< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

38/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اعتبار الفقر في اليتيم

وفي اليتيم الفقر (1)

(1) قال في الجواهر: "هو المشهور نقلا إن لم يكن تحصيلا... وقيل كما في السرائر وعن المبسوط لا يعتبر"[1] وفي الشرائع انه احوط.

وكيف كان فقد يستدل للمشهور بعدة امور:

منها: ما تضمّنته جملة من النصوص من بدليّة الخمس عن الزكاة المعتبر فيها فقر اليتيم فكذا فيما هو بدل عنها. وبالتقريب الذي بيناه في الدرس الماضي.

والجواب نفس الجواب.

ومنها الاستدلال بالنصوص

كمرسلة حماد الطويلة حيث يقول الامام ع في ذيله: "وليس في مال الخمس زكاة، لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم، فلم يبق منهم أحد، وجعل للفقراء قرابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) نصف الخمس، فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وولي الأمر..."[2] .

فان قوله ع: "وجعل للفقراء قرابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) نصف الخمس، فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات..." صريح في ان الاقسام الثلاثة الاخير وهم الذين جعل لهم نصف الخمس هم فقراء قرابة الرسول ص فدل على اختصاص النصف الثاني في فقراء قرابة النبي ص دون أغنيائهم فاذا كان اليتيم غنيا فلا يستحق الخمس.

ان قلت: يلزم على هذا اعتبار الفقر في ابن السبيل ايضا مع ان الظاهر انه لا يعتبر فيه الفقر.

قلت: لو تم عدم اعتبار الفقر فيه يكون المنظور للرواية حاجته الفعلية. وفقره الحالي

واما قوله ع في المرسل: "ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم، يقسم بينهم على الكتاب والسنة [الكفاف والسعة] ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده ما يستغنون به، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم".

فقد يستشهد به على اعتبار الفقر في اليتيم بتقريب: ظهوره في أن المدفوع لهم يغتنون به، وهذا يعني انهم فقراء لولا دفع الخمس لهم اما مع غناهم بما عندهم لا يبقى موضوع للدفع.

لكن من الظاهر انه يحتمل ان يكون المراد استغنائهم من الخمس في نفقة سنتهم وإن كان لهم من غيره ما يستغنون به.

واستبعاد ذلك لأن الاستغناء ليس أمراً إضافياً، في غير محله لان الغنى ليس امرا اضافيا واما الاستغناء فهو اضافي كما هو واضح. حيث يستغني بشيء عن شيء آخر.

نعم تصلح هذه الفقرة للإشعار باعتبار الفقر دون الدلالة عليه.

واما قوله ع فيها: "وإنما جعل هذا الخمس لهم خاصة دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضاً لهم من صدقات الناس لهم، لقرابتهم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذلة والمسكنة. ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض"[3] .

فان التعويض في هذه الرواية لما كان بلحاظ الاصناف الثلاث الاخيرة خاصة، كان التعويض بمعنى انهم لولا كونهم من بني هاشم لاستحقوا الصدقة المعتبر فيها الفقر فيدل على ان المجعول لهم الخمس هم خصوص الفقراء من هذه الاصناف عوضوا بالخمس بعد ان حرموا من صدقة غير الهاشمي فيدل على اعتبار الفقر في اليتيم. ولذا أحل لهم صدقات بعضهم على بعض.

وهذا الكلام نفسه يأتي في مرفوعة احمد بن محمد حيث يقول فيه: "والنصف لليتامى والمساكين وأبنا السبيل من آل محمد عليهم السلام الذين لا تحل لهم الصدقة ولا الزكاة عوضهم الله مكان ذلك بالخمس..."[4] .

فان التعويض لا يتحقق الا إذا كانت الاصناف الثلاثة يتوفر فيها شروط حل الزكاة والصدقة لهم لو كانوا غير هاشميين وحيث كان الفقر معتبر في استحقاق الزكاة والصدقة فيتعين اعتباره في استحقاق الخمس ايضا.

وبالجملة لا اشكال في دلالة الروايتين على اعتبار الفقر في اليتيم باعتباره أحد الاصناف وانما الاشكال في سند الروايتين لإرسالهما.

لكن الظاهر اعتبارهما لانجبارهما بعمل الاصحاب. ومما يوضح عمل الاصحاب بهما فتوى اجلاء الاصحاب بل عامتهم بأخذ الإمام ما يفضل من سهام اليتامى والمساكين وأبناء السبيل عن حاجتهم، وأن عليه من أجل ذلك سدّ عوزهم لو لم تكفهم سهامهم. مع ان هذا الحكم لم يرد في غير هاتين الروايتين ومع ذلك لم يعرف الخلاف في ذلك من أحد عدا ابن ادريس، نعم حكي توقف المختلف والمنتهى فيه ايضا. لكن في قبال ذلك حكي عن المحقق في المعتبر انه اطال الكلام في توجيه انجبار مرسل حماد ولزوم التعويل عليه ورد ما ذكره في السرائر في المسألة المذكورة

ويزيد على ذلك ان حماد بن عيسى من اصحاب الاجماع الذين يصح ما يصح عنهم ـ على مبنانا ـ فإرساله فيها لا يضر بروايته شيئا. فالطن في الروايتين دلالة وسندا لا مجال له.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo