< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في تكرر كفارة الجماع ونحوه في اليوم الواحد وعدم تكررها.

نعم في الجماع ذهب صاحب العروة الى تكرر الكفارة وكذا النراقي بل ونسب للسيد المرتضى واستظهره السيد الخوئي (ره) بتقريب: "ان المذكور في بعض النصوص وان كان هو ترتب الكفارة على جماع الصائم المنتفي لدى تحقق الجماع الثاني [وكأنه يقصد مثل خبر علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌ السلام قال: "سألته عن رجل نكح امرأته وهو صائم في رمضان، ما عليه؟ قال: عليه القضاء وعتق رقبة، فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، فان لم يجد فليستغفر الله"[1] ].

إلا ان الموضوع للحكم في جملة كثيرة منها هو عنوان الجماع أو الوقاع الشامل بإطلاقه لحالتي التلبس بالصوم وعدمه، بحيث يظهر منها ان الموضوع للكفارة هو الجماع في نهار شهر رمضان ممن هو مكلف بالصوم سواء أ كان صائما بالفعل أم لا، [وكانه يقصد مثل: موثق سماعة قال: "سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا؟ قال: عليه عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صوم شهرين متتابعين، وقضاء ذلك اليوم، ومن أين له مثل ذلك اليوم"[2] .].

ولأجله كان تكرر السبب وتعدد الموجب متصورا في المقام، وعليه فتبتني المسألة على أن مقتضى الأصل لدى اجتماع الأسباب هل هو التداخل أو عدمه؟ وبما ان المحقق في محله هو العدم‌ أخذا بإطلاق أدلة الأسباب الظاهرة في الانحلال، وإن كل فرد سبب مستقل لترتب الأثر عليه سواء لحقه أو سبقه فرد آخر أم لا فلا مناص من الالتزام بتعدد الكفارة في المقام عملا بأصالة عدم التداخل المقتضية لوجوب التكرار، ودعوى الانصراف في النصوص المذكورة إلى الجماع المفطر فغيره- وهو الجماع اللاحق- خارج عن منصرف تلك النصوص مما لم نتحققها ولم نعرف لها وجها أبدا فإنها بلا بينة ولا شاهد فإطلاق الجماع في تلك النصوص السليم عما يصلح للتقييد هو المحكم"[3] .

أقول وقد يؤيده خبر الهروي المتقدم لقوله ع: "...فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات، وروي عنهم أيضا كفارة واحدة، فبأي الحديثين نأخذ؟ قال: بهما جميعا، متى جامع الرجل حراما او افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً، وقضاء ذلك اليوم، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة... ". فان عطف "افطر" على "الجماع" بـ "او" يقرب كون الجماع موجبا لها سواء كان مفطرا ام لا. والا لما احتاج الى تخصيصه بالذكر وعطف "افطر" عليه بـ "او"، اذ لا ريب ان الجماع الأول مفطر للصائم.

وقد يُقرب عدم التكرار: بأن "النصوص على طائفتين: الأولى: ما تضمن عنوان الإفطار. الثانية: ما تضمن عناوين خاصة من الأكل والشرب والنكاح وغيرها. فإبقاء كل من الطائفتين على ظاهره مستلزم لكون كل من العنوانين موجباً للكفارة المستلزم لتعدد الكفارة لو تحقق الإفطار بفعل واحد من تلك الأمور الخاصة، وحيث لا يمكن البناء على ذلك تعين الجمع بينهما بتنزيل إحداهما على الأخرى، إما بإلغاء خصوصية الإفطار أو بإلغاء خصوصية العناوين الخاصة، ولا ريب في تعين الثاني"[4] .

لكن في حدود تتبعي في النصوص لم اجد غير الجماع والاستمناء ونحوه كالإصباح جنبا [5] عنوانا اخذ موضوعا لوجوب الكفارة الا عنوان الإفطار او عنوانا آخر لكن الحديث فيه يكون عن الصائم مما يعني كون ذلك العنوان موضوعيته للكفارة او القضاء بلحاظ مفطريته. كـ "القيء" الوارد في موثق سماعة الآخر: "سألته عن القيء في رمضان. فقال (ع): إن كان شي‌ء يبدره فلا بأس وإن كان شي‌ء يكره نفسه عليه فقد أفطر، وعليه القضاء"[6] . بناء على ثبوت الكفارة فيه.

نعم يشكل هذا القول بلزوم تعدد الكفارة بعدد الجماع مثلا زائدا كفارة المفطر الآخر كالأكل اذا سبق الجماع، لان الافطار يكون به فيتم موضوع الكفارة فيه فتجب، دون اللاحق للجماع لعدم مفطريته حينئذ فلا يتم موضوعها، ثم تتكرر كفارة الجماع بعدد الجماع او الاستمناء اللاحق للأكل لتمام موضوع الكفارة فيه وان لم يكن مفطرا، ولا اظن ان واصحاب هذا الرأي يلتزمون بذلك اما صاحب العروة فلم يلتزم بذلك جزما. نعم السيد الخوئي (ره)[7] في فروع هذه المسألة قد التزم بهذا الامر جزما واصر على ذلك علما ان هذا منه قول جديد ظاهرا. فلاحظ.


[5] كمعتبرة سليمان بن حفص عن الفقيه: "قال: إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل، ولا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين، مع صوم ذلك اليوم. ولا يدرك فضل يومه."
[7] لاحظ تعليقه على المسألة التاسعة وما بعدها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo