوجد إطلاق، وعليه فلا بد أن نرجع للنصوص، ولو فرضنا وجود إطلاق فالنصوص الآتية كافية في الخروج عن هذا الإطلاق، ويأتينا الكلام في تفصيل هذا المطلب .

هذا وعن ابن الجنيد [26] : " وقد اختلفت الرواية من الوجهين جميعاً في قدر الرضاع المحرم . إلا أن الذي أوجبه الفقه عندي واحتياط المرء لنفسه أن كل ما وقع عليه إسم رضعة - وهو ما ملأت بطن الصبي، إما بالمص أو بالوجور – يحرم النكاح " .

فهذا قد يظهر منه بدواً أنه يقول بالتحريم ولو برضعة واحدة، ولكن مشروطة بأن تمتلئ بطن الصبي .

لكن عبارته الذي أوجبه الفقه عندي والإحتياط، فهل أن المراد بالفقه والإحتياط هو الجمع بين الأمرين بحيث أحدهما يؤكد الثاني فالإحتياط مؤكد للفقه، أو أننا إذا أردنا أن نجمع بين الوضع الفقهي من حيث أنه يوجد روايات ومن حيث عندنا الإحتياط بحيث يكون أحوط شيء هكذا، فهو جاري على الإحتياط أو يفتي به، فإنه تارة يفتي مطابقاً للإحتياط، وتارة فتواه مبتنية للإحتياط وليس لأن الحكم ثابت عنده. ولم يتضح للأن بأنه مخالف للمسألة بحيث يعتبر مسمى الرضاع فهذه العبارة لا تخلو عن إجمال .

وبعبارة أخرى، وهو ظاهر في مراعاته للإحتياط إما تأكيداً لمقتضى الفقه أو منشأ له، فإذا كان تأكيداً فهذا يعني أن كلاهما اجتمعا بحيث الفقه يقتضي ذلك والإحتياط يقتضي ذلك، وإذا كان منشأ للفقه بمعنى يفتي على طبق الإحتياط وليس فتوى .

نعم في موثق زيد بن علي عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: الرضعة الواحدة كالمأة رضعة لا تحل له أبدا. [27] [28] [29] [30]

ويوجد عندنا مجموعة نصوص نستعرضها إن شاء الله تعالى .

 


[1] ( ) ج29 ص266.
[2] ( ) المبسوط ج4 ص353، شرائع الإسلام ج2 ص258، إرشاد الأذهان ج2 ص19، قواعد الأحكام ج3 ص21، جامع المقاصد ج12 ص206، مسالك الأفهام ج7 ص210، الروضة ج3 ص185، كفاية الأحكام ج2 ص108، رياض المسائل ج11 ص131، مستند الشيعة ج16 ص234.
[3] ( ) ج29 ص267.
[4] ( ) ج7 ص233.
[5] ( ) كتاب النكاح ص294، الحدائق الناضرة ج23 ص318.
[6] ( ) ج2 ص615.
[7] ( ) ج4 ص338.
[8] ( ) ج5 ص104 م 13.
[9] ( ) الخلاف ج5 ص96 م 3.
[10] ( ) الخلاف ج5 ص97 م 3.
[11] ( ) الخلاف ج5 ص97 م3، تذكرة الفقهاء ج2 ص619، مسالك الأفهام ج7 ص213، نهاية المرام ج1 ص101، رياض المسائل ج11 ص132.
[12] ( ) مختلف الشيعة ج7 ص6.
[13] () التهذيب ج7 ص317 ح17، الوسائل ج14 ص285 باب2 من أبواب ما يحرم بالرضاع ح12.
[14] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج60، ص479و 480، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي «قال : اللهم إلا أن يقال : إنّ من الشبهة ما ورد فيه " … لكل قوم نكاح " المراد منه : أن ما بأيديهم من العقود الفاسدة لها حكم النكاح، لا أنّ المراد منه : أنه نكاح حقيقة؛ ضرورة معلومية بطلان نكاح الأم والأخت.
[16] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج60، ص481، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
[18] المشهور بين الأصحاب – حتى لم ينقل أحد فيه خلافاً – أنه يشترط في نشر الحرمة بالرضاع كون المرضعة حية، فلو ارتضع الصبي من ثدي ميتة ولو في بعض الرضعات – كما لو رضع ما دون العدد بواحدة وهي حية، ثم أكملها ميتة – لم ينشر، لقوله تعالى { وأُمّهاتكم اللاتي أرضعنكم } والظاهر من الآية كونها مباشرة للرضاع، والميتة ليست كذلك، فتدخل في عموم قوله تعالى { وأحلّ لكم ما وراء ذلكم } وهي مما وراء ذلكم، ولأن الأصل الإباحة إلى أن يثبت النزيل.
[21] يشترط في المرضعة الحياة فلو ارتضع الصبى من ثدي ميتة الرضعات التامة لم ينشر الحرمة وكذا لو ارتضع أكثر الرضعات من المرأة حال الحياة وتكملها بعد الموت ولو جرعة واخذه إذا لم يكمل الأخيرة حال الحياة عند علمائنا وبه قال الشافعي لقوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وهذا ليست مرضعة ولقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وهذه من وراء ذلكم ولان الأصل الإباحة ولأنه لبن نجس قبل انفصاله لأنه في وعاء نجس ولأنه لبن ممن ليس بمحل للولادة فلم يتعلق به التحريم كلبن الرجل ولأنه لبن حرام قبل انفصاله فلا يتعلق به الترحيم كالمنفصل من الرجل وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي واحد يتعلق به التحريم لان اللبن لا يحله الموت اقصى من في الباب انه نجس بموتها ولو حليه في اناء نجس ثم شربه الصبى تعلق به التحريم كذا هنا ولأنه وجد الارتضاع على وجه ينبت اللحم ويشد العظم من امرأة فأثبت التحريم كما لو كانت حية ولأنه لا فارق بين شربه في حيوتها وموتها الا الحياة والموت أو لنجاسته وهذا لا اثر له فان اللبن لا يموت والنجاسة لا تمنع كما لو حلب في اناء النجس ونمنع حكم الأصل فان شرط نشر الحرمة عندنا شربه من الثدي على ما يأتي ولان الفرق ظاهر فان الأصل حلب وانفصل من محل ظاهر حلال وهنا بخلافه.
[23] لان الميتة لا ينشر الحرمة، ولو ارتضع أكثر الرضعات حال الحياة وتمامها بعد الوفاة، لم ينشر الحرمة . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والأوزاعي : لبنها بعد وفاتها كهو في حال حال حياتها، ولا يسقط حرمته.
[25] المبسوط في فقه الإمامية، الشيخ الطوسي، ج4، ص338 طبعة مؤسسة النشر الإسلامي قال : لبن الميتة لا ينشر الحرمة، فلو ارتضع منها العدد الذي يحرم مثله بعد وفاتها أو أكثرها حال الحياة وتمامها بعد الوفاة لم ينشر الحرمة، وبه قال بعضهم، وقال آخرون : ينشر الحرمة، وفيه خلاف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo