< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/01/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في وجوب الكفارة ـ في النذر المعين ـ قضاء شهر رمضان

وأما النذر المعين: ففي الانتصار جعل وجوب الكفارة فيه مما انفردت به الإمامية وعن المدارك أنه قال: "وأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه بين الأصحاب" لكن المنقول عن صاحب المدارك أنه هو نقل الكلام المتقدم عن ابن ابي عقيل، ومن الظاهر ان مقتضى إطلاق كلام ابن عقيل عدم ايجابه الكفارة في النذر مطلقا فيشمل النذر المعين.

هذا وقد استظهر السيد الخوئي رحمه الله ان المسألة اتفاقية بتقريب: "أنه (قده) [يعني ابن ابي عقيل] غير مخالف في المسألة وانما لم يصرح بالكفارة هنا لعدم خصوصية للصوم، و انما هي كفارة لمطلق مخالفة النذر سواء تعلق بالصوم أم بغيره من الصلاة ونحوها، فليست الكفارة هنا من شؤون الصوم ليتعرض لها بالخصوص، ولم ينسب اليه الخلاف في‌ وجوب الكفارة لحنث النذر، فمن الجائز انه أهمله في المقام تعويلا على المذكور في كفارة النذر. فالظاهر ان المسألة اتفاقية، و لا خلاف في أصل الكفارة"[1] .

ومن الظاهر أن هذا التقريب ـ وان امكن ـ ينافي ظاهر نقل الشهيد وصاحب المدارك عنه، بلحظ أن ظاهرهما نقل كلام ابن ابي عقيل بنفسه وهو ظاهر في نفي وجوبها هنا.

وكيف كان فالأمر سهل خصوصاً مع كون المخالف ابن ابي عقيل الذي يكثر خلافه للأصحاب وورود النصوص بوجوب أصل الكفارة فيه:

كصحيح ابن مهزيار قال: "كَتَبَ بُنْدَارُ مَوْلَى إِدْرِيسَ يَا سَيِّدِي نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ فَإِنْ أَنَا لَمْ أَصُمْهُ مَا يَلْزَمُنِي مِنَ الْكَفَّارَةِ فَكَتَبَ وَقَرَأْتُهُ لَا تَتْرُكْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَلَيْسَ عَلَيْكَ صَوْمُهُ فِي سَفَرٍ وَلَا مَرَضٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ نَوَيْتَ ذَلِكَ وَإِنْ كُنْتَ أَفْطَرْتَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ فَتَصَدَّقْ بِعَدَدِ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى سَبْعَةِ مَسَاكِينَ نَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى‌"[2] . وغيره

وأما قضاء شهر رمضان: فعن الانتصار والغنية والخلاف الاجماع على وجوبها وظاهر الجواهر أن المخالف هو ابن ابي عقيل فقط

ويمكن ان يستدل لوجوب الكفارة فيه بعدة نصوص:

منها: رواية بريد العجلي عن ابن جعفر (ع) :"فِي رَجُلٍ أَتَى أَهْلَهُ فِي يَوْمٍ يَقْضِيهِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ إِنْ كَانَ أَتَى أَهْلَهُ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَلَا شيء عَلَيْهِ إِلَّا يَوْمٌ مَكَانَ يَوْمٍ وَ إِنْ كَانَ أَتَى أَهْلَهُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ صَامَ يَوْماً مَكَانَ يَوْمٍ وَصَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَفَّارَةً لِمَا صَنَع"‌[3] .

وهي واضحة الدلالة على المطلوب.

ومنها: صحيح هشام بن سالم قال :"قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَقْضِي شَهْرَ رَمَضَانَ فَقَالَ إِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَا شيء عَلَيْهِ يَصُومُ يَوْماً بَدَلَ يَوْمٍ وَإِنْ فَعَلَ بَعْدَ الْعَصْرِ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَأَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَفَّارَةً لِذَلِك‌"[4] .

ومنها: موثق زرارة قال :"سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ رَجُلٍ صَامَ قَضَاءً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَتَى النِّسَاءَ قَالَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ مَا عَلَى الَّذِي أَصَابَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَان‌"[5] .

ومنها: مرسل حفص بن سوقة عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع):" فِي الرَّجُلِ يُلَاعِبُ أَهْلَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ وَهُوَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ فَيَسْبِقُهُ الْمَاءُ فَيُنْزِلُ فَقَالَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَةِ مِثْلُ مَا عَلَى الَّذِي يُجَامِعُ فِي رَمَضَان‌"[6] .

لكن هذه النصوص يعارضها موثق عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه (ع): "عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان، و يريد أن يقضيها، متى يريد أن ينوي الصيام قال (ع): هو بالخيار إلى أن تزول الشمس، فاذا زالت الشمس فان كان نوى الصوم فليصم، و إن كان نوى الإفطار فليفطر‌.. إلى أن قال: سئل: فإن نوى الصوم، ثمَّ أفطر بعد ما زالت الشمس؟ قال (ع):قد أساء، و ليس عليه شي‌ء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه"[7]

واستشكل فيه اولا: بضعف السند لاشتماله على جماعة من الفطحية كما عن المدارك.

وثانيا: بان قوله: ليس عليه شي‌ء محمول على ارادة انه ليس عليه شي‌ء من العقاب لأن من افطر في هذا اليوم لا يستحق العقاب وان افطر بعد الزوال لكن لزمته الكفارة ـ كما عن الشيخ في الاستبصارـ

وثالثا: بانه خبر شاذ لا يصلح لمعارضة تلك الاخبار المتفق عليها- كما عن الوافي.

ويرد الاول: كفاية حجية خبر الثقة.

ويرد الثاني: أنه حمل لا شاهد عليه، بل قوله ع: قد اساء يشهد بخلافه.

ويرد الثالث: أنه يمكن الجمع العرفي بين الطائفتين بحمل الاولى على الندب ـ كما عن المسالك و الذخيرة ـ .

فالأولى ان يقال: انه لإعراض الأصحاب عنه لا يعتمد عليه فلا بد من طرحه او حمله على التقية، لاتفاق العامة على سقوط الكفارة فيما عدا شهر رمضان.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo