< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأول مما يوجب القضاء دون الكفارة: الإفطار بعد الفجر مع ظن بقاء الليل وترك المراعاة مع القدرة عليها.

ويجب القضاء: بالإفطار بعد الفجر مع ظن بقاء الليل وترك المراعاة مع القدرة عليها[1] (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) "بلا خلاف أجده فيه نصا وفتوى ، بل في صريح الانتصار والخلاف وظاهر الغنية الإجماع عليه"[2] كذا في الجواهر

اما عدم وجوب الكفارة فلما تقدم من الاصل بعد قصور دلالة الادلة على وجوب الكفارة.

واما القضاء فالظاهر ان وجوبه على القاعدة لأنه تابع لفوت الفريضة في وقتها، والمفروض انها قد فاتت في المقام ، لأن حقيقة الصوم هو الإمساك عن المفطرات في مجموع الوقت وهو لم يتحقق إذ لم يجتنب المفطر في جزء من الوقت فيبطل، غاية الأمر انه كان معذورا في هذا التفويت من جهة استناده الى حجة وهي استصحاب الليل.

هذه هي القاعدة الأولية التي يلزم العمل عليها الا ان يقوم دليل على خلافها فيتبع الدليل تعبدا ويقتصر على مورده.

لكن لا يبعد ان تكون هذه القاعدة في المقام مختصة بصورة ما اذا كان فعل المفطر مبني على التفريط والتسامح وذلك لمكان التعليل في موثقة سماعة الآتي حيث يقول: "وان كان قام فاكل وشرب ثمّ نظر الى الفجر فرأى انه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضي يوماً آخر لأنه بدأ بالآكل قبل النظر فعليه الإعادة". حيث جعل العلة في الإعادة عدم المراعاة لا استعمال المفطر في النهار كما علل بذلك في صوم القضاء[3] .[4] ومن الظاهر ان ترتب القضاء على عدم المراعاة ليس الا لعدم اخذ الحيطة الكافية للصوم والتسامح فيه،

ويؤيد كون الملحوظ في وجوب القضاء التسامح وعدم اخذ الحيطة للصوم صحيح معاوية بن عمار قال: " قلت لأبي عبد الله ع: آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا، فتقول لم يطلع بعد، فأكل ثم أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت قال تتم يومك وتقضيه أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شيء"[5] .

فان امر الجارية بالنظر مرتبة من المراعاة الا انها لا تكفي في دفع القضاء كما هو صريح الرواية فكأن ذلك لا يخرجه عن حد التسامح الا بالمراعاة بنفسه مباشرة.

وكيف كان فيمكن ان يستدل لما في المتن بعدة نصوص:

كصحيح الحلبي عن الإِمام الصادق: "عن رجل تسحر ثمّ خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين فقال (عليه السلام): يتم صومه ثمّ ليقضه، وان تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر افطر"[6] .

وموثق سماعة قال: "سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر‌ رمضان فقال (عليه السلام): ان كان قام فنظر فلم ير الفجر فاكل ثمّ عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وان كان قام فاكل وشرب ثمّ نظر الى الفجر فرأى انه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضي يوماً آخر لأنه بدأ بالآكل قبل النظر فعليه الإعادة"[7] . وغيرهما.

وغير خفي ان الصحيح الاول مطلق من حيث المراعاة وعدمها بينما الصحيح الثاني فصل بين ما اذا راعى الفجر او لا فيقضي في الثاني دون الأول، فيكون الثاني مقيدا للأول ومخرجا له من القاعدة المذكورة، بعد ان كان على القاعدة.

والحاصل يكون القضاء مختص بمن لم يراع الفجر ولم يفحص عنه، دون من نظر وفحص ولم ير الفجر فأكل، ثمَّ تبين ان اكله كان بعد طلوع الفجر فانه لا قضاء عليه، عملا بالموثق الذي اقتضى الخروج عن إطلاق الصحيح وعن مقتضى القاعدة.

بقي شيء: هل يختص الحكم بالقادر على الفحص أو يعم العاجز عنه؟ فيجب القضاء على تارك النظر وإن كان مستندا الى عدم التمكن منه إما لعمى أو حبس أو لوجود مانع من غيم أو جبل أو نحو ذلك.

علق في المستمسك فقال: "كما مال إليه في الجواهر، وجعله في المستند الأقوى، إلا أن يقوم الإجماع على خلافه ... خلافاً للمشهور، حيث نفوا القضاء عن العاجز، بل عن الرياض: نفي وجدان الخلاف فيه "[8] .

ويستدل للمشهور القائل بالاختصاص انصراف النص إلى المتمكن من النظر. فلا يجب القضاء على العاجز

واستشكل السيد الخوئي: "بأن القضاء هو المطابق لمقتضى الأصل كما عرفت. وعليه فلو سلمنا الانصراف كما لا يبعد دعواه بالنسبة إلى الموثقة، بل ان موردها المتمكن كما لا يخفى، فغايته عدم التعرض لحكم العاجز فهي ساكتة عن بيان حكمه، لا أنها تدل على عدم وجوب القضاء بالنسبة إليه، فيرجع فيه الي ما تقتضيه القاعدة"[9] .

وفيه: ان التعليل الذي ذكرناه يقتضي الاختصاص بصورة التمكن اذ لا يتصور التسامح والتفريط مع عدم التمكن اذ لا موضوع للمراعاة حينئذ.


[4] حيث قال فيه: "لا بل تفطر ذلك اليوم لأنك أكلت مصبحا، وتقضي يوما آخر."
[9] مستند العروة الوثقى، للسيد الخوئي، الصوم، ج1، ص387.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo