< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

41/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الصوم/المعذورون /في لزوم ضم الصدقة الى القضاء وعدمه عند اضرار الصوم بالأم او الولد.

مع الصدقة[1] (1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1) يعني ان الحامل المقرب والمرضعة قليلة اللبن اذا افطرتا لزمهما ضم الصدقة الى القضاء سواء كان الصوم مضر بالولد ام بهما.

اقول: أما بالنسبة للإضرار بالولد فلزوم الصدقة بعد الإفطار بلا خلاف، ويشهد به صحيح ابن مسلم[2] المتقدم وغيره.

وأما بالنسبة للإضرار بالأم فمحل خلاف، والسر فيه هو أن الاضرار بالأم يُدخل المسألة فيما دل على سقوط الصوم عن المكلف إذا كان مضراً له، ولزوم القضاء عليه دون الصدقة فيكون حكم المرضعة قليلة اللبن وكذا الحامل المقرب هو لزوم الإفطار والقضاء فقط دون الصدقة.

وعليه فقد يقال: بلزوم التفصيل بين ما إذا كان الصوم مضراً بالولد فتلزم الصدقة والقضاء - كما عرفت - وبين ما إذا كان الصوم موجباً للإضرار بالأم فقط فيلزم القضاء دون الصدقة.

هذا وقد نسب هذا التفصيل الى المشهور وقد أسهب في الحدائق التأكيد على نسبة ذلك لمشهور الأصحاب.

لكن من يرجع إلى كلام الأصحاب (رض) يجد أن النسبة إليهم غالباً مبتنية على اقتصارهم على ذكر القضاء وعدم ذكرهم للصدقة لا تصريحهم بالتفصيل فتكون النسبة للمشهور محل تأمل واضحٌ، خصوصاً مع ما في المدارك من قوله: "أنا لم نقف على مصرح به سوى المحقق الشيخ فخر الدين وبعض من تأخر عنه"[3] كالمحقق والشهيد الثانين.

وكيف كان فالتفصيل لا شاهد له ومجرد كبرى سقوط الصوم مع الضرر لا تمنع من اختصاص الموردين ـ اللذين نحن بصددهما ـ بوجوب الجمع بين القضاء والصدقة، بعد تصريح الصحيح وغيره بالجمع بينهما، وإلا فلو لم يكن حكمهما الجمع بين القضاء والصدقة وكفاية القضاء لما كان وجه لتخصيصهما بالذكر من بين من يضره الصوم، كيف وقوله ع في الصحيح "الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنّهما لا يطيقان الصوم" ظاهر ـ لولا الاطلاق ـ في كون الكلام عن ضرر الأم لا ضرر الولد فيكون شمول الصحيح للإضرار بالأم جزمي لا ريب فيه. ومع ذلك صرح فيه بلزوم الجمع بين القضاء والصدقة.

ودعوى: أن الصحيح ظاهر في خصوص الاضرار بالولد دون الأم للتعبير في الصحيح بنفي الحرج، الظاهر في الامتنان بتشريع الإفطار والتخفيف بذلك وهو لا يناسب العموم لصورة الاضرار بالأم الساقط عنها الصوم بمقتضى الأدلة والقاعدة الأولية خصوصاً مع ما به من كلفة ذاتية تنافي الامتنان.

يدفعها: أن نفي الحرج هنا لإيراد به القاعدة الامتنانية اعني قاعدة نفي الحرج، وإنما يراد به معناه اللغوي الراجع إلى نفي الملزم بالصوم. فقوله ع: "لا حرج عليهما ان تفطرا" يعني انه يسوغ لهما الإفطار...وهذا اخبار عن عدم وجود تكليف بالصوم وملزم به. ومن الظاهر ان مجرد الاخبار الخالي عن تشريع عدم الالزام ليس فيه منة كي يقال: "لا يناسب العموم لصورة الاضرار بالأم الساقط عنها الصوم بمقتضى الأدلة والقاعدة الأولية".

واما مكاتبة ابن مهزيار "قال : كتبت إليه ـ يعني : علي بن محمد عليه‌السلام ـ أسأله عن امرأة ترضع ولدها وغير ولدها في شهر رمضان فيشتد عليها الصوم وهي ترضع حتى يغشى عليها ولا تقدر على الصيام ، أترضع وتفطر وتقضي صيامها إذا أمكنها او تدع الرضاع وتصوم؟ فان كانت ممن لا يمكنها اتخاذ من يرضع ولدها ، فكيف تصنع؟ فكتب : إن كانت ممن يمكنها اتخاذ ظئر استرضعت لولدها وأتمت صيامها ، وإن كان ذلك لا يمكنها أفطرت وأرضعت ولدها وقضت صيامها متى ما أمكنها"[4] .

فمع الغض عن سندها لا تدل عدم لزوم الصدقة لان لسانها السؤال عن جواز الافطار ثم القضاء او لزوم الصيام وعدم الافطار، وليس بصدد السؤال عن عما يلزم المرضعة لو افطرت، فيكون جواب الامام ع على نسق السؤال ومنصرفا عما يلزمها لو افطرت، فلا يدل عدم ذكره ع للصدقة على عدم لزومها لانه ليس بصدد البيان من هذه الجهة. ولا اقل من احتمال ذلك فلا تكون المكاتبة منافية للصحيح الصريح في الجمع بين القضاء والصدقة. ومن ثم يلزم العمل به والجري عليه.

والمتحصل: إن الضرر سواء تعلق بالأم أم بالولد ام بهما معا موجب لوجوب الصدقة والقضاء معا إذا أفطرت.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo