< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الحديث عن النومة أولى – النومة الثانية

تحصل مما تقدم ان النومة الأولى الواقعة بعد العلم بالجنابة لا تبطل الصوم ولا توجب شيئا عليه.

واما ما قاله في المعتبر من انه: "إذا أجنب ليلًا ثم نام ناوياً للغسل فسد صومه وعليه قضاؤه، وعليه أكثر علمائنا"[1] مسدلا عليه قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: "الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم يومه ويقضي يوما آخر، وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له"[2] . وبصحيح ابن مسلم. والظاهر انه ما رواه عن أحدهما قال: "سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في شهر رمضان ثمَّ ينام قبل أن يغتسل. قال (ع): يتم صومه، ويقضي ذلك اليوم..."[3] .

فلا مجال له لان الصحيحين مطلقان محمولان على العمد جمعا بينهما وبين النصوص الدالة على عدم ثبوت شيء على الاصباح جنبا.

ولا ادري كيف فهم منهما النوم بنية الغسل مع انهما خليان من نية الغسل بالمرة. بل كيف افتى بذلك ونسبه الى أكثر علمائنا علما انه لم نسمع عن احد ذلك حتى هو افتى على خلافها فقد قال في الشرائع: "و لو أجنب فنام غير ناو للغسل فطلع الفجر فسد الصوم ولو كان نوى الغسل صح صومه ولو انتبه ثم نام ناويا للغسل فأصبح نائما فسد صومه وعليه قضاؤه"[4] .

بل كيف نسب اليهم استدلالهم على ذلك بالصحيحين مع انهم يحملونهما ونظائرهما على تعمد البقاء على الجنابة.

فلعل كلمة "غير" سقطت من العبارة فتكون العبارة "غير ناو للغسل" بدلا عن "ناو للغسل" كما ذكر هو هذه المسالة بعد عدة صفحات.

او يريد به النومة الثانية اذا احتسب نومة الاحتلام هي النومة الأولى. واما صحيح ابن مسلم فهو لم يذكر متنه بل قال ـ ذكر صحيح ابن ابي يعفور ـ ومثله روى محمد بن مسلم عنه عليه السلام. فلعله اطلع على رواية لابن مسلم غير الرواية التي ذكرناها والا فهذه الرواية لا تدل على النومة الثانية ولا هي مثل الصحيح.

 

وبالجملة لا ينافي ما ذكرناه من عدم وجوب القضاء والكفارة في النومة الأولى ما افتى به او استدل به من النصوص.

قال في العروة: "وإن كان في النومة الثانية - بأن نام بعد العلم بالجنابة، ثمَّ انتبه ونام ثانياً - مع احتمال الانتباه، فاتفق الاستمرار وجب عليه القضاء فقط (1)، دون الكفارة على الأقوى"[5]

(1) "بلا خلاف يعرف. وعن المدارك: نسبته إلى الأصحاب. وعن المنتهى: نسبته إلى علمائنا، وعن الخلاف: الإجماع عليه. وفي المستند: «استفاض نقل الإجماع عليه"[6] كذا في المستمسك.

ويقتضيه صحيح معاوية بن عمار- المتقدم - قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يجنب من أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان؟ قال ليس عليه شي‌ء. قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح؟ قال فليقض ذلك اليوم عقوبة"[7] .

فان ظاهره ان النوم الثاني موجب للقضاء ومثله

وصحيح ابن أبي يعفور المروي في الفقيه: "قلت لأبي عبد اللّه (ع): الرجل يجنب في شهر رمضان ثمَّ يستيقظ، ثمَّ ينام، ثمَّ يستيقظ، ثمَّ ينام حتى يصبح. قال (ع): يتم صومه، ويقضي يوماً آخر. وإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه وجاز له"[8] .

ومن الظاهر ان قوله ع: "وإن لم يستيقظ" عائد للنومة الأولى بعد العلم بالجنابة وهي النومة المتوسطة بين نومة الاحتلام والنومة الأخيرة ولا يمكن ارجاعه الى نومه الاحتلام الوضح كونها لا شي‌ء فيها لدى كل احد، للزوم التعرض للأمر واضح وترك التعرض لما هو الأولى بالذكر وهي النومة المتوسطة.

ثم ان الصحيح الأول ـ والذي هو العمدة في المقام ـ حيث اشتمل على كون القضاء عقوبة يكون ظاهره انصراف النوم الموجب للقضاء الى ما إذا كان النوم مبنياً على التسامح في الغسل والإقدام على تأخيره، فلو لم يبتن على ذلك، بل كان للذهول عن الجنابة ونحوه فالمتعين عدم القضاء.

وأما مع الالتفات للجنابة وعدم الذهول عنها، لكن نام محتاطا للغسل بالتحفظ من استمرار النوم ـ باستعمال المنبه الشايع في عصرنا، أو بتكليف شخص يقوم بإيقاظه أو نحو ذلك ـ لكن لم يتم له ما أراد فنام الى الصبح، فقد يدعى انصراف الإطلاق عنه. وبالتالي لا قضاء عليه لكنه لا يخلو عن إشكال وتامل.

 


[5] العروة الوثقى، للسيد اليزدي، .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo