< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة خصال كفارة رمضان – ثم المتعين بالعرض كالنذر المتعين ونحوه.

واما الجهة الثانية من الاشكال في القول بالتفصيل فهي قلة القول به وشهرة خلافه. بين المتقدمين حيث لم يقل احد به صريحا الا الصدوق (ره) في الفقيه، واما كلام الشيخ في التهذيب والاستبصار فلا يبعد ان يكون لمجرد دفع التعارض بين النصوص ولعله لهذا قال في الجواهر: "(وقيل) والقائل الصدوق: انه (يجب بالإفطار بالمحرم ...الخ"[1] اما السيد الخوئي (ره) فقال: "والظاهر انه لا ينبغي التأمل في ان هذا القول حدث بين المتأخرين عن زمن العلامة وتبعه جماعة ممن تأخر عنه منهم صاحب الحدائق. وأما القدماء فلم ينسب إليهم ذلك ما عدا الصدوق في الفقيه حيث أفتى به صريحا فهو قول على خلاف المشهور، وإلا فالمشهور [كذا] القائلون بالتخيير لا يفرقون في ذلك بين الإفطار على الحلال والحرام"[2] .

والمتحصل ان اطلاقات النصوص سواء ما استفيد منها التخيير او استفيد منها الترتيب لم ينهض دليل يقيدها بخصوص الإفطار بالحلال بل شهرة عدم التفصيل المزبور تعضد اطلاقات النصوص. وبالتالي يقضيان معا بعدم الفرق بين الإفطار على الحلال وعلى الحرام. نعم لا بأس بالاحتياط عند الإفطار بالحرام.

هذا في الصوم المتعين بالذات وهو صوم شهر رمضان.

واما الصوم المتعين بالعرض، كنذر الصوم المعين. ففيه قولان اذا تجاوزنا رأي ابن ابي عقيل النافي لثبوت الكفارة في غير شهر رمضان. والذي عرفت ما فيه.

الأول: أنها كفارة إفطار شهر رمضان وهي التخيير بين الخصال الثلاث. وهو المنسوب للمشهور ونسب للشيخين وأتباعهما والعلامة في المختلف وأكثر المتأخرين وجعله في الانتصار من متفردات الإمامية، مدعيا كالغنية إجماعهم عليه.

الثاني: انها كفارة يمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين لكل واحد مد، أو كسوة عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام. ونسب للأشهر كما عن الشرائع ـ في كتاب النذر ـ والنافع والمسالك وحكاه عن الصدوق. كما حكي عن العلامة في التحرير وجماعة.

تنبيه: ذكر السيد الخوئي (ره) ان الاقوال ثلاثة حيث أضاف اليها القول بالتفصيل ونسبه لصاحب الوسائل فقال: "وقيل بالتفصيل بين ما لو تعلق النذر بالصوم فكفارة رمضان وما تعلق النذر بغيره من الصلاة ونحوها، فكفارة اليمين اختاره صاحب الوسائل جمعا بين الأخبار".

والحقيقة ان صاحب الوسائل في مقام الجمع بين الاخبار الآتية قال: " جمع جماعة من الاصحاب بين هذه الاخبار وما تقدم في الصوم وما يأتي، بأن المنذور إن كان صوما وجب بالحنث كفارة شهر رمضان وإلا فكفارة اليمين وهو حسن، وما تضمن الصدقة بما دون ذلك محمول على العجز عما زاد لما مر، أو على الاستحباب مع العجز عن الوفاء بالنذر"[3] .

ومن الظاهر انه يتحدث عن الروايات الواردة في النذر مطلقا اعم من نذر الصوم وغيره حيث جمع بينها بالتفصيل المذكور واستحسنه وليس في خصوص نذر الصوم والذي هو مسألتنا التي بمقتضى جمعه تكون الكفارة فيه هي كفارة شهر رمضان فيكون من القائلين بالقول الأول فلا قول ثالث في البين في مسألتنا.

هذا واستدل للأول بعدة نصوص:

منها: صحيح عبد الملك بن عمرو ، عن أبي عبدالله عليه ‌السلام ، قال : "سألته عمن جعل لله عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه؟ قال : ( لا أعلمه ) [١] إلا قال: فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين متتابعين ، أو ليطعم ستين مسكينا"[4] .

مكاتبة ابن مهزيار: "أنه كتب إليه يسأله : يا سيدي ، رجل نذر أن يصوم يوما بعينه فوقع ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟ فأجابه [١] : يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة"[5] .

ومكاتبة الحسين بن عبيدة قال: "كتبت إليه ـ يعني : أبا الحسن الثالث عليه‌ السلام: يا سيدي، رجل نذر أن يصوم يوما لله فوقع ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟ فأجابه عليه ‌السلام : يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة"[6] .

ومكاتبة القاسم الصيقل: "أنه كتب إليه أيضا : يا سيدي، رجل نذر أن يصوم يوما لله تعالى فوقع في ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟ فأجابه : يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة"[7] .

ومن الظاهر ان الاستدلال بالمكاتبات الثلاث يبتني على ان يكون الامر بعتق الرقبة بما انه احد الخصال المخير بينها لا تعينه، وذلك لعدم وجود القائل بتعين عتق الرقبة، ومن هنا يتعين صرف الامر الى التخيير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo