< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: استحباب صوم الايام البيض

وايام البيض (1)

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) والكلام فيها يقع تارة في ماهيتها وأخرى في حكم صيامها.

أما الاول: فقد وقع الاختلاف بين الاصحاب في ماهيتها. فالمشهور جعلها اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وعن العماني أنها الثلاثة المتقدمة، يعني الاربعاء بين الخميسين.

ويمكن ان يقرب قول المشهور بالخبر المروي في العلل عن ابن مسعود عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: "ان اللّه أهبط أدم إلى الأرض مسودا فلما رأته الملائكة ضجت وبكت وانتحبت ... فنادى مناد من السماء ان صم لربك اليوم فصام فوافق يوم ثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم الرابع عشر ان صم لربك اليوم فصام فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم خمسة عشر بالصيام فصام وقد ذهب السواد كله فسميت أيام البيض للذي رد اللّه عز وجل على آدم من بياضه ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلتها لك ولولدك، من صامها في كل شهر فكأنما صام الدهر"[1] .

واستدل العماني على مختاره بالجمع بين الأخبار الكثيرة الدالة على ان صومه صلى اللّه عليه وإله في آخر عمره الشريف والذي قبض عليه هو "صوم السُنة" وهي الاربعاء بين الخميسين. وبين نعت امير المؤمنين للايام التي قبض ص على صومها بايام البيض كما في خبر عبد اللّه بن جعفر المروي في قرب الاسناد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه: "ان عليا عليه السّلام كان ينعت صيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال صام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الدهر كله ما شاء اللّه ثم ترك ذلك وصام صيام داود عليه السّلام: يوما للّه ويوما له ما شاء اللّه ثم ترك ذلك وصام أيام البيض ثلاثة أيام من كل شهر فلم يزل ذاك صيامه حتى قبضه اللّه اليه"[2] .

وفيه: ان الرواية الشريفة تحكي ادوار صوم رسول الله ص وما وقع منه ص من صنوف الصوم وهي غير قابلة للزيادة والنقص.

وقد وردت حكاية هذه الادوار ـ في فيما رايت من الوسائل ـ في نصوص ثلاث عدا رواية العماني اثنان منها احداهما صحيحة لم تذكرا الايام البيض اصلا والثالثة صحيحة وذكرتها لكن ذكرت ايضا انه ص تركها قبل وفاته ص وصام الايام الثلاثة الاربعاء بين خميسين. اما الصدوق (ر) فروى الاخيرة ايضا من دون ذكر الايام البيض اصلا.ومقتضى هذه النصوص انه ص لم يقع منه هذا الدور او لم يدم الى وفاته.

والانصاف انه بعد ملاحظة:

أ- ان المعروف لغة وعرفا انها الثلاث المتصلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وان تسميتها بالبيض لبياض لياليها كنهارها.

ب- ان نفس نصوص باب استحباب صيام الايام البيض نصت على انها الايام الثلاث المتصلة.

خصوصا وان تركه ص لصيام الايام البيض وتفريق الايام الثلاثة على الاربعاء والخميسين ـ كما ورد في صحيح محمد مسلم الآتي ـ ظاهر في المغايرة بينهما.

وبالتالي فان هذه الامور لا تترك مجالا للشك في ان الرواية التي استدل بها العماني اما زيد فيها الايام البيض او سقط منها ترك الايام البيض فلا تصل النوبة بينها وبين النصوص الثلاث الاخر الى التعارض.

فالحق ما ذهب اليه المشهور ان الايام البيض هي الثالث عشر الى الخامس عشر من كل شهر.

واما الثاني: وهو استحباب صوم أيام البيض. فقد ادعي عليه الإجماع كما عن الغنية والمختلف، واتفاق العلماء عليه كافة كما عن المنتهى والتذكرة.

وحكي عن الصدوق نسخ استحباب صومه بصوم السنّة وهو صوم الاربعاء بين خميسين.

ويمكن ان يستدل لاستحبابه ـ مضافا الى الاجماع المدعى وخبر العلل المتقدم ـ:

بخبر الدروع الواقية... عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتاني جبرئيل فقال: قل لعلي: صم من كل شهر ثلاثة أيام، يكتب لك بأول يوم تصومه عشرة آلاف سنة، وبالثاني ثلاثون ألف سنة، وبالثالث مائة ألف سنة، قلت: يا رسول الله إلي ذلك خاصة أم للناس عامة ؟ فقال: يعطيك الله ذلك ولمن عمل مثل ذلك، فقلت: ما هي يا رسول الله ؟ قال: الأيام البيض من كل شهر وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر"[3] .

وخبر الحسن بن محمد بن جعفر بإسناده إلى الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم أيام البيض؟ فقال: صيام مقبول غير مردود"[4] .

وقد يستدل لمختار الصدوق نسخ الاستحباب بصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول ما بعث يصوم حتى يقال: ما يفطر ويفطر حتى يقال: ما يصوم، ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما، وهو صوم داود عليه السلام ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر، ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة يوما خميسين بينهما أربعاء فقبض عليه السلام وهو يعمل ذلك"[5] .

وغير خفي ان ترك أمر مستحب لأمر مستحب آخر كما يمكن أن يكون لنسخه يمكن أن يكون لأفضليته، بل يمكن أن يكون لمساواته للمتروك، حتى لو طالت فترة ترك الأول وفعل الثاني لإمكان أن يكون لمناسبته لظرف الصائم.

وبالجملة لا مجال لدعوى النسخ، فالحق ما اختاره المعظم من استحبابه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo