< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الخامس استعمال المفطر قبل الغروب للظلمة الموهمة

واما النصوص فهي النصوص التي ذكرناها في المسألة السابقة وقد عرفت انها على طوائف ثلاث:

الأولى: ما حكمت بعدم القضاء، وخلت من التقييد بوجود العلة في السماء كصحيحي زرارة وخبر زيد الشحام[1] . والثانية: ما حكمت بعدم القضاء ايضا، لكنها قيدت بوجود العلة في السماء كخبري أبي الصباح الكناني وزيد الشحام عن أبي عبدالله عليه السلام: "في رجل صائم ظن أن الليل قد كان، وأن الشمس قد غابت، وكان في السماء سحاب فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب، فقال: تم صومه ولا يقضيه"[2] . والثالثة: ما حكمت بالقضاء، لكنها قيدت بوجود العلة في السماء وهو صحيح ابي بصير وسماعة.

والطائفة الأخيرة تعارضها صريحا نصوص الطائفة الثانية وتتقدم عليها ـ لو تم سندها ـ لموافقة الطائفة الثالثة دون الثانية للعامة القائلين بوجوب القضاء.

ولو لم تتم الطائفة الثانية سندا لكفي في اسقاط الطائفة الأخيرة وجود الطائفة الأولى لمعارضتها لها لان صحيحي زرارة وان لم يقيدا بوجود العلة في السماء الا انه لا يمكن الجمع بينهما وبين صحيح سماعة وابي بصير بحمل صحيحي زرارة على صورة ما اذا لم يكن في السماء علة وحمل صحيح سماعة على صورة وجود العلة. لان عدم وجود علة في السماء ادعى لوجوب القضاء من وجودها، فاذا كان القضاء واجبا في ظرف وجود العلة فمع عدم وجودها يجب القضاء بالأولوية.

وعلى ضوء هذا تقع المعارضة بين الطائفتين الأولى والأخيرة وحيث كانت الأخيرة موافقة للعامة تعين حملها على التقية. فيكون العمل على الطائفة الأولى يعني بمضمون صحيحي زرارة.

لكن قد يقال: ان الظاهر من صحيحي زرارة وخصوصا الأول الحكم بعدم القضاء سواء كان في السماء علة ام لا، وسواء حصل العلم او الظن الحجة ام لا. بل سواء حصل الظن بدخول الليل ام لا. للإطلاق.

والانصاف: ان الصحيح الأول لا يمكن ان يراد به مجرد احتمال غيبوبة القرص ودخول الليل او ظنها مع عدم الحائل في السماء وعدم المشاهدة بالكلية كان يظن وهو في غرفته مثلا اذ لا يظن من احد ان يسوغ ذلك بل لا يساعد عليه الاعتبار خصوصا مع ترتيب الأثر على ذلك كالصلاة بل الصوم المبني تعامل المتشرعة معه على الاحتياط والتثبت، فلابد من ان يكون البناء على دخول الوقت لعلة في السماء مانعة من المشاهدة والنظر ولو لعدم امكان الاطلاع على الأفق او الحمرة المشرقية ونحوهما مما يستدل به على سقوط القرص وعليه فالمستفاد من الصحيحة في حاله انه لو لم يكن قاطعا او مطمئنا فلا اقل من كونه ظانا. وعلى منوالها يجري الكلام في الصحيحة الثانية خصوصا مع التصريح فيها بالظن.

نعم لا اجد ملزما باعتبار كون الظن عن حجة شرعية لإطلاق الصحيحتين المقتضي لظهورهما في اعتبار الظن من دون اعتبار كونه عن حجة شرعية، وعليه فالظن والحال هذه هو الحجة المانعة من جريان الاستصحاب والقاعدة الأولية التي ذكرناها الدالة على وجوب القضاء.

والمتحصل الالتزام بعدم وجوب القضاء لمن ظن دخول الليل ولم يمكنه الاطلاع على الحقية عملا بظاهر الصحيحين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo