< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الكلام في صوم يوم الشك بالجمع بين النصوص.

عرفنا النصوص وأنها على طوائف فيلزم الكلام عن كيفية الجمع بين هذه النصوص:

اما الطائفة الأولى: وهي النصوص الناهية عن صيام يوم الشك مطلقا:

كموثق عبد الكريم ابن عمرو فان الكليني رواه عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كرام[1] قال: "قلت لابي عبدالله عليه السلام وذكر مثله إلا أنه قال: ولا اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان"[2] .

فان قوله " من شهر رمضان" اما ان يراد به بنية رمضان او يراد به الشك في رمضان في قبال غيره من الشهور فعلى الأول تكون من روايات النهي عن صومه بنية رمضان وعلى الثاني تكون مطلقة والثاني أقرب لقربه ولاستقامة الكلام أكثر والا لكان النهي عن صوم يوم الشك في كافة الشهور بنية رمضان اللهم الا ان يدعى قيام قرينة عهدية على إرادة الشك في خصوص شهر رمضان. وعلى أي حال فلا دلالة للنص على نية شهر رمضان.

واما مرسل الصدوق قال: "كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لان افطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان"[3] .

فانه مضافا الى ارساله لا إطلاق له، فان قوله "ازيده في شهر رمضان" لا يستقيم الا إذا صام يوم الشك بنية شهر رمضان لان الزيادة في الشهر لا تتحقق بتتابع الصوم بين شهرين. فتكون هذه الرواية من روايات النهي عن صيامه بنية رمضان

واما الطائفة الثانية: وهي النصوص الناهية عن صيام يوم الشك على انه من رمضان:

كصحيح قتيبة الاعشى[4] وموثق عبد الكريم كرام ـ برواية الكليني ـ قال: "قلت لابي عبدالله عليه السلام وذكر مثله [يعني مثل رواية عبد الكريم المتقدمة] إلا أنه قال: ولا اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان"[5] .

والكلام فيهما عين الكلام الذي ذكرناه عقيب رواية كرام. فلا جزم في دلالتهما على النهي عن الصوم بنية رمضان

واما الطائفة الثالثة: وهي النصوص الدالة على لزوم قضاء يوم الشك المأتى به من رمضان:

كصحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام: "في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان، فقال: عليه قضاؤه وإن كان كذلك"[6] .

فان هذه الرواية كرواية كرام من حيث احتمال عود " من رمضان" الى يشك فتكون من روايات النهي عن صوم يوم الشك مطلقا

واما موثق هشام بن سالم[7] .

فان قوله " وإن كان كذلك" لا معنى له الا إذا كان صيامه بنية رمضان لتبادر القضاء اليه فتكون من الروايات الدالة على لزوم القضاء وبالتالي بطلان الصوم بنيته

واما الطائفة الرابعة: وهي النصوص الدالة على مشروعية الصوم في الجملة:

كصحيح الكاهلي قال: "سألت أبا عبدالله عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان، قال: لان أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن افطر يوما من شهر رمضان"[8] .

رواية محمد بن حكيم قال: "سألت أبا الحسن عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه فان الناس يزعمون أن من صامه بمنزلة من أفطر في (4) شهر رمضان، فقال: كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفق له، وإن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيام"[9] .

فانهما مطلقان غير ظاهرين في نية رمضان فلا دلالة لهما على جواز صومه بنية رمضان.

ومثلهما حسن بشير النبال[10] مرسل [الصدوق]: وسئل أمير المؤمنين عليه السلام عن اليوم المشكوك فيه، فقال: "لان أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن افطر يوما من شهر رمضان"[11] .

واما الطائفة الخامسة: وهي صحة صوم يوم الشك المأتى به من رمضان

كصحيح سماعة قال: "سألته عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان لا يدري أهو من شعبان أو من شهر رمضان فكان من شهر رمضان، قال: هو يوم وفق له لا قضاء عليه"[12] .

فلاحتمال عود "من شهر رمضان" الى يشك لم تتحدد نيته كيف وقعت، وعن الكافي انه رواها هكذا "فصامه فكان من شهر رمضان" فلا تبقى فيه دلالة على انه نواه من شهر رمضان وبالتالي لا يدل على صحة صومه بنية رمضان

ومثله صحيح معاوية بن وهب[13] . فحيث لم تتحدد النية فيه كيف وقعت فلا دلالة له على صحة الصوم بنية رمضان.

فهذا المعنى ما رأيت ما يدل عليه.

واما الطائفة السادسة: وهي النصوص المفصلة بين المنوي به رمضان او غيره فيبطل في الأول دون الثاني.

كموثق سماعة ورواية الزهري فانهما ظاهران في التفصيل المذكور، فقد قال ع: في الأول: "...فإنما هو شيء وفقك الله له، إنما يصام يوم الشك من شعبان، ولا يصومه من شهر رمضان لأنه قد نهي فقال: بلى فاعتد به أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك، وانما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان، فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله وبما قد وسع على عباده..."[14] .

وفي الثاني وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا به أن نصومه مع صيام شعبان، ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس..."[15] .

واما الطائفة السابعة: وهي النصوص الدالة على ان ما ورد من كونه يوما وفق له أنما ذلك إذا كان لا يعلم أهو من شعبان أم من شهر رمضان فصام فأما اذا لم توجد علة ولا شبهة فلا.

كصحيح معمر بن خلاد[16] .

لكن من الظاهر ان الرواية بصدد التفريق بين ما يكون صوم يوم الشك اهلا لان يكون يوما وفق له من شهر رمضان وبين ما لا يكون اهلا لذلك وليست بصدد بيان متى يكون يوما وفق له ومتى لا يكون كذلك. وبعبارة أخرى ليست الرواية بصدد بيان الموضوع الذي يكون الصوم به اهلا للتوفيق او عدمه كي تنفع فيما نحن فيه، فالرواية اجنبية عما نحن فيه بالمرة.

والمتحصل: ان الطوائف التي لها ما يدل عليها من النصوص المعتبرة هي:

الطائفة الأولى: الناهية عن صيام يوم الشك مطلقا.

والطائفة الثانية: الناهية عن صيام يوم الشك بنية رمضان.

والطائفة الثالثة: الدالة على لزوم قضاء صوم يوم الشك المنوي به رمضان

والطائفة الرابعة: الدالة على مشروعية الصوم في الجملة.

والطائفة السادسة: المفصلة بين المنوي به رمضان او غيره فيبطل في الأول دون الثاني.

ومن الظاهر ان الطوائف الثانية والثالثة والسادسة تتفق في عدم صحة صوم يوم الشك بنية رمضان فتقيد إطلاق الطائفة الأولى الناهية عن صومه فتحمل عليها. كما انها تكون قرينة على ان المشروعية التي في نصوص الطائفة الرابعة مختصة بصومه بنية شعبان.

وان شئت قلت: الطائفة السادسة المفصلة بين المنوي به رمضان وغيره تصلح ان تكون شاهد جمع بين الطائفة الأولى والطائفة الرابعة، فيحمل تسويغ الصوم في الطائفة الرابعة على صورة نية الصوم من شعبان، ويحمل النهي عن الصوم في الطائفة الأولى على صورة نيته من رمضان وتكون الطائفتان الثانية والثالثة مؤكدتين لمبطلية نية رمضان.


[1] كرام لقب لعبد الكريم ابن عمرو نفسه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo