< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الاوامر : منشا الدلالة على الوجوب (استدراك فيه اتمام للبحث قبل ذكر الثمرة(

(وأما مناقشة القول بالإطلاق) بأنه يقتضي كون الوضع في مادة الأمر للطلب وأن ذلك باطل من جهتين :

الأولى : النقض أو ما يشبه بأن مادة الأمر لو كانت موضوعة للطلب لكانت مرادفة لها, ومن الواضح أنها لا تصلح لأن تحل محلها كما يحل أي مرادف في مقام مرادفه فقوله تعالى مثلا : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى) لا يصح أن يفسر بأنه ( إن الله يطلب العدل و..) لوضوح الفرق بين المعنيين .

الثانية : الحل بأن الطلب أعم من الأمر فالأمر متقوم بالاستعلاء والطلب ليس كذلك وعليه فلا معنى للقول بأن الأمر موضوع للطلب.

(فهي مندفعة ): ببيان عدة نقاط :

الأولى : أن معنى القول بأن الامر موضوع للطلب ليس المراد منه أن الطلب مرادف له بل المراد أنه ليس موضوعا للوجوب وانما للطلب الجامع بين الوجوب والاستحباب فهو تعبير يقصد منه نفي كون المعنى الموضوع له هو ( الوجوب ) بالمعنى الاصطلاحي المقابل للأحكام التكليفية الأربعة الأخرى كما قد يقال ( سعدانة نبتة ) في مقابل من يحتمل انها حيوان مثلا فالتعبير عن المعنى الموضوع له بالعنوان الأعم ليس غريبا في لغة العرب بل مطلق البشر خصوصا لمن يكون في مقام نفي وضعه لما هو أخص منه .

خصوصا مع كون المعنى الأعم ليس محمولا خارجا عن حقيقته بل هو من اجناسه القريبة له كما يحمل الحيوان على الانسان والنبتة على السعدان فهو صالح لتعريفه تعريفا غير تام لا يصح الاكتفاء به في مقام الجواب عن السؤال ماهيته ( ما هو ) ولكنه يصلح عرفا ويحسن بيانه _كما ذكرناه آنفا_ لنفي اختصاصه بالوجوب .

الثانية : بناء على ما تقدم في النقطة السابقة يمكن تفسير عدم أمكان قيام الطلب مقام الأمر فإن الأعم لا يقوم مقام الأخص أو بتعبير منطقي أن الجنس لا يقوم مقام النوع لأن معنى النوع أوسع من معنى الجنس فإنه هو الجنس بإضافة الفصل اليه وعليه فإن المضمون الذي يوصله الجنس يكون ناقصا غير مطابق لمضمون النوع .

الثالثة : أن المعنى الدقيق الموضوع له مادة الامر هو (الطلب القولي المقترن بالاستعلاء) وأما الوجوب فيستفاد من جهة كونه المرتبة العليا من الطلب الخالصة من معنى الرخصة المنافي بطبعه لتلك المرتبة العليا للطلب فإن معنى الرخصة هي جواز الترك من جهة الآمر وهذا شأن مناف لحقيقة الطلب الخالص كما في معنى الوفاء فإن من يكون وفيا في حدود ما لا يتضارب الوفاء مع مصالحه وإن كان قد يسمى فعله وفاءا ولكنه ليس كمثل الوفاء بالمعنى الأتم وهو الوفاء حتى في ما اذا كان الوفاء مزاحما لبعض المصالح الذاتية.

فلفظ الوفاء قد يشمل بالمعنى الموضوع له كل وفاء ولو بأدنى مراتبه ولكنه مع الاطلاق ينصرف الى المرتبة العليا منه وهي الوفاء حتى مع التمحيص بالبلاء لأن من لا يكون وفيا في البلاء فهو منتقص الوفاء وكذا من يكون مرخصا في الترك فهو منتقص الطلب , ولعل غموض هذه النكتة ودقتها هو الذي أوجب أن طائفة من الاصوليين حسبوا أن الأمر موضوع للوجوب .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo