< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

40/01/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في وجوب الكفارة

مسائل: الاولى: الكفارة لا تجب إلا في رمضان والنذر المعين ، وقضاء رمضان بعد الزوال، والاعتكاف على وجه. وما لا يتعين صومه كالنذر المطلق وقضاء رمضان قبل الزوال، والنافلة، لا يجب بإفساده شيء[1] (1).

(1) والكلام يقع في نقطتين:

الأولى : في وجوب الكفارة في هذه الأقسام الأربعة والثانية في عدم وجوبها فيما عدا الأقسام الأربعة.

أما الأولى: ففي الانتصار[2] أرسل وجوب الكفارة في هذه الاقسام إرسال المسلمات وادعى اجماع الامامية عليها. وفي الجواهر: "بلا خلاف فيما عدا الثاني من ابن أبي عقيل فلم يوجبها فيه"[3] . وفي الحدائق[4] قال أنه المشهور لكن من لاحظ كلامه يجد أن دعوى الشهرة بلحاظ الأربعة بما هي اربعة وألا فوجوب الكفارة في إفطار شهر رمضان متعمداً إجماعي حيث صرح ره أنه: "من ما وقع عليه الاتفاق نصاً وفتوى وإن وقع الخلاف في بعض الجزئيات وإلا فأصل الحكم لا خلاف فيه"[5] .

وكيف كان فأما وجوب الكفارة في إفطار شهر رمضان فلا ريب في قيام الاجماع والتسالم عليه، وأما نسبته للمشهور فبلحاظ غيره كما عرفت، لما ورد عن ابن ابي عقيل من انه قال: "من جامع أو أكل أو شرب في قضاء شهر رمضان أو صوم كفارة أو نذر فقد أثم وعليه القضاء ولا كفارة عليه"[6] .

وعن الشهيد في الدروس أنه نقل عن ابن ابي عقيل القول بعدم وجوب الكفارة في غير رمضان ثم عقب عليه بقوله :"وهو شاذ"[7]

ويشهد لوجوب الكفارة في إفطار شهر رمضان مضافاً إلى الاجماع والتسالم الذي عرفته النصوص الكثيرة الدالة على الوجوب من غير فرق بين النصوص المتضمنة للتخيير بين خصال الكفارة وبين النصوص المتضمنة للترتيب بينها.

فمن الأول صحيح ابن سنان عن إلى عبد الله (ع) :" في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر ، قال : يعتق نسمة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا ، فان لم يقدر تصدق بما يطيق"[8] .

صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما ‌السلام قال: "سألته عن رجل نكح امرأته وهو صائم في رمضان، ما عليه؟ قال: عليه القضاء وعتق رقبة، فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، فان لم يجد فليستغفر الله "[9] وغيرهما.

ولا وجه للإشكال بعدم وجوب الكفارة لكل افساد لصوم شهر رمضان لأن الإفطار لغة هو الأكل والشرب ومنه الفطور المقابل للسحور إلى آخر ما ذكر من النقض والإبرام الذي ذكرناه في البحث عن وجوب الكفارة في الاحتقان بالمائعات وذكرنا الجواب عنه[10] ونجيب به هنا.


[2] الانتصار، للشريف المرتضى، ج1، ص245 وما بعدها.
[10] فقد يقرّب أولا: بما تقدم من ان الإفطار حقيقة في الاكل والشرب. فالنصوص المتضمنة للإفطار فيما عدا الاكل والشرب لا تشملها اطلاقات من افطر يوما وجبت عليه الكفارة. الا ما قام عليه الدليل بالخصوص.وفيه: ان كتب اللغة طافحة بان الافطار هو عدم الصوم وتركه، لا عدم الاكل والشرب. فهذا الخليل في العين يقول: "وفطرت وأفطرت الرجل وفطرته. كل يقال من الفطر بمعنى ترك الصوم".وهذا الصاحب بن عباد يقول: "والفِطْرُ: تَرْكُ الصَّوْمِ، أفْطَرَ الرَّجُلُ، وفَطَّرْتُه وأَفْطَرْتُه. وفي الحَدِيث: "أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجُوْمُ".وهذا ابن فارس يقول: "الفاء والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَتْح شي‌ء وإبرازِه من ذلك الفِطْرُ من الصَّوم. يقال: أَفْطَرَ إفطاراً. وقومٌ فِطْرٌ أي مُفْطِرُون".وفي شمس العلوم: [الإفطار]: أفطره: بمعنى فَطَّره. وأفطر الصائمُ من صيامه، وفي الحديث: "كان النبي عليه السلام يصوم في السفر ويُفْطِر".وفي اللسان: "والفَطْر للصائم، والاسم الفِطْر، والفِطْر: نقيض الصوم، وقد أَفْطَرَ وفَطَر وأَفْطَرَهُ وفَطَّرَه تَفْطِيراً. قال سيبويه: فَطَرْته فأَفْطَرَ، نادر. ورجل فِطْرٌ. والفِطْرُ: القوم المُفْطِرون. وقوم فِطْرٌ، وصف بالمصدر، ومُفْطِرٌ من قوم مَفاطير؛ عن سيبويه، مثل مُوسِرٍ ومَياسير؛ قال أَبو الحسن: إنما ذكرت مثل هذا الجمع لأَن حكم مثل هذا أَن يجمع بالواو والنون في المذكَّر، وبالأَلف والتاء في المؤنث. والفَطُور: ما يُفْطَرُ عليه، وكذلك الفَطُورِيّ، كأَنه منسوب إليه. وفي الحديث: "إذا‌ أَقبل الليل وأَدبر النهار فقد أَفْطَرَ الصائم‌ أَي دخل في وقت الفِطْر وحانَ له أَن يُفْطِرَوقيل: معناه أَنه قد صار في حكم المُفْطِرين، وإن لم يأْكل ولم يشرب. ومنه‌ الحديث: "أَفْطَرَ الحاجمُ والمحجومُ‌" أَي تَعرَّضا للإِفطارِ، وقيل: حان لهما أَن يُفْطِرَا، وقيل: هو على جهة التغليظ لهما والدعاء عليهما.وفي المصباح المنير: "و(فَطَّرْتُ) الصَّائِمَ بِالتَّثْقِيلِ أَعْطَيْتُهُ (فَطُوراً) أَوْ أَفْسَدْتُ عَلَيْهِ صَوْمَهُ (فَأَفْطَرَ) هُوَ و(يُفْطِرُ) بِالاسْتِمْنَاءِ أَيْ ويَفْسُدُ صَوْمُهُ والحُقْنة (تُفْطِرُ) كَذلِكَ و(أَفْطَرَ) عَلَى تَمْرٍ جَعَلَهُ (فَطُورَهُ) بَعْدَ الْغُرُوبِ و(الْفَطُورُ) وِزَانُ رَسُولٍ ما يُفْطَرُ عَلَيْهِ و(الفُطُورُ) بِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ والاسْمُ (الفِطْرُ) بِالْكَسْرِ ورَجُلٌ (فِطْرٌ) وقَوْمٌ فِطْرٌ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ ولِهَذَا يُذَكَّرُ فَيُقَالُ كَانَ (الْفِطْرُ) بِمَوْضِعِ كَذَا وحَضَرْتُهُ ورَجُلٌ (مُفْطِرٌ) والْجَمْعُ (مَفَاطِيرُ) بِالْيَاءِ مِثْلُ مُفْلِسٍ و(مَفَالِيسَ) وإِذَا غَرَبتِ الشَّمْسُ فَقَدْ (أَفْطَرَ) الصَّائِمُ أَي دَخَلَ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ كَمَا يُقَالُ أَصْبَحَ وأَمْسَى إِذَا دَخَلَ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ والْمَسَاءِ وغَيْرُ ذلِكَ فَالْهَمْزَةُ لِلصَّيْرُورَةِ. "وصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ" اللَّامُ بِمَعْنَى بَعْدَ أَي بَعْدَ رُؤْيَتِهِ ومِثْلُهُ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ أَيْ بَعْدَهُ".وثانيا: بدعوى انصراف الإفطار في النصوص الى الاكل والشرب فلا تشملها اطلاقات من افطر يوما وجبت عليه الكفارة. الا ما دل الدليل الخاص على وجوبها فيه.لكنك حيث عرفت ان اصل معنى الإفطار هو عدم الصوم وتركه لا خصوص الاكل والشرب فلا معنى لدعوى الانصراف اليهما خصوصا وان عرف اليوم لا يدرك ذلك. كيف وبعض النصوص لا تناسب حملها على محض الاكل والشرب، كرواية الحجامة "أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجُوْمُ" ورواية "كان النبي عليه السلام يصوم في السفر ويُفْطِر" ورواية "إذا‌ أَقبل الليل وأَدبر النهار فقد أَفْطَرَ الصائم‌ أَي دخل في وقت الفِطْر وحانَ له أَن يُفْطِرَ" ورواية "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ".ولا يضر في الاستدلال بهذه النصوص كونها ضعيفة او عامية لان المقصود بالاستدلال بها انها تمثل فترة صدور الاحاديث وان العرف المتشرعي يومئذ يفهم من الإفطار ترك الصوم لا ترك الاكل.على ان ذلك مبثوث في رواياتنا أيضا:منها: صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام "انه قال في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح؟ قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه".فقد عبر عن الجماع بالإفطار.ومنها: صحيح الحلبي ايضا عن أبي عبد اللّه (ع): "إذا تقيأ الصائم فقد أفطر. وإن ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه".فلا يراد بـ (افطر) الا عدم الصوم.ومنها: موثق سماعة: "سألته عن القيء في رمضان. فقال (ع): إن كان شي‌ء يبدره فلا بأس وإن كان شي‌ء يكره نفسه عليه فقد أفطر، وعليه القضاء".فان تعليق صدق الافطار على اكراه نفسه على القيء ظاهر في الافطار بترك الصيام لا ترك الاكل والا فالإفطار بمعنى الاكل لم يتحقق اصلا.ودعوى: ان إطلاق النصوص المتضمنة لثبوت الكفارة بالإفطار إن لم ينصرف لخصوص الأكل والشرب فاللازم حمله عليهما، بقرينة معتبر الهروي قال: "قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله قد روي عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه، ثلاث كفارات وروي عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ؟ قال: بهما جميعا، متى جامع الرجل حراما أو افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة، وإن كان ناسيا فلا شيء عليه"، فإن عطف الإفطار على الجماع وتعديته بـ (على) موجب لظهوره في عدم إرادة مطلق استعمال ما يفسد الصوم، بل خصوص الأكل والشرب، وتعميم الحكم للجماع ونحوه لإلحاقه به، لا لدخوله في عنوان المفطر، بمعنى ما يفسد الصوم.يدفعها: الظاهر ان اقتصار السائل على ذلك هو الذي اوجب ان يقتصر. الامام ع في الجواب على ما ذكر لو فهمنا من تعديته بعلى ذلك. بل لو سلم ذلك يصعب جدا الالتزام بالدعوى لمجرد هذه الرواية لعدم وضوح ذلك لمجرد التعدية بعلى

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo