< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الصوم المندوب – صوم الأيام الثلاثة في الشهر

والمندوب (1) جميع أيام السنة إلا المنهي عنه (2). والمؤكد ستة عشر قسما: أول خميس من كل شهر، وأول أربعاء من العشر الثاني، وآخر الخميس من الثالث[1] (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهو على أقسام.

(2) وهو القسم الأول منها: وهو ما لا يختصّ بسبب مخصوص ولا بوقت معيّن‌ "فإنّ استحبابه ممّا لا خلاف فيه، كما صرّح به غير واحد"[2] كذا في مستند الشيعة.

واستدل له بمرسلة الفقيه: "من صام للّه يوما في شدّة الحرّ، فأصابه ظمأ وكل اللّه به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشّرونه، حتى إذا أفطر قال اللّه تعالى: ما أطيب ريحك وروحك، ملائكتي اشهدوا أنّي قد غفرت له"[3] .

ورواية الكناني: "نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبّل، ودعاؤه مستجاب"[4] .

والحديث القدسي: "الصوم لي، وأنا اجازي به"[5] .

ورواية عمرو بن جميع: "الصوم جنّة من النار"[6] . إلى غير ذلك.

ويمكن ان يقال: ان هذه النصوص غاية ما تدل عليه هو رجحان الصوم في نفسه ولا إطلاق فيها يتضمن الامر به كي تدل على ما نحن فيه وهو استحباب الصوم عدا ما استثني. كيف ولا اشكال في رجحان الصوم والامر به وجوبا واستحبابا في الجملة، فلعل هذه النصوص بلحاظ ذلك.

قلت: بعد دلالتها على إطلاق رجحان الصوم في نفسه وورودها مورد الحث عليه تكون كافية في اثبات المطلوب.

ولعله لهذا ونحوه قال (ره): "ولو لم يكن في الصوم إلّا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة الروحانيّة لكفي به فضلا ومنقبة وشرفا"[7] .

والقسم الثاني: ما يختصّ بسبب مخصوص‌ غير الوقت بمعنى انّه يستحبّ لا لأجل الوقت وذلك كالصوم لقضاء الحاجة، أو لطلب الحاجة بالمدينة المنورة كما تعرضنا اليه سابقا، أو مقدّمة لدعاء مخصوص كالصوم في عمل أمّ داود ونحوها، وأفراده غير محصورة، بل هي مبثوثة في كتب الأدعية والآداب. ولعله لذا لم يتعرض المصنف (ره) لهذا القسم من المندوب كما هو ظاهر.

والقسم الثالث: ما يختص بوقت معيّن، وهو الذي اشار المصنف اليه وجعل المؤكد منها ستة عشر موردا.

(3) وهو الأول من الموارد المؤكدة. بل في العروة انه آكدها.

كما ان الكيفية التي ذكرها المصنف هي الكيفية المشهورة من بين الكيفيات كما صرح به الاصحاب[8] بل عليه الإجماع كما عن ظاهر الغنية[9] وبها جاءت النصوص الكثيرة:

كصحيح حماد عن أبي عبد الله ع: "صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله حتى قيل ما يفطر، ثمّ افطر حتى قيل ما يصوم، ثمّ صام صوم داود يوماً ويوماً لا، ثمّ قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على صيام ثلاثة أيام في الشهر وقال: يعدلن صوم الدهر ويذهبن بوحر الصدر. وقال حماد: الوحر[10] : الوسوسة. قال حماد: فقلت: واي الأيام هي؟ قال (عليه السلام): اول خميس في الشهر، واول اربعاء بعد العشر منه، وآخر خميس فيه. فقلت: كيف صارت هذه الأيام تصام؟ فقال: انّ من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيام، فصام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله هذه الأيام المخوّفة"[11] . وغيره من النصوص.

وعن الشيخ: التخيير بين أربعاء بين خميسين، وخميس بين أربعاءين. وعن الإسكافي: شهر بالأول وشهر بالثاني. وعن العماني: تخصيص الأربعاء بالأخير من العشر الأوسط. وعن الحلبي: فأطلق في خميس العشر الأول، وأربعاء الثاني وخميس الثالث.

اما الشيخ فانه احتج لما ذهب اليه فقال: "وَالَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ... عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ فَقَالَ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمُ خَمِيسٍ وأَرْبِعَاءَ وخَمِيسٍ والشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ أَرْبِعَاءُ وخَمِيسٌ وأَرْبِعَاءُ[12] ، فَلَيْسَ بِمُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَخْبَارِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ أَوْ خَمِيساً بَيْنَ أَرْبِعَاءَيْنِ وَعَلَى أَيِّهِمَا عَمِلَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شيء لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الصَّوْمِ التَّنَفُّلُ وَالتَّطَوُّعُ فَكَيْفَ فِي تَرْتِيبِهِ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ: مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ...عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنِ الصِّيَامِ فَقَالَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ الْأَرْبِعَاءُ والْخَمِيسُ والْجُمُعَةُ فَقُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَنَا يَصُومُونَ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ ولَا بَأْسَ بِخَمِيسٍ بَيْنَ أَرْبِعَاءَيْنِ[13] ."[14]

لكن الحديث ضعيف بإِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دَاوُدَ فانه مجهول فلا مجال للقول بالتخيير.


[8] كالعلّامة في المختلف: 238، والفيض في المفاتيح1: 281، و المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان 5: 183.
[9] الغنية (الجوامع الفقهية): 573.
[10] مجمع البحرين، الشيخ فخر الدين الطريحي ج4، ص476.. الوحر: الوسوسة، وقيل وحر الصدر بالتحريك غشه وقيل الحقد والغيظ، وقيل العداوة، وقيل أشد الغضب. وقد وحر صدره علي: أي وغر. وفي صدره علي وحر بالتسكين مثل وغر، وهو اسم والمصدر بالتحريك

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo