< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

41/10/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصوم/المعذورون / قضاء الولي عن الميت يجب مطلقا او يختص بصورة افطاره عن عذر

المسألة الثانية: هل يختص وجوب القضاء على الولي بما إذا كان الفوت بعذر كالمرض ونحوه او يعمه ويعم غير العذر كما لو ترك الميت الصوم عمداً او فسد الصوم الى عير ذلك.

ذهب جماعة بل نسب الى المشهور اختصاص الوجوب بما فات لعذر. كالشيخ في النهاية والشهيد في الذكرى والخوانساري في المشارق والمحقق في الرسالة البغدادية واستحسنه في المدارك وغيرهم

وقد يستشهد لهم بجملة من النصوص واردة في صورة العذر كالمرض وغيره.

كموثقة ابي بصير قال: "سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجل سافر في شهر رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه؟ قال : يقضيه أفضل أهل بيته"[1] .

ومرسلة ابن بكير، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام: "في رجل يموت في شهر رمضان ، قال : ليس على وليه أن يقضي عنه ما بقي من الشهر ، وإن مرض فلم يصم رمضان ثم لم يزل مريضا حتى مضى رمضان وهو مريض ثم مات في مرضه ذلك فليس على وليه أن يقضي عنه الصيام ، فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ثم صح بعد ذلك ولم يقضه ثم مرض فمات فعلى وليه أن يقضي عنه ، لأنه قد صح فلم يقض ووجب عليه"[2] .

بتقريب انها واردة في موارد العذر فيلزم ان يكون الحكم بوجوب القضاء في مورد العذر ولا يمنع من ذلك وجود نصوص مطلقة للزوم حمل المطلق على المقيد.

وفيه: ان الاعذار المذكورة مورد للرواية لا قيد لها كي نخصص المطلقات بها. كيف والمطلقات لا تنافيها اصلاً كي تحمل عليها

هذا وقد يدعى انصراف المطلقات الى الغالب في الافطار والغالب في الافطار هو الإفطار عن عذر، قال في الجواهر: "في الذكرى عن المصنف رحمه‌ الله انه قال في مسائله البغدادية المنسوبة إلى جمال الدين بن حاتم المشعري : «الذي ظهر لي أن الولد يلزمه قضاء ما فات من الميت من صيام وصلاة لعذر‌ كالمرض والسفر والحيض لا ما تركه عمدا مع قدرته عليه » ثم قال الشهيد وقد كان شيخنا عميد الدين ينصر هذا القول ، ولا بأس به ، فان الروايات تحمل على الغالب من الترك ، وهو انما يكون على هذا الوجه ، وهو اعتبار حسن"[3] . ثم علق عليه في الجواهر قائلاً: "قلت لا يخفى ما فيه"

والامر كما قال في الجواهر، اولاً لمنع الغلبة لان الحديث ليس عن الصائمين من المسلمين وانما الكلام عن المفطرين منهم ممن له عذر بالقياس الى العصاة

وثانياً: لو سلمنا الغلبة فلا يصل حداً يوجب انصراف الاطلاقات إليهم فهو استبعاد محض.

هذا وقد يقال: بأن المناسبات الارتكازية لا تساعد على اهتمام الشارع الأقدس بالمتعمد للترك المتمرد فيه، بحيث يلزم الولي المتدين بتفريغ ذمته، مع ما في ذلك من المشقة، والعسر، بل كلما كان تمرد الميت أطول وما تنشغل به ذمته أكثر كان التكليف على الولي أشق، فإن ذلك قد يوجب انصراف النصوص سؤالا وجوابا إلى ما إذا كان الميت في مقام الأداء، بنحو يهتم بحاله الشارع الأقدس والمتشرعة بمقتضى مرتكزاتهم، ولا أقل من كون ذلك موجبا لخروج ذلك عن المتيقن من الإطلاق.

بل من البعيد جدا عدم الابتلاء في عصور المعصومين عليه السّلام بمن يكثر منه الترك العمدي، ولو كان البناء على الاهتمام بأمره لوقع السؤال عن ذلك وعن فروعه، لما في التكليف المذكور من المشقة الشديدة، بل الهرج والمرج. فعدم التعرض لذلك في النصوص يشرف بنا على القطع بعدم العموم، وعلى استحكام الجهة الارتكازية المشار إليها التي قد تصلح قرينة للانصراف المشار إليه. وليس ذلك مجرد استبعاد، كي لا يرفع به اليد عن ظاهر الأدلة.

لكن الانصاف: ان المناسبات الارتكازية المذكورة وان كانت تقرب دعوى الانصراف، الا ان ما يقابلها وهو ما جعله الشارع الاقدس من حق للوالدين على ابنائهم خصوصا مع مزيد التأكيد عليه واذاعته وشيوعه في المسلمين يناسب جداً وجوب ابراء ذمة الوالدين على الولد وبالتالي لا يبقى مجال لدعوى الانصراف هذه.

والمتحصل: بقاء المطلقات على اطلاقها، فيجب قضاء الولي عن الميت مطلقا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo