< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مواضع وجوب الصوم في السفر – صوم النذر

فرع: قال في العروة: "الخامس: أن لا يكون مسافراً سفراً يوجب قصر الصلاة، مع العلم بالحكم، في الصوم الواجب. إلا في ثلاثة مواضع: أحدها: صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع. الثاني: صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامداً، وهو ثمانية عشر يوما. الثالث: صوم النذر المشترط فيه سفراً خاصة، أو سفراً وحضراً دون النذر المطلق "[1] .

والكلام في الأول والثاني يقع في مباحث الحج ان شاء الله.

واما الثالث: وهو وجوب صوم النذر المشترط فيه سفراً خاصة، أو سفراً وحضراً دون النذر المطلق

"فهو المعروف، وفي الجواهر: لا أجد فيه خلافا، وعن المنتهى: نفي الخلاف فيه، وعن الحدائق: الاتفاق عليه"[2] . كذا في المستمسك

وعن المفيد والمرتضى وسلار: وجوب الصوم في السفر ولو مع اطلاق النذر.ويشهد للمشهور عدة نصوص:

الأول: ما استدل بها المشهور في المقام: وهو صحيح علي بن مهزيار: "كتب بندار مولى ادريس: يا سيدي نذرت ان اصوم كل يوم سبت فان انا لم اصمه ما يلزمني من الكفارة؟ فكتب (عليه السلام) وقرأته: لا تتركه الا من علة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض الا ان تكون نويت ذلك، وان كنت افطرت منه من غير علة فتصدق بقدر كل يوم على سبعة مساكين نسأل اللّه التوفيق لما يحب ويرضى"[3] .

فانه ظاهر في عدم وجوب صوم النذر في السفر ما لم ينو السفر في النذر.

والثاني: مصحح كرام قلت لأبي عبد اللّه ع: "اني جعلت على نفسي ان اصوم حتى يقوم القائم فقال (عليه السلام): صم ولا تصم في السفر"[4] .

وهو ظاهر في النهي عن الصوم وذلك لإطلاق النذر وعدم تقييده بالسفر ومثله الخبران الآتيان

والثالث: خبر مسعدة عنه ع: "في الرجل يجعل على نفسه اياماً معدودة مسماة في كل شهر ثمّ يسافر: لا يصوم في السفر ولا يقضيها اذا شهد"[5] .

والرابع: موثق زرارة عن الباقر ع: "عن امه كانت جعلت عليها نذراً ان رد اللّه عليها بعض ولدها من شي‌ء كانت تخاف عليه ان تصوم ذلك اليوم ما دامت باقية فخرجت الى مكة أ تصوم ام تفطر؟ قال (عليه السلام): لا تصوم قد وضع اللّه عنها حقه"[6] . الحديث.

ونحوها غيرها.

واوردوا على الصحيح الأول عدة إيرادات:

تارة: بجهالة الكاتب وهو بندار.

وفيه: أن جهالة بندار لا تضر بعد قراءة ابن مهزيار للكتاب الشريف بنفسه.

واخرى: بإضمار الصحيح وعدم معرفة من كُتب له الكتاب فهل هو الامام او غيره.

وفيه: انه ظاهر في كون المسؤول هو الإِمام، لان الحاكي هو ابن مهزيار الذي هو من اجلاء الاصحاب ولا ينتظر منه الرواية عن غير الامام، مضافا الى اشتمال الكتاب على لفظ "سيدي"، زائد تدوين الخبر في كتب الأعاظم المعدة لجمع احاديث المعصومين ع.

وثالثة: باشتماله على ما لا يقول به احد وهو وجوب الصوم في المرض اذا نوى ذلك،

وفيه: ان الجملة المركبة من المستثنى والمستثنى منه تدل على انه لا يجوز الصوم في السفر والمرض، ويجوز الصوم مع النية، ويكفي في صدق ذلك جواز الصوم في السفر خاصة.

وان شئت قلت: بعد ان كانت مانعية المرض من الصوم ارتكازا هي الضرر اللاحق للصائم المريض، ولا دخل للنية في رفع ضرر الصوم عنه جزما، ينصرف الاستثناء وهو قوله ع: "الا ان تكون نويت ذلك" الى خصوص السفر لإمكان ان يكون للنية دخل في رفع مانعية السفر من الصوم. فتدبر جيدا.

ورابعة: باشتمال ذيله‌ على ان كفارة النذر اطعام سبعة مساكين المخالف لغيره من الأدلة الدالة على انها كفارة يمين او كبرى مخيرة ككفارة شهر رمضان،

وفيه: أن سقوط بعض فقرِات الرواية عن الحجية لوجود المعارض لا يوجب سقوط الجميع عنها، مع ان الصحيح مروي عن بعض نسخ المقنع "عشرة" بدل "سبعة" كما تقدم.

وخامسة: باحتمال ان يكون المراد بقوله الا ان تكون نويت ان يكون نوى الصوم ثمّ سافر.

وفيه: إنه مجرد احتمال وهو خلاف الظاهر.

ويشهد للقول الثاني: ـ مضافا الى عموم وجوب الوفاء بالنذرـ :

خبر ابراهيم بن عبد الحميد عن الإِمام الرضا (عليه السلام): "عن الرجل يجعل للّه عليه صوم يوم مسمى قال (عليه السلام): يصوم أبداً في السفر والحضر"[7] .

وفيه: اما الخبر فضعيف السند، لأن في سنده جعفر بن محمد بن ابي الصباح وليس له ذكر في الأخبار، ومع الغض عن ذلك فانه معارض للطائفة الاولى وهي اشهر واصح سندا منه. واما عموم وجوب الوفاء بالنذر، فانه مختص بصورة رجحان‌ المنذور، فأخبار المنع حاكمة عليه ورافعة لموضوعه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo