< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: في عدم ثبوت الكفارة في القيء

واما عدم وجوب الكفّارة في القيء.

ففي الجواهر: "على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة بل إجماع من المتأخرين، بل في الخلاف وظاهر الغنية والمحكي عن المنتهى الإجماع عليه"

نعم السيد المرتضى في جمل العلم والعمل‌ قال: "وقد الحق قوم من أصحابنا بما ذكرناه في وجوب القضاء والكفارة اعتماد الكذب على اللّه تعالى...والتعمد للقيء"[1]

هذا ويمكن ان يستدل له مضافا الى الإجماع الذي لم ينقل عن احد من المتقدمين ما يخالفه ـ بحسب تتبعنا ـ عدا من نقل عنهم السيد المرتضى كما سمعت:

اولا: بأصل البرائة من وجوبها.

وثانيا: ما ربما يستشعر من بعض النصوص المتقدمة كموثق مسعدة بن صدقة فانه ع بعد ان أمره بالإعادة تعرض لمجازاة اثمه في الآخرة فقال: "فان شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له" ومن الظاهر ان الانسب ذكر ما يترتب في الدنيا على افطاره وهي الكفارة لو كانت واجبة، خصوصا وانها تلعب دورا مهما في تكفير الذنب فإهمالها والتعرض لحال المكلف في الآخرة لا يناسب الحكمة. فيكشف عن عدم وجوبها

وثالثا: تعرض نصوص المقام لبطلان الصوم ووجوب القضاء. وترك التعرّض للكفارة في شي‌ء منها مع انه ع بصدد البيان. فانه يكشف عن عدم وجوبها والا لتعرض لها ولو في بعض النصوص.

قد يقال: لقد اطلق اسم الإفطار على تعمد القيء في بعض الأخبار المتقدّمة كما في صحيح الحلبي الاول "إذا تقيأ الصائم فقد أفطر..."[2] فيكون مشمولا لإطلاق "افطر" في صحيح عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام: "في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال: يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، فان لم يقدر تصدق بما يطيق"[3] . فيدل على وجوب الكفارة في القيء.

واجيب: بان الافطار لغة هو الاكل والشرب وهما المرادان بـ " افطر" في صحيح ابن سنان لانهما المعنى الحقيقي للإفطار، وعليه فالصحيح لا يشمل الافطار في سائر المفطرات الاخرى غير الاكل والشرب فلا يدل صحيح ابن سنان على وجوب الكفارة في غير الاكل والشرب. نعم اذا دل دليل خاص في مفطر ما على وجوب الكفارة فيه يلتزم به والا فلا.

ولو سلّم كون الافطار حقيقيا في الكل، فالإفطار منصرف الى الاكل والشرب فيكون صحيح ابن سنان غير شامل لسائر المفطرات كي يدل على جوب الكفارة فيها.

ومن هنا تعرف الاشكال فيما اجاب به السيد الخوئي (ره) على الدليل الثالث حيث قال: "ان السكوت في مقام البيان و ان كان ظاهرا في عدم الوجوب كما ذكر إلا أنه لا يتجاوز عن كونه ظهورا إطلاقيا قابلا للتقييد كسائر المطلقات، و كفى بالنص المزبور الوارد على سبيل العموم مقيدا. و قد تقدم في نصوص البقاء على الجنابة ما تضمن القضاء فقط، و لم يذكر فيه الكفارة مع كونه عليه السلام في مقام البيان، فكما ان ذلك الإطلاق يقيد بالنصوص الأخر المصرحة بلزوم الكفارة هناك، فكذا في المقام و كون التقييد بلسان العموم أو الخصوص لا يستوجب فرقا بين المسألتين كما هو ظاهر".

لان المدعى ـ على الاقل ـ انصراف الافطار في صحيح ابن سنان لخصوص الاكل والشرب فلا يشمل سائر الافطارات كي يمكن ان يقيدها.

لكن الانصاف: ان كون "افطر" حقيقة في خصوص الاكل والشرب مشكل جدا،

كما ان دعوى الانصراف محل تأمل، وان شاء الله تسنح فرصة اخرى للحديث عن ذلك، فانتظر.

فالعمدة: الاجماع المدعى لو تم، كما هو غير بعيد في هذه المسألة الابتلائية ذات الكلفة الكبيرة بحيث لو كان لتشريع الكفارة وجود لشاع وذاع ولم تقم على خلافه دعاوى الاجماع.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo