< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

38/01/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوفاء في سنة الربح لكن لدين السنين السابقة وصورها.

النقطة الثانية: ما إذا كان الوفاء في سنة الربح لكن لدين السنين السابقة. فهنا عدة صور:

الأولى: أن تكون الاستدانة لمئونة عام الربح اللاحق كما إذا اشترى "فرشا" في الذمة ليستفيد منه في عام الربح أي السنة اللاحقة، لعدم حاجته إليه قبل ذلك.

ولا اشكال في استثنائها من أرباح عام الربح والاكتساب لفرض كونها مؤنة لتلك السنة ـ كما جرى عليه الشيخ الانصاري في كتاب الخمس ـ.

الثانية: ان تكون الاستدانة قبل عام الربح لغير مؤنة عام الربح لكن لأمر يبقى ويحتاج اليه في عام الربح بحيث لو أدّاه سابقا احتياج إلى تحصيله في عام الربح فيكون حكمه حكم الصورة الأولى لان وفائه يكون من المؤنة.

الثالثة: ان تكون الاستدانة في السنين السابقة لعام الربح فهل يكون الوفاء في عام الربح من المؤنة؟

اشترط الشيخ الانصاري (ره) في عده من المؤنة بما إذا لم يتمكن من وفائه قبل عام الربح حيث قال: "و أمّا الدين السابق على عام الاكتساب، فإن كان لمئونة عام الاكتساب فهو كالمقارن، وإلّا فإن لم يتمكّن من وفائه إلّا في هذا العام ، أو تمكّن ولم يؤدّ مع عدم بقاء مقابله إلى هذا العام، أو مع بقائه واحتياجه إلى ذلك المقابل، بحيث لو أدّاه سابقا احتياج إلى تحصيله في هذا العام، فالظاهر أنّه كذلك، لأنّه من المئونة، وإن تمكّن من وفائه قبل هذا، وكان الوفاء باقيا إلى هذا العام، مع عدم الاحتياج إليه في نظام أمره، ففي احتسابه من المئونة وإن قلنا بورود المئونة على الربح دون غيره ممّا لا يتعلّق به الخمس إشكال، لعدم وضوح كونه من مئونة هذه السنة وإن وجب إخراجه فيها"[1] .

واستشكل فيه جماعة ففي المستمسك: "فإن التمكن من وفائه قبل عام الاكتساب وبقاء مقابله لا يخرج وفاءه عن كونه مئونة، بعد ما كان صرف المال فيه في محله، لكونه من أهم الحوائج العقلائية، التي لا يكون صرف المال فيها سرفاً"[2] . وفي مستند العروة: " لا مدخل للتمكن وعدمه في هذا الحكم، بل العبرة بصدق كون الأداء المزبور مئونة لهذه السنة، فان ثبت بحيث صدق على صرف الربح فيه انه صرفه في المؤنة جاز استثناؤه والا فلا، ولا يناط ذلك بعدم التمكن السابق بوجه كما هو الحال في بقية المؤن، فلو تزوج أو اشترى دارا من ارباحه ولو مع التمكن من الصرف من مال آخر صدق عليه بالضرورة انه قد صرف الربح في المؤنة، فالتمكن المزبور أو عدمه سيان في هذا الحكم وأجنبيان عن صدق الصرف في المؤنة جزما، فلا فرق إذا بين الصورتين ابدا.

والظاهر تحقق الصدق المذكور فإن منشأ هذا الدين وان كان قد تحقق سابقا إلا انه بنفسه مئونة فعلية لاشتغال الذمة به ولزوم الخروج عن عهدته...فهو نظير من كان مريضا سابقا ولم يكن متمكنا من علاج نفسه إلا في هذه السنة أو كان متمكنا وأخر عامدا فإنه على التقديرين إذا صرف من أرباح هذه السنة في معالجة نفسه فقد صرفه في مئونته، وإن كان سببها المرض السابق فليست العبرة بسبق السبب بل الاعتبار بفعلية المئونة وهي صادقة حسبما عرفت"[3] .

والانصاف ان كلام الشيخ لا يخلو من وجه لان اشتراط عدم التمكن من الوفاء في صدق المؤنة لا يعني صدق المؤنة في جميع صور امكان الوفاء فلو ان صورة واحدة من صور التمكن تمنع من صدق المؤنة لكان كلامه صحيحا، ولعله يفترض ان مقدار الوفاء مع إمكانه موجود في أرباح سنة الاستدانة فان كان المستدان له من المؤنة فهي مستثناة من أرباح سنة الاستدانة والمؤنة. وعليه فلا معنى لاستثنائها ثانيا بعد استثنائها من أرباح السنة السابقة، فلا يجب إخراجها من أرباح هذه السنة كي يكون وفاء الدين منه مؤنة. فلو دفع من أرباح سنة الاكتساب لكان بدلا عن أرباح السنة الماضية.

والامثلة التي ساقها السيد الخوئي (ره) في المقام ليست دقيقة، لان المؤنة هي الصرف فيما يحتاج اليه لتيسير شؤن حياته والمثال لم يكن فيه صرف أصلا كي يستثنى من ربح تلك السنة ومثله المثال الذي ذكره السيد الجد (ره) في المستمسك لان تعمير الدار لم يقع ولم يصرف فيه في السنة السابقة كي يمنع من الصرف فيه ثانيا. وبالتالي يمتنع صدق المؤنة بالوفاء منه.

وبالجملة: ان استشكال الشيخ ليس في كون وفاء الدين من المؤنة. فهو من أبرز القائلين بذلك، وانما لاحتمال عدم صدق المؤنة على هذا الوفاء بالذات، لاستثناء المؤنة من أرباح سنة الاستدانة السابقة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo